خطبة عن (إِذَا أَفْطَرَ فَرِحَ بِفِطْرِهِ)
أبريل 5, 2024خطبة عن (المداومة بعد رمضان) مختصرة
أبريل 5, 2024الخطبة الأولى ( وماذا بعد رمضان؟ ) 1
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا ) النحل 92
إخوة الإسلام
ها هو رمضان ارتحل وانقضت لياليه الزاهدة ، ومضت أيامه العامرة ، وتولت أجوائه العاطرة ، ذلك الشهر الذي أوى ظمأ العطشى ، وشفى جراحات المرضى ، وأعاد الحياة إلى الأرواح ، والصحة إلى الأبدان ، وعادت به النفوس إلى باريها ، وسجدت الجباه لخالقها ، نشط الكثير في العبادات المتنوعة ، فاهتموا بأداء الفرائض، وتقربوا إلى الله بالنوافل، قرأوا كلام الله ، وابتهلوا إليه بالدعاء ، وتصدقوا على الفقراء والمساكين ، واعتمر منهم من اعتمر ، واعتكف منهم في بيوت الله من اعتكف ، هيأ الله الأجواء في شهر رمضان ليكون مدرسة متكاملة يأخذ فيه المسلمون لبقية الشهور .غير أن بعضاَ من المسلمين إذا انقضى رمضان عادوا إلى ما كانوا عليه من التهاون أو التقصير بالعبادات وما هكذا يكون حال المؤمنين. فإن من علامات القبول والتوفيق أن يتبع المرء الحسنة بالحسنة فذلك هو الفائز المفلح الذي سلك طريق السائرين إلى ربهم وإن من علامات الخسران والخذلان أن يتبع المرء الحسنة بالسيئة فذلك هو المغبون المفتون . لقد كان دأب السابقين الأولين تأسياً بنبيهم صلى الله عليه وسلم الاسمرار والمداومة على الطاعة بعد رمضان ولم يكونوا موسمين فقط ، نعم كانوا يستغلون المواسم فينشطون أكثر للعبادات ويتعرضون لنفحات الله (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَحَبُّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ ». قَالَ وَكَانَتْ عَائِشَةُ إِذَا عَمِلَتِ الْعَمَلَ لَزِمَتْهُ.) رواه مسلم. وفي صحيح البخاري ومسلم (عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ سَأَلْتُ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ عَائِشَةَ قُلْتُ يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ كَيْفَ كَانَ عَمَلُ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – هَلْ كَانَ يَخُصُّ شَيْئًا مِنَ الأَيَّامِ قَالَتْ لاَ ، كَانَ عَمَلُهُ دِيمَةً ، وَأَيُّكُمْ يَسْتَطِيعُ مَا كَانَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – يَسْتَطِيعُ ) ومن هنا كره العلماء الانقطاع عن العمل أخذاً من حديث البخاري عن (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ – رضى الله عنهما – قَالَ قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – : « يَا عَبْدَ اللَّهِ ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ »
أيها الأخ الحبيب
فلا تكن موسميا في عباداتك بل كن من المداومين على الطاعات كما قال النبي صلى الله عليه وسلم كما في سنن أبي داود (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « اكْلَفُوا مِنَ الْعَمَلِ مَا تُطِيقُونَ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا وَإِنَّ أَحَبَّ الْعَمَلِ إِلَى اللَّهِ أَدْوَمُهُ وَإِنْ قَلَّ ». وَكَانَ إِذَا عَمِلَ عَمَلاً أَثْبَتَهُ. ) ، ولئن كان شهر رمضان قد انتهى وولى بما فيه من بحار الفضائل فإن فضائل الطاعة لا تنقطع ولا تنتهي .. ومن كان يعبد رمضان فإن رمضان قد ولى ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت
أيها المسلمون
وقفات لا بد أن نقفها معًا بعد أن ودعنا رمضان: الوقفة الأولى: رمضان ضيف: رمضان حل علينا ضيفًا عزيزًا، ولكل ضيف يوم لا بد أن يغادر فيه، وأنا وأنت يا عبد الله على هذه الدنيا ضيوف لا بد أن نغادرها، فلنستعد لهذا اليوم بالطاعة والصلاح والتقوى والإيمان. الوقفة الثانية: رمضان والإنسان: رمضان يشبه الإنسان، حين يأتي يفرح أهله بقدومه ويضحك الجميع بمولده، ورمضان كذلك يفرح كل مؤمن بقدومه، ويتبادلون التهاني بحضوره، وعندما يغادر الإنسان هذه الدنيا يبكي على فراقه القريب والحبيب، ورمضان كذلك يبكي على وداعه كل مؤمن. الوقفة الثالثة: رمضان لك أو عليك: رمضان انطلق بعد أن حل ضيفًا عزيزًا غاليًا علينا لمدة 30 يومًا، ولكن هل سيكون شاهدًا لنا بالحسنات والقيام والصيام، أم سيشهد علينا بالسيئات والمعاصي والغفلة عن طاعة الله ورحل وهو يبكي حسرة علينا وعلى أحوالنا…؟! ، الوقفة الرابعة: احذر أن تكون كالتي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثًا : احذر أخي أن تكون مثل امرأة مجنونة كانت بمكة، اسمها ريطة بنت سعد، كانت تغزل طول يومها غزلاً قويًّا محكمًا ثم تنقضه أنكاثًا؛ أي تفسده بعد إحكامه، فقال تعالى: {وَلا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ أَنْ تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ} [النحل: 92]. ومعنى: {تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلًا بَيْنَكُمْ} أي: تعاهدون قومًا على أن تكونوا معهم، وهذا العهد خديعة، فإذا وجدتم أمة أربى منهم -أي أكثر وأعز- غدرتم بعهد الأولين وعاهدتم الآخرين. وهذا المثل يمثِّل حال بعضنا، فبمجرد انتهاء شهر رمضان سرعان ما يعود إلى المعاصي والذنوب، فهو طوال الشهر في صلاة وصيام وقيام وخشوع وبكاء ودعاء وتضرع، وهو بهذا قد أحسن غزل عباداته، لدرجة أن أحدنا يتمنى أن يقبضه الله على تلك الحالة التي هو فيها من كثرة ما يجد من لذة العبادة والطاعة، ولكنه ينقض كل هذا الغزل بعد مغرب آخر يوم في رمضان. الوقفة الخامسة: احذر أخي من أن تكون مثل بلعم بن باعوراء: وهو رجل من بني إسرائيل، ذاق حلاوة الإيمان وآتاه الله آياته، ثم انقلب على عقبيه واشترى الضلالة بالهدى والعذاب بالمغفرة، وانسلخ من آيات الله كما تنسلخ الحية من جلدها. قال تعالى: {وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ * وَلَوْ شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَوَاهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ ذَلِكَ مَثَلُ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا فَاقْصُصِ الْقَصَصَ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [الأعراف:175، 176]. وهذا التحذير القرآني ينطبق على من ذاق حلاوة طاعة الله تعالى في رمضان، فحافظ فيه على الواجبات وترك فيه المحرمات، حتى إذا انقضى شهر رمضان المبارك، انسلخ من آيات الله وأصبح صاحبًا ورفيقًا للشيطان.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وماذا بعد رمضان؟ ) 1
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أيها المسلمون
أما الوقفة السادسة: أخي المسلم : فاحذر الشيطان بعد رمضان: إن الشياطين يُطلق سَرَاحها بعد رمضان وتفكّ قيودها، ولكن كيد الشيطان ضعيف كما أخبرنا ربنا سبحانه، ومن اعتصم بالله عصمه الله من مكايد الشيطان. الشيطان عدو يغفل عنه الكثير ولا يعمل له حساب إلا من رحم ربي، رغم علمنا بعداوته لنا وتحذير الله لنا بقوله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر: 6]. الشيطان عنده رسالة وهي أن يدخلك النار، وعنده أهداف واضحة لتلك الرسالة وهي أن يجعلك تقع في المعاصي والذنوب التي تكون سببًا في دخولك النار، وكي تهدم كل ما فعلته في رمضان من طاعات. وأنا وأنت ما هي رسالتنا في الحياة؟ ما هي أهدافنا؟ ما واجبنا تجاه ديننا؟ أم أننا نعيش لنأكل ونشرب ونتزوج؟! ، الوقفة السابعة: الله الله في المحافظة على الصلوات الخمس جماعة وخصوصًا صلاة الفجر: فنحن أثبتنا لأنفسنا في رمضان أننا قادرون على أداء صلاة الجماعة في المسجد، وقادرون على صلاة الفجر يوميًّا، فلنحافظ بعد رمضان على الصلوات في المسجد قدر استطاعتنا. الصلاة نور لك في حياتك وفي قبرك وعند الصراط، الصلاة بركة في المال والعيال، الصلاة إن صلحت صلح سائر العمل، فالله الله لا نُفرط في الصلاة بعد رمضان، ولا تحرم نفسك أيضًا من قيام الليل ولو يومًا واحدًا في الأسبوع. الوقفة الثامنة: لا تهجر القرآن بعد رمضان: لا تكن ممن يقرأ القرآن في رمضان فقط وتهجره سائر العام، فالقرآن أُنزل لنتلوه في رمضان وغير رمضان… أنت استطعت أن تقرأ كل يوم جزءًا أو جزأين أو ثلاثًا، واجتهدت في ذلك وخصصت وقتًا لذلك من يومك، فحاول أن تجعل لنفسك وردًا يوميًّا ثابتًا من القرآن، ولا تكن ممن قال تعالى عنهم جل جلاله على لسان النبي المصطفى صلى الله عليه وسلم:{وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا}الفرقان: 30 ، الوقفة التاسعة: أكثر من ذكر الله: اجتهد بعد رمضان على أن تكون من الذاكرين لله والذاكرات، يحميك من شر كل ذي شر وتنال الأجر العظيم، حافظ على أذكار الصباح والمساء، أذكار النوم، أذكار الخروج من المنزل، استغل وقت فراعك في العمل أو ذهابك إليه بذكر الله. ، الوقفة العاشرة: الصحبة الصالحة: اختر من يعينك على طاعة الله بعد رمضان، فالمرء على دين خليله والأخلاّء بعضهم يومئذٍ لبعض عدو إلا المتقين، والمؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضًا، فاختر صاحبًا إذا رأى منك معصية حذّرك ودلّك على طريق الخير، وكما تريد أنت صديقًا حسن الخلق، فصديقك يريد أيضًا صاحبًا يشدُّ على يديه، فانوِ الخير في نفسك لتنال ما تريد. الوقفة الحادية عشرة: من المقبول في رمضان ومن المردود؟ – من علامة قبول الطاعة الطاعة بعدها، فاحرص على الخير والطاعة والخير والقرآن والإيمان والصدقة والصيام بعد رمضان، لتكن من المقبولين إن شاء الله. – حاول بعد رمضان أن تحدث تغييرًا في حياتك بعد رمضان إلى الأحسن، وأن تنتصر على نفسك وشيطانك. – لا تغتر بعبادتك ولا تقُلْ: لقد صمت رمضان كاملاً، بل احمد الله أن وفّقك وبلّغك شهر رمضان شهر الخير والإحسان، واحمده أن وفقك أيضًا لصيامه وقيامه، فكم من محروم وممنوع! واستغفر الله فتلك عادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد كل طاعة الاستغفار. فعلى المسلم أن يلزم نفسه بقدرٍ من العبادات يستطيع أن يداوم عليه ولو كان قليلاً، فإنه سيكون كثيرًا بالمداومة عليه، وسيكون محببًا إلى رب العزة سبحانه وتعالى. الوقفة الثانية عشر: لا تنس صيام ست من شوال: من الأعمال الصالحة التي تشرع لنا بعد رمضان صيام ستة أيام من شوال.. ففي سنن أبي داود وابن ماجة (عَنْ أَبِى أَيُّوبَ صَاحِبِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ بِسِتٍّ مِنْ شَوَّالٍ فَكَأَنَّمَا صَامَ الدَّهْرَ ».
الدعاء