خطبة عن قوله تعالى (وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ)
أكتوبر 5, 2019خطبة عن قوله تعالى (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ)
أكتوبر 5, 2019الخطبة الأولى ( من وصايا الرسول) ( أوصني يا رسول الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ) النساء 11، وقال الله تعالى على لسان نبيه عيسى عليه السلام : (قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا) (30) ،(32) مريم،وفي الصحيحين البخاري ومسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، وَصَلاَةِ الضُّحَى ، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ )
إخوة الإسلام
الوصية تعنى الأمر بالشيءٍ أمراً مؤكداً، ومن أُوصِيَ بوصية نافعة ، وخاصة إذا كانت من محبٍ ناصحٍ صادقٍ مخلصٍ ،فإن العاقل يقبلها فإذا كانت هذه الوصية من رسول الله صلى الله عليه وسلم ،الذي لا يعلمُ خيراً إلاَّ دلَّ الأمة عليه ،ولا يعلمُ شراً إلا وحذر الأمة منه، فإن المؤمن لا يتردد في قبولها ،والعمل بها، ولقد أوصى رسول الله عليه الصلاة والسلام بوصايا كثيرة ومتعددة ، ينبغي الحرص عليها ، والعمل بها، ومن هذه الوصايا : أولا : الوصية بتلاوة القرآن، وذكر الله، وبعدم كثرة الضحك: فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قلتُ يا رسول الله أوصني قال: (أوصيك… بتلاوة القرآن، وذكر الله، فإنه نور لك في الأرض، وذخر لك في السماء) ،قلت: يا رسول الله زدني قال: (إياك وكثرة الضحك فإنه يميت القلب) [أخرجه ابن حبان]. ثانيا : من وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بالعمل بكتاب الله عز وجل: فعَنْ طَلْحَةَ قَالَ سَأَلْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ أَبِى أَوْفَى – رضى الله عنهما – أَوْصَى النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ لاَ . فَقُلْتُ كَيْفَ كُتِبَ عَلَى النَّاسِ الْوَصِيَّةُ أَوْ أُمِرُوا بِهَا قَالَ أَوْصَى بِكِتَابِ اللَّهِ ) [متفق عليه]، قال الإمام النووي رحمه الله: وقوله (أوصى بكتاب الله) أي بالعمل بما فيه. ثالثا : ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بالصلاة لوقتها: عن أبي ذرٍ رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاثة: (..« وَصَلِّ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا ) [أخرجه أحمد] ،رابعا : ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بتقوى الله والسمع والطاعة لولي الأمر: فعَنِ الْعِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ قَالَ وَعَظَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمًا بَعْدَ صَلاَةِ الْغَدَاةِ مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفَتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ فَقَالَ رَجُلٌ إِنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ وَإِنْ عَبْدٌ حَبَشِيٌّ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ يَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الأُمُورِ فَإِنَّهَا ضَلاَلَةٌ فَمَنْ أَدْرَكَ ذَلِكَ مِنْكُمْ فَعَلَيْهِ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ عَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ » [رواه أبو داود والترمذي]
خامسا : ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بالتقوى، أوصى بها رسول الله عليه الصلاة والسلام رجلاً أراد السفر، فقد روى أحمد في مسنده : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- يُرِيدُ سَفَراً فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي. قَالَ « أُوصِيكَ بِتَقْوَى اللَّهِ وَالتَّكْبِيرِ عَلَى كُلِّ شَرَفٍ ». فَلَمَّا وَلَّى الرَّجُلُ قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « اللَّهُمَّ ازْوِ لَهُ الأَرْضَ وَهَوِّنْ عَلَيْهِ السَّفَرَ ».كما أوصى بها أبا ذرٍ رضي الله عنه، فعنه قال: قلتُ: يا رسول الله أوصني، قال: (أوصيك بتقوى الله فإنه رأس الأمر كله) [أخرجه ابن حبان] ،سادسا : ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بالسمع والطاعة لولي الأمر، أوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم أبا ذرٍ رضي الله عنه، فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الصَّامِتِ عَنْ أَبِى ذَرٍّ أَنَّهُ انْتَهَى إِلَى الرَّبَذَةِ وَقَدْ أُقِيمَتِ الصَّلاَةُ فَإِذَا عَبْدٌ يَؤُمُّهُمْ فَقِيلَ هَذَا أَبُو ذَرٍّ. فَذَهَبَ يَتَأَخَّرُ فَقَالَ أَبُو ذَرٍّ أَوْصَانِي خَلِيلِي -صلى الله عليه وسلم- أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا حَبَشِيًّا مُجَدَّعَ الأَطْرَافِ) .[أخرجه ابن ماجه]، قال الإمام ابن رجب رحمه الله: السمع والطاعة لولاة أمور المسلمين فيها سعادة الدنيا وبها تنتظم مصالح العباد في معاشهم وبها يستعينون على إظهار دينهم وطاعة ربهم” ، وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ إِنَّ خَلِيلِي أَوْصَانِي أَنْ أَسْمَعَ وَأُطِيعَ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا مُجَدَّعَ الأَطْرَافِ وَأَنْ أُصَلِّىَ الصَّلاَةَ لِوَقْتِهَا « فَإِنْ أَدْرَكْتَ الْقَوْمَ وَقَدْ صَلَّوْا كُنْتَ قَدْ أَحْرَزْتَ صَلاَتَكَ وَإِلاَّ كَانَتْ لَكَ نَافِلَةً ». سابعا : ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بالوتر وصوم ثلاثة أيام وركعتي الضحى: فعَنْ أَبِى عُثْمَانَ النَّهْدِيِّ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَ أَوْصَانِي خَلِيلِي بِثَلاَثٍ لاَ أَدَعُهُنَّ حَتَّى أَمُوتَ صَوْمِ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ، وَصَلاَةِ الضُّحَى ، وَنَوْمٍ عَلَى وِتْرٍ) . [راه البخاري] ، ثامنا : ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بصحابته رضوان الله عليهم والذين يلونهم ثم الذين يلونهم: فعَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ خَطَبَنَا عُمَرُ بِالْجَابِيَةِ فَقَالَ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي قُمْتُ فِيكُمْ كَمَقَامِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِينَا فَقَالَ « أُوصِيكُمْ بِأَصْحَابِي ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ثُمَّ يَفْشُو الْكَذِبُ حَتَّى يَحْلِفَ الرَّجُلُ وَلاَ يُسْتَحْلَفُ وَيَشْهَدَ الشَّاهِدُ وَلاَ يُسْتَشْهَدُ ) [أخرجه الترمذي] ، ولقد حفظ أهل السنة والجماعة، وصية النبي عليه الصلاة والسلام في أصحابه رضي الله عنهم، فهم يحبونهم، ويترضون عنهم، ويتبعون منهجهم.
تاسعا : ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بقول: اللهم أعني على ذكرك، وشكرك، وحسن عبادتك، دبر كل صلاة: عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَخَذَ بِيَدِهِ وَقَالَ « يَا مُعَاذُ وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ وَاللَّهِ إِنِّي لأُحِبُّكَ ». فَقَالَ « أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لاَ تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاَةٍ تَقُولُ اللَّهُمَّ أَعِنِّى عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ». وَأَوْصَى بِذَلِكَ مُعَاذٌ الصُّنَابِحِيَّ وَأَوْصَى بِهِ الصُّنَابِحِيُّ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ ) [أخرجه أبو داود] قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ويُستحبُّ للمُصلى أن يدعو قبل السلام بما أوصى به النبي صلى الله عليه وسلم مُعاذاً، أن يقول دُبُر كل صلاة: (اللهم اعني على ذكرك، وشُكرك، وحُسن عبادتك) عاشرا : ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بالجار: ففي الصحيحين 🙁عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « مَا زَالَ يُوصِينِي جِبْرِيلُ بِالْجَارِ حَتَّى ظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيُوَرِّثُهُ » ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: ويحصل امتثال الوصية به، بإيصال ضروب الإحسان إليه بحسب الطاقة كالهدية والسلام وطلاقة الوجه عند لقائه وتفقد حاله ومعاونته فيما يحتاج إليه…وكف أسباب الأذى عنه، على اختلاف أنواعه حسية كانت أو معنوية. الحادي عشر : ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بالنساء: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلاَهُ ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ » رواه البخاري ، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله قوله (بالنساء خيراً) كأن فيه رمزاً إلى التقويم برفق، بحيث لا يبالغ فيه فيكسر، ولا يتركه فيستمر على عوجه…وفي الحديث الندب إلى المدارة لاستمالة النفوس وتألف القلوب، وفيه سياسة النساء بأخذ العفو منهن، والصبر على عوجهن، قال العلامة ابن باز رحمه الله: هذا أمر للأزواج والآباء والإخوة وغيرهم أن يستوصوا بالنساء خيراً وأن يحسنوا إليهن وأن لا يظلموهن وأن يعطوهن حقوقهن”
الثاني عشر : ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بعدم اللعن والسب: فعن عُبَيْد اللَّهِ بْن هَوْذَةَ الْقُرَيْعِيّ أَنَّهُ قَالَ حَدَّثَنِي رَجُلٌ سَمِعَ جُرْمُوزاً الْهُجَيْمِيَّ قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَوْصِنِي. قَالَ « أُوصِيكَ أَنْ لاَ تَكُونَ لَعَّاناً ». [أخرجه أحمد] ، وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً أسلم بعدم السب، فقد روى أحمد في مسنده : (عَنْ أَبِى تَمِيمَةَ عَنْ رَجُلٍ مِنْ قَوْمِهِ أَنَّهُ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَوْ قَالَ شَهِدْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَأَتَاهُ رَجُلٌ فَقَالَ أَنْتَ رَسُولُ اللَّهِ أَوْ قَالَ أَنْتَ مُحَمَّدٌ فَقَالَ « نَعَمْ ». قَالَ فَإِلاَمَ تَدْعُو قَالَ « أَدْعُو إِلَى اللَّهِ وَحْدَهُ مَنْ إِذَا كَانَ بِكَ ضُرٌّ فَدَعَوْتَهُ كَشَفَهُ عَنْكَ وَمَنْ إِذَا أَصَابَكَ عَامُ سَنَةٍ فَدَعَوْتَهُ أَنْبَتَ لَكَ وَمَنْ إِذَا كُنْتَ فِي أَرْضٍ قَفْرٍ فَأَضْلَلْتَ فَدَعَوْتَهُ رَدَّ عَلَيْكَ ». قَالَ فَأَسْلَمَ الرَّجُلُ ثُمَّ قَالَ أَوْصِنِي يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ لَهُ « لاَ تَسُبَّنَّ شَيْئاً ». – أَوْ قَالَ « أَحَداً ». شَكَّ الْحَكَمُ. قَالَ فَما سَبَبْتُ شَيْئاً بَعِيراً وَلاَ شَاةً مُنْذُ أَوْصَانِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- – « وَلاَ تَزْهَدْ فِي الْمَعْرُوفِ وَلَوْ بِبَسْطِ وَجْهِكَ إِلَى أَخِيكَ وَأَنْتَ تُكَلِّمُهُ وَأَفْرِغْ مِنْ دَلْوِكَ فِي إِنَاءِ الْمُسْتَسْقِى وَاتَّزِرْ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ فَإِنْ أَبَيْتَ فَإِلَى الْكَعْبَيْنِ وَإِيَّاكَ وَإِسْبَالَ الإِزَارِ – قَالَ – فَإِنَّهَا مِنَ الْمَخِيلَةِ وَاللَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمَخِيلَةَ »، الثالث عشر : ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بعدم الغضب: روى البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَجُلاً قَالَ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أَوْصِنِي . قَالَ « لاَ تَغْضَبْ » . فَرَدَّدَ مِرَارًا ، قَالَ « لاَ تَغْضَبْ » . قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: هذا الرجل طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصيه وصيةً جامعةً لخصال الخير، ليحفظها عنه، خشية أن لا يحفظها لكثرتها، فوصاه النبي صلى الله عليه وسلم: أن لا يغضب، ثم ردَّد هذه المسألة عليه مراراً، والنبي صلى الله عليه وسلم يردد عليه هذا الجواب، فهذا يدل على أن الغضب جماعُ الشَّرِّ، وأن التحرُّز منه جماع الخير…وقوله صلى الله عليه وسلم: (لا تغضب) يحتمل أمرين: أحدهما : أن يكون مراده الأمر بالأسباب التي توجب حسن الخلق فإن النفس إذا تخلقت بهذه الأخلاق وصارت لها عادة أوجب لها ذلك دفع الغضب عند حصول أسبابه. ، والثاني : أن يكون المراد لا تعمل بمقتضي الغضب إذا حصل لك، بل جاهد نفسك على ترك تنفيذه والعمل بما يأمر به، فإذا لم يمتثل الإنسان ما يأمرُهُ به غضبُهُ، وجاهد نفسه على ذلك، اندفع عنه شر الغضب، وربما سكن عنه غضبُهُ، وذهب عاجلاً، فكأنه – حينئذ – لم يغضب
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من وصايا الرسول) ( أوصني يا رسول الله )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وما زال حديثنا موصولا عن : وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : فمن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بهجر المعاصي ، والاكثار من ذكر الله ، والمحافظة على الفرائض : ففي المعجم للطبراني : (عن أم سليم أم أنس بن مالك أنها قالت يا رسول الله أوصني قال اهجري المعاصي فإنها أفضل الهجرة وحافظي على الفرائض فإنها أفضل الجهاد وأكثري ذكر الله فإنك لا تأتين الله بشيء أحب إليه من كثرة ذكره)، الخامس عشر : ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بالقناعة والإياس مما في أيدي الناس ، وعدم الطمع : ففي المستدرك للحاكم : (عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله أوصني و أوجز فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : عليك بالإياس مما في أيدي الناس وإياك والطمع فإنه الفقر الحاضر و صل صلاتك و أنت مودع وإياك و ما تعتذر منه) ، السادس عشر : ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بعبادة الله وتوحيده وعدم الاشراك به ، والاحسان مع الخلق ، ففي صحيح ابن حبان : (عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن معاذ بن جبل أراد سفرا فقال يا نبي الله أوصني قال ا عبد الله لا تشرك به شيئا قال يا نبي الله زدني قال إذا أسأت فأحسن قال يا رسول الله زدني قال استقم وليحسن خلقك)
السابع عشر : ومن وصايا رسول الله صلى الله عليه وسلم : الوصية بمراقبة الله وكثرة ذكره ، وحفظ اللسان : فقد روى الطبراني : (عن أبي سلمة قال قال معاذ بن جبل : قلت : يا رسول الله أوصني فقال : اعبد الله كأنك تراه واعدد نفسك في الموتى وأذكر الله عز و جل عند كل حجر وعند كل شجر وإذا عملت سيئة فاعمل بجنبها حسنة السر بالسر والعلانية بالعلانية ثم قال : ألا أخبرك بأملك الناس من ذلك ؟ قلت بلى يا رسول الله : فأخذ بطرف لسانه فقلت يا رسول الله كأنه يتهاون به فقال النبي صلى الله عليه و سلم : وهل يكب الناس على مناخرهم في النار الا هذا ؟ وأخذ بطرف لسانه) وفيه أيضا : (عن معاذ قال : قلت يا رسول الله أوصني فقال : عليك بتقوى الله ما استطعت واذكر الله عند كل حجر وشجر وما عملت من سوء فأحدث لله فيه توبة السر بالسر والعلانية بالعلانية)
الدعاء