خطبة عن (كَيْفَ ننصُرُ الْمُسْلِمِينَ الْمُسْتَضْعَفِينَ)
نوفمبر 5, 2025خطبة عن (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) مختصرة 1
نوفمبر 6, 2025الخطبة الأولى (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ) مختصرة 2
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (21) يوسف.
إخوة الإسلام
تناولت معكم في لقاء سابق قوله تعالى: (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ) (21) يوسف، وعلمنا أنه لا يقع في ملكه سبحانه إلا ما يريد، وأن العباد ليسوا بضارين من أحد إلا بإذن الله؛ وليسوا بنافعين أحداً إلا بأمر الله. فقدرة الله وراء كل ما يحدث في هذا الكون،
ومن الملاحظ أن قوله تعالى ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾: جاءت في سياق قصة يوسف، فكلّ ما وقع ليوسف من إخوته، وممن اشتراه وباعه، ومن توصية من اشتراه لامرأته بإكرام مثواه، وما وقع له مع امرأة العزيز، وما حدث معه في السجن، كل ذلك كان مما أراده الله تعالى له من تمكينه في الأرض، وإن كان ظاهره على خلاف ذلك، فالله غالب على أمر يوسف، وأمر من يكيد له، فهو سبحانه يدبر الأمر، فقد أرادوا هلاكه، وأراد الله تعالى سلامته ونجاته، فكان ما أراده الله سبحانه، فلا راد لقضائه، ولا غالب لمشيئته.
(وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ)، تعني أن النّاس يدبرون ويمكرون، ويتآمرون، ويفعلون كلّ ما يبدو لهم، ولكن الأمر في الأول وفي الآخر في يد الله، فهو غالب كلّ مكر، وكل قهر، فافعلوا ما شئتم أيها الظالمون، ولكن تأكدّوا أنّ تدابير القدر ليس في أيديكم، وإنّما هي في يد واحد أحد، في يد الغالب على أمره، وإن كان أكثر النّاس لا يعلمون، ولو علمت أيها الإنسان المتعالي، أنّه لا تسقط ورقة إلّا وهو يعلمها، ولا حبة في ظلمات الأرض، ولا رطب ولا يابس، إلا في كتاب مبين، لو علمت ذلك، لعرفت حجمك، ولو عرفت حجمك، لسهرت ليلك تدعوه تضرّعاً ورجاء وخيفة. ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ فهو القائل: ﴿إنّما أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [يس:82]. ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾: فينبغي على المؤمنين أن يتوكلوا على العزيز الحكيم، الذي لا يُغالب، ولا يُمانع، والذي يعز أولياءه بطاعته، ويذل أعداءه بمعصيته، وأن يثقوا بوعده، ويوقنوا بأنه تعالى- غالب على أمره، ومِن أمره -عز وجل- قوله تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ .هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (التوبة:32-33)، وقوله تعالى: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) (الصف:8)، وقوله تعالى: (وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ) (الأعراف:128).
﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾: فعلى المؤمنين أن يدوروا مع أمر الله -تعالى- حيث دار، ولا يبالوا على ما أصبحوا أو أمسوا، فإنه أمر ربهم؛ فيكونوا راضين به وعنه، وأن يتعبدوا العبادة الواجبة عليهم، سواء في السراء أو الضراء، وأن يدعوا ربهم في جميع الحالات، فهو سبحانه وتعالى: (غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ)2
الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ فقد ربى النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أصحابه على هذه الدرجة الإيمانية في الشعور بتدبير الله للكون، ففي مسند أحمد: (لَمَّا كَانَ يَوْمُ أُحُدٍ وَانْكَفَأَ الْمُشْرِكُونَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «اسْتَوُوا حَتَّى أُثْنِيَ عَلَى رَبِّي». فَصَارُوا خَلْفَهُ صُفُوفاً فَقَالَ «اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ كُلُّهُ اللَّهُمَّ لاَ قَابِضَ لِمَا بَسَطْتَ وَلاَ بَاسِطَ لِمَا قَبَضْتَ وَلاَ هَادِيَ لِمَا أَضْلَلْتَ وَلاَ مُضِلَّ لِمَنْ هَدَيْتَ وَلاَ مُعْطِىَ لِمَا مَنَعْتَ وَلاَ مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلاَ مُقَرِّبَ لِمَا بَاعَدْتَ وَلاَ مُبَاعِدَ لِمَا قَرَّبْتَ اللَّهُمَّ ابْسُطْ عَلَيْنَا مِنْ بَرَكَاتِكَ وَرَحْمَتِكَ وَفَضْلِكَ وَرِزْقِكَ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ الْمُقِيمَ الَّذِي لاَ يَحُولُ وَلاَ يَزُولُ اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ النَّعِيمَ يَوْمَ الْعَيْلَةِ وَالأَمْنَ يَوْمَ الْخَوْفِ اللَّهُمَّ إِنِّي عَائِذٌ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أَعْطَيْتَنَا وَشَرِّ مَا مَنَعْتَ اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الإِيمَانَ وَزَيِّنْهُ فِي قُلُوبِنَا وَكَرِّهْ إِلَيْنَا الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ وَاجْعَلْنَا مِنَ الرَّاشِدِينَ اللَّهُمَّ تَوَفَّنَا مُسْلِمِينَ وَأَحْيِنَا مُسْلِمِينَ وَأَلْحِقْنَا بِالصَّالِحِينَ غَيْرَ خَزَايَا وَلاَ مَفْتُونِينَ اللَّهُمَّ قَاتَلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ رُسُلَكَ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِكَ وَاجْعَلْ عَلَيْهِمْ رَجْزَكَ وَعَذَابَكَ اللَّهُمَّ قَاتَلِ الْكَفَرَةَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَهَ الْحَقِّ». إنه اليقين الذي لا يتزعزع: بأنه: {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21]. وهكذا هي أحداث حياتك، لو تأملتها لوجدت أن اختيارات الله لك خيرٌ، من حيث لا تدري، وإن ظننت أنها شَرٌّ، ولكن أمر الله غالب فيك ،ومشيئته نافذة عليك، فلو اجتمع عليك الماكرون، ولو أحاط بك الكائدون، فإن حفظ الله وعنايته أغلب، وفي سنن الترمذي: (احْفَظِ اللَّهَ يَحْفَظْكَ احْفَظِ اللَّهَ تَجِدْهُ تُجَاهَكَ إِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللَّهَ وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَاعْلَمْ أَنَّ الأُمَّةَ لَوِ اجْتَمَعَتْ عَلَى أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَنْفَعُوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ لَكَ وَلَوِ اجْتَمَعُوا عَلَى أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَضُرُّوكَ إِلاَّ بِشَيْءٍ قَدْ كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَيْكَ رُفِعَتِ الأَقْلاَمُ وَجَفَّتِ الصُّحُفُ»، ﴿وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ﴾ فلو أنزلت هذه الآية على قلبك، واستقرت فيه هذه الحقيقة، لوثقت في أقدار الله لك، ولفرحت به، ورضيت عن ربك وخالقك.
الدعاء
