خطبة عن (صدقة الفطر، ووداع رمضان)
مارس 21, 2025خطبة عن (لِكُلِّ قَوْمٍ عِيد، وَهَذَا عِيدُنَا)
مارس 21, 2025الخطبة الأولى (هَذَا عِيدُنَا) مختصرة
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
في سنن أبي داود: (قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْمَدِينَةَ وَلَهُمْ يَوْمَانِ يَلْعَبُونَ فِيهِمَا فَقَالَ «مَا هَذَانِ الْيَوْمَانِ». قَالُوا كُنَّا نَلْعَبُ فِيهِمَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَبْدَلَكُمْ بِهِمَا خَيْرًا مِنْهُمَا يَوْمَ الأَضْحَى وَيَوْمَ الْفِطْرِ».
إخوة الإسلام
العيد مظهرٌ من مظاهر الدين، وشعيرة من شعائره المعظمة، والنفوس مجبولة على حب الأعياد، والسرور بها، وقد جاءت سنة النبي صلى الله عليه وسلم بمشروعية عيدي الفطر والأضحى والعيد في حياة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ عبادة ونُسُك، ومظهر من مظاهر الفرح بفضل الله ورحمته ،وفرصة عظيمة لصفاء النفوس، وإدخال السرور على الأهل والأولاد والأصحاب، ففي الصحيحين: (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَعِنْدِي جَارِيَتَانِ تُغَنِّيَانِ بِغِنَاءِ بُعَاثٍ فَاضْطَجَعَ عَلَى الْفِرَاشِ وَحَوَّلَ وَجْهَهُ فَدَخَلَ أَبُو بَكْرٍ فَانْتَهَرَنِي وَقَالَ مِزْمَارُ الشَّيْطَانِ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ «دَعْهُمَا» فَلَمَّا غَفَلَ غَمَزْتُهُمَا فَخَرَجَتَا وَكَانَ يَوْمَ عِيدٍ يَلْعَبُ السُّودَانُ بِالدَّرَقِ وَالْحِرَابِ فَإِمَّا سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَإِمَّا قَالَ «تَشْتَهِينَ تَنْظُرِينَ». فَقُلْتُ نَعَمْ فَأَقَامَنِي وَرَاءَهُ خَدِّي عَلَى خَدِّهِ وَهُوَ يَقُولُ « دُونَكُمْ يَا بَنِى أَرْفَدَةَ». حَتَّى إِذَا مَلِلْتُ قَالَ «حَسْبُكِ» .قُلْتُ نَعَمْ. قَالَ «فَاذْهَبِي». وفي رواية: (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «يَا أَبَا بَكْرٍ إِنَّ لِكُلِّ قَوْمٍ عِيدًا، وَهَذَا عِيدُنَا»، وفي مسند أحمد: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَوْمَئِذٍ «لِتَعْلَمَ يَهُودُ أَنَّ فِي دِينِنَا فُسْحَةً إِنِّي أُرْسِلْتُ بِحَنِيفِيَّةٍ سَمْحَةٍ» والعيد فرحة، فرحة بفضل الله ورحمته، وكريم إنعامه، ووافر عطائه، وفرحة بالهداية، فقد ضلت فئام من البشر عن صراط الله المستقيم، فيفرح المسلم بفضل الله الذي هداه للاسلام، ويجمع العيدُ المسلم بإخوانه المسلمين، فيحس بعمق انتمائه لهذه الأمة ولهذا الدين، والعيد فرحة ببلوغ شهر رمضان، وفرحٌ بتوفيق الله وعونه على ما يسر من طاعته، قال تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) (58) يونس، والعيد فرصة للتواصل بين المسلمين، وإظهار الألفة والمودة في علاقاتهم الاجتماعية، ولاسيما صلة الأرحام وذوي القربى. وحين يتبادل الناس التهاني بالعيد فإن الأجواء يغمرها الفرح والبهجة، وتشيع في النفوس دواعي الألفة فتذوب الخلافات، وتختفي الأحقاد، وتنتهي الشحناء، والعيد شاهد على حرص الإسلام على الوسطية والتوازن، فالعيد يجمع بين تلبية المطالب البشرية، بإشاعة الفرحة، وبين الوفاء بالمطالب الإيمانية والروحية، عن طريق العبادات المشروعة، كصلاة العيد، والتكبير، والتحميد والتهليل.
أيها المسلمون
وقد تأكد من هدي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ حرصه على صلاة العيد، فلم يتركها في عيد من الأعياد منذ شُرِعَت وحتى مات، ومن تأكدها أنه ـ صلى الله عليه وسلم ـ أمر بها النساء المعذورات، ففي صحيح مسلم: (عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ قَالَتْ أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالأَضْحَى الْعَوَاتِقَ وَالْحُيَّضَ وَذَوَاتِ الْخُدُورِ فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلاَةَ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ. قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِحْدَانَا لاَ يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ قَالَ «لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (هَذَا عِيدُنَا) مختصرة
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
وليوم العيد آداب ومستحبات، ومنها: الاغتسال والتجمل للعيد، ففي موطإ مالك: (أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَانَ يَغْتَسِلُ يَوْمَ الْفِطْرِ قَبْلَ أَنْ يَغْدُوَ إِلَى الْمُصَلَّى)، ومن المستحب لبس الجديد من الثياب: فكان ـ صلى الله عليه وسلم ـ يلبس لهما (أي للعيدين) أجمل ثيابه، وكان له حُلة يلبسها للعيدين والجمعة “، وفي عيد الفطر يُشرع التكبير من ليلة العيد حتى حضور الصلاة، وإذا أراد المسلم الخروج للصلاة في عيد الفطر فالمُستحب له أن يأكل تمراتٍ ففي صحيح البخاري: (كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – لاَ يَغْدُو يَوْمَ الْفِطْرِ حَتَّى يَأْكُلَ تَمَرَاتٍ – وَيَأْكُلُهُنَّ وِتْرًا)، ويَستحب كذلك الذهاب إلى صلاة العيد من طريق والرجوع من آخر، ففي صحيح البخاري: (كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا كَانَ يَوْمُ عِيدٍ خَالَفَ الطَّرِيقَ )، ويستحب للمسلم سماع الخطبة لما في الاجتماع عليها من الخير والدعاء والذكر، ومعرفة أحكام وآداب العيد. ويستحب كذلك التهنئة بالعيد فهو أمرٌ حسنٌ طيبٌ لفعل صحابة النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ، فقد كان أصحاب رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبَّل الله منا ومنك “، ويستحب زيارة الأهل والأقارب وصلة الرحم، خاصة الوالدين، ومن الصلة: الرحمة باليتيم والعطف عليه، كما يستحب التوسعة على العيال في الأكل والشرب وغيره، واطعام الطعام للإخوان والأصدقاء، لذلك يحرم فيه الصيام. جعلني الله وإياكم ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وكل عام وأنتم بخير، (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (180): (182) الصافات.