خطبة عن سنة الاملاء والاستدراج (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ)
أبريل 21, 2016خطبة عن (ثمرة الصدقات وجزاء المتصدقين)
أبريل 23, 2016الخطبة الأولى ( لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ.. لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ .وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ص 29، وقال تعالى : (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ. مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ . لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ) آل عمران 196 : 198 ،
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم -إن شاء الله- مع آية من كتاب الله نتدارسها ونتدبرمعانيها ونعمل بما جاء فيها. فقد جاء في أسبابِ النزولِ أنَّ الْمُسْلِمِينَ قَالُوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله: هَؤُلاءِ الْكُفَّار لَهُمْ تجارة ، وَأَمْوَال فِي الْبِلاد , وهم في رخاء ولين عيش وَقَدْ هَلَكْنَا نَحْنُ مِنْ الْجُوع ; فَأنَزَ الله تعالى : (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ . مَتَاعٌ قَلِيلٌ. ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ. وَبِئْسَ الْمِهَادُ). أَيْ .لا يَغُرَّنَّكُمْ سَلامَتُهُمْ بِتَقَلُّبِهِمْ فِي أَسْفَارهمْ وضربهم في الأرض .ورخاء عيشهم. لا تغتروا بكثرة أموالهم. وربح تجارتهم. لا تفتنوا بأحوالهم . ولا تنبهروا برواج تجارتهم (مَتَاعٌ قَلِيلٌ ) فما هم فيه فهو متاع قليل. متاع قليل بالنسبة لمتاع المؤمنين في الجنة . لا تنظروا لهذا المتاع الزائل المنقطع.ولكن انظروا للمتاع الدائم الخالد. فمتاع هؤلاء الكفار مهما بلغ فهو قليل ( ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ ) . نعم .فنهايتهم إلى النار. ومصيرهم إلى الجحيم. فلا خير في نعيم نهايته إلى الجحيم .ففي صحيح مسلم ( عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم- « يُؤْتَى بِأَنْعَمِ أَهْلِ الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُصْبَغُ فِى النَّارِ صَبْغَةً ثُمَّ يُقَالُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ خَيْرًا قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ نَعِيمٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ.وَيُؤْتَى بِأَشَدِّ النَّاسِ بُؤْسًا فِى الدُّنْيَا مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ فَيُصْبَغُ صَبْغَةً فِى الْجَنَّةِ فَيُقَالُ لَهُ يَا ابْنَ آدَمَ هَلْ رَأَيْتَ بُؤْسًا قَطُّ هَلْ مَرَّ بِكَ شِدَّةٌ قَطُّ فَيَقُولُ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا مَرَّ بِى بُؤُسٌ قَطُّ وَلاَ رَأَيْتُ شِدَّةً قَطُّ ». لذا أعقب الله الآيات بقوله تعالى (لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ لِلْأَبْرَارِ)
أيها الموحدون
وهكذا يدور الزمان دورته .فبعدما كان للمسلمين المجد والسؤدد. والغلبة والتمكين. والعز والرفاهية. أصبح كفار اليوم .الغلبة لهم والتمكين .أصبح كفار اليوم. متقلبين في البلاد. ومتسلطين ومتجبرين على العباد أصبحت لهم القوة والغلبة والهيمنة .وأصبح المسلمون عبيدا لهم وأذنابا.يأتمرون بأمرهم وينتهون بنهيهم .ويتحكمون فيهم كيفما شاءوا . وهنا يأتي نفس السؤال الذي سأله الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم .فما أشبه الليلة بالبارحة . فيقول قائلنا (هؤلاء كفار اليوم. في رخاء ولين من العيش.وَقَدْ هَلَكْنَا نَحْنُ المسلمون مِنْ الْجُوع) ، هذه العبارة وغيرها. كثيرا ما نسمعها ويرددها شبابنا اليائس . أو يرددها الجاهل المفتون .أو المنافق المخادع .ولا نجد لهؤلاء إلا ردا واحدا : (لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ. مَتَاعٌ قَلِيلٌ ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لَا يَغُرَّنَّكَ تَقَلُّبُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي الْبِلَادِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
حينما يتسلل الإحباط ، واليأس إلى نفس المؤمن ، وهو يرى ما عليه الكفار اليوم من التمكين في الأرض ، وما يملكونه من القوة والهيمنة ، وعندما يرى جيوشهم ، وعددهم ، وعتادهم ، ويرى صناعاتهم وتقنيتهم. فينتابه شعور بالنقص إزاء ما حققّه القوم من رقي ، وتقدم في عالم الحضارة والمدنية ، ويصبح متأرجح التفكير في حاضر ظاهر جلي للعيان. يجسد ضعف أمة الإسلام وهوانها بين الأمم ؛ تأتي هذه الآية الحكيمة كالبلسم الشافي. تعيد إلى نفس المؤمن توازنها وتشعره بالعزّة ، وتضع الأمور في نصابها .في بيان حقيقة ومصير أولئك القوم .ومآلهم الذي سيصيرون إليه ؛ فتتحقق له الطمأنينة ويستشعر عزّة الإسلام ونعمة الإيمان. التي امتنَّ الله بها عليه يوم أن جعله مؤمناً بالله موحداً له، ومنزّهاً له عن الشرك ، إن الكفار مهما بلغوا من الرقي ومن التطور. ومهما ملكوا من الدنيا فإنه (مَتَاعٌ قَلِيلٌ) إذا ما قُورن بنعيم الآخرة ، ثم (ثُمَّ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ) ، والسؤال الذي نسمعه كثيرا من أبنائنا ..أليس الله قادرا على تدمير أهل الكفر والفساد ؟ .أليس الله قادرا على أن يمنعهم فضله .ويذيقهم سوء العذاب ؟ ، أليس هؤلاء الكفار بلغوا من الظلم والبغي والعدوان والتكبر والغطرسة مبلغه ؟ فلم لا يحاسبهم الله ببغيهم وظلمهم وفسادهم. والله عادل. لا يحب الفساد ؟ .. فأقول لإخوتي وأولادي. نعم هو قادر .ولكنك تجهل سنن الله الربانية. فلله سنن إلهية . لا تتغير ولا تتبدل . ومن هذه السنن. سنة الإملاء والاستدراج. وهو ما نتعرف عليه في اللقاء القادم ان شاء الله
الدعاء