خطبة عن ( علاقة الإيمان بالأخلاق )
ديسمبر 4, 2021خطبة عن ( قصة الْكِفْلِ .. دروس وعبر)
ديسمبر 11, 2021الخطبة الأولى ( نُورٌ عَلَى نُورٍ ، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته :(اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (35) النور
إخوة الإسلام
الله سبحانه وتعالى إذا هدى المؤمن فهو ينظر بنور الله ، فتكون نظرته قوية صافية، وتكون نظرته للأمور سديدة، فهو يرى الحق واضحاً جليا ، فلا تختلط ولا تلتبس عليه الأمور ، وهكذا نور الله إذا قذفه في قلب عبده المؤمن، فنور الفطرة ، ونور الإيمان، ونور العلم ، كل ذلك نور على نور، وقال أبي بن كعب : (نُورٌ عَلَى نُورٍ) فهو يتقلب في خمسة من النور ، فكلامه نور ، وعمله نور ، ومدخله نور ، ومخرجه نور ، ومصيره إلى النور يوم القيامة إلى الجنة . فمن الذي يملك أن يدخل هذا النور في القلب؟ ، إنه الله عز وجل ، ولولا الله ما تنورت قلوب المؤمنين ، روى الإمام أحمد والترمذي: أن عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو يَقُولُ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :« إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ خَلَقَ خَلْقَهُ فِي ظُلْمَةٍ فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ اهْتَدَى وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ فَلِذَلِكَ أَقُولُ جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ » ، نعم فقد جف القلم على علم الله، وكتب في اللوح المحفوظ من المهتدي ومن الضال، خلق خلقه الثقلين من الجن والإنس في الظلمة، ظلمة النفس الأمارة بالسوء ، وظلمة الشهوات المردية ، وظلمة الأهواء المضلة ، (فَأَلْقَى عَلَيْهِمْ مِنْ نُورِهِ فَمَنْ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ النُّورِ اهْتَدَى وَمَنْ أَخْطَأَهُ ضَلَّ فَلِذَلِكَ أَقُولُ جَفَّ الْقَلَمُ عَلَى عِلْمِ اللَّهِ) ، فمن أخطأه نور الله، وجاوزه ، ولم يصل إليه ، فقد ضل عن الحق ، قال الله تعالى : (فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا كَأَنَّمَا يَصَّعَّدُ فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ (125) وَهَذَا صِرَاطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيمًا قَدْ فَصَّلْنَا الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ) (125):(126) الأنعام ،وفي مسند الإمام أحمد : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« الْقُلُوبُ أَرْبَعَةٌ قَلْبٌ أجْرَدُ فِيهِ مِثْلُ السِّرَاجِ يُزْهِرُ وَقَلَبٌ أَغْلَفُ مَرْبُوطٌ عَلَى غِلاَفِهِ وَقَلْبٌ مَنْكُوسٌ وَقَلَبٌ مُصْفَحٌ فَأَمَّا الْقَلْبُ الأَجْرَدُ فَقَلْبُ الْمُؤْمِنِ سِرَاجُهُ فِيهِ نُورُهُ وَأَمَّا الْقَلْبُ الأَغْلَفُ فَقَلْبُ الْكَافِرِ وَأَمَّا الْقَلْبُ المَنْكُوسُ فَقَلْبُ الْمُنَافِقِ عَرَفَ ثُمَّ أَنْكَرَ وَأَمَّا الْقَلْبُ المُصْفَحُ فَقَلْبٌ فِيهِ إِيمَانٌ وَنِفَاقٌ فَمَثَلُ الإِيمَانِ فِيهِ كَمَثَلِ الْبَقْلَةِ يَمُدُّهَا الْمَاءُ الطَّيِّبُ وَمَثَلُ النِّفَاقِ فِيهِ كَمَثَلِ الْقُرْحَةِ يَمُدُّهَا الْقَيْحُ وَالدَّمُ فَأَيُّ الْمَدَّتَيْنِ غَلَبَتْ عَلَى الأُخْرَى غَلَبَتْ عَلَيْهِ »
أيها المسلمون
وعلى العبد أن يبذل كل أسباب الهداية وطلب النور، ولا يقول : إذا شاء الله هداني ، وإذا شاء نور قلبي ، وإذا شاء طمس بصيرتي ، وأظلم قلبي ، فهذه دعوى الكسالى القاعدين، الذين لا يريدون الهداية، ولا يطلبون الحق والنور ، فلو أرادوها لعملوا ، ولجاهدوا ، لأن الله تعالى يقول: (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) (69) العنكبوت ، فالعبد إذا كان مريداً للحق والنور، ومبتغياً له، وعاملاً لتحصيله، ويجاهد نفسه ، فإن الله سبحانه وتعالى سيجعل مدخله من نور ، ومخرجه من نور ، وقوله من نور ، وعمله من نور ، وهكذا، فنور (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ ) ، التي قامت عليها السماوات والأرض ، تنور قلب المؤمن ، وهذا النور؛ نور (لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) ، ونور الإيمان ،إذا صار في قلب المؤمن؛ فإنه ستشرق له صفحة وجهه عند موته، وتكون معه في قبره؛ ففي سنن الترمذي : (مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذَا الرَّجُلِ فَيَقُولُ مَا كَانَ يَقُولُ هُوَ عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ. فَيَقُولاَنِ قَدْ كُنَّا نَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُولُ هَذَا. ثُمَّ يُفْسَحُ لَهُ فِي قَبْرِهِ سَبْعُونَ ذِرَاعًا فِي سَبْعِينَ ثُمَّ يُنَوَّرُ لَهُ فِيهِ) ، وفي سنن ابن ماجه : (عَنْ يَحْيَى بْنِ طَلْحَةَ عَنْ أُمِّهِ سُعْدَى الْمُرِّيَّةِ قَالَتْ مَرَّ عُمَرُ بِطَلْحَةَ بَعْدَ وَفَاةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ مَا لَكَ مُكْتَئِبًا أَسَاءَتْكَ إِمْرَةُ ابْنِ عَمِّكَ قَالَ لاَ وَلَكِنْ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنِّي لأَعْلَمُ كَلِمَةً لاَ يَقُولُهَا أَحَدٌ عِنْدَ مَوْتِهِ إِلاَّ كَانَتْ نُورًا لِصَحِيفَتِهِ وَإِنَّ جَسَدَهُ وَرُوحَهُ لَيَجِدَانِ لَهَا رَوْحًا عِنْدَ الْمَوْتِ ». فَلَمْ أَسْأَلْهُ حَتَّى تُوُفِّىَ. قَالَ أَنَا أَعْلَمُهَا هِيَ الَّتِي أَرَادَ عَمَّهُ عَلَيْهَا وَلَوْ عَلِمَ أَنَّ شَيْئًا أَنْجَى لَهُ مِنْهَا لأَمَرَهُ ). ومن ألمع الأنوار توهجاً قناديل العلم؛ فالعلم نور والجهل موت وظلمة ، قال الله تعالى : (أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ) الأنعام122. فنور الإيمان الذي يحيي الله به القلوب فإذا أنار عند الموت لصاحبه وأنار في القبر فلا بد أن ينير يوم القيامة ولذلك قال الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَآمِنُوا بِرَسُولِهِ يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ وَيَجْعَل لَّكُمْ نُورًا تَمْشُونَ بِهِ ) الحديد28. فهم يمشون به في الدنيا ، ويعبرون عليه الصراط فوق جهنم يوم القيامة. فإذا كان المؤمن مستنيراً بنور الله ، من نور كتاب الله ، يجعل الله له نوراً يمشي به ، ويرى الحق ، ويميزه من الباطل ، ويهتدي ، قال الله تعالى : (اللّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُواْ يُخْرِجُهُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّوُرِ ) البقرة257.
فالتمسك بالكتاب العزيز ، يورث نوراً ، بل إن الله وصف كتابه بأنه نور فقال الله تعالى : (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحًا مِّنْ أَمْرِنَا مَا كُنتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلَا الْإِيمَانُ وَلَكِن جَعَلْنَاهُ نُورًا نَّهْدِي بِهِ مَنْ نَّشَاء مِنْ عِبَادِنَا ) الشورى52. وقال الله تعالى : ( قَدْ جَاءكُم مِّنَ اللّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُّبِينٌ * يَهْدِي بِهِ اللّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ وَيُخْرِجُهُم مِّنِ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ ) المائدة15-16. وفي تلاوة القرآن نور سيكون يوم القيامة ، ونور في الدنيا ، ففي صحيح مسلم : (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ بَيْنَمَا جِبْرِيلُ قَاعِدٌ عِنْدَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ هَذَا بَابٌ مِنَ السَّمَاءِ فُتِحَ الْيَوْمَ لَمْ يُفْتَحْ قَطُّ إِلاَّ الْيَوْمَ فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ فَقَالَ هَذَا مَلَكٌ نَزَلَ إِلَى الأَرْضِ لَمْ يَنْزِلْ قَطُّ إِلاَّ الْيَوْمَ فَسَلَّمَ وَقَالَ أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُمَا نَبِيٌّ قَبْلَكَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ لَنْ تَقْرَأَ بِحَرْفٍ مِنْهُمَا إِلاَّ أُعْطِيتَهُ ). فهذا القرآن نور ، ينير في ظلمات الجهل والشرك والبدعة والضلال ، وكذلك سورة الكهف من يقرأها يوم الجمعة تكون له نور ، ففي سنن البيهقي : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« مَنْ قَرَأَ سُورَةَ الْكَهْفِ فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَ الْجُمُعَتَيْنِ ». وفي رواية:« أَضَاءَ لَهُ مِنَ النُّورِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَيْتِ الْعَتِيقِ ». ولذلك كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم : كما في مسند أحمد : (أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَداً مِنْ خَلْقِكَ أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الْغَيْبِ عِنْدَكَ أَنْ تَجْعَلَ الْقُرْآنَ رَبِيعَ قَلْبِي وَنُورَ صَدْرِي وَجَلاَءَ حُزْنِي وَذَهَابَ هَمِّى). فإذا كان القرآن نوراً في الصدر فأنعم وأكرم بهذا الصدر.
أيها المسلمون
وأهل الطاعة يعرفون بنور الطاعة في وجوههم، فقد روى الترمذي في سننه بسند صححه :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مَسَحَ ظَهْرَهُ فَسَقَطَ مِنْ ظَهْرِهِ كُلُّ نَسَمَةٍ هُوَ خَالِقُهَا مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَجَعَلَ بَيْنَ عَيْنَيْ كُلِّ إِنْسَانٍ مِنْهُمْ وَبِيصًا مِنْ نُورٍ ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى آدَمَ فَقَالَ أَيْ رَبِّ مَنْ هَؤُلاَءِ قَالَ هَؤُلاَءِ ذُرِّيَّتُكَ فَرَأَى رَجُلاً مِنْهُمْ فَأَعْجَبَهُ وَبِيصُ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ فَقَالَ أَيْ رَبِّ مَنْ هَذَا فَقَالَ هَذَا رَجُلٌ مِنْ آخِرِ الأُمَمِ مِنْ ذُرِّيَّتِكَ يُقَالُ لَهُ دَاوُدُ. فَقَالَ رَبِّ كَمْ جَعَلْتَ عُمْرَهُ قَالَ سِتِّينَ سَنَةً قَالَ أَيْ رَبِّ زِدْهُ مِنْ عُمْرِى أَرْبَعِينَ سَنَةً. فَلَمَّا انْقَضَى عُمْرُ آدَمَ جَاءَهُ مَلَكُ الْمَوْتِ فَقَالَ أَوَلَمْ يَبْقَ مِنْ عُمْرِى أَرْبَعُونَ سَنَةً قَالَ أَوَلَمْ تُعْطِهَا ابْنَكَ دَاوُدَ قَالَ فَجَحَدَ آدَمُ فَجَحَدَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَنَسِىَ آدَمُ فَنَسِيَتْ ذُرِّيَّتُهُ وَخَطِئَ آدَمُ فَخَطِئَتْ ذُرِّيَّتُهُ ». فنور الفطرة إذا اجتمع مع نور القرآن مع نور الطاعة والإيمان فإن هذا الإنسان سيكون له نور عظيم يوم الدين ، وإذا كان الإنسان مصلياً سيكون له نور أيضاً ، ففي صحيح مسلم قال صلى الله عليه وسلم : (وَالصَّلاَةُ نُورٌ وَالصَّدَقَةُ بُرْهَانٌ وَالصَّبْرُ ضِيَاءٌ) ،فالصلاة نور تمنع من المعاصي، وتنهى عن الفحشاء والمنكر ، وتهدي إلى الصواب، والمشي إلى الصلاة أيضاً نور ،وإذا كان في الظلمة فالأجر مضاعف ، ففي سنن أبي داود:(عَنْ بُرَيْدَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « بَشِّرِ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». فهذا النور يحتاجون إليه خصوصاً على الصراط الذي يضرب على متن جهنم وظلمة شديدة والناس يريدون أن يروا طريق سيرهم ولذلك فإنهم يحتاجون للنور حاجة شديدة.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( نُورٌ عَلَى نُورٍ ، يَهْدِي اللَّهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فما أحوجنا إلى نور الإيمان والطاعة ، وما أحوجنا إلى النور يوم تقوم الساعة ، ولذلك جاء في صحيح البخاري : أنه صلى الله عليه وسلم :(كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ « اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا ، وَفِى بَصَرِى نُورًا ، وَفِى سَمْعِي نُورًا ، وَعَنْ يَمِينِي نُورًا ، وَعَنْ يَسَارِي نُورًا ، وَفَوْقِي نُورًا ، وَتَحْتِي نُورًا ، وَأَمَامِي نُورًا ، وَخَلْفِي نُورًا ، وَاجْعَلْ لِي نُورًا » ، وفي رواية مسلم : (« اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِى بَصَرِى نُورًا وَفِى سَمْعِي نُورًا وَعَنْ يَمِينِي نُورًا وَعَنْ يَسَارِي نُورًا وَفَوْقِي نُورًا وَتَحْتِي نُورًا وَأَمَامِي نُورًا وَخَلْفِي نُورًا وَعَظِّمْ لِي نُورًا ». قَالَ كُرَيْبٌ وَسَبْعًا فِي التَّابُوتِ فَلَقِيتُ بَعْضَ وَلَدِ الْعَبَّاسِ فَحَدَّثَنِي بِهِنَّ فَذَكَرَ عَصَبِي وَلَحْمِي وَدَمِي وَشَعَرِي وَبَشَرِي وَذَكَرَ خَصْلَتَيْنِ. والأعمال الصالحة نور كما قال عليه الصلاة والسلام : (وَمَنْ جُرِحَ جِرَاحَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ خَتَمَ لَهُ بِخَاتَمِ الشُّهَدَاءِ لَهُ نُورٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ) رواه أحمد ، وفي صحيح مسلم : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللَّهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذِينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا ». وكذا إذا شاب الإنسان في طاعة الله كان شيبه نوراً له يوم القيامة ففي مسند أحمد : (عَنْ فَضَالَةَ بْنِ عُبَيْدٍ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ شَابَ شَيْبَةً فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَانَتْ نُوراً يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». فَقَالَ رَجُلٌ عِنْدَ ذَلِكَ فَإِنَّ رِجَالاً يَنْتِفُونَ الشَّيْبَ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ شَاءَ فَلْيَنْتِفْ نُورَهُ » ،ولقد جعل الله تعالى من كرامات بعض أوليائه في الدنيا ذلك النور الذي كان للطفيل بن عمرو الدوسي لما قال عليه الصلاة والسلام: (اللهم نور له). فسطع نور بين عينيه، فقال: يا رب أخاف أن يقولوا مثلى- تشويه- فتحول إلى طرف سوطه فكان يضيء في الليلة الظلمة، وجاء أيضاً من كرامات أولياء الله تعالى في أسيد بن حضير وعباد بن بشر أنهما خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة فأضاء لهما طرف السوط فلما افترقا افترق الضوء معهما لهذا ضوء ولهذا ضوء في تلك الظلمة. ففي صحيح البخاري :(عَنْ أَنَسٍ – رضى الله عنه – أَنَّ رَجُلَيْنِ خَرَجَا مِنْ عِنْدِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – فِي لَيْلَةٍ مُظْلِمَةٍ ، وَإِذَا نُورٌ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا حَتَّى تَفَرَّقَا ، فَتَفَرَّقَ النُّورُ مَعَهُمَا . وَقَالَ مَعْمَرٌ عَنْ ثَابِتٍ عَنْ أَنَسٍ أَنَّ أُسَيْدَ بْنَ حُضَيْرٍ وَرَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ . قَالَ حَمَّادٌ أَخْبَرَنَا ثَابِتٌ عَنْ أَنَسٍ كَانَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ عِنْدَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم -)
الدعاء