خطبة عن ( موقف قوم نبي الله نوح من دعوته للإسلام والتوحيد)
مارس 31, 2016خطبة عن ( تاريخ بيت المقدس والمسجد الأقصى )
مارس 31, 2016الخطبة الأولى (نبي الله نوح عليه السلام )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ نُوحٍ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ إِنْ كَانَ كَبُرَ عَلَيْكُمْ مَقَامِي وَتَذْكِيرِي بِآيَاتِ اللَّهِ فَعَلَى اللَّهِ تَوَكَّلْتُ ) يونس 71، وقال تعالى : (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا ) الاسراء 3، وقال تعالى : (سَلَامٌ عَلَى نُوحٍ فِي الْعَالَمِينَ (79) إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (80) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ) الصافات 79 ،81،
إخوة الإسلام
لقد ذكر الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم ، قصص الأنبياء ،وسيرة المرسلين ،لنستخلص منها الدروس ، ولنستلهم منها العبر ، ولنتفكر في أمرهم ، ونقتدي بأفعالهم وأقوالهم ، فالعاقل من وعظ بغيره ، واليوم إن شاء الله ، نعيش لحظات طيبة ، مع قصة أبي البشرية الثاني ،ومجدد التوحيد ، مع ( نبي الله نوح عليه السلام ) ، ذاك النبي المجاهد والصابر ، والداعية المناضل ، الذي أشرقت على صدره شمس التوحيد واليقين، فخرج داعيةً إلى الله عز وجل، يهدّ حصون المشركين، لا يخاف إنكار حاقد ولا بطش عدو راصد. فنوح عليه السلام بدّد صبرُه بلاء المشقات ، وهدَّت تضحيته ستر البلاءات، وقهر يقينه ألوان الرزايا والتحديات، لم يكن داعية اسمًا، بل كان صدقًا وعملاً، إذ عرف الدعوة روحًا ومعنى، وتذوقها حلوة ومرًا، وأحبها حزنًا وسهلاً. وفي المستدرك للحاكم بشرط البخاري (عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كان بين آدم و نوح عشرة قرون كلهم على شريعة من الحق فلما اختلفوا بعث الله النبيين و المرسلين و أنزل كتابه فكانوا أمة واحدة ) ، ودعونا أولا نرى صورة البشرية وأحوالها قبل بعثة سيدنا نوح عليه السلام وإرساله إليهم : فقبل أن يولد قوم نوح عاش خمسة رجال صالحون من أجداد قوم نوح، عاشوا زمنا ثم ماتوا، كانت أسماء الرجال الخمسة هي: (ودَّ، سُواع، يغوث، يعوق، نسرا). قال تعالى : (وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا ) نوح 23 ، وبعد موتهم صنع الناس لهم تماثيل في مجال الذكرى والتكريم، ومضى الوقت.. ومات الذين نحتوا التماثيل.. وجاء أبناؤهم.. ومات الأبناء وجاء أبناء الأبناء.. ثم نسجت قصصا وحكايات حول التماثيل تعزو لها قوة خاصة. وتصفها بما ليس فيها. واستغل إبليس الفرصة، وأوهم الناس أن هذه تماثيل آلهة تملك النفع وتقدر على الضرر.. وبدأ الناس يعبدون هذه التماثيل. وفي صحيح البخاري (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما – صَارَتِ الأَوْثَانُ الَّتِي كَانَتْ فِي قَوْمِ نُوحٍ فِي الْعَرَبِ بَعْدُ ، أَمَّا وُدٌّ كَانَتْ لِكَلْبٍ بِدَوْمَةِ الْجَنْدَلِ ، وَأَمَّا سُوَاعٌ كَانَتْ لِهُذَيْلٍ ، وَأَمَّا يَغُوثُ فَكَانَتْ لِمُرَادٍ ثُمَّ لِبَنِى غُطَيْفٍ بِالْجُرُفِ عِنْدَ سَبَا ، وَأَمَّا يَعُوقُ فَكَانَتْ لِهَمْدَانَ ، وَأَمَّا نَسْرٌ فَكَانَتْ لِحِمْيَرَ ، لآلِ ذِى الْكَلاَعِ . أَسْمَاءُ رِجَالٍ صَالِحِينَ مِنْ قَوْمِ نُوحٍ ، فَلَمَّا هَلَكُوا أَوْحَى الشَّيْطَانُ إِلَى قَوْمِهِمْ أَنِ انْصِبُوا إِلَى مَجَالِسِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَجْلِسُونَ أَنْصَابًا ، وَسَمُّوهَا بِأَسْمَائِهِمْ فَفَعَلُوا فَلَمْ تُعْبَدْ حَتَّى إِذَا هَلَكَ أُولَئِكَ وَتَنَسَّخَ الْعِلْمُ عُبِدَتْ . ) ، وكان نوح على الفطرة مؤمنا بالله تعالى قبل بعثته إلى الناس. وكل الأنبياء مؤمنون بالله تعالى قبل بعثتهم. وكان عليه السلام كثير الشكر لله عزّ وجلّ. وفي المستدرك للحاكم (عن سلمان قال 🙁 كان نوح إذا طعم طعاما أو لبس ثوبا حمد الله فسمي عبدا شكورا )، لذا فقد اختاره الله لحمل الرسالة. فخرج نوح على قومه وبدأ دعوته: قال تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) الاعراف 59،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( نبي الله نوح عليه السلام )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال تعالى : ( لَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ ) الاعراف 59، بهذه الجملة الموجزة وضع نوح قومه أمام حقيقة الألوهية.. وحقيقة البعث. فهناك إله خالق وهو وحده الذي يستحق العبادة.. وهناك موت ثم بعث ثم يوم للقيامة. فهو يوم عظيم، فيه يقوم الناس لرب العالمين .شرح “نوح” لقومه أنه يستحيل أن يكون هناك غير إله واحد هو الخالق. أفهمهم أن الشيطان قد خدعهم زمنا طويلا، وأن الوقت قد جاء ليتوقف هذا الخداع، حدثهم نوح عن تكريم الله للإنسان. كيف خلقه، ومنحه الرزق وأعطاه نعمة العقل، وليست عبادة الأصنام غير ظلم خانق للعقل. وهكذا دعا سيدنا نوح قومه وألح في الدعوة، ووعظ فأبلغ الموعظة، وبشر فأحسن البشارة، وأنذر وشدد في النذارة. دعا نوح عليه السلام دعوة البصراء، وصبر صبر الجبال، فلقد أوذي لما دعا، وضُرب لما وعظ، وسُخِر منه لما كرّر، فما زاده ذلك إلا صبرًا وثباتًا وقوة وجهادًا. وتحرك قوم نوح في اتجاهين بعد دعوته لهم. فقد لمست الدعوة قلوب الضعفاء والفقراء والبؤساء، وانحنت على جراحهم وآلامهم بالرحمة.. أما الأغنياء والأقوياء والكبراء، تأملوا الدعوة بعين الشك… ولما كانوا يستفيدون من بقاء الأوضاع على ما هي عليه.. فقد بدئوا حربهم ضد نوح. في البداية اتهموا نوحا بأنه بشر مثلهم: قال تعالى : (فَقَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلَّا بَشَرًا مِثْلَنَا) هود 27، قال القرطبي في تفسيره : الملأ الذين كفروا من قومه هم الرؤساء الذين كانوا في قومه. يسمون الملأ لأنهم مليؤون بما يقولون. هكذا قال هؤلاء الملأ لنوح: أنت بشر مثلنا يا نوح. ونواصل الحديث عن نبي الله نوح إن شاء الله
الدعاء