خطبة عن (يوم في حياة الرسول صلى الله عليه وسلم)
سبتمبر 1, 2024خطبة عن (اجلال وتعظيم وحب الصحابة للرسول)
سبتمبر 1, 2024الخطبة الأولى ( ميلاد الرسول ميلاد للهداية بعد الضلال ،والنور بعد الظلام ،والعدل بعد الظلم)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (164) آل عمران ،وروى الإمام مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى قَتَادَةَ الأَنْصَارِيِّ رضى الله عنه.. قَالَ : وَسُئِلَ صلى الله عليه وسلم عَنْ صَوْمِ يَوْمِ الاِثْنَيْنِ قَالَ : « ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ وَيَوْمٌ بُعِثْتُ أَوْ أُنْزِلَ عَلَىَّ فِيهِ »
إخوة الإسلام
لقد شرف الله سبحانه وتعالى الوجود بميلاد رسوله محمد صلى الله عليه وسلم ، فازدانت بمولده وبعثته الأيام ، واستنارت به الأكوان ، وأضاءت به الليالي، وانقشعت به غشاوات الضلال ، فكان ميلاد النبي صلى الله عليه وسلم منة عظيمة من الله تعالى على الناس، قال الله تعالى : (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (164) آل عمران ، وكيف لا وميلاد الرسول ميلاد للهداية بعد الضلال ، والنور بعد الظلام ، والعدل بعد الظلم ، أهدى الله به الأمة صراطاً مستقيماً، وخلقاً قويماً، وكان صلى الله عليه وسلم نعم القدوة والمعلم ،والإمام والمقوم، والمثل الحي في هذه الحياة للفضائل، والصدق والوفاء ، فميلاد الرسول- صلى الله عليه وسلم- هو ميلادٌ للهداية العامة، وإظهارٌ للصراط المستقيم، وإحياءٌ للبشرية، وبعثٌ لها من رقاد طويل، كما كان ميلاده وبعثته ميلادًا لأمة ملَكَت الدنيا، وطوَّفت في المشارق والمغارب ، تحمل لواء الحق ،وتجاهد في سبيله، فكان ميلاد الرسول صلوات الله وسلامه عليه ميلاد دعوة ينتظرها الزمان لتزيل عن كاهله الركام البغيض من الدكتاتوريات والضلالات، وتنتظرها الإنسانية لينداح عنها الاستعباد والقهر والامتهان، وتسعد بالأمن والأمان والاستقرار، فجاء الحق وزهق الباطل، وانقشعت ظلمة الجهل وجبروت الجاهلية، وتنسمت الدنيا رياح التسامح والمودة ،والتراحم والأمن والأمان ،والصدق والإخلاص والإيثار، وكلها خصال وسلوكيات لم يكن لها وجود يذكر قبل مولده وبعثته صلى الله عليه وسلم إلا من النذر اليسير. فبمولده عليه الصلاة والسلام ولدت أمة ،وحضارة عربية وإنسانية باهرة ، فقد نقل العربَ من قبائلَ معزولةٍ متناحرة متصارعة إلى أُمَّةٍ واحدة راقية ، تظللُها رايةُ الاسلام العظيمة ، فانبثقت حضارة إنسانية عظيمة ، انقذت البشرية من التيه والضياع والشرك وعبادة الأصنام ، لتنحت في أفاق الحرية والمعاني العظام ،وتؤسّس صرحاً يانعاً للحضارة ، ونشرت نور العلم والمعرفة في أرجاء المعمورة، فتحولت من أمة كانت ترعي الغنم ، الي أمة تقود البشر .
لقد أضاء الكون بمولده بعد أن أطبق عليه الظلام، واستفحل الباطل، واستأسد الضلال، وباتت الدنيا لا تعرف للنور طريقا، ولا للحق سبيلا، ولا للعدل مخرجا، وكان الناس يعيشون في جاهلية ، تلاشت أمام سطوتها القيم الانسانية النبيلة ،وانحسرت في مواجهتها الفطرة السليمة، واحتجبت العقول عن التفكير ،واستسلمت للهوى والرغبة، حتى نزل الانسان من عليائه ،وسجد للحجر والشجر والدواب.. وظل الناس هكذا يتمادون في جاهليتهم ،حتى ظهر النور الذي بدد الظلام، وأضاء الكون بإشراقاته ، فكان ميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم هو ميلاد عطاء جزل من الله العزيز الحكيم، وانطلاق سيرة لنبي مصلح عظيم، انار الله به طريق البشرية بالحق ،وهداها الى الوحدانية الخالصة ،والشريعة العادلة ،ومكارم الاخلاق، فأنشأ دولة الحق والعدل ،وصنع أمة بنيت على الإيمان بالله الواحد الأحد ، والاعتماد على الانسان المؤمن ،ليعمر الارض ،ويبني الحياة ،ويتجه لخالقه بالعمل والعبادة ، وميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم كان وما زال حدثا له شأن في تاريخ الانسانية، فقد اطلق العقول من أسرها ، ومزق خيوط الظلم واستعباد الانسان لأخيه الانسان ،فتهاوى الشرك والضلال والانحراف، فالميلاد الشريف كان ايذانا واعلاما إلهيا ليخرج البشرية من الظلام إلى النور ،ومن الجهل الى العلم ومن الكفر إلى الايمان، وميلاده عليه السلام لم يكن اعلان دين جديد فحسب ، وإنما كان إعلانا لحياة جديدة ، خلصت الانسانية فيها من براثن الجهل والشقاء وانتقلت من هوّة التعثر والضلال الى النصح والارشاد، فدعوته صلوات الله عليه كانت روحا جديدة ، سرت بهذا الكون ،الذي ماتت فيه مبادئ الحق والعدل والفضيلة، فالحياة بهذا الدين اخذت طريقها المستقيم، فبمبعث النبي عليه الصلاة والسلام أصبح المجتمع يتحاكم إلى قانون رباني واحد، فساد العدل والإحسان ،والعفو والتسامح ،بعد أن عرف الانسان ماله وما عليه، فآثار دعوته صلى الله عليه وسلم بين الناس خالدة ، ورسالته نور للبشرية الى يوم الدين.+
أقول قولي وأستغر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( ميلاد الرسول ميلاد للهداية بعد الضلال ،والنور بعد الظلام ،والعدل بعد الظلم)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
لقد كان ميلاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحًا، وبعثته فجرًا، هدى الله به من الضلالة، وعلم به من الجهالة، وأرشد به من الغواية، وفتح الله به أعينًا عميًا، وآذانًا صمًّا، وقلوبًا غُلفًا، وكثَّر به بعد القلة، وأعزَّ به بعد الذِّلة. وكان صلى الله عليه وسلم أعلى الخلق أخلاقًا، وأعظمهم أمانةً، وأصدقهم حديثًا، وأجودهم نفسًا، وأسخاهم يدًا، وأشدهم صبرًا، وأعظمهم عفوًا. إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي شرح الله صدره ورفع ذكره، ووضع وزره وأتم أمره، وأكمل دينه وأبر يمينه، ما ودعه ربه وما قلاه، بل وجده ضالًا فهداه، وفقيرًا فأغناه، ويتيمًا فآواه، وخيَّره بين الخلد في الدنيا ،وبين أن يختار ما عند الله، فاختار لقاء الله. إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم خير من وطئ الثرى، وأول من تُفتح له الفردوس الأعلى؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: « أَنَا سَيِّدُ بَنِى آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَوَّلُ مَنْ تَنْشَقُّ عَنْهُ الأَرْضُ وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ ». أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ . وكان فصيح اللسان واضح البيان، موجز العبارة موضح الإشارة، آتاه الله جوامع الكلم، وأعطاه بدائع الحِكَم؛ وفي سنن الترمذي : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ مَا رَأَيْتُ شَيْئًا أَحْسَنَ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَأَنَّ الشَّمْسَ تَجْرِى فِي وَجْهِهِ وَمَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَسْرَعَ فِي مَشْيِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَأَنَّمَا الأَرْضُ تُطْوَى لَهُ إِنَّا لَنُجْهِدُ أَنْفُسَنَا وَإِنَّهُ لَغَيْرُ مُكْتَرِثٍ) ، إنه الحبيب المصطفى والرسول المجتبى الذي، بعثه الله جل علا؛ ليخرج الأمة من الوثنية والظلام إلى التوحيد والإسلام، وينقذ الناس من التناحر والتفرق والآثام، إلى العدل والمحبة والوئام.
الدعاء