دروس رمضان: (طائف الشيطان ومسه)
مارس 2, 2023دروس رمضان: ( اتَّقُوا الفِتْنَةً )
مارس 4, 2023دروس رمضان ( نعيم أهل الجنة)
يقول الله تعالى: (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ (8) لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (9) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (10) لَا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (11) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (12) فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (13) وَأَكْوَابٌ مَوْضُوعَةٌ (14) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (15) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) (8) :(16) الغاشية
القرآن الكريم يربي المسلم على العمل في الدنيا من أجل الآخرة، فيبشر المؤمنين المخلصين بما أعده الله لهم من نعيم وافر في الآخرة، جزاء لهم على ما أخلصوا فيه من عبادة وطاعة في الدنيا، فهذه البشارات هي حافز لكل المشتاقين، ففي الجنة نعيم فوق ما يخطر بالبال، أو يدور في الخيال، مما لا يوجد مثله في الدنيا، ففي الصحيحين: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِىَ الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنٌ رَأَتْ وَلاَ أُذُنٌ سَمِعَتْ وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ». مِصْدَاقُ ذَلِكَ فِى كِتَابِ اللَّهِ (فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) السجدة (17)، فالمؤمن في الجنة لا يتمنى شيئًا إلا حققه الله له، وسيعطيه الله تعالى فوق طموحاته وأمانيه، فقد قال تعالى: (لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ خَالِدِينَ كَانَ عَلَى رَبِّكَ وَعْدًا مَسْئُولًا ) {الفرقان:16}، وقال جل وعلا: (وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ) {فصلت:31}. فلَهُمْ فِي الجنة مَا يَشَاءُونَ” من مآكل ، ومشارب، وملابس، ومساكن، ومراكب، ومناظر، وغير ذلك مما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب أحد.
وجاء في مساكنها: في مسند أحمد: (أن أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ حَدِّثْنَا عَنِ الْجَنَّةِ مَا بِنَاؤُهَا قَالَ « لَبِنَةُ ذَهَبٍ وَلَبِنَةُ فِضَّةٍ وَمِلاَطُهَا الْمِسْكُ الأَذْفَرُ وَحَصْبَاؤُهَا اللُّؤْلُؤُ وَالْيَاقُوتُ وَتُرَابُهَا الزَّعْفَرَانُ مَنْ يَدْخُلُهَا يَنْعَمُ لاَ يَبْأَسُ وَيَخْلُدُ لاَ يَمُوتُ لاَ تَبْلَى ثِيَابُهُ وَلاَ يَفْنَى شَبَابُهُ)، وروى أحمد في المسند وصححه الألباني:(عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ فِى الْجَنَّةِ غُرْفَةً يُرَى ظَاهَرُهَا مِنْ بَاطِنِهَا وَبَاطِنُهَا مِنْ ظَاهِرَهَا ». فَقَالَ أَبُو مُوسَى الأَشْعَرِىُّ لِمَنْ هِىَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « لِمَنْ أَلاَنَ الْكَلاَمَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَبَاتَ لِلَّهِ قَائِماً وَالنَّاسُ نِيَامٌ »، وفي الصحيحين: (عَنْ أَبِى بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ قَيْسٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «إِنَّ فِى الْجَنَّةِ خَيْمَةً مِنْ لُؤْلُؤَةٍ مُجَوَّفَةٍ، عَرْضُهَا سِتُّونَ مِيلاً، فِى كُلِّ زَاوِيَةٍ مِنْهَا أَهْلٌ، مَا يَرَوْنَ الآخَرِينَ يَطُوفُ عَلَيْهِمُ الْمُؤْمِنُونَ»
وجاء في شأن أشجارها: ما روى الترمذي: صححه الألباني: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا فِى الْجَنَّةِ شَجَرَةٌ إِلاَّ وَسَاقُهَا مِنْ ذَهَبٍ »
وجاء في خلودهم ودوام نعيمهم وصحتهم وجمالهم: ما في صحيح مسلم: (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ فِى الْجَنَّةِ لَسُوقًا يَأْتُونَهَا كُلَّ جُمُعَةٍ فَتَهُبُّ رِيحُ الشَّمَالِ فَتَحْثُو فِى وُجُوهِهِمْ وَثِيَابِهِمْ فَيَزْدَادُونَ حُسْنًا وَجَمَالاً فَيَرْجِعُونَ إِلَى أَهْلِيهِمْ وَقَدِ ازْدَادُوا حُسْنًا وَجَمَالاً فَيَقُولُ لَهُمْ أَهْلُوهُمْ وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالاً. فَيَقُولُونَ وَأَنْتُمْ وَاللَّهِ لَقَدِ ازْدَدْتُمْ بَعْدَنَا حُسْنًا وَجَمَالاً ». وفي الصحيحين: (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ أَوَّلَ زُمْرَةٍ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ وَالَّذِينَ يَلُونَهُمْ عَلَى أَشَدِّ كَوْكَبٍ دُرِّىٍّ فِى السَّمَاءِ إِضَاءَةً لاَ يَبُولُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَتْفُلُونَ أَمْشَاطُهُمُ الذَّهَبُ وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ وَأَزْوَاجُهُمُ الْحُورُ الْعِينُ أَخْلاَقُهُمْ عَلَى خُلُقِ رَجُلٍ وَاحِدٍ عَلَى صُورَةِ أَبِيهِمْ آدَمَ سِتُّونَ ذِرَاعًا فِى السَّمَاءِ ». وروى البزار والطبراني والبيهقي بإسناد صحيح عن جابر قال: (قيل: يا رسول الله، أينام أهل الجنة؟ قال: لا؛ النوم أخو الموت، وأهل الجنة لا يموتون، ولا ينامون). (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ) فوجوه المؤمنين يوم القيامة ذات نعمة وكرامة؛ وذات بهجة وحسن، وجوه يعلوها اللين وبهجة المرأى، وحسن المنظر، ولذة العيش والترف، فهذه الوجوه نعمت بما عاينت من عاقبة أمرها وعملها الصالح، فجرت عليهم نضرة النعيم، فنضرت أبدانهم، واستنارت وجوههم وينعم أهل الجنة فيها بسلامة الصدور. بعد أن ينزع الله ما في صدورهم من غل. قال تعالى: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ) (43) الاعراف، وقال تعالى: (وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ (47) الحجر، (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاعِمَةٌ) وينعم أهل الجنة فيها بعدم المشقة والأذى. ففي الصحيحين واللفظ لمسلم: (أن أَبَا هُرَيْرَةَ قَالَ أَتَى جِبْرِيلُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذِهِ خَدِيجَةُ قَدْ أَتَتْكَ مَعَهَا إِنَاءٌ فِيهِ إِدَامٌ أَوْ طَعَامٌ أَوْ شَرَابٌ فَإِذَا هِيَ أَتَتْكَ فَاقْرَأْ عَلَيْهَا السَّلاَمَ مِنْ رَبِّهَا عَزَّ وَجَلَّ وَمِنِّي وَبَشِّرْهَا بِبَيْتٍ فِي الْجَنَّةِ مِنْ قَصَبٍ لاَ صَخَبَ فِيهِ وَلاَ نَصَبَ)،
وينعم أهل الجنة بالاطمئنان إلى بقائهم فيها. فلا يخرجون منها، ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَأَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يُنَادِى مُنَادٍ إِنَّ لَكُمْ أَنْ تَصِحُّوا فَلاَ تَسْقَمُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَحْيَوْا فَلاَ تَمُوتُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَشِبُّوا فَلاَ تَهْرَمُوا أَبَدًا وَإِنَّ لَكُمْ أَنْ تَنْعَمُوا فَلاَ تَبْتَئِسُوا أَبَدًا ». فَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ (وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) الاعراف (43)،
وينعم أهل الجنة في الجنة بنزع الخوف من قلوبهم. والحزن منها. كما ينعم أهل الجنة في الجنة بلقاء من يحبون، ومعهم يتنعمون، ويطاف عليهم بصحاف من ذهب يقدم لهم فيها طعامهم، كما يطاف عليهم بشرا بهم في أكواب من الذهب أيضًا، قال الله تعالى: (يَاعِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (68) الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ (69) ادْخُلُوا الْجَنَّةَ أَنْتُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ تُحْبَرُونَ (70) يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْيُنُ وَأَنْتُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (71) وَتِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (72) لَكُمْ فِيهَا فَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ مِنْهَا تَأْكُلُونَ) (68) :(73) الزخرف،
وينعم أهل الجنة في الجنة بفاكهة الجنة الكثيرة التي لا تشبها فاكهة الدنيا إلا في الأسماء . وينعم أهل الجنة بثيابهم من السندس ومن الإستبرق، كما ينعمون بالجلوس على السرر متقابلين. وينعمون بزوجات من الحور العين، اللائي لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان. وينعمون بأنهم لا يذوقون فيها الموت أبدًا، فقد ثبت في الصحيحين: (عَنْ أَبِي سَعِيدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يُجَاءُ بِالْمَوْتِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَأَنَّهُ كَبْشٌ أَمْلَحُ – زَادَ أَبُو كُرَيْبٍ – فَيُوقَفُ بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ – وَاتَّفَقَا فِى بَاقِى الْحَدِيثِ – فَيُقَالُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ – قَالَ – وَيُقَالُ يَا أَهْلَ النَّارِ هَلْ تَعْرِفُونَ هَذَا قَالَ فَيَشْرَئِبُّونَ وَيَنْظُرُونَ وَيَقُولُونَ نَعَمْ هَذَا الْمَوْتُ – قَالَ – فَيُؤْمَرُ بِهِ فَيُذْبَحُ – قَالَ – ثُمَّ يُقَالُ يَا أَهْلَ الْجَنَّةِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ وَيَا أَهْلَ النَّارِ خُلُودٌ فَلاَ مَوْتَ ». قَالَ ثُمَّ قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِىَ الأَمْرُ وَهُمْ فِى غَفْلَةٍ وَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ) وَأَشَارَ بِيَدِهِ إِلَى الدُّنْيَا).
وينعم أهل الجنة فيها بالشرب من خمر الجنة، وهي الرحيق المختوم، وهذه الخمور مخلوطة مع ذلك بالتسنيم، وهو أشرف شراب أهل الجنة وأعلاه، وهو من عين يشرب بها المقربون صرفًا، وتمزج لأصحاب اليمين .
وقد نزه الله أهل الجنة عن كل قذر يلازم الأجسام في الدنيا؛ فيأكلون ويشربون ولا فضلات لهم برفضها أجسامهم. وإنما يتخلصون من فضلات طعامهم وشرابهم بجشاء كرشح المسك؛ فطاب طعامهم وشرابهم وطابت فضلات ذلك الطعام والشراب، ففي صحيح مسلم: (عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ أَهْلَ الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ فِيهَا وَيَشْرَبُونَ وَلاَ يَتْفُلُونَ وَلاَ يَبُولُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ وَلاَ يَمْتَخِطُونَ ». قَالُوا فَمَا بَالُ الطَّعَامِ قَالَ « جُشَاءٌ وَرَشْحٌ كَرَشْحِ الْمِسْكِ يُلْهَمُونَ التَّسْبِيحَ وَالتَّحْمِيدَ كَمَا يُلْهَمُونَ النَّفَسَ »..
وينعم أهل الجنة في الجنة بجمال الخلقة. فأول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر، والذين يلونهم على أشد كوكب دري، ففي الصحيحين : (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ – رضي الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « أَوَّلُ زُمْرَةٍ تَلِجُ الْجَنَّةَ صُورَتُهُمْ عَلَى صُورَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ، لاَ يَبْصُقُونَ فِيهَا وَلاَ يَمْتَخِطُونَ وَلاَ يَتَغَوَّطُونَ ، آنِيَتُهُمْ فِيهَا الذَّهَبُ ، أَمْشَاطُهُمْ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ ، وَمَجَامِرُهُمُ الأَلُوَّةُ ، وَرَشْحُهُمُ الْمِسْكُ ، وَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ زَوْجَتَانِ ، يُرَى مُخُّ سُوقِهِمَا مِنْ وَرَاءِ اللَّحْمِ ، مِنَ الْحُسْنِ ، لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَهُمْ وَلاَ تَبَاغُضَ، قُلُوبُهُمْ قَلْبٌ وَاحِدٌ ، يُسَبِّحُونَ اللَّهَ بُكْرَةً وَعَشِيًّا »،
وأفضل ما ينعم الله به على أهل الجنة في الجنة: رؤية الله عز وجل. قال تعالى: ﴿وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ * إِلَىٰ رَبِّهَا نَاظِرَةٌ﴾ القيامة: 22. وفي الصحيحين: (أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ أَنَّ نَاسًا قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ نَرَى رَبَّنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « هَلْ تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَةِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ ».قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « هَلْ تُضَارُّونَ فِي الشَّمْسِ لَيْسَ دُونَهَا سَحَابٌ ». قَالُوا لاَ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « فَإِنَّكُمْ تَرَوْنَهُ كَذَلِكَ يَجْمَعُ اللَّهُ النَّاسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَقُولُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ شَيْئًا فَلْيَتَّبِعْهُ. فَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الشَّمْسَ الشَّمْسَ وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الْقَمَرَ الْقَمَرَ وَيَتَّبِعُ مَنْ كَانَ يَعْبُدُ الطَّوَاغِيتَ الطَّوَاغِيتَ وَتَبْقَى هَذِهِ الأُمَّةُ فِيهَا مُنَافِقُوهَا فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ – تَبَارَكَ وَتَعَالَى – فِي صُورَةٍ غَيْرِ صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْكَ هَذَا مَكَانُنَا حَتَّى يَأْتِيَنَا رَبُّنَا فَإِذَا جَاءَ رَبُّنَا عَرَفْنَاهُ. فَيَأْتِيهِمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي صُورَتِهِ الَّتِي يَعْرِفُونَ فَيَقُولُ أَنَا رَبُّكُمْ. فَيَقُولُونَ أَنْتَ رَبُّنَا. فَيَتَّبِعُونَهُ..)،
وفي صحيح مسلم: (عَنْ صُهَيْبٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الْجَنَّةِ الْجَنَّةَ – قَالَ – يَقُولُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى تُرِيدُونَ شَيْئًا أَزِيدُكُمْ فَيَقُولُونَ أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا أَلَمْ تُدْخِلْنَا الْجَنَّةَ وَتُنَجِّنَا مِنَ النَّارِ – قَالَ – فَيَكْشِفُ الْحِجَابَ فَمَا أُعْطُوا شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النَّظَرِ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ ».
فلتصبروا أيها المؤمنون الصادقون؛ فإنَّ وعد الله آتٍ ولو بعد حين، والعاقبة للمتقين، والغلبة لجند الله الصادقين، والنعيم في الجنة للمتقين،