خطبة عن (قوم شعيب يتوعدونه (لَنُخْرِجَنَّكَ يَا شُعَيْبُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَكَ مِنْ قَرْيَتِنَا)
أبريل 16, 2016خطبة عن ( قوم نبي الله شعيب يسخرون منه)
أبريل 16, 2016الخطبة الأولى ( نبي الله شعيب ينذر قومه سوء العذاب)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى (قَالَ يَا قَوْمِ أَرَأَيْتُمْ إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ (88) وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ (89) وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) ( 88) : (90)) هود
إخوة الإسلام
من الملاحظ : أن في هذا الأسلوب كما ورد في الآيات : يتلطف نبي الله شعيب في دعوته لقومه ويدعوهم إلى الحق بأبين إشارة ، فيقول لهم : أرأيتم أيها المكذبون { إِنْ كُنْتُ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي } أي على أمر بين من الله تعالى أنه أرسلني إليكم : { وَرَزَقَنِي مِنْهُ رِزْقًا حَسَنًا } يعنى النبوة والرسالة، يعنى وعمي عليكم معرفتها ، فأي حلية فيكم ؟وقوله : { وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ } أي لست آمركم بالأمر ، إلا وأنا أول فاعل له ، وإذا نهيتكم عن الشيء فأنا أول من يتركه ، وهذه هي الصفة المحمودة العظيمة ،وضدها هي المردودة الذميمة كما تلبس بها علماء بني إسرائيل في آخر زمانهم وخطباؤهم الجاهلون قال تعالى : { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) (44 البقرة ،وفي صحيح البخاري( يقول صلى الله عليه وسلم « يُجَاءُ بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِى النَّارِ ، فَتَنْدَلِقُ أَقْتَابُهُ فِى النَّارِ ، فَيَدُورُ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِرَحَاهُ ، فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ عَلَيْهِ ، فَيَقُولُونَ أَىْ فُلاَنُ ، مَا شَأْنُكَ أَلَيْسَ كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَى عَنِ الْمُنْكَرِ قَالَ كُنْتُ آمُرُكُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَلاَ آتِيهِ ، وَأَنْهَاكُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ » . وهذه صفة مخالفي الأنبياء من الفجار والأشقياء ، فأما السادة من النجباء من العلماء الذين يخشون ربهم بالغيب ، فحالهم كما قال نبي الله شعيب : { إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } أي ما أريد في جميع أمرى إلا الإصلاح في الفعال والمقال بجهدي وطاقتي { وَمَا تَوْفِيقِي } أي في جميع أحوال { إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ } أي عليه أتوكل في سائر الأمور وإليه مرجعي ومصيري في كل أمري وهذا مقام ترغيب ،ثم انتقل نبي الله شعيب إلى نوع آخر من الترهيب فقال : (وَيَا قَوْمِ لَا يَجْرِمَنَّكُمْ شِقَاقِي أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قَوْمَ نُوحٍ أَوْ قَوْمَ هُودٍ أَوْ قَوْمَ صَالِحٍ وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ) (89) هود ،أي لا يحملنكم مخالفتي وبغضكم لما جئتكم به على الاستمرار على ضلالكم وجهلكم ومخالفتكم ، فيحل الله بكم من العذاب والنكال نظير ما أحله بنظرائكم وأشباهكم من قوم نوح ، وقوم هود ، وقوم صالح ، من المكذبين والمخالفين وقوله : { وَمَا قَوْمُ لُوطٍ مِنْكُمْ بِبَعِيدٍ } قيل معناه : في الزمان أي ما بالعهد من قدم مما قد بلغكم ما أحل بهم على كفرهم وعتوهم ، وقيل معناه : وما هم منكم ببعيد في المحلة والمكان ، وقيل في الصفات والأفعال المستقبحات من قطع الطريق وأحذ أموال الناس جهرة وخفية بأنواع الحيل والشبهات ،والجمع بين هذه الأقوال ممكن : فإنهم لم يكونوا بعيدين منهم لا زمانا ولا مكانا ولا صفات وأخلاق
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( نبي الله شعيب ينذر قومه سوء العذاب)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ثم مزج نبي الله شعيب الترهيب بالترغيب فقال : { وَاسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي رَحِيمٌ وَدُودٌ) (90) هود ، أي أقلعوا عما أنتم فيه وتوبوا إلى ربكم الرحيم الودود ، فإنه من تاب إليه تاب عليه ، فإنه رحيم بعباده ، فهو أرحم بهم من الوالدة بولدها : { وَدُودٌ } وهو الحبيب ولو بعد التوبة على عبده ولو من الموبقات العظام ، وهكذا بعد أن بين شعيب عليه السلام لقومه أساس دعوته، وما يجب عليهم الالتزام به، ورأى منهم الاستكبار، حاول إيقاظ مشاعرهم بتذكيرهم بمصير من قبلهم من الأمم، وكيف دمرهم الله بأمر منه. فذكرهم قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح، وقوم لوط. وأراهم أن سبيل النجاة هو العودة لله تائبين مستغفرين، فالمولى غفور رحيم. ولكن قوم شعيب أعرضوا عنه قائلين: (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا) ،إنه ضعيف بمقياسهم. ضعيف لأن الفقراء والمساكين هم فقط الذين اتبعوه، أما علية القوم ، فاستكبروا وأصروا على طغيانهم. إنه مقياس بشري خاطئ، فالقوة بيد الله، والله مع أنبيائه ونواصل في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء