خطبة عن: من هم أولياء الله، وحديث (مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا)
يونيو 18, 2017خطبة عن ( تربية الأولاد تربية إيمانية )
يونيو 18, 2017الخطبة الأولى ( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه 🙁 عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ اللَّهَ قَالَ ( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ »
إخوة الإسلام
حول معنى هذا الحديث القدسي سوف يكون لقاؤنا اليوم -إن شاء الله-،: يقول الله تعالى في الحديث القدسي : ( مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ) ، وفي البداية نحب أن نتعرف على : من هو الولي ؟ وكيف تكون معاداته ؟ وما معنى إعلان الله الحرب عليه ؟ ، فأقول أولا : إن من المؤسف أن بعض المسلمين ، ممن ينتمون إلى بعض الفرق البعيدة عن الحق ، يعتقدون في الولاية لله على غير ما جاء به القرآن الكريم والسنة المطهرة ، فمنهم من يعتقد أن الأولياء ،هم أولئك الذين تقع على أيديهم خوارق العادات وإن كانوا بعيدين عن الكتاب والسنة ، أو من يدعون معرفة الغيب ، أو شفاء المرضى ، بل ويعتقد البعض أنهم يتحكمون في الكون ، ولهم دواوين ، تتخذون فيها قرارات ، يرفعون بها من شاءوا من الناس ، ويطردون المعترضين عليهم ، بل ومن عارضهم فسوف تنزل به البلايا وتحيط به النقم ، ويعتقد البعض أن الأولياء فئة قليلة من الناس موزعون على البلاد ، ليحفظوها من الهلاك ، وحتى لا تنزل على أهلها عقوبة ، أو بلاء ، فهم حفظة لهذه البلاد ،وآخرون يعتقدون أن الولي هو ذاك (الرجل أو المرأة) الذي لبس المرقع ، وأهمل نظافة جسده ، وبمفهومهم ( طلق الدنيا ) فلا يتزوج النساء ، ولا يسكن بيتا ، ولا يعمل ،ولا يأكل من الطعام إلا القليل ولا يلبس من الثياب إلا الخشن ، وقد هاموا في البلاد … ، وكل هذه الاعتقادات فهي باطلة، بل وتخالف كتاب الله تعالى، وصحيح السنة المطهرة ، فقد بين لنا الحق تبارك وتعالى من هم الأولياء ، وجاء وصفهم وصفا دقيقا لا يحتمل التأويل : فقال تعالى : ﴿ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (62) الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ (63) لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لَا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ يونس 62 : 64، ونص الآية واضح صريح ، فأولياء الله هم المؤمنون المتقون ،وبداية أقول : ( الولاية معناها : المحبة والقرب ) ، فنقول : فلان ولي الله ، أي محب لله ، ويتقرب إلى الله ، وعلى هذا ، فكل من آمن بالله ، وأحب الله ، ويتقرب بأعماله الصالحة إلى الله ، فهو من أولياء الله ، وهذا هو معنى قوله تعالى (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ) وأيضا ، من آمن بالله ، وأحب الله ، وتقرب إليه بأعمال صالحة ، والاه الله ، ( أي أحبه الله ، وقربه إليه ) وأمده بمدده ، وحفظه بعنايته ، وهداه إلى صراطه المستقيم ،فمن والى الله ، والاه الله ، ومن والى غير الله ، أبعده الله ، وسخط عليه ، وأضله ،يقول سبحانه: (إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ ) الأعراف 196 ، ويقول سبحانه : (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا ) المائدة 55 ، إذن ،، فالناس كلهم أولياء ، ، إما أولياء للرحمن ، وإما أولياء للشيطان ، والناس حزبان ، حزب الله ، وحزب الشيطان ، يقول سبحانه ، عن حزب الله ، أولياء الرحمن : (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) المائدة 56 ، ويقول سبحانه : (أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) المجادلة 22 ، وعلى العكس من ذلك ، فمن أحب الشيطان ، واتبع الشيطان وأعوانه ، وتقرب إليهم ، كان وليا للشيطان ،وكان من حزبه ، يقول سبحانه (اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ فَأَنْسَاهُمْ ذِكْرَ اللَّهِ أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الْخَاسِرُونَ ) المجادلة 19 ، ويقول سبحانه (فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (98) إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (99) إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُمْ بِهِ مُشْرِكُونَ ) النحل 98 ،99 ، ويقول سبحانه : (إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) آل عمران 175 ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أولياء الله )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وبعد أن تعرفنا على هذين السؤالين (ما معنى الولاية ؟ ، ومن هم أولياء الله ؟) :ننتقل إلى السؤال التالي وهو ، (ما صفاتهم ؟ ، وما درجاتهم ؟) ،فقد وصف الله تعالى أولياءه بصفتين (الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ )،فمن حيث العقيدة ، هم (الَّذِينَ آمَنُوا) ، الذين آمنوا بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقضاء خيره وشره ، هذا من حيث العقيدة ، وأما من حيث العمل (وَكَانُوا يَتَّقُونَ ) ، فهم من المتقين ، والتقوى كلمة جامعة لكل خصال الخير والبر والطاعة ، والتقوى كما عرفها الإمام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه ( هي الخوف من الجليل ، والعمل بالتنزيل ، والقناعة بالقليل ، والاستعداد ليوم الرحيل ) ،أما عن درجاتهم ، فدرجات أولياء الله تتفاوت بتفاوت درجات إيمانهم ، والإيمان يزيد وينقص ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ) الفتح (4) .وقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( إِنَّهُمْ فِتْيَةٌ آمَنُوا بِرَبِّهِمْ وَزِدْنَاهُمْ هُدًى) الكهف (13)، وقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى ) مريم (76) ، وقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ ) محمد (17) ، وقَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَيَزْدَادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيمَانًا ) المدثر (31)، وفي سنن أبي داود : (عَنْ أَبِى أُمَامَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « مَنْ أَحَبَّ لِلَّهِ وَأَبْغَضَ لِلَّهِ وَأَعْطَى لِلَّهِ وَمَنَعَ لِلَّهِ فَقَدِ اسْتَكْمَلَ الإِيمَانَ ». لذلك كان الأنبياء والمرسلون في أعلى درجات الولاية ، ثم الصديقون ، ثم الشهداء والصالحون )، فدرجة الولاية تختلف بين المؤمنين باختلاف درجات الإيمان والتقوى والأعمال الصالحة ، قال تعالى : (ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) فاطر 32 ، ونستطيع أن نقول : أن هناك أولياء درجة عالية، (نسأل الله أن يجعلنا منهم ، ويحشرنا معهم )، وهم الذين قال الله فيهم : (وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ) ، وهناك أولياء درجة أقل وهم (وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) ، وهناك ولي درجة أخيرة (فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ) وهم المؤمنون الذين ظلموا أنفسهم ، (خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا) ، إذن فكل المؤمنين من أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم هم أولياء لله ، وإن اختلفت درجات ولايتهم ، ونحن عندما ندعوا الله سبحانه وتعالى أن يحشرنا مع أوليائه المقربين ، فنحن نقصد درجة الولاية العالية ، درجة (وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ) ، فهم السابقون بالخيرات ، والمقربون لرب الأرض والسموات ، الذين علت درجاتهم ، وسمت منازلهم ، وهؤلاء هم المعنيون بقوله في الحديث القدسي السالف الذكر : « إِنَّ اللَّهَ قَالَ : مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بشيء أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شيء أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ » ونستكمل الحديث عن أولياء الله في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء