خطبة حول قوله تعالى ( إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ )
يونيو 14, 2025خطبة عن (وعود الله الكريم لعباده المؤمنين)
يونيو 14, 2025الخطبة الأولى (وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى: (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا (19) الإسراء، وقال الله تعالى: (وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوا جَنَّةً وَحَرِيرًا (12) مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ لَا يَرَوْنَ فِيهَا شَمْسًا وَلَا زَمْهَرِيرًا (13) وَدَانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلَالُهَا وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلًا (14) وَيُطَافُ عَلَيْهِمْ بِآنِيَةٍ مِنْ فِضَّةٍ وَأَكْوَابٍ كَانَتْ قَوَارِيرَا (15) قَوَارِيرَ مِنْ فِضَّةٍ قَدَّرُوهَا تَقْدِيرًا (16) وَيُسْقَوْنَ فِيهَا كَأْسًا كَانَ مِزَاجُهَا زَنْجَبِيلًا (17) عَيْنًا فِيهَا تُسَمَّى سَلْسَبِيلًا (18) وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ إِذَا رَأَيْتَهُمْ حَسِبْتَهُمْ لُؤْلُؤًا مَنْثُورًا (19) وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا (20) عَالِيَهُمْ ثِيَابُ سُنْدُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا (21) إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا) (12): (22) الانسان.
إخوة الإسلام
قوله تعالى: (إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا): قال علماء التفسير: (اعلم أن في الآية وجهين: الوجه الأول: (أنه يقال لأهل الجنة بعد دخولهم فيها، ومشاهدتهم لنعيمها: إن هذا كان لكم جزاء، قد أعده الله تعالى لكم إلى هذا الوقت، فهو كله لكم على قلة أعمالكم، فيكون ذلك تهنئة له، وزيادة في سروره)، والوجه الثاني: (أن يكون ذلك إخباراً من الله تعالى لعباده في الدنيا، فكأنه تعالى شرح جواب أهل الجنة، أن هذا كان في علمي وحكمي جزاء لكم يا معاشر عبادي، لكم خلقتها ولأجلكم أعددتها).
وقوله تعالى: (إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا): فهذا أُعِدَّ لكم مقابل أعمالكم الصالحة، وكان عملكم في الدنيا مرضيًا ومقبولا عند خالقكم، فازدادوا أيها الأبرار سرورا على سروركم، وبهجة على بهجتكم.
والمتأمل لقوله تعالى: (إِنَّ هَذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا): فكأن الله تعالى يقولها لكل من أنهى حياته فيما يرضيه، ويقولها لمن خرج من هذه الدنيا سليم الدين، رغم شدة ما عانى، وعِظَم ما لاقى، وما أروعه من عزاء، وما ألذه من تسرية، بعد مكابدة شياطين الإنس والجن طوال عمر مديد، وكأنها نهاية خدمة ربانية، لمن أفنى عمره في مرضاة ربه، ولم يحد عن دربه. فيا لَحظِّ من قيلت له، ويا سعادة من عاشها على الحقيقة في عالم الآخرة، فلو لم يكن للمتعبين والمبتلين إلا هذه الجائزة، بعد طريق طويل شائك، مع الخلق من أجل الخالق سبحانه لكفى!
{وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا}: اسمعها بأذن قلبك، وهي تقال لك من رب العالمين، بعد صلاة لم تقطعها، وزكاة لم تمنعها، وأنفس لم تؤذها، فيلقاك سبحانه في أخراك، يضحك إليك وتضحك إليه، وهو يقول لك: {وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا},
{وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا} يختزلها الناس في دنيانا في مجالس العزاء، شكرا منهم لمن جاء مواسيا ومعزيا، ولكنها في الآخرة تقال في مواضع الأفراح، والبشارات، بعد دخول الجنات، والتجاوز عن الزلات، وتكفير السيئات: {إِنَّ هَٰذَا كَانَ لَكُمْ جَزَاءً وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا}.
أيها المسلمون
والسعي المشكور: هو السعي المقبول، فالسَّعيُ يكون في الصلاح: ويسمي سعيا مشكورا، ويكون في الفساد: ويسمي سعيا مكفورا، وقال الراغب: “وإذا وُصِف الله بالشكر فإنما يعنى به إنعامه على عباده، وجزاؤه بما أقاموه من العبادة”
والسعْيُ المَشْكُور: يكتب الله تعالى لفاعله سعيه كله: صغيره وكبيره، قليله وكثيره، قال الله تعالى: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا كُفْرَانَ لِسَعْيِهِ وَإِنَّا لَهُ كَاتِبُونَ) (94) الانبياء، وقال تعالى: (فَاسْتَجَابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لَا أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ فَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي وَقَاتَلُوا وَقُتِلُوا لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَلَأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ثَوَابًا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ ) (195) آل عمران،
وقوله تعالى: (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا) (19) الإسراء، فيه بيان أن السعي المشكور له شروط، لا بد أن تتوافر فيه، فمن شروط السعي المشكور (من خلال الآية الكريمة): (وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ) فيريد المرء بعمله الآخرة، أي ينوي بعمله الصالح الثواب والجزاء في الدار الآخرة، فإن لم تحصل هذه الإرادة، ولم تكن هذه نيته، فلا ينتفع المرء بذلك العمل، لقوله تعالى: {وَأنَ ليَّسَ لِلانسَـانِ إِلا مَا سَعَى} (39) النجم، وقال تعالى: (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ (200) وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (201) أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (200): (202) البقرة، وقال تعالى: (مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ) (20) الشورى، وفي صحيح البخاري: (أن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ «إِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ، وَإِنَّمَا لِكُلِّ امْرِئٍ مَا نَوَى، فَمَنْ كَانَتْ هِجْرَتُهُ إِلَى دُنْيَا يُصِيبُهَا أَوْ إِلَى امْرَأَةٍ يَنْكِحُهَا فَهِجْرَتُهُ إِلَى مَا هَاجَرَ
إِلَيْهِ»، ومن شروط السعي المشكور: (وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا) فيكون العمل عملا صالحا، به ينُال ثواب الآخرة، ولا يكون كذلك إلا إذا كان من باب القربات والطاعات، وكان موافقا لسنة ومنهج رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي صحيح البخاري: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – «إِنَّ اللَّهَ قَالَ ..، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ)، وفي صحيح البخاري: (عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ صَدَقَةٌ ». فَقَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ «يَعْمَلُ بِيَدِهِ فَيَنْفَعُ نَفْسَهُ وَيَتَصَدَّقُ». قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ قَالَ «يُعِينُ ذَا الْحَاجَةِ الْمَلْهُوفَ». قَالُوا فَإِنْ لَمْ يَجِدْ. قَالَ «فَلْيَعْمَلْ بِالْمَعْرُوفِ، وَلْيُمْسِكْ عَنِ الشَّرِّ فَإِنَّهَا لَهُ صَدَقَةٌ»، وفي سنن الترمذي: قال صلى الله عليه وسلم: (يَقِي أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ حَرَّ جَهَنَّمَ أَوِ النَّارِ وَلَوْ بِتَمْرَةٍ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لاَقِى اللَّهَ وَقَائِلٌ لَهُ مَا أَقُولُ لَكُمْ أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ سَمْعًا وَبَصَرًا فَيَقُولُ بَلَى. فَيَقُولُ أَلَمْ أَجْعَلْ لَكَ مَالاً وَوَلَدًا فَيَقُولُ بَلَى. فَيَقُولُ أَيْنَ مَا قَدَّمْتَ لِنَفْسِكَ فَيَنْظُرُ قُدَّامَهُ وَبَعْدَهُ وَعَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ ثُمَّ لاَ يَجِدُ شَيْئًا يَقِي بِهِ وَجْهَهُ حَرَّ جَهَنَّمَ لِيَقِ أَحَدُكُمْ وَجْهَهُ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ فَإِنْ لَمْ يَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَةٍ)
ومن شروط السعي المشكور: الإيمان: لقوله تعالى: (وَهُوَ مُؤمِن)، وهذا الشرط معتبر، لأن الله تعالى لا يقبل العمل بدون إيمان، قال الله تعالى: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) (124) النساء، وقال تعالى: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) (97) النحل، ومن شروط السعي المشكور: أن يكون خاليا من الرياء، والسمعة، والعجب، والمخيلة، فلا رؤية نفس، ولا طلب عوض، بل يكون خالصا لوجهه تعالى،
أيها المسلمون
والسعي المشكور له صور كثيرة ومتعددة، فمن صور السعي المشكور: السعي علي المعاش :فالسعي علي المعاش يحظى بمنزلة خاصة، واحترام عظيم، وفي سنن البيهقي: (عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: مَرَّ بِهِمْ رَجُلٌ فَتَعَجَّبُوا مِنْ خُلُقِهِ فَقَالُوا: لَوْ كَانَ هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَأَتَوُا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- :«إِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى أَبَوَيْهِ شَيْخَيْنِ كَبِيرَيْنِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى وَلَدٍ صِغَارٍ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَإِنْ كَانَ يَسْعَى عَلَى نَفْسِهِ لِيُغْنِيَهَا فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ»، فجعل الله تعالى العمل والسعي علي المعاش في منزلة الجهاد في سبيل الله،
وقد أمر القرآن الكريم بالعمل، والسعي علي المعاش، فقال تعالي: (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ ذَلُولًا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ) الملك: (15)، وأخبرنا ربنا أنه جعل لنا النهار من أجل الرزق والسعي عليه فقال تعالي: (وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا (10) وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا) النبأ: (10)، (11)، وقد ربي النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه علي الكسب، والسعي في حلال، وأن اليد العليا خير من اليد السفلي، ففي الصحيحين: (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ – رضي الله عنهما – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ «الْيَدُ الْعُلْيَا خَيْرٌ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى، فَالْيَدُ الْعُلْيَا هِيَ الْمُنْفِقَةُ، وَالسُّفْلَى هِيَ السَّائِلَةُ»، وفي الصحيحين: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ «لأَنْ يَغْدُوَ أَحَدُكُمْ فَيَحْطِبَ عَلَى ظَهْرِهِ فَيَتَصَدَّقَ بِهِ وَيَسْتَغْنِىَ بِهِ مِنَ النَّاسِ خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ رَجُلاً أَعْطَاهُ أَوْ مَنَعَهُ ذَلِكَ فَإِنَّ الْيَدَ الْعُلْيَا أَفْضَلُ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ»،
ومن صور السعي المشكور، والعمل المحمود: السعي في قضاء حوائج الناس: فهو من الأخلاق الإسلامية العالية والرفيعة، التي ندب إليها الإسلام، وحث المسلمين عليها, وجعلها من باب التعاون على البر والتقوى، الذي أمرنا الله تعالى به، ومن السعي في قضاء حوائج الناس: مساعدة اليتيم والمسكين والأرملة، وغيرهم من أصحاب الحاجات، وفي صحيح مسلم: (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «السَّاعِي عَلَى الأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ – وَأَحْسِبُهُ قَالَ – وَكَالْقَائِمِ لاَ يَفْتُرُ وَكَالصَّائِمِ لاَ يُفْطِرُ»، ومن سخره الله تعالى لقضاء حوائج الناس، فقد أنعم عليه بنعمة حُرم الكثير منها, وقد روى الطبراني: (عَنِ ابنِ عُمَرَ، قَالَ: قاَلَ رَسُولُ اللِه صَلىَّ اللَّهّ ُعَلَيهِ وَسَلمَّ: {إِنَّ لِلَّه ِأقَوَامًا اختصَّهُم بِالنعِمِ لِمَنَافِع العِبَادِ، وَيقِرُّهَا فِيهِم مَا بذَلَوُهَا، فَإذِاَ مَنعَوُهَا نزَعَهَا عَنهُم وَحَوَّلهَا إلِى غَيرِهِم}.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (وَكَانَ سَعْيُكُمْ مَشْكُورًا)
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
ومن صور السعي المشكور، والعمل المحمود: السعي في نصرة المظلوم: روى أبو داود: (أن جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ وَأَبَا طَلْحَةَ بْنَ سَهْلٍ الأَنْصَارِيَّ يَقُولاَنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «مَا مِنِ امْرِئٍ يَخْذُلُ امْرَأً مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ تُنْتَهَكُ فِيهِ حُرْمَتُهُ وَيُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ إِلاَّ خَذَلَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ فِيهِ نُصْرَتَهُ وَمَا مِنِ امْرِئٍ يَنْصُرُ مُسْلِمًا فِي مَوْضِعٍ يُنْتَقَصُ فِيهِ مِنْ عِرْضِهِ وَيُنْتَهَكُ فِيهِ مِنْ حُرْمَتِهِ إِلاَّ نَصَرَهُ اللَّهُ فِي مَوْطِنٍ يُحِبُّ نُصْرَتَهُ».
ومن صور السعي المشكور، والعمل المحمود: السعي في تبليغ دين الله عز وجل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر روى الترمذي: (عن ابن مسعود رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ غَيْرَهُ فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ».
الدعاء