خطبة عن التواضع وحديث (إِنَّ اللَّه أَوْحَى إِلَيَّ أَنْ تَوَاضَعُوا)
فبراير 19, 2023خطبة عن القرآن (قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ)
فبراير 21, 2023الخطبة الأولى ( نعمة الفهم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته: (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُودَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ) (78) ،(79) الانبياء، وفي الصحيحين: (أن حُمَيْدا قَالَ سَمِعْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ يَخْطُبُ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ «مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ)
إخوة الإسلام
إن نعم الله تبارك وتعالى على عباده كثيرة ومتعددة، ولا يمكن عدها أو حصرها، قال الله تعالى: (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ) (18) النحل، ومن بين هذه النعم الكبرى، والتي تفضل الله تعالى بها علينا: (نعمة الفهم)، يقول ابن القيم رحمه الله: (صحة الفهم، وحسن القصد، من أعظم نعم الله التي أنعم بها على عبده، بل ما أعطي عبد عطاء بعد الإسلام أفضل ولا أجل منهما، بل هما ساقا الإسلام وقيامه عليهما، … وصحة الفهم نور يقذفه الله في قلب العبد، يميز به بين الصحيح والفاسد، والحق والباطل، والهدى والضلال، والغي والرشاد) ،وقال ابن حجر: (الفَهمُ فطنةً يفهم بها صاحبها من الكلام ما يقترن به من قول أو فعل)،
ومن الملاحظ أن الناس متفاوتون في نعمة الفهم، فقد يفتح الله تعالى لعبد من عباده بابا من أبواب الفهم، بينما يجهله الآخرون، قال الله تعالى: (وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا) (78) ،(79) الانبياء، وفي صحيح البخاري: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – جَلَسَ عَلَى الْمِنْبَرِ فَقَالَ « إِنَّ عَبْدًا خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا مَا شَاءَ، وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ، فَاخْتَارَ مَا عِنْدَهُ». فَبَكَى أَبُو بَكْرٍ وَقَالَ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. فَعَجِبْنَا لَهُ، وَقَالَ النَّاسُ انْظُرُوا إِلَى هَذَا الشَّيْخِ، يُخْبِرُ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَنْ عَبْدٍ خَيَّرَهُ اللَّهُ بَيْنَ أَنْ يُؤْتِيَهُ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَبَيْنَ مَا عِنْدَهُ وَهْوَ يَقُولُ فَدَيْنَاكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا. فَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – هُوَ الْمُخَيَّرَ ،وَكَانَ أَبُو بَكْرٍ هُوَ أَعْلَمَنَا بِهِ). وروى البخاري في صحيحه: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِنَّ مِنَ الشَّجَرِ شَجَرَةً لاَ يَسْقُطُ وَرَقُهَا، وَهِيَ مَثَلُ الْمُسْلِمِ، حَدِّثُونِي مَا هِيَ». فَوَقَعَ النَّاسُ فِي شَجَرِ الْبَادِيَةِ، وَوَقَعَ فِي نَفْسِي أَنَّهَا النَّخْلَةُ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَاسْتَحْيَيْتُ. فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا بِهَا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «هِيَ النَّخْلَةُ». قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَحَدَّثْتُ أَبِي بِمَا وَقَعَ فِي نَفْسِي فَقَالَ لأَنْ تَكُونَ قُلْتَهَا أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لِي كَذَا وَكَذَا)، وفي صحيح البخاري: (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ – رضي الله عنه – يُدْنِي ابْنَ عَبَّاسٍ فَقَالَ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ إِنَّ لَنَا أَبْنَاءً مِثْلَهُ. فَقَالَ إِنَّهُ مِنْ حَيْثُ تَعْلَمُ. فَسَأَلَ عُمَرُ ابْنَ عَبَّاسٍ عَنْ هَذِهِ الآيَةِ: (إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ)، فَقَالَ: أَجَلُ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَعْلَمَهُ إِيَّاهُ، فَقَالَ مَا أَعْلَمُ مِنْهَا إِلاَّ مَا تَعْلَمُ)، فالله تعالى يعطي العلم والفقه والفهم لمن يشاء من عباده، ويمن به على من يريد ،يقول سبحانه تعالى في شأن عبده الصالح (الخضر): “وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا ” (الكهف: 65)، ويقول سبحانه: ” وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ” (البقرة: 282). ويقول صلى الله عليه وسلم :«مَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ) متفق عليه، والفقه في الدين هو: الفهم أي: يرزقه الله تعالى فهما، ويرزقه ذكاء ومعرفة؛ بحيث يستطيع استنباط الأحكام من الأدلة، ويكون معه قوة إدراك وقوة فهم واستنباط ، وهذا ما وهبه الله -تعالى- لكثير من الصحابة ومن بعدهم ،فقد دعا النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في البخاري لابن عباس بقوله صلى الله عليه وسلم : «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ»، وفي رواية احمد: «اللَّهُمَّ فَقِّهْهُ فِي الدِّينِ وَعَلِّمْهُ التَّأْوِيلَ»، فكان كذلك، حتى ذكروا أنه فسر مرة سورة النور تفسيرا بليغا لو سمعه اليهود والنصارى والترك والروم لأسلموا،
ومن حُرم نعمة الفهم الفقه صار من الجهلة، والضالين عن السبيل، والمعرضين عن الفقه في الدين، لذلك، فمن شأن المؤمن طلب العلم، والتفقه في الدين، والتبصر، والعناية بكتاب الله والإقبال عليه وتدبره، والاستفادة منه، والعناية بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، والتفقه فيها، والعمل بها ،وحفظ ما تيسر منها، فمن أعرض عن هذين الأصلين، وغفل عنهما : فذلك دليل وعلامة على أن الله سبحانه لم يرد به خيرا، وتلك علامة الهلاك والدمار، وعلامة فساد القلب وانحرافه عن الهدى، ولما سئل الرسول صلى الله عليه وسلم عن أكرم الناس كما في الصحيحين: (قَالَ: « فَعَنْ مَعَادِنِ الْعَرَبِ تَسْأَلُونِي». قَالُوا نَعَمْ. قَالَ: «فَخِيَارُكُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُكُمْ فِي الإِسْلاَمِ إِذَا فَقِهُوا» ،أي إذا حصَّلوا الفقه، الذي هو العلم بالله وشرعه، علماً يورث تأثر القلب وانصياع الجوارح للعمل، قال تعالى: (فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ) التوبة (122) .
أيها المسلمون
وإن المسلم إذا رزقه الله تعالى صحة الفهم ، والعقل السليم، والتصور المستقيم، عن دينه وواقعه، وعمن حوله من أصدقاء وأعداء، وعن أعمال الناس من خير وشر، صار من أهل صحة الفهم، ومعرفة الأمور على ما هي عليه؛ فينفع نفسه وغيره، فصحة الفهم تورث صاحبها سلامة المعتقد والفكر، فيبني عقيدته وأفكاره على ما وافق وحي السماء، دون أن يتشرب عقله وقلبه الانحرافات والتأويلات والتشكيكات والتمويهات التي يبثها ذوو الفهم العقيم .وصحة الفهم تُهدي صاحبها صدق العبادة والمسارعة إلى مرضاة الله تعالى، والبعد عن معصيته.
وبصحة الفهم يحسن التعامل مع الخلق، وبذل الأخلاق الطيبة بينهم. وفي صحة الفهم يتخذ المرء الموقف المناسب مع الأولياء والأعداء الذي دعا إليه الوحي، فالولاء للمؤمنين، والبراء من الكافرين، والتواضع مع أهل الإيمان، والعزة مع أهل الكفران. وصحة الفهم تجعل صاحبها عادلاً في أحكامه على الناس فلا يحيد عن الحق في شعوره من حب أو بغض، ولا في أقواله من مدح أو ذم، بل يضع شعوره وأقواله وأوصافه في مواضعها اللائقة بها. وصحة الفهم تقود إلى النجاة في الدنيا والآخرة، فمن سلم فهمه عمل في دنياه ما يرضي الله ويعينه على الحياة حتى يلقى ربه. ومن سلم فهمه سعى سعيًا حثيثًا للعمل للآخرة، فأقبل على الطاعات واجبها ومستحبها فعملها، وعلى المعاصي فتركها وأبعد نفسه عنها. من غير غلو ولا تقصير، ولا ابتداع ولا خروج عن منهج الحق الذي جاء به محمد صلى الله عليه وسلم.
أيها المسلمون
ونعمة الفهم، وصحة الاستنباط، مطلب عظيم، وهدف كبير، يسعى إليه، ويحرص عليه كل من أراد السلامة في دنياه وآخرته؛ فهو القائد الذي يستطيع به المرء أن يصل إلى حقائق الأشياء، وسلوك سبل الخير. قال ابن القيم رحمه الله: (صحة الفهم وحسن القصد من أعظم نعم الله التي أنعم بها على عبده، بل ما أعطي عبد عطاء بعد الإسلام أفضل ولا أجل منهما)،
وحسن الفهم يقوم على دين متين، وعقل رزين؛ فصاحب الدين المتين ينشد الحق الموافق لكتاب الله وسنة رسوله أينما كان، ولا يجعل شهواته ورغبه ورهبه حائلاً عن الأخذ بذلك الحق .وصاحب العقل الرزين لا يقبل كل ما يسمع أو يقرأ حتى يعرضه على كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام إن كان له بهما علم، فإن وافقهما قبله، وإن خالفهما تركه، فليس عظم مصدر الكلمة، ولا الدرجة العلمية، ولا المكانة السامية في النفس لقائل ما تجعل الإنسان يسلم بكل ما يقول ذلك، فالحق أحق أن يتبع، وإن لم يكن قائله في تلك المراتب.
ومن منطلقات الفهم الصحيح: أن يكون الإنسان مخلصًا لله تعالى، طالبًا لرضاه، فإذا كان كذلك حرص كل الحرص على فهم الأمور على حقيقتها حتى يعبد الله وحده على بصيرة. ولابد عليه كذلك من أن يكون من أهل المراقبة الصادقة لله عز وجل، فهي النور الكاشف الذي يريه ما يصلح تصوره، والعمل به، وما لا يصلح، فإن كان مراقبًا لربه فسيبحث عن الحق ليعمل به.
وُيبنى الفهم الصحيح كذلك على حب الله تعالى وصدق العبودية له؛ فإن من كان محبًا لله صادقًا في عبوديته فسيبني فهمه على الحقائق الثابتة والتصورات التي لا يخالطها غبش ولا حيرة.
ويبنى الفهم الصحيح أيضًا بالعلم النافع، وتتبع المعلومات الصادقة عن الشيء الذي يراد بناء تصور صحيح عنه، والرجوع إلى الموثوق بهم علمًا وديانة. ففي سنن ابن ماجه: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ) [المؤمنون: 60] أَهُوَ الرَّجُلُ الَّذِي يَزْنِي وَيَسْرِقُ وَيَشْرَبُ الْخَمْرَ قَالَ « لاَ يَا بِنْتَ أَبِى بَكْرٍ – أَوْ يَا بِنْتَ الصِّدِّيقِ – وَلَكِنَّهُ الرَّجُلُ يَصُومُ وَيَتَصَدَّقُ وَيُصَلِّي وَهُوَ يَخَافُ أَنْ لاَ يُتَقَبَّلَ مِنْهُ».،
ويبنى الفهم الصحيح على التثبت والنظر والتأني الذي لا يأخذ بالإشاعة والكلمات الطائرة التي لا زمام لها ولا خطام. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ ﴾ [الحجرات: 6].
ويبنى الفهم الصحيح أيضًا على تمسك الإنسان بالعدل والإنصاف، الذي يجعل صاحبه يضع الأمور في مواضعها، والأوصاف على موصوفيها، والأسماء على مسمياتها حقًا. لا كما سمع أو قرأ، ولا انتصاراً لنفسه أو لحزبه أو جماعته أو من ينتمي إليه. قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ [المائدة: 8].
ويبنى الفهم الصحيح كذلك على استعداد صادق لصحة الفهم، واستقامة التصور، ولو كان في ذلك مخالفة لأهوائه وشهواته. أما من لم يكن عنده استعداد وتهيؤ لذلك فإنه قد يقبل ما يصل إليه، ويوافق ما هو عليه من غير أن يبحث ويتحرى الحقيقة؛ ليعرف الحق من الباطل والصدق من الكذب.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( نعمة الفهم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن أول الطريق العلم، ثمَّ الفهم، فبالعلم دون فهم، يصبح الإنسان كالحمار يحمل أسفاراً، وبالفهم استطاع العلماء أن يجتهدوا في الدين وييسروا للنَّاس أمور دينهم، على الجانب الآخر نجد أنَّه بالجهل يعيش الناس في مشقة وتعب. قال الله تعالى : (يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ) (269) البقرة .
ومن المعلوم أن التفقه في الدين يجلب الرحمة للخلق، ويحرّك الرأفة تجاه الآخرين، وكلما ازداد الشخص علماً وفقهاً ازداد رحمة وإعذاراً، والعكس صحيح. وإننا في زمن تموج فيه الفتن، وتتلاحق فيه النوازل والمحن، وعامة الفتن سببها أمران: قلة العلم، وضعف الصبر ، فإذا تفقه الشخص في دين الله، وتحلّى بالصبر وزكاة النفس؛ حصلت السلامة والنجاة من غوائل الفتن.
ومما تجدر مراعاته في التفقه بالدين: الفهم الصحيح لنصوص الشريعة وفق مراد الشارع، والعناية بتحرير الحدود والتعريفات ، قال ابن تيمية : في تحرير فهم نصوص الوحيين: «ومن أعظم أسباب الغلظ في فهم كلام الله ورسوله، أن ينشأ الرجل على اصطلاح حادث، فيريد أن يفسّر كلام الله بذلك الاصطلاح ويحمله على تلك اللغة التي اعتادها»
الدعاء