خطبة عن اسم الله ( الأَوَّلُ وَالآخِرُ )
ديسمبر 30, 2017خطبة عن ( احذر أن تكون من شَرّ النَّاسِ عِنْدَ اللَّهِ مَنْزِلَة)
ديسمبر 30, 2017الخطبة الأولى (هموم الأمة الاسلامية)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ) (92) الأنبياء، وقال الله تعالى : (وَإِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ) (52) المؤمنون ،وروى الطبراني في معجمه : (عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :من لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم ،ومن لم يصبح ويمس ناصحا لله ولرسوله ولكتابه ولإمامه ولعامة المسلمين فليس منهم) ، وفي الصحيحين واللفظ لمسلم : (عَنْ سُفْيَانَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « وَذِمَّةُ الْمُسْلِمِينَ وَاحِدَةٌ يَسْعَى بِهَا أَدْنَاهُمْ فَمَنْ أَخْفَرَ مُسْلِمًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ لاَ يُقْبَلُ مِنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَدْلٌ وَلاَ صَرْفٌ »
إخوة الإسلام
إن المتابع لما يدور اليوم في الساحة ،والناظر في مجريات الأحداث ،ووقائع الأمور حولنا ، يجد أن الأمر جلل، والخطب جسيم ، فأعداء الأمة الإسلامية قد كشروا عن أنيابهم ،وأظهروا ما كانوا يخفونه من أحقاد ، وأصبح موقف الأمة الآن حرجا ، ولابد من وقفة جادة ، وموقف موحد ممن يملكون القرار ، ومن بيدهم سلطة التعبئة ، والتخطيط والتنفيذ .ثم نأتي إلى دور العامة من المسلمين ، أفرادا وجماعات ، فكل واحد منا قادر على أن يعمل شيئا، وأن يقدم لأمته عملا يعلي من شأنها ، وذلك من خلال ما يقوم به كل منا في مجال عمله ، أو حرفته ، أو وظيفته ، ويكون صادقا في نيته مع الله . وفي نفس الوقت هناك أشياء يشترك فيها الجميع ، وهي بمقدور كل فرد ، وكل واحد معني بها، الصغير والكبير، والأمير والوزير، والغني والفقير.. والذكر والأنثى، وهذه الخطوات إنْ لم نبادر إلى فعلها، ونسارع إلى عملها؛ فإني أخشى من عقوبة التهاون والتساهل، فإن الله يمهل ولا يهمل ، قال تعالى : (وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ) محمد (38)
أيها المسلمون
وأول خطوة من هذه الخطوات: تحقيق الإيمان والابتعاد عما يخدشه وينقصه : فقد وعد الله تعالى عباده المؤمنين بالنجاة من العذاب.. فقال سبحانه: ( ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُواْ كَذَلِكَ حَقًّا عَلَيْنَا نُنجِ الْمُؤْمِنِينَ) [يونس:103]، وقد تكفل الله سبحانه وتعالى بالدفاع عن المؤمنين فقال سبحانه: (إنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا) الحج 38، ولنا في قصة موسى وفرعون أسوة وقدوة ، قال تعالى : (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ) (128) ، (129) الاعراف ، فالنصر والسلامة من الردى مقرونان بقوة الإيمان بالله تعالى، فالواجب على العباد أن يسعوا لزيادة الإيمان؛ لأن الله كتب العاقبة للمتقين، والأرض لله تعالى يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين. ثانياً: من خطوات انقاذ الأمة من كبوتها ، والاستعداد لصد هجمات أعدائها : التوبة والرجوع إلى الله تعالى : يقول بعض السلف: ما نزل بلاء إلا بذنب ، ولا يرفع إلا بتوبة، ولنا في قوم نبي الله يونس ( عليه السلام ) عبر ودروس ، يقول الله تعالى : (إِلاَّ قَوْمَ يُونُسَ لَمَّآ آمَنُواْ كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الخِزْيِ فِي الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ.) [ يونس:98 ] ، فقوم يونس لما فقدوا نبيهم ،وظنوا أن العذاب قد دنا منهم ،قذف الله في قلوبهم التوبة ،ولبسوا المسوح ،وفرقوا بين كل بهيمة وولدها ،ثم عجوا إلى الله أربعين ليلة، فلما عرف الله الصدق من قلوبهم ،والتوبة والندامة على ما مضى منهم ،كشف الله عنهم العذاب بعد أن تدلى عليهم”. فكلنا مطالب بالتوبة والرجوع إلى الله ، والكف عن محارمه ، والعمل بطاعته ، والكل يكثر من الاستغفار: كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل؛ فقد كان يستغفر الله تعالى في المجلس الواحد مئة مرة، فالاستغفار سبب عظيم في تحصيل الخيرات، ودفع المصائب والملمات، قال الله تعالى:(وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِـرُونَ) الأنفال 33 ،فمن أسباب القوة ومضاعفتها كثرة الاستغفار، كما قال الله تعالى: (وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْاْ مُجْرِمِينَ) [هود:52] ، ثالثاً: من خطوات انقاذ الأمة من كبوتها ، والاستعداد لصد هجمات أعدائها: كثرة الأعمال الصالحة : يقول الله تعالى: (وَاسْتَعِينُواْ بِالصَّبْرِ وَالصَّلاَةِ) البقرة 45، و(قَالَ حُذَيْفَةُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى) (رواه أحمد)، ويقول صلى الله عليه وسلم : « الْعِبَادَةُ فِي الْهَرْجِ كَهِجْرَةٍ إِلَىَّ » رواه مسلم. فالناس كثيراً ما ينشغلون في وقت الأحداث بما يجري ، وينصرفون تماماً عن الذكر والصلاة وقراءة القرآن؛ فالعبادة والأعمال الصالحة لها أثر في طمأنينة القلب، وسكينة النفس، ولذلك كان الرسول صلى الله عليه وسلم في وقت الملمات يفزع إلى الصلاة؛ حتى تهدأ نفسه ويطمئن قلبه. رابعاً: من خطوات انقاذ الأمة من كبوتها ، والاستعداد لصد هجمات أعدائها : الإكثار من الصدقة : لقول النبي صلى الله عليه وسلم : « إِنَّ الصَّدَقَةَ لَتُطْفِئُ غَضَبَ الرَّبِّ وَتَدْفَعُ مِيتَةَ السُّوءِ »(رواه الترمذي) وقال صلى الله عليه وسلم : وَكَثْرَةِ الصَّدَقَةِ فِي السِّرِّ وَالْعَلاَنِيَةِ تُرْزَقُوا وَتُنْصَرُوا وَتُجْبَرُوا “رواه ابن ماجه ، فلا تتردد في الانفاق والبذل والعطاء، خاصة لإخوانك المجاهدين الذين يواجهون أمم الكفر، ويصدون ظلمها وجبروتها. خامساً: من خطوات انقاذ الأمة من كبوتها ، والاستعداد لصد هجمات أعدائها: الدعاء : فبالدعاء قد نجى الله تعالى أقواماً ،يقول الله تعالى:( قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلا دُعَاؤُكُمْ) [الفرقان:77] ،أي: لولا دعاؤكم إياه، أيها المخاطبون له وحده عند الشدائد والكروب، لهلكتم، فالله تعالى يستجيب لمن دعاه مخلصاً ولو كان كافرا، كما قال تعالى: (فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ) [العنكبوت: 65]. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو في وقت الكرب ، ففي مسند أحمد (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- كَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ قَالَ « لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ الْحَلِيمُ الْعَظِيمُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَرَبُّ الأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ». ثُمَّ يَدْعُو. فألحوا على الله بالدعاء.. خاصة في وقت الأسحار، روى أحمد (عَنْ عُثْمَانَ بْنِ أَبِى الْعَاصِ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « يُنَادِى كُلَّ لَيْلَةٍ سَاعَةً فِيهَا مُنَادِى هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبَ لَهُ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ » ،وأمة الإسلام تعدادها أكثر من مليار مسلم.. فلماذا لا ترفع الأيدي بالدعاء.. ولماذا لا تسيل الأدمع الغزار في رجاء الملك الغفار؛ ليهلك الظالمين ، ويدمر أعداء الدين، وينصر أهل الإسلام المستضعفين؟! فهل من داع لهذه الأمة؟! وهل من مناج لرفع الغمة؟! ولهذا كان السلف يدركون أثر الدعاء ،فلما صافَّ “قتيبة بن مسلم” الترك، وهاله أمرهم ،سأل عن محمد بن واسع فقيل: هو ذاك في الميمنة جامع على قوسه، يشير بأصبعه نحو السماء يدعو ،فقال: “تلك الأصبع أحب إليّ من مئة ألف سيف شهير وشاب طرير”.
سادساً: من خطوات انقاذ الأمة من كبوتها ، والاستعداد لصد هجمات أعدائها : الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر : قال تعالى: ( وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ) هود 117، فالمصلحون هم الذين يدعون الناس إلى الهدى، وينهون عن الفساد والردى؛ فحصل من نفعهم سلامة القرى من الهلاك والردى. قال الله تعالى : (فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُونَ * فَلَمَّا عَتَوْاْ عَن مَّا نُهُواْ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُواْ قِرَدَةً خَاسِئِينَ) [الأعراف:163ـ 166]. ففي هذه الآيات نبأ عظيم لمن أنار الله بصيرته، فقد أخبر الله عن سنته الماضية، وهي أن العقوبة إذا نزلت نجا منها الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، يقول ابن عباس رضي الله عنهما: “قسم الله هذه الأمة ـ أي بني إسرائيل ـ إلى ثلاثة أقسام: قسم: عملوا المنكر، وهو الصيد في السبت، وقسم: خذلوا الذين يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، والذين أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر. فلما نزل العذاب أهلك القوم الأولين، ونجى الله القسم الثالث (الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر) من المسخ إلى القردة والخنازير”. فالواجب علينا أن نعزز هذا الواجب، وأن نساند من قام به، ونؤيده معنويا وحسياً. سابعاً: من خطوات انقاذ الأمة من كبوتها ، والاستعداد لصد هجمات أعدائها :اجتناب الظلم : فاجتناب الظلم والتعدي على الناس في دمائهم أو أموالهم أو أعراضهم بغير حق من أسباب النصر والتمكين ، يقول الله تعالى: (وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِم مَّوْعِدًا) [الكهف:59] ،وروى البخاري في صحيحه عَنْ أَبِى مُوسَى – رضى الله عنه – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ اللَّهَ لَيُمْلِي لِلظَّالِمِ حَتَّى إِذَا أَخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ » . قَالَ ثُمَّ قَرَأَ ( وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهْىَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ ) [هود:102] ، ثامناً: الالتفاف حول العلماء الربانيين، والأئمة المهديين، الأتقياء الصالحين : فإن الالتفاف حولهم يعد سبيلا مهما من سبل الوقاية والنجاة من الفتن على مختلف أنواعها ، فكم أنجى الله بالعلماء الأمة الإسلامية من محن عصيبة، وفتن رهيبة، كإعزاز الله لدينه بالصديق رضي الله عنه، يوم الردة، وبأحمد بن حنبل يوم المحنة، فكم ثبت الله المسلمين في تلك الفتن بعلمائهم.. فلابد إذن من لزومهم، والعيش في أكنافهم، والالتفاف حولهم، لا سيما وقت الفتن.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (هموم الأمة الاسلامية)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن خطوات طريق النصر والتمكين: السير في ركب جماعة المسلمين وإمامهم ، ففي الصحيحين (حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ يَقُولُ كَانَ النَّاسُ يَسْأَلُونَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَنِ الْخَيْرِ ، وَكُنْتُ أَسْأَلُهُ عَنِ الشَّرِّ ، مَخَافَةَ أَنْ يُدْرِكَنِي فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا كُنَّا فِي جَاهِلِيَّةٍ وَشَرٍّ فَجَاءَنَا اللَّهُ بِهَذَا الْخَيْرِ ، فَهَلْ بَعْدَ هَذَا الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ « نَعَمْ » . قُلْتُ وَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الشَّرِّ مِنْ خَيْرٍ قَالَ « نَعَمْ ، وَفِيهِ دَخَنٌ » . قُلْتُ وَمَا دَخَنُهُ قَالَ « قَوْمٌ يَهْدُونَ بِغَيْرِ هَدْىٍ ، تَعْرِفُ مِنْهُمْ وَتُنْكِرُ » . قُلْتُ فَهَلْ بَعْدَ ذَلِكَ الْخَيْرِ مِنْ شَرٍّ قَالَ « نَعَمْ ، دُعَاةٌ عَلَى أَبْوَابِ جَهَنَّمَ ، مَنْ أَجَابَهُمْ إِلَيْهَا قَذَفُوهُ فِيهَا » . قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ صِفْهُمْ لَنَا . قَالَ « هُمْ مِنْ جِلْدَتِنَا ، وَيَتَكَلَّمُونَ بِأَلْسِنَتِنَا » . قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ قَالَ « تَلْزَمُ جَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ وَإِمَامَهُمْ » . قُلْتُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُمْ جَمَاعَةٌ وَلاَ إِمَامٌ قَالَ « فَاعْتَزِلْ تِلْكَ الْفِرَقَ كُلَّهَا ، وَلَوْ أَنْ تَعَضَّ بِأَصْلِ شَجَرَةٍ ، حَتَّى يُدْرِكَكَ الْمَوْتُ ، وَأَنْتَ عَلَى ذَلِكَ » ، عاشراً: من خطوات انقاذ الأمة من كبوتها ، والاستعداد لصد هجمات أعدائها: لابد من الاهتمام بالعلم الشرعي.. خاصة في وقت الفتن : فإن التأصيل العلمي الشرعي لا بدّ منه؛ لأن الوصول إلى الحق والصواب لا يتم إلا بالرجوع إلى الكتاب والسنة وأقوال سلف الأمة، ولأنه يحمي من الاجتهادات التي تمليها الظروف والأهواء، ويرجع الأمور إلى أصولها الصحيحة. ومن خلال العلم يعرف المرء كيف يتصرف، وماذا يفعل؟ ، الحادي عشر: من خطوات انقاذ الأمة من كبوتها ، والاستعداد لصد هجمات أعدائها: الاستعداد ثم الاستعداد ، ثم الاستعداد : فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم دائماً يهيئ أصحابه للأحداث القادمة ، والاستعداد على قسمين: أولاً: الإعداد النفسي من خلال: ـ تهيئة الأسرة نفسياً من الآن تحسباً لأي طارئ يطرأ في المستقبل، وتحديثهم بالغزو والجهاد، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ مَاتَ وَلَمْ يَغْزُ وَلَمْ يُحَدِّثْ بِهِ نَفْسَهُ مَاتَ عَلَى شُعْبَةٍ مِنْ نِفَاقٍ » رواه مسلم. ـ والتوكل على الله تعالى؛ لأن الله تعالى يقول: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) الطلاق 3، أي: كافيه وناصره، ـ وأن يتيقن العبد أن ما أصابه لم يكن ليخطئه، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، قال صلى الله عليه وسلم : (وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ ». رواه الترمذي وصححه. ـ وأن يعلم الإنسان أن نصر الله قريب، وأن الله ينصر من نصره، وأن هذا الدين منصور، وما على الأمة إلا أن تطبق وتعمل بأسباب النصر والتمكين التي ذكرها الله في كتابه، فإذا عملت وطبقت فإن النصر لا محالة حليفها وهو قريب. ـ وأن يبشر الإنسان غيره ويتفاءل، خاصة في وقت الأزمات والملمات؛ لأن النفوس بأمس الحاجة إلى التفاؤل الذي يدفعها إلى العمل. ثانياً: الإعداد البدني ، وكذا اعداد القوة اللازمة لمواجهة الأعداء ، قال الله تعالى : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِنْ دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ وَمَا تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) (60) الانفال
الدعاء