خطبة عن (أثر الإيمان في حياة الإنسان)
يوليو 19, 2025خطبة عن (فرار المسلم) مختصرة 2
يوليو 19, 2025الخطبة الأولى (نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) مختصرة
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول تعالى: (قَالُوا وَهُمْ فِيهَا يَخْتَصِمُونَ (96) تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) (96): (98) الشعراء،
إخوة الإسلام
هذه الآيات تتحدث عن خصومة أهل النار مع مَن كانوا سببا في ضلالهم في الدنيا، فيقولون لهم: نقسم بالله إننا كنا في الدنيا من الضالين؛ (إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ) نسوي بينكم وبين الله في الدعاء والمحبة والخوف والرجاء، وفي طلب النفع، ودفع الضر، مع أنكم مخلوقين، لا تضرون ولا تنفعون، ومن المؤسف أننا نشاهد بعض المسلمين من يسوي بين الله والمخلوقين، وصدق الله العظيم إذ يقول: (وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ) (106) يوسف،
فمن صور تسوية المخلوقين بالله رب العالمين: دعاء الأموات وطلب المدد، والاستغاثة بهم، لجلب النفع، أو دفع الضر، فالدعاء عبادة، قال الله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) غافر:60، ويقول سبحانه: (فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) [الجن:18] ويقول تعالى (وَلا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكَ وَلا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ)[يونس:106] أي: من المشركين. وفي سنن الترمذي: (أن النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «الدُّعَاءُ هُوَ الْعِبَادَةُ»، وفي الحديث: (مَنْ لمْ يدعُ اللهَ يَغْضَبْ عليه)، وفي الحديث: (إذا سأَلتَ فاسألِ اللَّهَ، وإذا استعَنتَ فاستَعِن بالله) رواه الترمذي، فمن دعا الله، ودعا مع الله غيره، فقد سوى بينهما، فكل من قال: يا سيدي فلان اغفر لي، أو ارحمني، أو انصرني، أو ارزقني، أو أغثني ،أو أجرني، أو توكلت عليك، أو أنت حسبي، أو أنا في حسبك، أو نحو هذه الأقوال والأفعال، التي هي من خصائص الربوبية ولا تصلح إلا لله تعالى، فكل هذا شرك وضلال، وفي موطإ مالك: (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «اللَّهُمَّ لاَ تَجْعَلْ قَبْرِي وَثَنًا يُعْبَدُ». يعني: يُدعى من دون الله، ويُستغاث به من دون الله، فدعاء الأموات، وطلب المدد منهم، والاستغاثة بهم فهذه كلها عبادة لهم، لأن الدعاء عبادة، والتوحيد الخالص: هو إفراد الله بالعبادة، فلا تصرف العبادات لغيره (تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ)
ومن صور التسوية أيضا: الحلف بغير الله؛ ففي صحيح البخاري (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم قَالَ «أَلاَ إِنَّ اللَّهَ يَنْهَاكُمْ أَنْ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ، مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللَّهِ، أَوْ لِيَصْمُتْ»، وفي سنن أبي داود: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «لاَ تَحْلِفُوا بِآبَائِكُمْ وَلاَ بِأُمَّهَاتِكُمْ وَلاَ بِالأَنْدَادِ وَلاَ تَحْلِفُوا إِلاَّ بِاللَّهِ وَلاَ تَحْلِفُوا بِاللَّهِ إِلاَّ وَأَنْتُمْ صَادِقُونَ»، وفي مسند أحمد: (عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ لاَ وَأَبِي. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَهْ إِنَّهُ مَنْ حَلَفَ بِشَيْءٍ دُونَ اللَّهِ فَقَدْ أَشْرَكَ»، وفي سنن أبي داود: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَنْ حَلَفَ بِالأَمَانَةِ فَلَيْسَ مِنَّا». فالذي يحلف بغير الله قاصدا، فقد سوَّى بالله غيره؛ ومن حلف بغير الله ناسيا، فليقل: لا إله إلا الله، (تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ):
ومن صور التسوية: أن تعمل العمل الصالح ،بقصد أن يراك الناس، ويمدحونك، ففي سنن ابن ماجه: (خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- .. فَقَالَ « أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ». قَالَ قُلْنَا بَلَى. فَقَالَ «الشِّرْكُ الْخَفِيُّ أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي فَيُزَيِّنُ صَلاَتَهُ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ »، وفيه أيضا: (أن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «إِنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ)،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ)
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
وفي سنن الترمذي: (أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَنْزِلُ إِلَى الْعِبَادِ لِيَقْضِيَ بَيْنَهُمْ وَكُلُّ أُمَّةٍ جَاثِيَةٌ فَأَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَرَجُلٌ قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَرَجُلٌ كَثِيرُ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لِلْقَارِئِ أَلَمْ أُعَلِّمْكَ مَا أَنْزَلْتُ عَلَى رَسُولِي قَالَ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا عُلِّمْتَ قَالَ كُنْتُ أَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ إِنَّ فُلاَنًا قَارِئٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ. وَيُؤْتَى بِصَاحِبِ الْمَالِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ أَلَمْ أُوَسِّعْ عَلَيْكَ حَتَّى لَمْ أَدَعْكَ تَحْتَاجُ إِلَى أَحَدٍ قَالَ بَلَى يَا رَبِّ. قَالَ فَمَاذَا عَمِلْتَ فِيمَا آتَيْتُكَ قَالَ كُنْتُ أَصِلُ الرَّحِمَ وَأَتَصَدَّقُ. فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلاَنٌ جَوَادٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ. وَيُؤْتَى بِالَّذِي قُتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقُولُ اللَّهُ لَهُ فِي مَاذَا قُتِلْتَ فَيَقُولُ أُمِرْتُ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِكَ فَقَاتَلْتُ حَتَّى قُتِلْتُ. فَيَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى لَهُ كَذَبْتَ وَتَقُولُ لَهُ الْمَلاَئِكَةُ كَذَبْتَ وَيَقُولُ اللَّهُ بَلْ أَرَدْتَ أَنْ يُقَالَ فُلاَنٌ جَرِيءٌ فَقَدْ قِيلَ ذَاكَ». ثُمَّ ضَرَبَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَلَى رُكْبَتِي فَقَالَ «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أُولَئِكَ الثَّلاَثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللَّهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». (تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ):
ومن صور التسوية: الذبح لغير الله: فمن ذبح لغير الله تعالى فقد جعله لله ندا ومساويا وفي صحيح مسلم: (يَقُولُ صلى الله عليه وسلم: «لَعَنَ اللَّهُ مَنْ ذَبَحَ لِغَيْرِ اللَّهِ».
ومن صور التسوية: النذر لغير الله تعالى: لأن النذر عبادة،ففي صحيح البخاري: (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – «مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلاَ يَعْصِهِ». فالنذر لغير الله نذر باطل، وشرك بالله، لأنه سوى بين المخلوقين ورب العالمين، (تَاللَّهِ إِنْ كُنَّا لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (97) إِذْ نُسَوِّيكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ)، وفي صحيح مسلم: «قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَنَا أَغْنَى الشُّرَكَاءِ عَنِ الشِّرْكِ مَنْ عَمِلَ عَمَلاً أَشْرَكَ فِيهِ مَعِي غَيْرِي تَرَكْتُهُ وَشِرْكَهُ». فكيف يسوي الفقير بالغني، والضعيف بالقوي، والعاجز بمن هو على كل شيء قدير.
الدعاء