خطبة عن (نبي الله لوط عليه السلام )

                                                 الخطبة الأولى ( سيدنا لوط عليه السلام )

 الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة  اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

                                                    أما بعد أيها المسلمون

 يقول الله تعالى في محكم آياته :(لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) يوسف 111،  وقال تعالى :(وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ وَجَاءَكَ فِي هَذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) هود 120 ، وقال الله تعالى : ( كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ (164) أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166) قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَالُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167) قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (169) فَنَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (170) إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ (171) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (172) وَأَمْطَرْنَا عَلَيْهِمْ مَطَرًا فَسَاءَ مَطَرُ الْمُنْذَرِينَ (173) إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ (174) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) ( 160) : (175) الشعراء

أيها المسلمون

قص الله سبحانه وتعالى علينا في كتابه الكريم قصص الأنبياء ، وسيرة المرسلين ،  لنستخلص منها الدروس ، ولنستلهم منها العبر  ، ولنتفكر في أمرهم ، ونقتدي بأفعالهم وأقوالهم ، فالعاقل من وعظ بغيره ،واليوم إن شاء الله ، نعيش لحظات طيبة ،مع قصة نبي الله لوط عليه السلام   قال تعالى : (وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ ) (133) الصافات ، وقال تعالى (   كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ (160) إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ (161) إِنِّي لَكُمْ رَسُولٌ أَمِينٌ (162) فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ (163) وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ)  (164 الشعراء، أما عن نسبه فهو لوطا بن هاران بن تارح – وهو آزر كما تقدم – ولوط ابن أخي إبراهيم الخليل ، وأما عن صفاته وأخلاقه ففي المستدرك للحاكم (عن كعب الأحبار قال : كان لوط نبي الله و كان ابن أخي إبراهيم و كان رجلا أبيض ،حسن الوجه ، دقيق الأنف ،صغير الأذن ،طويل الأصابع ،جيد الثنايا ،أحسن الناس مضحكا إذا ضحك ، وأحسنه وأرزنه وأحكمه ) ، وفي المستدرك (فنبأ الله لوطا و بعثه إلى المؤتفكات رسولا وداعيا إلى الله وهي خمسة مدائن أعظمها سدوم ثم عمود ثم أروم صعور ثم صابور و كان أهل هذه المدائن أربعة آلاف إنسان ، فنزل لوط سدوما ،فلبث فيهم بضعا و عشرين سنة ، يأمرهم و ينهاهم ، ويدعوهم إلى الله وإلى عبادته و ترك ما هم عليه من الفواحش والخبائث ، وكانت الضيافة مفترضة على لوط  ، كما افترضت على إبراهيم و إسماعيل ، فكان قومه لا يضيفون أحدا )، وكان لوط قد نزح عن محلة عمه الخليل عليهما السلام بأمره له وإذنه فنزل بمدينة سدوم ولها قرى مضافة إليها  ،وفيها أهل من أفجر الناس وأكفرهم وأسوأهم طوية وأردأهم سريرة وسيرة ،ولا يتناهون عن منكر فعله لبئس ما كانوا يفعلون ، وكانوا يقطعون الطريق ،ويخونون الرفيق ، ويأتون في ناديهم – وهو مجتمعهم ،ومحل حديثهم وسمرهم – يأتون المنكر من الأقوال والأفعال على اختلاف أصنافها، حتى قيل إنهم كانوا يتضارطون في مجالسهم ولا يستحون من مجالسيهم ، وربما وقع منهم الفعلة العظيمة في المحافل ولا يستنكفون، ولا يرعوون لوعظ واعظ ولا نصيحة من عاقل ، وكانوا في ذلك وغيره كالأنعام بل أضل سبيلا ، ولم يقلعوا عما كانوا عليه في الحاضر ، ولا ندموا على ما سلف من الماضي ، ولا راموا في المستقبل تحويلا ،  فأخذهم الله أخذا وبيلا ،ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم إليها أحد من بن آدم ، وهي إتيان الذكران من العالمين وترك ما خلق الله عن النسوان لعباده الصالحين

                                                      أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم  

                                                 الخطبة الثانية ( سيدنا لوط عليه السلام ) 

 الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة  اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين 

                                                          أما بعد أيها المسلمون

 فدعاهم لوط إلى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، ونهاهم عن تعاطي هذه المحرمات والفواحش المنكرات ، والأفاعيل المستقبحات ، فتمادوا على ضلالهم وطغيانهم ، واستمروا على فجورهم وكفرانهم ،فقد اصطدمت دعوته بقلوب قاسية ، وأهواء مريضة ، ورفض متكبر. وحكموا على لوط وأهله بالطرد من القرية. قال تعالى (وَلُوطًا إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَتَأْتُونَ الْفَاحِشَةَ مَا سَبَقَكُمْ بِهَا مِنْ أَحَدٍ مِنَ الْعَالَمِينَ (80) إِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ شَهْوَةً مِنْ دُونِ النِّسَاءِ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ (81) وَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا أَخْرِجُوهُمْ مِنْ قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ (82) الاعراف ، فقد كان القوم الذين بعث إليهم لوط يرتكبون عددا كبيرا من الجرائم البشعة. كانوا يقطعون الطريق، ويخونون الرفيق، ويتواصون بالإثم، ولا يتناهون عن منكر، وقد زادوا في سجل جرائمهم جريمة لم يسبقهم بها أحد من العالمين. كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء.  قال تعالى (  أَتَأْتُونَ الذُّكْرَانَ مِنَ الْعَالَمِينَ (165) وَتَذَرُونَ مَا خَلَقَ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ عَادُونَ (166) قَالُوا لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167) قَالَ إِنِّي لِعَمَلِكُمْ مِنَ الْقَالِينَ (168) رَبِّ نَجِّنِي وَأَهْلِي مِمَّا يَعْمَلُونَ (169) الشعراء  ،ولكي نعلم مدى فداحة هذا الجرم الشنيع ، فإن عقوبة فاعله في الاسلام القتل ففي صحيح البخاري (  عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ وَجَدْتُمُوهُ يَعْمَلُ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ فَاقْتُلُوا الْفَاعِلَ وَالْمَفْعُولَ بِهِ » وفي سنن الترمذي بسند حسن (جَابِرًا يَقُولُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَى أُمَّتِى عَمَلُ قَوْمِ لُوطٍ ».   ونستكمل الحديث في لقاء قادم إن شاء الله

                                                            الدعاء