خطبة عن (من دروس الهجرة) مختصرة
يوليو 15, 2023خطبة عن (هجر المعاصي إلى الطاعات)
يوليو 15, 2023الخطبة الأولى (مواقف من الهجرة النبوية)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ﴾ [التوبة: 100]،
إخوة الإسلام
كلما أهل علينا عام هجري جديد ،ذكرنا بهجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة، ذلك الحدث الجلل، الذي كان نقطة تحول في تاريخ الدعوة الإسلامية، فبعد الهجرة المباركة إلى المدينة المنورة تكونت الدولة الإسلامية، ومنها انطلق دين الإسلام ،ليغمر بقاع الأرض، ودخل الناس في دين الله أفواجاً، وقد حاز المهاجرون والأنصار الأوائل والذين ساروا على نهجهم شرفاً عظيماً، لأنهم كانوا أهل السبق في تأسيس دولة الإسلام، ولذلك فقد خلد القرآن الكريم لهم هذا الموقف العظيم ،فقال الله تعالى : ﴿ وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ﴾ [التوبة: 100]، واليوم -إن شاء الله تعالى- أذكركم وأذكر نفسي ببعض المواقف الخالدة لهؤلاء الرجال المؤمنين الشجعان، نقترب منهم ،لنرى إيمانهم، وثباتهم ، وتضحياتهم وبطولاتهم، وولاءهم لله تعالى ، وفداءهم لرسوله صلى الله عليه وسلم ،نرى البذل الذي بذلوا، والهول الذي احتملوا، والفوز الذي أحرزوا ، حقا، إنهم فتية آمنوا بربهم، فزادهم الله هدى، ومن هذه المواقف الخالدة لهؤلاء الرجال: مواقف لأبي بكر الصديق (رضي الله عنه) : فلمَّا توجَّه النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم إلى الغارِ ،جعل أبو بكر يمشي طورًا أمامه ،وطورًا خلفه ، ومرَّةً عن يمينِه ،ومرَّةً عن يسارِه، فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: ما هذا من فعلِك يا أبا بكرٍ؟ ،قال : بأبي أنت وأمِّي ،أذكُرُ الرَّصْدَ فأكونُ أمامَك، وأذكُرُ الطَّلَبَ فأكونُ خلفَك ،وأنفُضُ الطَّريقَ يمينًا وشمالًا، قال صلى الله عليه وسلم: (إنَّه ليس عليك بأسٌ)، وكان النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم حافيًا، ولم يكنْ مُخصَّرَ القدمَيْن، فحفَّ ،فحمله أبو بكرٍ الصِّدِّيقُ رضِي اللهُ عنه على كاهلِه ،حتَّى انتهَى به إلى الغارِ، فلمَّا ذهب ليُدخِلَه ،قال: لا والَّذي بعثك بالحقِّ ،لا تدخُلُه حتَّى أستبرِئَه، فدخل أبو بكر، فنظر فلم يرَ شيئًا يُريبُه فدخلا ، فلمَّا قعدا فيه هُنَيَّةً ،أسفر لهما الغارُ بعضَ الإسفارِ، أي (بعض الفتحات والثقوب ) فأبصر أبو بكرٍ إلى خَرقٍ في الغارِ ( فتح) فألقَمه قدمَه ،مخافةَ أن يكونَ فيه دابَّةٌ ،فتخرجَ إلى رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم فتؤذيَه)، وفي الصحيحين واللفظ للبخاري: (أن الْبَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ يَقُولُ لأَبِى بَكْرٍ: يَا أَبَا بَكْرٍ حَدِّثْنِي كَيْفَ صَنَعْتُمَا حِينَ سَرَيْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ نَعَمْ أَسْرَيْنَا لَيْلَتَنَا، وَمِنَ الْغَدِ حَتَّى قَامَ قَائِمُ الظَّهِيرَةِ ، وَخَلاَ الطَّرِيقُ لاَ يَمُرُّ فِيهِ أَحَدٌ ، فَرُفِعَتْ لَنَا صَخْرَةٌ طَوِيلَةٌ ، لَهَا ظِلٌّ لَمْ تَأْتِ عَلَيْهِ الشَّمْسُ فَنَزَلْنَا عِنْدَهُ ، وَسَوَّيْتُ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – مَكَانًا بِيَدِي يَنَامُ عَلَيْهِ ، وَبَسَطْتُ فِيهِ فَرْوَةً ، وَقُلْتُ نَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَأَنَا أَنْفُضُ لَكَ مَا حَوْلَكَ. فَنَامَ وَخَرَجْتُ أَنْفُضُ مَا حَوْلَهُ ، فَإِذَا أَنَا بِرَاعٍ مُقْبِلٍ بِغَنَمِهِ إِلَى الصَّخْرَةِ يُرِيدُ مِنْهَا مِثْلَ الَّذِى أَرَدْنَا فَقُلْتُ لِمَنْ أَنْتَ يَا غُلاَمُ فَقَالَ لِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ أَوْ مَكَّةَ . قُلْتُ أَفِي غَنَمِكَ لَبَنٌ قَالَ نَعَمُ . قُلْتُ أَفَتَحْلُبُ قَالَ نَعَمْ . فَأَخَذَ شَاةً . فَقُلْتُ انْفُضِ الضَّرْعَ مِنَ التُّرَابِ وَالشَّعَرِ وَالْقَذَى . قَالَ فَرَأَيْتُ الْبَرَاءَ يَضْرِبُ إِحْدَى يَدَيْهِ عَلَى الأُخْرَى يَنْفُضُ ، فَحَلَبَ فِي قَعْبٍ كُثْبَةً مِنْ لَبَنٍ ، وَمَعِي إِدَاوَةٌ حَمَلْتُهَا لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – يَرْتَوِى مِنْهَا ، يَشْرَبُ وَيَتَوَضَّأُ ، فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – فَكَرِهْتُ أَنْ أُوقِظَهُ ، فَوَافَقْتُهُ حِينَ اسْتَيْقَظَ ، فَصَبَبْتُ مِنَ الْمَاءِ عَلَى اللَّبَنِ حَتَّى بَرَدَ أَسْفَلُهُ ، فَقُلْتُ اشْرَبْ يَا رَسُولَ اللَّهِ – قَالَ – فَشَرِبَ ، حَتَّى رَضِيتُ (أي: طابَتْ نفْسُ أبي بكر، واطْمأنَّ لشِبَعِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؛ لكَثْرةِ ما شَرِب) ،ثُمَّ قَالَ « أَلَمْ يَأْنِ لِلرَّحِيلِ » . قُلْتُ بَلَى – قَالَ – فَارْتَحَلْنَا بَعْدَ مَا مَالَتِ الشَّمْشُ ، وَاتَّبَعَنَا سُرَاقَةُ بْنُ مَالِكٍ ، فَقُلْتُ أُتِينَا يَا رَسُولَ اللَّهِ . فَقَالَ «لاَ تَحْزَنْ، إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا» .فَدَعَا عَلَيْهِ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فَارْتَطَمَتْ بِهِ فَرَسُهُ إِلَى بَطْنِهَا – أُرَى فِى جَلَدٍ مِنَ الأَرْضِ ، شَكَّ زُهَيْرٌ – فَقَالَ إِنِّي أُرَاكُمَا قَدْ دَعَوْتُمَا عَلَيَّ فَادْعُوَا لِى ، فَاللَّهُ لَكُمَا أَنْ أَرُدَّ عَنْكُمَا الطَّلَبَ. فَدَعَا لَهُ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – فَنَجَا فَجَعَلَ لاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ قَالَ كَفَيْتُكُمْ مَا هُنَا . فَلاَ يَلْقَى أَحَدًا إِلاَّ رَدَّهُ .قَالَ وَوَفَى لَنَا)، هذا طرف من حب وإجلال وتوقير أبي بكر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم في حدث واحد، وهو حادث الهجرة النبوية، فهل بعد هذا الحب من حب؟،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (مواقف من الهجرة النبوية)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما الموقف الآخر من مواقف الصحابة في الهجرة المباركة، فهو للصحابي الجليل ( أبي أيوب الأنصاري) ، فبعد أن وصل الركب إلى المدينة ،نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي أيوب الأنصاري، وقال المرء مع رحله، قال أبو أيوب رضي الله عنه وهو يحدث عن أيام رسول الله صلّى الله عليه وسلم عنده: « لما نزل رسول الله صلّى الله عليه وسلم في بيتي نزل في أسفل البيت وأنا وأم أيوب في العلو، فقلت له: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي إني لأكره وأعظم أن أكون فوقك وتكون تحتي، فاظهر أنت فكن في الأعلى، وننزل نحن نكون في السفل. فقال: يا أبا أيوب، إنه لأرفق بنا وبمن يغشانا أن نكون في أسفل البيت. قال: فكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم في سفله وكنا فوقه في المسكن، ولقد انكسرت جرّة لنا فيها ماء يوما، فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة لنا، ما لنا لحاف غيرها ننشف بها الماء، تخوفا أن يقطر على رسول الله صلّى الله عليه وسلم منه شيء يؤذيه، فنزلت إليه وأنا مشفق، فلم أزل أستعطفه حتى انتقل إلى العلو. قال: وكنا نضع له العشاء، ثم نبعث به إليه، فإذا ردّ علينا فضله تيممت أنا وأم أيوب) فكان رضي الله عنه يسأل عن موضع أصابع رسول الله ليتتبع موضع أصابعه فيأكل منه رجاء البركة، فالصحابي أبو أيوب لم تطب نفسه أن يكون فوق رسول في السكن ولم تطب نفسه أن يأكل قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وظل رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أبي أيوب الأنصاري حتى أتم بناء المسجد وبعض حجراته ثم انتقل إلى حجراته صلى الله عليه وسلم
الدعاء