خطبة عن ( قوم نبي الله شعيب يسخرون منه)
أبريل 16, 2016خطبة عن (نبي الله شعيب عليه السلام )
أبريل 16, 2016الخطبة الأولى ( أهل مدين قوم شعيب ينقُصُون الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا قَالَ يَاقَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ وَلَا تَنْقُصُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّي أَرَاكُمْ بِخَيْرٍ وَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ (84) وَيَاقَوْمِ أَوْفُوا الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (84 ) ، (85) هود
إخوة الإسلام
بعد أن دعا نبي الله شعيب عليه السلام قومه لعبادة الله وحده ،بين لهم أيضا أن الدين ليس قضية توحيد وألوهية فقط، بل إنه كذلك أسلوب لحياة الناس في كل المجالات التعبدية والتعاملية ،فبدأ شعيب في توضيح الأمور الأخرى التي جاءت بها دعوته فقال : (وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ) هود 84، وهكذا بعد قضية التوحيد مباشرة.. ينتقل النبي الكريم إلى قضية المعاملات اليومية.. قضية الأمانة والعدالة. والاخلاق، والأمن. وفقد كان أهل مدين ينقصون المكيال والميزان، ولا يعطون الناس حقهم.. وهي رذيلة تمس نظافة القلب واليد.. كما تمس كمال المروءة والشرف، وكان أهل مدين يعتبرون بخس الناس أشياءهم.. نوعا من أنواع المهارة في البيع والشراء.. ودهاء في الأخذ والعطاء.. ويعيد التاريخ نفسه فهو ما نعاني منه في زمننا الحاضر ، فأمراض الأمم لا تختلف من زمان إلى زمان ، ولا مكان ، ثم جاء نبيهم وأفهمهم أن هذه دناءة وسرقة.. أفهمهم أنه يخاف عليهم بسببها من عذاب يوم محيط.. فانظر إلى تدخل الإسلام الذي بعث به شعيب في حياة الناس، إلى الحد الذي يرقب فيه عملية البيع والشراء. قال تعالى : (وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) هود 85، ولم يزل شعيب ماضيا في دعوته.. فها هو ذا يكرر نصحه لهم بصورة إيجابية بعد صورة النهي السلبية.. إنه يوصيهم أن يوفوا المكيال والميزان بالقسط.. بالعدل والحق.. وهو يحذرهم أن يبخسوا الناس أشياءهم. ولنتدبر معا في التعبير القرآني في قوله تعالى: (وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ) فكلمة الشيء تطلق على الأشياء المادية والمعنوية.. أي أنها ليست مقصورة على البيع والشراء فقط، بل تدخل فيها الأعمال، أو التصرفات الشخصية. ويعني النص تحريم الظلم، سواء أكان ظلما في وزن الفاكهة أو الخضراوات، أو ظلما في تقييم مجهود الناس وأعمالهم ، وذلك لأن ظلم الناس يشيع في جو الحياة مشاعر من الألم واليأس واللامبالاة، وتكون النتيجة أن ينهزم الناس من الداخل، وتنهار علاقات العمل، وتلحقها القيم.. ويشيع الاضطراب في الحياة.. ولذلك يستكمل النص تحذيره من الإفساد في الأرض: (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) فالعثو هو تعمد الإفساد والقصد إليه ، فنهاهم أن يفسدوا في الأرض متعمدين قاصدين ، ويقول تعالى على لسان نبيه : (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ لَّكُمْ).. أي ما عند الله خير لكم.. (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( أهل مدين قوم شعيب ينقُصُون الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الحسن البصري : { بقية الله خير لكم } أي رزق الله خير لكم من أخذ أموال الناس ،وقال ابن جرير : ما يفضل لكم من الربح بعد وفاء الكيل والميزان : خير لكم من أخذ أموال الناس بالتطفيف ،وقال : وقد روى هذا عن ابن عباس ، وهذا الذي قاله وحكاه حسن وهو شبيه بقوله تعالى : { قُلْ لَا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ } المائدة 100، يعنى أن القليل من الحلال ، خير لكم من الكثير من الحرام ،فإن الحلال مبارك فيه وإن قل ، والحرام ممحوق وإن كثر ، وكما قال تعالى : { يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ } البقرة 276، وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم كما في مسند البزار : [عَنْ عَبْدِ اللهِ رَفَعَهُ ، قَالَ : إِنَّ الرِّبَا وَإِنْ كَثُرَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ إِلَى قُلٍّ ] أي إلى قلة ، وقال رسول الله صلى الله عليه و سلم في الحديث المتفق عليه عن [ حَكِيمَ بْنَ حِزَامٍ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « الْبَيِّعَانِ بِالْخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَا ، فَإِنْ صَدَقَا وَبَيَّنَا بُورِكَ لَهُمَا فِي بَيْعِهِمَا ، وَإِنْ كَذَبَا وَكَتَمَا مُحِقَتْ بَرَكَةُ بَيْعِهِمَا » ، والمقصود أن الربح الحلال مبارك فيه وإن قل والحرام لا يجدى وإن كثر ولهذا قال نبي الله شعيب : { بَقِيَّتُ اللَّهِ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ وَمَا أَنَا عَلَيْكُمْ بِحَفِيظٍ) (86) هود ، ونستكمل في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء