خطبة عن (قصة نبي الله المسيح عيسى بن مريم دروس وعبر)
أبريل 12, 2016خطبة عن (المسيح عيسى بن مريم عبد الله ورسوله)
أبريل 12, 2016الخطبة الأولى (المسيح عيسى لم يُصلب ولم يُقتل)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) النساء 157، 158
إخوة الإسلام
حديثنا عن نبي الله عيسى عليه السلام ودعوته لقومه، فقد استمر عليه السلام بدعوة اليهـود وتحذيرهم، فلم يستجيبوا لدعوته، فظلوا منكبين على الدنيا، رضًا بالذل، وإيغالاً في العناد، وحرصاً على الحياة، وليتهم وقفوا عند هذا الحد! بل طغوا وبغوا وتجازوا الحد، وبدءوا يلاحقونه من قرية إلى قرية، يريدون إهلاكه وقتله، وإلحاقه بيحيى الذي قطعوا رأسه، وبزكريا الذي نشروه إلى فلقتين بالمنشار، واتخذ اليهود كل سبيل لقطع عيسى عليه السلام من وسطهم. أصبح نبي الله عيسى عليه السلام ملاحقًا مطاردًا من قبل اليهود والرومان الوثنيين حكام ذلك الزمان، بسبب وشاية اليهود، حيث اتهموا عيسى بالفساد والإفساد في الأرض، فاستطاع اليهود بخبثهم وحيلهم من تأليب الرومان على عيسى ودعوته، وتمكنوا بخطتهم الشيطانية من إصدار الحكم عليه بإعدامه وصلبه، فبثوا العيون لمعرفة مكانه، واجتمع رجال الدين اليهود في بيت المقدس يجيلون الرأي في أمر عيسى، لعلم يهتدون إلى مكانه، فيثأروا لأنفسهم منه، ويشفوا غليلهم، وبينما هم في اجتماعهم وقد ضاقت بهم السبل، وتملَّكهم اليأس، وخافوا أن تزول عروشهم، وينصرف الناس عنهم، وبينما هم كذلك إذ دخل عليهم رجل من المنافقين ممن كان يصحب عيسى، وأخبرهم بخبر عيسى، ومكان وجوده، فحاصروه، وفي هذه الساعة العصيبة الرهيبة لجأ عيسى إلى الركن الركين، واعتصم بحبل الله المتين ،فتجلت قدرة الله وعظمته، وامتدت إليه يد العناية الإلهية، بعد أن تخلى عنه الحبيب والقريب، فأخفاه الله عن أعين الناظرين، ونجاه الله من كيد الكائدين، فرُفع عيسى إلى السموات العلى: (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) آل عمران 54 ، فَرُفِعَ عيسى إلى السماء، وودَّع الحواريين مبشِّرًا برسول يأتي من بعده اسمه أحمد، يُكْمِلُ ما بدأه، وبه تتم نعمة الله على الخلائق فقال لهم: (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) الصف 6، وهنا انقلب السحر على الساحر، وصدق من قال: “من حفر حفرة لأخيه وقع فيها”، فقد وقع بصرهم على (يهوذا) الرجل الذي وشى به فقد أصبح شديد الشبه بعيسى فحسبوه هو، فانقضوا عليه، وأخذوا بتلابيبه، فتملكته الدهشة، وعقد لسانه من الخوف والرهبة، فلم يستطع حتى الدفاع عن نفسه، ولا الإعلان عن حقيقة أمره، وفي هذا درس بليغ لنهاية النفاق والتلون والذي يوجد في كل زمان ومكان فالمنافقون الطابور الخامس، أهل المكر والكيد، يمكرون مكر الليل والنهار إلا أنهم في نهاية المطاف هم الخاسرون، وأن العاقبة للمتقين، وأن جند الله هم الغالبون، كما قال تعالى: (وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ) فاطر 43 ،فيهوذا ساقوه إلى ساحةٍ صُلِبَ فيها بين الصخب والضجيج، والفرح والتهليل، وهم يزعمون أنهم قتلوا عيسى، ولكن هيهات ، قال تعالى : (وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ) النساء 157،(158)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (سيدنا عيسى عليه السلام )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إننا نحن أهل السنة والجماعة نؤمن أن عيسى عليه السلام حي في السماء، وسينزل قبل القيامة إلى الدنيا، شرق دمشق على المنارة البيضاء، فيقتل الدجال، ويكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ولا يقبل إلا الإسلام، فيعم الأرض الأمن والرخاء، ويفيض المال ويكثر الثراء، حتى لا يجد الإنسان من يتصدق عليه، ويحكم بالقرآن وسنة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ، ونزول عيسى ثابت بالكتاب والسنة الصحيحة والإجماع، قال تعالى:(وَإِن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلاَّ لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا) النساء 159، أي أنه لا يبقى أحد من أهل الكتاب بعد نزول عيسى عليه السلام إلا آمن به قبل موت عيسى، (الطبري ). وفي الصحيحين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ فِيكُمْ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ..))، وفي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :((لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الْحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا! فَيَقُولُ: لَا إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءُ تَكْرِمَةَ اللَّهِ هَذِهِ الْأُمَّةَ”. وأما الإجماع فقال السفاريني :”فقد أجمعت الأمة على نزوله، ولم يخالف فيه أحد من أهل الشريعة، وإنما أنكر ذلك الفلاسفة والملاحدة، أو من لا يعتد بخلافة، وقد انعقد إجماع الأمة على أنه ينزل ويحكم بهذه الشريعة المحمدية، وليس بشريعة مستقلة عند نزوله من السماء، وإن كانت النبوة قائمة به، وهو متصف بها، ويتسلم الأمر من المهدي، ويكون المهدي من أصحابه وأتباعه كسائر أصحاب المهدي “. ونواصل الحديث في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء