خطبة عن (المسيح عيسى لم يُصلب ولم يُقتل)
أبريل 12, 2016خطبة عن ( نبي الله المسيح عيسى بن مريم)
أبريل 12, 2016الخطبة الأولى (المسيح عيسى بن مريم عبد الله ورسوله)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى : ( يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (171) لَنْ يَسْتَنْكِفَ الْمَسِيحُ أَنْ يَكُونَ عَبْدًا لِلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ وَمَنْ يَسْتَنْكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا (172) فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَيُوَفِّيهِمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَأَمَّا الَّذِينَ اسْتَنْكَفُوا وَاسْتَكْبَرُوا فَيُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا وَلَا يَجِدُونَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا ) ( 171):(173) النساء
إخوة الإسلام
من فضائل نبي الله عيسى عليه السلام : أنه روح الله وكلمته، ورسوله الخاتم لرسل بني إسرائيل، وهو المسيح الصادق، الذي حفظه الله من مس الشيطان ولمزه، كما قال نبينا صلى الله عليه وسلم : (مَا مِنْ مَوْلُودٍ يُولَدُ إِلَّا وَالشَّيْطَانُ يَمَسُّهُ حِينَ يُولَدُ؛ فَيَسْتَهِلُّ صَارِخًا مِنْ مَسِّ الشَّيْطَانِ إِيَّاهُ، إِلَّا مَرْيَمَ وَابْنَهَا، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ الراوي: ( وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ( وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ) متفق عليه. وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أنه أولى به من غيره وأنه ليس بينه وبينه نبي، فقال صلى الله عليه وسلم : ((أَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ، وَالْأَنْبِيَاءُ أَوْلَادُ عَلَّاتٍ، لَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ)) رواه البخاري وغيره. ولما بلغ سيدنا عيسى من عمره الثلاثين، هبط عليه الروح الأمين، فكان ذلك مبدأ الرسالة، وفاتحة النبوة إلى قوم بهت، قوم لم يشهد تاريخ البشرية مثلهم في الشر والحيلة، والعناد واللجاجة، والغدر والخيانة، وإيذاء الأنبياء والمرسلين، قال تعالى : {كُلَّمَا جَاءهُمْ رَسُولٌ بِمَا لاَ تَهْوَى أَنْفُسُهُمْ فَرِيقًا كَذَّبُواْ وَفَرِيقًا يَقْتُلُونَ} المائدة 70 ، فقد بعث الله عيسى عليه السلام إلى اليهود حين انحرفوا عن الجادة، وزاغوا عن الصراط المستقيم، وبدلوا شريعة موسى السمحة، حسب أهوائهم ورغباتهم، وجعلوا همهم الأول والآخر جمع المال من أي طريق كان، فأُغرقوا في طوفان الشهوات، وطافت بهم موجة من الزيغ والضلال والشبهات، فبعث الله عيسى عليه السلام إليهم في هذا الجو المشحون بالفساد والإفساد، فجعله أنموذجًا للطهر والصفاء، ومثالاً يُحتذى به للزهد والنقاء، ولمن يريد أن يؤثر الآخرة على الأولى، فينشأ عيسى عليه السلام عابداً زاهداً يلبس الصوف وشعر الماعز، ولـم يتخذ له مسكنًا قط، ولا سكن بيتًا طيلة حياته، ولم يدخر شيئًا قط، ولا ادخر طعامًا لغده أبدًا. ينتقل من مكان إلى مكان أينما يدركه المساء بات!! يلبس نعلين من لحاء الشجر، شراكهما ليف، كان عامة تنقله على رجليه، وأحيانًا يركب حمارًا، عمله السياحـة في الأرض لا يؤويه بيت ولا قرية، مأواه حيث جنَّه الليل، سراجه ضوء القمر، وظله الليل، وفراشه الأرض لم يتخذ غطاء بينه وبين الأرض قط، بقله وريحانه عشب الأرض وربما طوى الأيام جائعًا..، وهذا هو عيسى عليه السلام الزاهد العابد، الخاشع القانت، الصابر المجاهد، مرَّ على طبرية ولقي مجموعة من صيادي الأسماك فدعاهم إلى الإيمان، وإلى حمل دعوة الله إلى بني الإنسان، والتبشير برسالته؛ فاعتذروا أنهم مشغولون بصيد السمك، فقال لهم: “تعالوا أعلمكم صنعة تصيدون بها العالم بدلاً من صيد السمك”، تعالوا إلى تجارة تنجيكم من عذاب أليم، فلئن يهدي الله بكم رجلاً واحداً خير لكم من الدنيا وما فيها، ومن فضل الله تبعته مجموعة منهم، فأصبحوا حوارييه وتلاميذه الخاصين صاحبوه من قرية إلى قرية، يدعون إلى الله على علم وبصيرة، ويصيدون الناس في شباكهم إلى الجنة والمغفرة، بعد أن كان كل صيدهم سمكة يرجعون بها إلى أهليهم. قال تعالى : (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آَمِنُوا بِي وَبِرَسُولِي قَالُوا آَمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ) المائدة (111) ، ومن قدر الله يومًا أدت بهم خاتمة المطاف إلى مفازة مترامية الأطراف، وقد أجدبت أرضها، وأقفرت جنباتها.. هناك طووا من الجوع، وجفت منهم الحلوق والعروق، ووهنت قوتهم، فنزلوا على غير طعام وماء، فلم يلبثوا أن قالوا: (يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِنَ السَّمَاءِ؟) المائدة 112، لم يكن هذا شكًّا منهم في قدرة الله، أو طعنًا في نبوة عيسى، فحاشاهم، وإنما سألوا ذلك حتى ينتقلوا من درجة علم اليقين إلى درجة عين اليقين وحق اليقين، كما سأل أبو الأنبياء إبراهيم عليه السلام من قبلُ ربَّهُ إذ قال: (رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) البقرة (260)، قال عيسى للحواريين وقد عجب من أمرهم، وخاف عاقبة سؤلهم: (اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) المائدة (112) ،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (فضائل سيدنا عيسى عليه السلام )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فلَمَّا رأى عيسى منهم إصرارًا في طلب المائدة، وأن الدافع ليس الشك والعناد، وإنما الحاجة واليقين، عندها دعا ربه قائلا :(اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) المائدة 114،، فأستجاب الله دعاءه، وسمع ضراعته، فقال تعالى :( إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ) المائدة 115، فأنزل الله عليهم مائدة من السماء، وفاضت بالرزق السابغ، والخير الوافر، قرت بها عيون الحواريين، وقوي إيمانهم، فتحدث الناس بتلك المعجزة الباهرة، والآية البينة، فآمن خلق كثير. واستمر عيسى عليه السلام بدعوة اليهـود وتحذيرهم، فلم يستجيبوا لدعوته، فظلوا منكبين على الدنيا، رضًا بالذل، وإيغالاً في العناد، وحرصاً على الحياة، وليتهم وقفوا عند هذا الحد! بل طغوا وبغوا وتجازوا الحد، وبدءوا يلاحقونه من قرية إلى قرية، ونستكمل الحديث في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء