خطبة عن الشورى (وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ)
أبريل 22, 2024خطبة عن (حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ)
أبريل 23, 2024الخطبة الأولى (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته: (وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) (55) الانعام،
إخوة الإسلام
لقد تفضل الله سبحانه علينا ببيان وتفصيل آياته، وبيان سبيل المؤمنين من سبيل المجرمين، واستبانة المؤمنين لسبيل المجرمين عبودية لله تعالى، وامتثال لتكليف رباني؛ ليمتنع المؤمن ـ وخاصة الدعاة والوعاظ ـ من التضليل والخداع، والوقوع في شرَك الكافرين وكيدهم. وعناية القرآن الكريم ببيان سبيل المجرمين، وكفرهم بالله عز وجل، وأنواع الإجرام والكيد والمكر الذي يكيدون به للمسلمين، قد أخذ حيزًا كبيرًا في كتاب الله عز وجل، وما ذلك إلا لأهمية هذه الاستبانة، التي ما زال القرآن يفصّل فيها ويبدئ ويعيد، ليكون المسلمون على دراية بحقيقة أعدائهم المجرمين، وحقيقة كيدهم ومكرهم للمسلمين، وعلى هذا يكون العلم بسبيل المجرمين عبادة واجبة لا خيار للمسلم فيها، ولاسيما مَن شرَّفهم الله عز وجل بالدعوة والجهاد في سبيله سبحانه، إذ لا يليق بمن يواجه أعداء الدين المجرمين من كفار ومنافقين، ويسعى لإحباط باطلهم، أن يهمل معرفة أحوالهم وحكم الله فيهم، وجاء في كتاب الظلال: (ومن هنا يجب أن تبدأ كل حركة إسلامية بتحديد سبيل المؤمنين وسبيل المجرمين. يجب أن تبدأ من تعريف سبيل المؤمنين وتعريف سبيل المجرمين ; ووضع العنوان المميز للمؤمنين. والعنوان المميز للمجرمين، في عالم الواقع لا في عالم النظريات. فيعرف أصحاب الدعوة الإسلامية والحركة الإسلامية من هم المؤمنون ممن حولهم ومن هم المجرمون. بعد تحديد سبيل المؤمنين ومنهجهم وعلامتهم، وتحديد سبيل المجرمين ومنهجهم وعلامتهم. بحيث لا يختلط السبيلان ولا يتشابه العنوانان، ولا تلتبس الملامح والسمات بين المؤمنين والمجرمين.. أجل يجب أن يجتاز أصحاب الدعوة إلى الله هذه العقبة ;وأن تتم في نفوسهم هذه الاستبانة; كي تنطلق طاقاتهم كلها في سبيل الله لا تصدها شبهة، ولا يعوقها غبش، ولا يميعها لبس. فإن طاقاتهم لا تنطلق إلا إذا اعتقدوا في يقين أنهم هم المسلمون، وأن الذين يقفون في طريقهم ويصدونهم ويصدون الناس عن سبيل الله هم المجرمون). ويتأكد هذا بصورة أشد إلحاحًا في واقعنا المعاصر، الذي يشهد حربًا عالمية شرسة، على الإسلام وأهله، ولاسيما أهل السنة والجماعة، وعلى قدْر هذا الوعي، والإحاطة بسبيل أعدائنا المجرمين، في حربهم لنا، تكون اليقظة والوعي، وتجييش الأمة في التصدي لهذه الحرب، وقد بين الله تعالى أن الحرب بين المؤمنين والكافرين مستمرة إلى قيامة الساعة، فقال تعالى: (وَلَا يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُوا) البقرة:217، ويقول تعالى: (وَلَنْ تَرْضَى عَنْكَ الْيَهُودُ وَلا النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ) [البقرة:120]،
أيها المسلمون
ولكي نفهم: (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ) (55) الانعام ، فلابد أن نفهم مخططات أعدائنا: فكان المخطط الأول لأعدائنا هو: إسقاط الخلافة الإسلامية : فقد كانت الخلافة العثمانية هي آخر خلافة حكمت العالم الإسلامي, وكان المسلمون -على رغم ما في هذه الخلافة من ملاحظات أو من نقص- كانوا مجتمعين في الجملة، فلم تكن هناك حدود تحول بين المسلم وبين أخيه المسلم، بل كان العالم الإسلامي واحداً، فسعى العالم الغربي والاستعمار لضرب هذه الخلافة؛ وكان له ما أراد، فاصبح العالم الإسلامي دويلات متناثرة، فوهنت قوتهم، وتفرقت كلمتهم، والحل: هو العودة إلى الوحدة الإسلامية والخلافة الإسلامية،
أما المخطط الثاني من مخططات أعدائنا: فهو القضاء على القرآن والسنة، فهم يرون فيهما مصدر العزة، ويعتبرون القرآن هو المصدر الأساسي لقوة المسلمين، وبقاؤه حياً بين أيديهم يؤدي إلى عودتهم وقوتهم وحضارتهم، فما كان منهم إلا فصلوا المسلمين من كتابهم، فيقرأ ولا يفهم، ونطرب للحن القرآن ولا نطرب لمعانيه، وأصبح لا يعمل به، وفرغوا مناهج التعليم من القرآن والسنة وأحيانا: أتوا بمن يفسر القرآن على غير هدى من الله، أما عن السنة النبوية: فتشويه العلماء، والقدح في الصحيح، والرواة، ووجدنا من يقول: الإسلام في المسجد فقط، لا تدخلوا شئون الحياة في الإسلام، لا تدخلوا الاقتصاد في الإسلام، ولا السياسة ولا الإعلام في الإسلام، الإسلام أن تصلي في المسجد فقط، وهذا هو الذي يريده المستعمر ، أن يفقد الإسلام سيطرته على حياة المسلمين، وأخذت دائرته تضيق شيئاً فشيئاً حتى انحصرت في طقوس محددة”
أما المخطط الثالث: فهو تدمير أخلاق المسلمين وعقولهم، فلا صلة لهم بالله، مع إطلاق شهواتهم, فتجدهم يعاقرون الخمر، ويتعاملون بالربا، ويسمعون الغناء، ويهجرون القرآن، ويرى أن هؤلاء الملتزمين والمستقيمين والمتدينين خطر يهدد الأمة, هذا مع تذويبهم في المجتمعات العلمانيَّة، ويحاولون غرس أفكارهم ومعتقداتهم.
أقول قولي واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (وَلِتَسْتَبِينَ سَبِيلُ الْمُجْرِمِينَ)
الحمد لله رب العالمين. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه، حمدا يوافي النعم ويكافئ المزيد. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
أما المخطط الرابع من مخططات أعدائنا: فالقضاء على وحده المسلمين: فما من بلد عربي إلا ومعه مشكلة حدودية مع جيرانه, بينما أوروبا تسعى لتوحيد نفسها في دولة واحدة، وهؤلاء يتناطحون على قطع صغيرة من الأراضي، وهم يقولون عنا: “يجب أن يبقى العرب والمسلمون متفرقين ليبقوا بلا قوة ولا تأثير”. أما المخطط السادس: إبقاء المسلمين متخلفين ضعفاء: ولذلك تسمى الدول النامية بالنائمة، فلا ترتقي ولا تصنع ولا تنتج.
والمخطط السابع: إنشاء دكتاتوريات في العالم الإسلامي: يقول المستشرق الأمريكي سميث: “إذا أعطي المسلمون الحرية في العالم الإسلامي في ظل أنظمة ديمقراطية، فإن الإسلام سوف ينتصر في هذه البلاد، وبالدكتاتوريات وحدها يمكن الحيلولة بين الشعوب الإسلامية ودينها”. المخطط الثامن: إبعاد المسلمين عن القوة الصناعية وإبقائهم مستوردين لسلع الغرب، المخطط التاسع: سعيهم المستمر لإبعاد قادة المسلمين الأقوياء عن استلام الحكم في دول العالم الإسلامي حتى لا ينهضوا بالإسلام، المخطط العاشر: إفساد المرأة وإشاعة الانحراف الجنسي، وإخراج المرأة المسلمة من دينها وحجابها واحتشامها باختلاط،
ومن مخططاتهم: القضاء على لغة القرآن اللغة العربية: والهدف هو قطع الصلة بين المسلمين وكتابهم القرآن، فإذا جهل المسلمون اللغة العربية، فقد جهلوا القرآن والسنة، ويتم ذلك عن طريق نشر اللغة العامية بدلا من الفصحى، وتدريس المناهج باللغات الأجنبية.
ومن مجالات الأعداء لتدمير الإسلام والمسلمين: (إتهام المسلمين والإسلام بالإرهاب)، وذلك بهدف تنفير العالم وكراهيته للإسلام والمسلمين ،بل ويقول رجال دينهم في دور عباداتهم عن الإسلام والمسلمين: (الشجرة الخبيثة، تطرح ثمرة خبيثة)، ومن أهدافهم في وصف المسلمين بالإرهاب أيضا، تنحية ركن الجهاد عند المسلمين، فيستسلم المسلمون لهم، فلا يدافعون عن أوطانهم، ولا مقدساتهم، ولا عن دينهم ومعتقداتهم، لأنهم لو فعلوا ذلك كانوا إرهابيين، وقتلة، وسفاكي دماء ومتخلفين
أما (مجال تحطيم شباب المسلمين): فقد عملوا على تحطيم هذه القوة، وذلك من خلال: الأفلام الهابطة والإباحية، والأغاني الخليعة، والصور العارية، وتشجيع الاختلاط بين الجنسين، كل ذلك ،،ليثير شهوات الشباب، ويرديه في مستنقع الفاحشة والرذيلة والضياع، وهناك شبكات لأعدائنا متخصصة لتصدير، العاهرات والفاجرات عن طريق السياحة إلى بلاد المسلمين لتحقيق هذا الهدف، وشبكات أخرى لجلب المخدرات والمسكرات لنفس الهدف، وهو تدمير شباب المسلمين، ومن مخططات أعداء الإسلام لتدمير الإسلام والمسلمين: (مجال الهزيمة النفسية): وذلك عن طريق زرع اليأس والقنوط في قلوب المسلمين، نعم، اليأس من إمكانية الإصلاح والتغيير في أحوال المسلمين، واستحالة النهوض من هذه الكبوة التي حلت بهذه الأمة، يريدون أن نقتنع بأن الأمة الإسلامية ماتت ودفت في التراب، فلا بعث لها ولا نشور
أيها المسلمون
وفي النهاية يجب ان نكون على يقين بأن المستقبل لهذا الدين قال تعالى: (يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (32) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) (32)، (33) التوبة، وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ) (36) الأنفال، وقال تعالى: (كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ) [المجادلة: 21]، والعاقبة للمتقين كما وعد الله: (إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ) [غافر:54]، وفي مسند أحمد: (قَالَ حُذَيْفَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «تَكُونُ النُّبُوَّةُ فِيكُمْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ النُّبُوَّةِ فَتَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً عَاضًّا فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ مُلْكاً جَبْرِيَّةً فَيَكُونُ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ ثُمَّ يَرْفَعُهَا إِذَا شَاءَ أَنْ يَرْفَعَهَا ثُمَّ تَكُونُ خِلاَفَةٌ عَلَى مِنْهَاجِ نُبُوَّةٍ».
الدعاء