خطبة عن (الطَّمَعُ: صوره وأسبابه ونتائجه وعلاجه)
نوفمبر 16, 2025الخطبة الأولى «نَحْنُ أُمَّةٌ مُبَشَّرَةٌ»
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ﴾ [النور:55]، وفي مسند أحمد وصححه الألباني: (عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ».
إخوة الإسلام
إن من أعظم ما يملأ القلوبَ ثقةً، ويبعث فيها الأملَ، ويُثبّتُها على طريق الحقّ، ما بشّر اللهُ به هذه الأمة الإسلامية من الخير، والنصر والتمكين، وما وعدها به من العزّة والرفعة، إن هي تمسّكت بدينها، وصدقت مع ربها، وسارت على نهج نبيها صلى الله عليه وسلم، فقال الله تعالى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا﴾ [النور:55].
ففي هذه الآية الكريمة وعد صادق من الله تعالى لعباده المؤمنين، بالتمكين والاستخلاف في الأرض، شريطة أن يحققوا الإيمان والعمل الصالح، وأن يعبدوا الله وحده، لا يشركون به شيئًا، وليس الوعد بالأماني، ولا بالأحلام، بل بتحقيق الشروط والوفاء بالعهد.
فهَذِهِ الأُمَّة أُمَّةٌ مُبَشَّرَةٌ، ومَوْعُودَةٌ بِالْخَيْرِ، وَالظُّهُورِ وَالْعِزَّةِ، فَقَدْ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: «بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ». فهي بَشَارَةٌ تَسْتَقِرُّ فِي نُفُوسِ الْمُؤْمِنِينَ، وتُثَبِّتُهُمْ عِنْدَ الْمِحَنِ، وَتُقَوِّي أَمَلَهُمْ فِي نَصْرِ اللهِ، وَتَمْكِينِ دِينِهِ.
والْأُمَم مِنْ قَبْلِنَا كَثِيرَةٌ، ففي سنن الترمذي: (أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ فِي قَوْلِهِ (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) قَالَ «إِنَّكُمْ تُتِمُّونَ سَبْعِينَ أُمَّةً أَنْتُمْ خَيْرُهَا وَأَكْرَمُهَا عَلَى اللَّهِ»، وفي رواية لابن ماجه: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «نُكْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ سَبْعِينَ أُمَّةً نَحْنُ آخِرُهَا وَخَيْرُهَا». فهَذِهِ الأُمَّةَ خُصَّتْ بِمَا لَمْ تُخَصَّ بِهِ غَيْرُهَا، فَقَالَ تَعَالَى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ﴾ آل عمران:110، فَخَيْرِيَّتُهَا بِعَقِيدَتِهَا وَعَمَلِهَا وَمَنْهَجِهَا، لَا بِأَلْوَانِهَا أَوْ أَنْسَابِهَا، فَإِذَا تَرَكَتْ الأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، سُلِبَتْ خَيْرِيَّتَهَا وَنُزِعَ مِنْهَا مَجْدُهَا.
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: «بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ». فالبشارة جاءت من فم الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم، بأن هذه الأمة لن تموت، ولن تذلّ، ما دامت على الحق، وإن أصابها ما أصابها، من ضعفٍ، أو تأخرٍ، أو تفرّقٍ، فذلك عارض يزول، ومحنة تعقبها منحة، وليل يتبعه فجر، وظلمة يعقبها نور.
والْبَشَارَة النَّبَوِيَّة لَيْسَتْ كَلِمَاتٍ تُتْلَى، وَلَا أَمَانِيَّ تُرْوَى، بَلْ هِيَ وَعْدٌ صَادِقٌ مَشْرُوطٌ بِالإِيمَانِ وَالْعَمَلِ وَالثَّبَاتِ عَلَى الْحَقِّ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ﴾ [النور:55]، وَذَلِكَ يَعْنِي أَنَّ النَّصْرَ وَالتَّمْكِينَ لَا يُنَالُ بِالادِّعَاءِ، بَلْ بِالتَّقْوَى، وَالْجِدِّ، وَالاسْتِقَامَةِ.
كما بَشَّرَنَا نَبِيُّنَا ﷺ بِأَنَّ هَذِهِ الأُمَّةَ سَتَبْقَى ظَاهِرَةً عَلَى الْحَقِّ، لَا يَضُرُّهَا مَنْ خَالَفَهَا، وَلَا مَنْ خَذَلَهَا، حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللهِ. ففي الصحيحين، واللفظ لمسلم: (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «لاَ تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي قَائِمَةً بِأَمْرِ اللَّهِ لاَ يَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ أَوْ خَالَفَهُمْ حَتَّى يَأْتِيَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ ظَاهِرُونَ عَلَى النَّاسِ»، فَفِي أَشَدِّ اللَّحَظَاتِ، وَفِي وَقْتِ الْمِحَنِ، يَبْقَى الأَمَلُ بَاقِيًا فِي صُدُورِ الْمُؤْمِنِينَ، لِأَنَّهُمْ يُوقِنُونَ أَنَّ مَا وَعَدَ اللهُ بِهِ حَقٌّ.
واعلموا أنَّ الْبِشَارَةَ الَّتِي حَمَلَهَا الْقُرْآنُ لَنَا تَحْمِلُ فِي طَيَّاتِهَا مَسْؤُولِيَّةً عَظِيمَةً، فَإِنَّ اللهَ لَا يُكَرِّمُ قَوْمًا إِلَّا إِذَا حَمَلُوا رِسَالَتَهُ بِصِدْقٍ، فَمَتَى رَجَعَتِ الأُمَّةُ إِلَى كِتَابِ رَبِّهَا، وَسَارَتْ عَلَى هَدْيِ نَبِيِّهَا، عَادَتْ لَهَا الْعِزَّةُ وَالْمَجْدُ الَّذِي فَقَدَتْهُ، وَمَتَى تَفَرَّقَتْ، وَتَنَازَعَتْ، وَاتَّبَعَتِ الأَهْوَاءَ، ضَاعَتْ مَعَالِمُ قُوَّتِهَا، وَانْطَفَأَ سِرَاجُ بَشَارَتِهَا، فَكُونُوا –رَحِمَكُمُ اللهُ– مِنْ أَهْلِ الْعَمَلِ وَالثَّبَاتِ، لَا مِنْ أَهْلِ الأَمَانِيِّ وَالأَقْوَالِ.
إنَّ مِفْتَاحَ بَشَارَةِ اللهِ، وَوَعْدِهِ لِهَذِهِ الأُمَّةِ، يَكْمُنُ فِي ثَلَاثَةِ أُمُورٍ: صِدْقِ الإِيمَانِ، وَصَلَاحِ الْعَمَلِ، وَالثَّبَاتِ عَلَى الطَّاعَةِ، فَمَنْ أَحْسَنَ الظَّنَّ بِاللهِ، وَأَحْسَنَ الْعَمَلَ، كَانَ مِنَ الْمُبَشَّرِينَ، وَمَنْ تَوَكَّلَ عَلَى اللهِ، وَرَجَا نَصْرَهُ، نَالَ مَا وَعَدَ بِهِ، وَإِذَا نَظَرْنَا فِي سِيرَةِ أَسْلَافِنَا رَأَيْنَا كَيْفَ كَانُوا يَسْتَمْسِكُونَ بِالْوَعْدِ الإِلَهِيِّ، فَيُقَاتِلُونَ، وَيَتَحَمَّلُونَ وَيَصْبِرُونَ، وَقَدْ مَلَأَ قُلُوبَهُمُ الْيَقِينُ بِأَنَّهُمْ أُمَّةٌ مُبَشَّرَةٌ، وَلَمَّا حَافَظُوا عَلَى الدِّينِ، رَفَعَ اللهُ ذِكْرَهُمْ، وَنَصَرَهُمْ عَلَى أَعْدَائِهِمْ، وَسَطَعَ نُورُهُمْ فِي الآفَاقِ.
فَاعْلَمُوا –رَحِمَكُمُ اللهُ– أَنَّ الْبُشْرَى لَيْسَتْ لِمَنْ نَامَ عَنِ الْعَمَلِ، وَلَا لِمَنْ رَضِيَ بِالضَّعْفِ وَالتَّقْصِيرِ، وَلَكِنَّهَا لِمَنْ أَحْسَنَ فِي دِينِهِ وَدُنْيَاهُ، وَقَامَ بِمَا افْتَرَضَ اللهُ عَلَيْهِ.
ونحن أمة اختارها الله لتكون شاهدة على الناس، وجعلها خير أمة أخرجت للناس، تأمر بالمعروف، وتنهى عن المنكر، وتؤمن بالله، فكيف يخيبها الله؟، وكيف يتركها؟، وهو القائل سبحانه: ﴿إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الأَشْهَادُ﴾ [غافر:51].
وقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث المتقدم: «بَشِّرْ هَذِهِ الأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الأَرْضِ»، فالوعد بالنصر والتمكين في الدنيا قبل الآخرة، والنصر هنا ليس دائمًا بالسيف وحده، بل نصر بالحجة، ونصر بالثبات، ونصر بالبيان، ونصر بالقدوة الحسنة، ونصر بالتمكين في مجالات العلم، والدعوة والإصلاح.
ومن ظن أن الإسلام سيندثر، أو أن هذه الأمة ستزول، فقد جهل وعد الله، وغفل عن سننه، فقد تمر الأمة بنكبات، ولكنها لا تموت، وقد تضعف حينًا، ولكنها تنهض من جديد، كما نهضت بعد سقوط الأندلس، وبعد الغزو المغولي، وبعد الحملات الصليبية، حتى أصبحت اليوم أوسع الأمم انتشارًا، وأعظمها تأثيرًا في العالم، وفي سنن الترمذي غيره: (قال صلى الله عليه وسلم: (إِنِّي سَأَلْتُ اللَّهَ فِيهَا ثَلاَثًا فَأَعْطَانِي اثْنَتَيْنِ وَمَنَعَنِي وَاحِدَةً سَأَلْتُهُ أَنْ لاَ يُهْلِكَ أُمَّتِي بِسَنَةٍ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لاَ يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ غَيْرِهِمْ فَأَعْطَانِيهَا وَسَأَلْتُهُ أَنْ لاَ يُذِيقَ بَعْضَهُمْ بَأْسَ بَعْضٍ فَمَنَعَنِيهَا».
وإذا كانت البشارة مضمونة من رب العالمين، فإن السؤال: ما واجبنا نحن؟، والجواب: الواجب أن نكون أهلًا لهذه البشارة، أن نصلح أنفسنا، وأن نصلح بيوتنا، وأن نربّي أبناءنا على حب الدين، وأن نعمل بجدٍّ في مواقعنا، فالله لا ينصر الكسالى، ولا الغافلين، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾ [الرعد:11]. فابدأ بنفسك، وحاسبها، وأصلح ما بينك وبين ربك، يكن الله معك، ويمدّك بنصره، ويؤيدك بروحه.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ
الخطبة الثانية «نَحْنُ أُمَّةٌ مُبَشَّرَةٌ»
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
وما تمرّ به الأمة اليوم من ضعفٍ أو تمزّقٍ، لا ينبغي أن يورثنا يأسًا ولا قنوطًا، فإنّ الله حيٌّ لا يموت، ووعده لا يخلف، وهذه الأمة ما دامت متمسكة بالقرآن والسنة فلن تهلك، ففي صحيح مسلم: (عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مُلْكُهَا مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا وَأُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ وَإِنِّي سَأَلْتُ رَبِّي لأُمَّتِي أَنْ لاَ يُهْلِكَهَا بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ وَأَنْ لاَ يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ فَيَسْتَبِيحَ بَيْضَتَهُمْ وَإِنَّ رَبِّي قَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنِّي إِذَا قَضَيْتُ قَضَاءً فَإِنَّهُ لاَ يُرَدُّ وَإِنِّي أَعْطَيْتُكَ لأُمَّتِكَ أَنْ لاَ أُهْلِكَهُمْ بِسَنَةٍ بِعَامَّةٍ وَأَنْ لاَ أُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ عَدُوًّا مِنْ سِوَى أَنْفُسِهِمْ يَسْتَبِيحُ بَيْضَتَهُمْ وَلَوِ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمْ مَنْ بِأَقْطَارِهَا – أَوْ قَالَ مَنْ بَيْنَ أَقْطَارِهَا – حَتَّى يَكُونَ بَعْضُهُمْ يُهْلِكُ بَعْضًا وَيَسْبِى بَعْضُهُمْ بَعْضًا».
ومن تمام البشارة أن نعلم أن الله سبحانه لا يُبدّل وعده ولا يُخلف ميعاده، وأن النصر والتمكين ليس لأمةٍ بالاسم، بل لأمةٍ بالعمل والإيمان، فمن تخلى عن دينه خسر وعد الله، ومن تمسك به فاز بالبشارة، قال تعالى: ﴿وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ﴾ [الحج:40].
فنصر الله لا يُنال بالكلام، بل بالصدق والإخلاص، وببذل الجهد في طاعة الله ونصرة دينه، وأمّتنا اليوم أحوج ما تكون إلى الثقة في وعد ربها، وإلى بثّ الأمل في نفوس أبنائها، وإلى تجاوز الخلافات التي مزقتها، فالعدو لا يخشى من كثرتنا، بل من وحدتنا، ولا يخاف من أموالنا، بل من إيماننا، فعلينا أن نكون دعاةَ بناءٍ لا هدم، ورُسُلَ أملٍ لا قنوط، وأن نُذكِّر الناسَ بأننا أمة مبشَّرة، مهما اشتدت المحن، وأن الغلبة في النهاية للحق، قال تعالى: ﴿كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي﴾ [المجادلة:21].
وكل من ينظر إلى واقع الأمة بعين اليقين يرى أن بشائر الخير كثيرة: صحوة علمية، وانتشار للقرآن، وشباب مقبل على الدين، وعلماء مخلصون يدعون إلى الله، فلا يستخفَّنَّ أحدٌ بما عندنا من خير، فإنه بذرة النصر والتمكين، فلنكن على يقين أن الله معنا، ما دمنا على الحق، وأن المستقبل للإسلام، وأن العاقبة للمتقين، قال تعالى: ﴿وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ﴾ [الأعراف:128].
فكونوا من هذه الطائفة، كونوا دعاة خير، ولبنات إصلاح، واثبتوا على الحق، وازرعوا في القلوب الأمل والبشارة، لا اليأس والإحباط، فإن الله مع الصابرين.
الدعاء
