خطبة عن ( خلق نبي الله آدم وسجود الملائكة وعداوة ابليس)
مارس 31, 2016خطبة عن (الجنة ونعيمها )
مارس 31, 2016الخطبة الأولى (نبي الله آدم عليه السلام )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً ) البقرة 30 ، وقال تعالى : ( إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِنْ طِينٍ (71) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ) ص: 71 ، 72،
إخوة الإسلام
لقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم قصص الأنبياء ،وسيرة المرسلين ، لنستخلص منها الدروس ، ولنستلهم منها العبر ، ولنتفكر في أمرهم ، ونقتدي بأفعالهم وأقوالهم ، فالعاقل من وعظ بغيره ، واليوم إن شاء الله ، نعيش لحظات طيبة ، مع قصة أبي البشر ، مع من كرمه الله ، فخلقه بيديه ، وأسجد له ملائكته ، وأسكنه جنته موعدنا اليوم إن شاء الله مع نبي الله ( آدم عليه السلام ) ، فلقد أخبر الله سبحانه وتعالى ملائكة بأنه سيخلق بشرا خليفة في الأرض – وخليفة هنا تعني على رأس ذرية يخلف بعضها بعضا. فقالت الملائكة: (أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ) البقرة 30. ويوحي قول الملائكة هذا بأنه كان لديهم تجارب سابقة في الأرض ،أو إلهام وبصيرة , يكشف لهم عن شيء من فطرة هذا المخلوق ، مما يجعلهم يتوقعون أنه سيفسد في الأرض , وأنه سيسفك الدماء . أو لأنهم علموا أن هذا المخلوق من ماء وطين ، ومادة وروح ، والمادة تغلب عليها الشهوة ، والشهوة والغريزة تقود إلى المعصية . ثم هم – بفطرة الملائكة البريئة التي لا تتصور إلا الخير المطلق – يرون التسبيح بحمد الله والتقديس له , هو وحده الغاية للوجود . . وهو متحقق بوجودهم هم , فهم يسبحون بحمد الله ويقدسون له, ويعبدونه ولا يفترون عن عبادته ! هذه الحيرة والدهشة التي ثارت في نفوس الملائكة بعد معرفة خبر خلق آدم.. أمر جائز على الملائكة، ولا ينقص من أقدارهم شيئا، لأنهم، رغم قربهم من الله، وعبادتهم له، وتكريمه لهم، لا يزيدون على كونهم عبيدا لله، لا يشتركون معه في علمه، ولا يعرفون حكمته الخافية، ولا يعلمون الغيب . لقد خفيت عليهم حكمة الله تعالى , في بناء هذه الأرض وعمارتها , وفي تنمية الحياة , وفي تحقيق إرادة الخالق في تطويرها وترقيتها وتعديلها ، على يد خليفة الله في أرضه . هذا الذي قد يفسد أحيانا , وقد يسفك الدماء أحيانا . عندئذ جاءهم القرار من العليم بكل شيء , والخبير بمصائر الأمور: (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) البقرة 30.. فهؤلاء البشر إن كان منهم أناس يفسدون في الأرض ويخربون ، . فمنهم أيضا أناس يسعون في عمارتها وإصلاحها ، وإن كان منهم الكافر ، فمنهم المؤمن ، وإن كان منهم الضال ، فمنهم المهتدي ، وإن كان منهم من يسفك الدماء فمنهم من يقدم روحه ودمه في سبيل الله ومنهم المحب ، ومنهم من فارق أهله وماله ووطنه طاعة لله ، ومنهم من بلغ حب الله في قلبه مبلغا نسي معه محبوباته من الملذات والشهوات طاعة لمحبوبه . ومنهم النبي والصديق والشهيد والمؤمن الصالح ،لذا ، فقد روى أحمد في مسنده يقول صلى الله عليه وسلم : « أَبْشِرُوا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ هَذَا رَبُّكُمْ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَتْحَ بَاباً مِنْ أَبْوَابِ السَّمَاءِ يُبَاهِى بِكُمُ الْمَلاَئِكَةَ يَقُولُ يَا مَلاَئِكَتِي انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي هَؤُلاَءِ أَدَّوْا فَرِيضَةً وَهُمْ يَنْتَظِرُونَ أُخْرَى » ،فهل فهمنا الآن معنى قوله صلى الله عليه وسلم : (يُبَاهِى بِكُمُ الْمَلاَئِكَةَ يَقُولُ يَا مَلاَئِكَتِي انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي هَؤُلاَءِ )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( نبي الله آدم عليه السلام )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وفي سنن البيهقي (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :« يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنْ رَاعِى غَنَمٍ فِي رَأْسِ شَظِيَّةٍ لِلْجَبَلِ ، يُؤَذِّنُ بِالصَّلاَةِ وَيُصَلِّى ، فَيَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( انْظُرُوا إِلَى عَبْدِى هَذَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ لِلصَّلاَةِ يَخَافُ مِنِّى قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِى وَأَدْخَلْتُهُ جَنَّتِي ». فيعجب الله سبحانه وتعالى لعمل هذا العبد المحب لله ، وقد ملأت خشية ربه فؤاده ، وأحب لقاءه والوقوف بين يديه ، فأذن وأقام الصلاة ، خوفا من عذابه وطمعا في رضاه وفي صحيح ابن حبان ( أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول : رجل من أمتي يقوم من الليل يعالج نفسه إلى الطهور وعليكم عقد ،فإذا وضأ يديه انحلت عقدة ، فإذا وضأ وجهه انحلت عقدة ، وإذا مسح رأسه انحلت عقدة ، وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة ،فيقول الله جل وعلا للذي وراء الحجاب( أي الملائكة ) أنظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه ليسألني ، ما سألني عبدي هذا فهو له ، ما سألني عبدي هذا فهو له )، هكذا يبين الله تعالى لملائكته قوله تعالى : (إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ) ، وَقَالَ الرسول صلى الله عليه وسلم عَنِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الصَّائِمِ :« يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَأَكْلَهُ وَشُرْبَهُ مِنْ أَجْلِى » البيهقي، وفي رواية(يَدَعُ الطَّعَامَ مِنْ أَجْلِى وَالشَّرَابَ مِنْ أَجْلِى وَشَهْوَتَهُ مِنْ أَجْلِى ) ، وفي مسند أحمد (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ قَدْ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَحَابُّونَ مِنْ أَجْلِى وَقَدْ حَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَصَافُّونَ مِنْ أَجْلِى وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَزَاوَرُونَ مِنْ أَجْلِى وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَبَاذَلُونَ مِنْ أَجْلِى وَحَقَّتْ مَحَبَّتِي لِلَّذِينَ يَتَنَاصَرُونَ مِنْ أَجْلِى » ونواصل الحديث عن نبي الله آدم عليه السلام في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء