خطبة عن ( المرأة في الإسلام واليهوديّة والمسيحيّة)
يوليو 1, 2017خطبة عن (احذر: أن تمدح الكافرين وتذم المسلمين)
يوليو 1, 2017الخطبة الأولى ( مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ) (154) البقرة ، وقال تعالى : (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ (169) فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (170) يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) آل عمران (169) :(171) ، وروى مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ قَالَ « إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِى إِذًا لَقَلِيلٌ ». قَالُوا فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ » .قَالَ ابْنُ مِقْسَمٍ أَشْهَدُ عَلَى أَبِيكَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُ قَالَ « وَالْغَرِيقُ شَهِيدٌ ». وفي رواية للبزار : ( والحرق شهادة وأحسبه قال والمرأة يقتلها ولدها في بطنها شهادة).
إخوة الإسلام
للشهادة في سبيل الله منزلة عظيمة ، ومكانة متميزة ، ومن عظم منزلة الشهادة وفضلها الكبير فقد تمناها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي غُفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ، ففي الصحيحين عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ وَدِدْتُ أَنِّى لأُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأُقْتَلُ ثُمَّ أُحْيَا ثُمَّ أُقْتَلُ ، ثُمَّ أُحْيَا ، ثُمَّ أُقْتَلُ ، ثُمَّ أُحْيَا ، ثُمَّ أُقْتَلُ ، ثُمَّ أُحْيَا » .فَكَانَ أَبُو هُرَيْرَةَ يَقُولُهُنَّ ثَلاَثًا أَشْهَدُ بِاللَّهِ) ، والشهيد : هو ذلك المؤمن الذي يقاتل تحت راية إسلامية ظاهرة لإعلاء كلمة الله فيقتله أعداء الله ، أو يموت في خضم الرحلة الجهادية ميتة طبيعية. ففي البخاري : (عَنْ أَبِى مُوسَى قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا الْقِتَالُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنَّ أَحَدَنَا يُقَاتِلُ غَضَبًا ، وَيُقَاتِلُ حَمِيَّةً . فَرَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ – قَالَ وَمَا رَفَعَ إِلَيْهِ رَأْسَهُ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ قَائِمًا – فَقَالَ « مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ » ، وفي رواية له : (فَقَالَ الرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلْمَغْنَمِ ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِلذِّكْرِ ، وَالرَّجُلُ يُقَاتِلُ لِيُرَى مَكَانُهُ ، فَمَنْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ « مَنْ قَاتَلَ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ » ، وقد سمِّي الشهيد شهيدًا لأنَّ ملائكة الرَّحمة تشهده، أو لأنَّ الله تعالى وملائكته شُهود له بالجنَّة، أو لأنَّه ممن يُسْتَشهد يوم القيامة على الأمم الخالية، أو لسقوطه على الشَّاهدة؛ أي: الأرض، أو لأنَّه حيٌّ عند ربِّه حاضر، أو لأنَّه يَشْهد ما أعدَّ الله له تعالى من النَّعيم، وقيل غير ذلك، والشَّهيد الذي يستحقُّ الفضائلَ السابقة ونحوها هو شهيد المعركة مع العدوِّ.
أيها المسلمون
وللشهادة في سبيل الله فضائل متعددة ، وثمار متنوعة، ومما ورد في فضل الشهيد ومكانته ومنزلته : أن الشهداء أحياء عند الله تعالى: يقول سبحانه: ﴿ وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَكِنْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾ [البقرة: 154]. ويقول تعالى : ﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [آل عمران: 169 – 171].– ومن فضائل الشهادة في سبيل الله : تمنِّي الرجوع إلى الدنيا ليقتل مرة ثانية: ففي صحيح البخاري عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَا مِنْ عَبْدٍ يَمُوتُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ ، يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا ، وَأَنَّ لَهُ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ، إِلاَّ الشَّهِيدَ ، لِمَا يَرَى مِنْ فَضْلِ الشَّهَادَةِ ، فَإِنَّهُ يَسُرُّهُ أَنْ يَرْجِعَ إِلَى الدُّنْيَا فَيُقْتَلَ مَرَّةً أُخْرَى » ، وفي سنن الترمذي بسند حسن : (سَمِعْتُ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ لَقِيَنِي رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ لِي « يَا جَابِرُ مَا لِي أَرَاكَ مُنْكَسِرًا ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ اسْتُشْهِدَ أَبِى قُتِلَ يَوْمَ أُحُدٍ وَتَرَكَ عِيَالاً وَدَيْنًا. قَالَ « أَفَلاَ أُبَشِّرُكَ بِمَا لَقِىَ اللَّهُ بِهِ أَبَاكَ ». قَالَ قُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « مَا كَلَّمَ اللَّهُ أَحَدًا قَطُّ إِلاَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ وَأَحْيَا أَبَاكَ فَكَلَّمَهُ كِفَاحًا فَقَالَ يَا عَبْدِى تَمَنَّ عَلَىَّ أُعْطِكَ. قَالَ يَا رَبِّ تُحْيِينِي فَأُقْتَلَ فِيكَ ثَانِيةً. قَالَ الرَّبُّ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنِّى أَنَّهُمْ إِلَيْهَا لاَ يُرْجَعُونَ ». قَالَ وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا) الآيَةَ. ) ،وفي صحيح مسلم : (عَنْ مَسْرُوقٍ قَالَ سَأَلْنَا عَبْدَ اللَّهِ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ : (وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) قَالَ أَمَا إِنَّا قَدْ سَأَلْنَا عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ « أَرْوَاحُهُمْ فِي جَوْفِ طَيْرٍ خُضْرٍ لَهَا قَنَادِيلُ مُعَلَّقَةٌ بِالْعَرْشِ تَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شَاءَتْ ثُمَّ تَأْوِي إِلَى تِلْكَ الْقَنَادِيلِ ،فَاطَّلَعَ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمُ اطِّلاَعَةً فَقَالَ هَلْ تَشْتَهُونَ شَيْئًا قَالُوا أَيَّ شَيْءٍ نَشْتَهِى وَنَحْنُ نَسْرَحُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ شِئْنَا فَفَعَلَ ذَلِكَ بِهِمْ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ فَلَمَّا رَأَوْا أَنَّهُمْ لَنْ يُتْرَكُوا مِنْ أَنْ يُسْأَلُوا قَالُوا يَا رَبِّ نُرِيدُ أَنْ تَرُدَّ أَرْوَاحَنَا فِي أَجْسَادِنَا حَتَّى نُقْتَلَ فِي سَبِيلِكَ مَرَّةً أُخْرَى. فَلَمَّا رَأَى أَنْ لَيْسَ لَهُمْ حَاجَةٌ تُرِكُوا ».– ومن فضائل الشهادة في سبيل الله : أن الشهداء أصحاب الأجر الوفير، والنور التام المنير: قال تعالى : ﴿ وَالشُّهَدَاءُ عِنْدَ رَبِّهِمْ لَهُمْ أَجْرُهُمْ وَنُورُهُمْ ﴾ [الحديد: 19]. – ومن فضائل الشهادة في سبيل الله : أن نبينا صلى الله عليه وسلم تمنى أن يكون شهيدًا، وأن يُقتل في سبيل الله مرات ومرات: فعن أبي هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((والذي نفسي بيده، وددتُ أنِّي أُقاتلُ في سبيل الله فأُقتلُ، ثم أُحيا ثم أُقتلُ، ثم أُحيا ثمَّ أُقتلُ))؛ متفق عليه. – ومن فضائل الشهادة في سبيل الله : أن الشهيد لا يفتن في قبره : عَنْ رَاشِدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا بَالُ الْمُؤْمِنِينَ يُفْتَنُونَ فِي قُبُورِهِمْ إِلاَّ الشَّهِيدَ قَالَ « كَفَى بِبَارِقَةِ السُّيُوفِ عَلَى رَأْسِهِ فِتْنَةً » رواه النسائي ، – ومن فضائل الشهادة في سبيل الله : أن الشهيد لا يشعر بالألم عند موته: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا يَجِدُ الشَّهِيدُ مِنْ مَسِّ الْقَتْلِ إِلاَّ كَمَا يَجِدُ أَحَدُكُمْ مِنْ مَسِّ الْقَرْصَةِ » رواه الترمذي .– ومن فضائل الشهادة في سبيل الله : وعد الله للمجاهد إن توفَّاه أن يدخله الجنة: ففي صحيح البخاري أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ – وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُجَاهِدُ فِي سَبِيلِهِ – كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ ، وَتَوَكَّلَ اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِهِ بِأَنْ يَتَوَفَّاهُ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ، أَوْ يَرْجِعَهُ سَالِمًا مَعَ أَجْرٍ أَوْ غَنِيمَةٍ » – ومن فضائل الشهادة في سبيل الله : أن له مائة درجة عند الله: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: « إِنَّ فِي الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِهِ ، كُلُّ دَرَجَتَيْنِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَسَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ ، وَفَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ » رواه البخاري. – ومن فضائل الشهادة في سبيل الله : أن المجاهد في سبيل الله كالصائم القائم القانت بآيات الله: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قِيلَ لِلنَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مَا يَعْدِلُ الْجِهَادَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ « لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ ». قَالَ فَأَعَادُوا عَلَيْهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا كُلُّ ذَلِكَ يَقُولُ« لاَ تَسْتَطِيعُونَهُ » . وَقَالَ فِي الثَّالِثَةِ « مَثَلُ الْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ الصَّائِمِ الْقَائِمِ الْقَانِتِ بِآيَاتِ اللَّهِ لاَ يَفْتُرُ مِنْ صِيَامٍ وَلاَ صَلاَةٍ حَتَّى يَرْجِعَ الْمُجَاهِدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ تَعَالَى ». رواه البخاري ومسلم. – ومن فضائل الشهادة في سبيل الله : رباط يوم في سبيل الله خير من الدنيا وما عليها: عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ السَّاعِدِيِّ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « رِبَاطُ يَوْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ، وَمَوْضِعُ سَوْطِ أَحَدِكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا ، وَالرَّوْحَةُ يَرُوحُهَا الْعَبْدُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوِ الْغَدْوَةُ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا عَلَيْهَا » رواه البخاري. – ومن فضائل الشهادة في سبيل الله : لا تمس النارُ القدمين اللتين اغبرَّتا في سبيل الله: حدث عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ جَبْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَا اغْبَرَّتْ قَدَمَا عَبْدٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَمَسَّهُ النَّارُ » رواه البخاري.– لا يدخل مسلمٌ قَتل كافرًا في النار: فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَجْتَمِعُ كَافِرٌ وَقَاتِلُهُ فِي النَّارِ أَبَدًا ». رواه مسلم. – ومن فضائل الشهادة في سبيل الله : أن الشهيد رائحة دمه مسكٌ يوم القيامة: ففي الصحيحين عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لاَ يُكْلَمُ أَحَدٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ – وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَنْ يُكْلَمُ فِي سَبِيلِهِ – إِلاَّ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَاللَّوْنُ لَوْنُ الدَّمِ وَالرِّيحُ رِيحُ الْمِسْكِ » ،وروى الترمذي بسند صحيح : (عَنِ الْمِقْدَامِ بْنِ مَعْدِيكَرِبَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لِلشَّهِيدِ عِنْدَ اللَّهِ سِتُّ خِصَالٍ يُغْفَرُ لَهُ فِي أَوَّلِ دَفْعَةٍ وَيَرَى مَقْعَدَهُ مِنَ الْجَنَّةِ وَيُجَارُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ وَيَأْمَنُ مِنَ الْفَزَعِ الأَكْبَرِ وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ الْيَاقُوتَةُ مِنْهَا خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا وَيُزَوَّجُ اثْنَتَيْنِ وَسَبْعِينَ زَوْجَةً مِنَ الْحُورِ الْعِينِ وَيُشَفَّعُ فِي سَبْعِينَ مِنْ أَقَارِبِهِ ».
أيها المسلمون
ولا يظنَّ ظان أن الشهيد هو من قُتل في ساحات الوغى فحسب، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ((مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ))؟ قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ . قَالَ :((إِنَّ شُهَدَاءَ أُمَّتِي إِذًا لَقَلِيلٌ)). قَالُوا : فَمَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ :((مَنْ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الطَّاعُونِ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَمَنْ مَاتَ فِي الْبَطْنِ فَهُوَ شَهِيدٌ)) وفي رواية (وَالْغَرِقُ شَهِيدٌ). ومن الشهداء الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم : صاحب السل، ومن مات بذات الجنب، والحريق، وصاحب الهدم، والمرأة تموت جمعاء ،ابنها في بطنها، والنُّفساء، ومن قتل دون ماله أو دينه أو عرضه أو دمه. فأبشروا .. وأملوا .. واطمعوا في فضل ربكم .. فلقد ثبت في صحيح مسلم أن سَهْلَ بْنَ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مَا تَعُدُّونَ الشَّهِيدَ فِيكُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
لقد اتَّفق العلماء على أنَّ الشهداء ثلاثة أقسام: أ- شهيد الدنيا والآخرة. ب – شهيد الدنيا. ج – شهيد الآخرة. أ – أما شهيد الدنيا والآخرة: فهو الشَّهيد الكامل الشهادة، وهو أَرفع الشُّهداء منزلةً عند الله، وأفضلهم مقامًا في الجنَّة، وهو المسلِم المكلَّف الطاهِر، الذي قُتل في المعركة مخلصًا لله النيَّة، مقبلاً غير مدبِر، سواء قتلَه أهلُ الحرب أو البَغي أو قطَّاع الطريق، أو وُجد في المعركة وبه أثر القتل. ب – شهيد الدنيا :فهو من غَلَّ من الغنيمة أو مات مدبرًا، أو من قاتَل لتُعلَم شجاعتُه، أو طلبًا للغنيمة فقط، ولعلَّ كل قتيل في المعركة لم يكن مخلصًا لله فهو من شهداء الدُّنيا، فإذا كان الباعث له ليس الجهاد في سبيل الله؛ وإنَّما شيء من أشياء الدنيا، فإنَّه لا يَحرِم نفسَه من الأجر والثواب فحسب، بل إنَّه بذلك يعرِّض نفسَه للعذاب يوم القيامة، فعن أبي هريرة سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ أَوَّلَ النَّاسِ يُقْضَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَيْهِ رَجُلٌ اسْتُشْهِدَ فَأُتِىَ بِهِ فَعَرَّفَهُ نِعَمَهُ فَعَرَفَهَا قَالَ فَمَا عَمِلْتَ فِيهَا قَالَ قَاتَلْتُ فِيكَ حَتَّى اسْتُشْهِدْتُ. قَالَ كَذَبْتَ وَلَكِنَّكَ قَاتَلْتَ لأَنْ يُقَالَ جَرِيءٌ. فَقَدْ قِيلَ. ثُمَّ أُمِرَ بِهِ فَسُحِبَ عَلَى وَجْهِهِ حَتَّى أُلْقِىَ فِي النَّارِ ) رواه مسلم. ج – شهيد الآخرة: هو من أثبت له الشارعُ الشهادةَ، ولم تَجرِ عليه أحكامها في الدنيا؛ أي: إنَّه كباقي الموتى يغسَّل ويكفَّن ويصلَّى عليه ويُدفن، وقد جعلهم الشارعُ في حكم الشهداء، لخصلة خيرٍ اتَّصفوا بها، أو لمصيبةٍ أصابَتهم فقَدوا فيها حياتهم. وقد ذكر العلماء – بناء على ما ورد من أحاديث – أنَّ شهداء الآخرة كثيرون، عدَّها السيوطيُّ ثلاثين، وأوصلها بعضُهم إلى الخمسين، فمن ذلك: 1 – طالب الشهادة: فأَنَّ سَهْلَ بْنَ أَبِى أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ حَدَّثَهُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ سَأَلَ اللَّهَ الشَّهَادَةَ بِصِدْقٍ بَلَّغَهُ اللَّهُ مَنَازِلَ الشُّهَدَاءِ وَإِنْ مَاتَ عَلَى فِرَاشِهِ ». (رواه مسلم). ولذلك كان الصَّحابة يحرصون على الموت في سبيل الله، ويسألون اللهَ ذلك في دعائهم وصلاتهم؛ فهذا سيف الله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه وهو على فراش الموت يقول: “والله لقد شهدتُ مائة زَحف أو زهاءها، وما في جسدي إلاَّ ضَربة سيف أو طَعنة رمح، وهأنذا أموتُ على فراشي كما تموت العير، فلا نامَت أعين الجبناء”. 2 – المقتول دون ماله: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ إِنْ جَاءَ رَجُلٌ يُرِيدُ أَخْذَ مَالِي قَالَ « فَلاَ تُعْطِهِ مَالَكَ » قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَاتَلَنِي قَالَ « قَاتِلْهُ ». قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلَنِي قَالَ « فَأَنْتَ شَهِيدٌ ». قَالَ أَرَأَيْتَ إِنْ قَتَلْتُهُ قَالَ « هُوَ فِي النَّارِ ». (رواه مسلم). 3- المقتول دون مظلمته: ففي مسند أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ قُتِلَ دُونَ مَظْلَمَتِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ » ، وفيه أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم يَقُولُ « مَا مِنْ مُسْلِمٍ يُظْلَمُ بِمَظْلَمَةٍ فَيُقَاتِلَ فَيُقْتَلَ إِلاَّ قُتِلَ شَهِيداً». (رواه أحمد). 4 – المقتول دون دِينه أو أهله أو دمه: كل واحد من هؤلاء الثلاثة شهيد ففي الصحيحين عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو – رضى الله عنهما – قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ » ، وروى الترمذي بسند حسن أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :« مَنْ قُتِلَ دُونَ مَالِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دِينِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ دَمِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ وَمَنْ قُتِلَ دُونَ أَهْلِهِ فَهُوَ شَهِيدٌ ». 5- موت الغربة: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم« مَوْتُ غُرْبَةٍ شَهَادَةٌ ». (رواه ابن ماجة). 6 – الميت مريضًا: فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ مَاتَ مَرِيضًا مَاتَ شَهِيدًا وَوُقِىَ فِتْنَةَ الْقَبْرِ وَغُدِىَ وَرِيحَ عَلَيْهِ بِرِزْقِهِ مِنَ الْجَنَّةِ ».(رواه ابن ماجه). وليس المراد بالحديث مطلَق المرض؛ بل هو محمول على مرض الطَّاعون؛ وذلك ما يوضحه الحديث كما في مسند أحمد عَنْ عِرْبَاضِ بْنِ سَارِيَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يَخْتَصِمُ الشُّهَدَاءُ وَالْمُتَوَفَّوْنَ عَلَى فُرُشِهِمْ إِلَى رَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ فِي الَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنَ الطَّاعُونِ فَيَقُولُ الشُّهَدَاءُ إِخْوَانُنَا قُتِلُوا كَمَا قُتِلْنَا. وَيَقُولُ الْمُتَوَفَّوْنَ عَلَى فُرُشِهِمْ إِخْوَانُنَا مَاتُوا عَلَى فُرُشِهِمْ كَمَا مُتْنَا عَلَى فُرُشِنَا. فَيَقُولُ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ انْظُرُوا إِلَى جِرَاحِهِمْ فَإِنْ أَشْبَهَتْ جِرَاحُهُمْ جِرَاحَ الْمَقْتُولِينَ فَإِنَّهُمْ مِنْهُمْ وَمَعَهُمْ. فَإِذَا جِرَاحُهُمْ قَدْ أَشْبَهَتْ جِرَاحَهُمْ ». 7 – طالب العلم: عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم: « مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ حَتَّى يَرْجِعَ ». (رواه الترمذي). 8 – قائل كلمة الحق للإمام الظالم : فعَنْ طَارِقٍ قَالَ جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ أَيُّ الْجِهَادِ أَفْضَلُ قَالَ « كَلِمَةُ حَقٍّ عِنْدَ إِمَامٍ جَائِرٍ ». (رواه أحمد). فالشخص الذي يقوم إلى إمام جائر، فيأمره بالعدل واتِّباع الحق، ويَنهاه عن الظُّلم والانحراف، وهو يعلم جورَه وبطشه، فيغضب عليه الإمام ويَقتله – يكون من سادات الشُّهداء؛ لأنَّه ضحَّى بنفسه وحياته في سبيل كلمة حقٍّ يقولها، ونصيحة يبذلها. ألا فاحرصوا على نيل الشهادة واسألوا الله منازل الشهداء ، وكونوا مع الصادقين
الدعاء