خطبة عن ( زواج نبي الله موسى في أرض مدين)
أبريل 9, 2016خطبة عن ( فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى عَلَيْهِ)
أبريل 9, 2016الخطبة الأولى (نبي الله موسى في أرض مدين )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى: (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ) القصص 21،22، وقال تعالى : (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ )(23) القصص
إخوة الإسلام
وها هو نبي الله موسى عليه السلام قد خرج من أرض مصر ، وفي طريقه إلى أرض مدين ، قال تعالى: (فَخَرَجَ مِنْهَا خَائِفًا يَتَرَقَّبُ قَالَ رَبِّ نَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ ) القصص 21،22، ظل موسى يسير بنفسية المطارد حتى وصل إلى مكان الذي أراده الله له. وكان هذا المكان هو مدين. جلس يرتاح عند بئر عظيمة يسقي الناس منها دوابهم. وكان خائفا طوال الوقت أن يرسل فرعون من ورائه من يقبض عليه. لم يكد موسى يصل إلى مدين حتى ألقى بنفسه تحت شجرة واستراح. لقد نال منه الجوع والتعب، وسقطت نعله بعد أن ذابت من مشقة السير على الرمال والصخور والتراب. لم تكن معه نقود لشراء نعل جديدة. ولم تكن معه نقود لشراء طعام أو شراب. لاحظ موسى جماعة من الرعاة يسقون غنمهم، ووجد امرأتين تكفان غنمهما أن يختلطا بغنم القوم، أحس موسى بما يشبه الإلهام أن الفتاتين في حاجة إلى المساعدة. ومنعته المروءة والشهامة أن يرى النساء تختلط بالرجال ، فسألهن موسى ، قال تعالى : (وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ (23) القصص ، تقدم منهما وسأل هل يستطيع أن يساعدهما في شيء. قالت إحداهما: نحن ننتظر أن ينتهي الرعاة من سقي غنمهم لنسقي. سأل موسى: ولماذا لا تسقيان؟ قالت الأخرى: لا نستطيع أن نزاحم الرجال. اندهش موسى لأنهما ترعيان الغنم. المفروض أن يرعى الرجال الأغنام. هذه مهمة شاقة ومتعبة وتحتاج إلى اليقظة. سأل موسى: لماذا ترعيان الغنم؟ فقالت واحدة منهما: أبونا شيخ كبير لا تساعده صحته على الخروج كل يوم للرعي. فقال موسى: سأسقي لكما. سار موسى نحو الماء. اكتشف أن الرعاة قد وضعوا على فم البئر صخرة ضخمة لا يستطيع أن يحركها غير عشرة رجال. احتضن موسى الصخرة ورفعها من فم البئر. وكان موسى قويا لذا تمكن من رفعها وحده. قال تعالى :(فَسَقَى لَهُمَا ) ، وهكذا يجب أن يكون خلق المؤمن ، يعين المحتاج ، ويغيث الملهوف ، ففي صحيح مسلم يقول صلى الله عليه وسلم (تَعْدِلُ بَيْنَ الاِثْنَيْنِ صَدَقَةٌ وَتُعِينُ الرَّجُلَ فِي دَابَّتِهِ فَتَحْمِلُهُ عَلَيْهَا أَوْ تَرْفَعُ لَهُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ ) ، وفي صحيح مسلم (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللَّهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ )، فيا من يفزع الناس إليكم في قضاء حوائجهم ، ابشروا ، فأنتم الآمنون من عذاب الله يوم القيامة ، ففي المعجم الكبير للطبراني (عن ابن عمر : قال ، قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :( إن لله عز و جل خلقا خلقهم لحوائج الناس يفزع الناس إليهم في حوائجهم أولئك الآمنون من عذاب الله )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (نبي الله موسى في مدين )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وبعد أن سقى لهما سيدنا موسى عليه السلام ، يبتغي بذلك وجه الله ، رجع إلى ظل الشجرة ، قال تعالى : (ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) القصص ، وهنا أحس بالجوع ، فهو لا يحمل طعاما ، وليس معه نقود يشتري بها ، فلم يتوجه إلى مخلوق ولكنه توجه إلى الله مباشرة وناداه بقلبه ولسانه قائلا ) رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ) وكما قيل ( اطلبوا الأشياء بعزة الأنفس ، فإن الأمور تجري بالمقادير )، وعلى الفور استجاب الله دعاءه ، وفرج همه ، فقد عادت الفتاتان إلى أبيهما الشيخ الكبير .فسأل الأب: عدتما اليوم سريعا على غير العادة؟! ونتعلم من ذلك مراقبة الآباء لأبنائهم وبناتهم ،قالت إحداهما: تقابلنا مع رجل كريم سقى لنا الغنم قبل أن يسقي الرعاة.فقال الأب لابنته: اذهبي إليه وقولي له: (إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ) ليعطيك (لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا) ، إنها كلمات رقيقة مهذبة ، من شيخ وقور حكيم ، لقد أراد هذا الشيخ أن يكرم ويضيف موسى ، هذا الرجل الغريب ، ولكنه علم أن من أخلاقه أنه عزيز النفس أبي ، لذا فلم يعرض عليه الضيافة أو الطعام ، ولكن عرض عليه أن يعطيه أجرا هو يستحقه ،(أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ) ونواصل الحديث عن نبي الله موسى في أرض مدين إن شاء الله
الدعاء