خطبة عن (علاج الإنسان من كيد الشَّيْطَان)
يوليو 6, 2023خطبة عن (فضل الله علينا)
يوليو 8, 2023الخطبة الأولى ( وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى الإمام الترمذي في سننه : (عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا النَّجَاةُ؟ ، قَالَ : « أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ ،وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ ،وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ »
إخوة الإسلام
موعدنا اليوم – إن شاء الله تعالى- مع هذا الأدب النبوي الكريم ، وسوف يكون حديثنا محصورا حول قوله صلى الله عليه وسلم : (وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ) ،فعلى المسلم العاقل الفطن أن يلزم بيته ،خاصة في عصر الفتن الذي نعيش فيه ،فيلزم المسلم بيته إلا لما لابد منه : كالصلاة المفروضة، وكسب المعاش، وحضور الجمع والجماعات والعيدين، وعيادة المرضى، وتشييع الجنائز، وصلة الأرحام، وحضور مجالس العلم، وغيرها مما يحتاجه العبد في حياته، فلزوم البيت له أمان من المعاصي والفتن ، ففي سنن أبي داود : (عَنْ أَبِيهِ وَابِصَةَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: (فَذَكَرَ بَعْضَ حَدِيثِ أَبِى بَكْرَةَ) قَالَ :« قَتْلاَهَا كُلُّهُمْ فِى النَّارِ». قَالَ فِيهِ، قُلْتُ : مَتَى ذَلِكَ يَا ابْنَ مَسْعُودٍ ،قَالَ : (تِلْكَ أَيَّامُ الْهَرْجِ ،حَيْثُ لاَ يَأْمَنُ الرَّجُلُ جَلِيسَهُ. قُلْتُ فَمَا تَأْمُرُنِي إِنْ أَدْرَكَنِي ذَلِكَ الزَّمَانُ ،قَالَ :تَكُفُّ لِسَانَكَ وَيَدَكَ وَتَكُونُ حِلْسًا مِنْ أَحْلاَسِ بَيْتِكَ). ،
فلزوم البيت وخاصة عند وقوع الفتن أمان من كثير من الذنوب والمعاصي : ومن ذلك النظر إلى الحرام، لاسيما في كثير من المجمعات التي يكثر فيها الاختلاط، وإلف المعاصي، وترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن ذلك الوقوع في الغيبة ،والنميمة ،والبهتان ،لاسيما في كثير من المجالس التي تخلوا من ذكر الله تعالى ، ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ فِي الطُّرُقَاتِ ». قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لَنَا بُدٌّ مِنْ مَجَالِسِنَا نَتَحَدَّثُ فِيهَا. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « فَإِذَا أَبَيْتُمْ إِلاَّ الْمَجْلِسَ فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ ». قَالُوا وَمَا حَقُّهُ قَالَ « غَضُّ الْبَصَرِ وَكَفُّ الأَذَى وَرَدُّ السَّلاَمِ وَالأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْىُ عَنِ الْمُنْكَرِ ».،
ومن فوائد لزوم المسلم بيته : أن في لزوم البيت أمان من الفتن التي تموج كموج البحر، التي يصبح فيها العبد مؤمنًا ويمسي كافرًا ، أو يمسي مؤمناً ويصبح كافرًا ، فقد روى الامام مسلم في صحيحه : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ فِتَنًا كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ يُصْبِحُ الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا أَوْ يُمْسِى مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا يَبِيعُ دِينَهُ بِعَرَضٍ مِنَ الدُّنْيَا ».، وفي سنن ابن ماجه : (عَنْ أَبِى ذَرٍّ قَالَ :قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « كَيْفَ أَنْتَ يَا أَبَا ذَرٍّ وَمَوْتًا يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى يُقَوَّمَ الْبَيْتُ بِالْوَصِيفِ ». يَعْنِى الْقَبْرَ قُلْتُ مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ – أَوْ قَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ – قَالَ « تَصَبَّرْ ». قَالَ « كَيْفَ أَنْتَ وَجُوعًا يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى تَأْتِىَ مَسْجِدَكَ فَلاَ تَسْتَطِيعَ أَنْ تَرْجِعَ إِلَى فِرَاشِكَ وَلاَ تَسْتَطِيعَ أَنْ تَقُومَ مِنْ فِرَاشِكَ إِلَى مَسْجِدِكَ ». قَالَ قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ أَوْ – مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ – قَالَ « عَلَيْكَ بِالْعِفَّةِ ». ثُمَّ قَالَ « كَيْفَ أَنْتَ وَقَتْلاً يُصِيبُ النَّاسَ حَتَّى تُغْرَقَ حِجَارَةُ الزَّيْتِ بِالدَّمِ ». قُلْتُ مَا خَارَ اللَّهُ لِي وَرَسُولُهُ. قَالَ « الْحَقْ بِمَنْ أَنْتَ مِنْهُ ». قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ آخُذُ بِسَيْفِي فَأَضْرِبَ بِهِ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ قَالَ « شَارَكْتَ الْقَوْمَ إِذًا وَلَكِنِ ادْخُلْ بَيْتَكَ ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنْ دُخِلَ بَيْتِي قَالَ « إِنْ خَشِيتَ أَنْ يَبْهَرَكَ شُعَاعُ السَّيْفِ فَأَلْقِ طَرَفَ رِدَائِكَ عَلَى وَجْهِكَ فَيَبُوءَ بِإِثْمِهِ وَإِثْمِكَ فَيَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ».، وفي سنن أبي داود : (عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذْ ذَكَرَ الْفِتْنَةَ فَقَالَ « إِذَا رَأَيْتُمُ النَّاسَ قَدْ مَرِجَتْ عُهُودُهُمْ وَخَفَّتْ أَمَانَاتُهُمْ وَكَانُوا هَكَذَا ». وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ قَالَ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَقُلْتُ كَيْفَ أَفْعَلُ عِنْدَ ذَلِكَ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكَ قَالَ « الْزَمْ بَيْتَكَ وَامْلِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ وَخُذْ بِمَا تَعْرِفُ وَدَعْ مَا تُنْكِرُ وَعَلَيْكَ بِأَمْرِ خَاصَّةِ نَفْسِكَ وَدَعْ عَنْكَ أَمْرَ الْعَامَّةِ ».
ومن فوائد لزوم المسلم بيته : ما يحصل في البيت من البركة والخير بسبب الصلاة، وتلاوة القرآن، وتقوية الروابط الاجتماعية بين أفراد الأسرة ، فقد روى الامام البخاري في صحيحه : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « اجْعَلُوا فِي بُيُوتِكُمْ مِنْ صَلاَتِكُمْ ، وَلاَ تَتَّخِذُوهَا قُبُورًا »، وفي صحيح البخاري أيضا : (عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – اتَّخَذَ حُجْرَةً – قَالَ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ – مِنْ حَصِيرٍ فِي رَمَضَانَ فَصَلَّى فِيهَا لَيَالِيَ ، فَصَلَّى بِصَلاَتِهِ نَاسٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَلَمَّا عَلِمَ بِهِمْ جَعَلَ يَقْعُدُ ، فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ فَقَالَ « قَدْ عَرَفْتُ الَّذِى رَأَيْتُ مِنْ صَنِيعِكُمْ ، فَصَلُّوا أَيُّهَا النَّاسُ فِي بُيُوتِكُمْ ، فَإِنَّ أَفْضَلَ الصَّلاَةِ صَلاَةُ الْمَرْءِ فِي بَيْتِهِ إِلاَّ الْمَكْتُوبَةَ »، وفي المستدرك للحاكم : (عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «اقرءوا سورة البقرة في بيوتكم، فإن الشيطان لا يدخل بيتًا يقرأ فيه سورة البقرة» ، وفي مسند الامام احمد : (عَاصِمَ بْنَ عَمْرٍو الْبَجَلِيَّ يُحَدِّثُ عَنْ رَجُلٍ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ سَأَلُوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالُوا لَهُ إِنَّمَا أَتَيْنَاكَ نَسْأَلُكَ عَنْ ثَلاَثٍ عَنْ صَلاَةِ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ تَطَوُّعاً وَعَنِ الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ وَعَنِ الرَّجُلِ مَا يَصْلُحُ لَهُ مِنِ امْرَأَتِهِ إِذَا كَانََتْ حَائِضاً فَقَالَ أَسُحَّارٌ أَنْتُمْ لَقَدْ سَأَلْتُمُونِي عَنْ شَيْءٍ مَا سَأَلَنِي عَنْهُ أَحَدٌ مُنْذُ سَأَلْتُ عَنْهُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « صَلاَةُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ تَطَوُّعاً نُورٌ فَمَنْ شَاءَ نَوَّرَ بَيْتَهُ ». وَقَالَ فِي الْغُسْلِ مِنَ الْجَنَابَةِ « يَغْسِلُ فَرْجَهُ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يُفِيضُ عَلَى رَأْسِهِ ثَلاَثاً ». وَقَالَ فِي الْحَائِضِ « لَهُ مَا فَوْقَ الإِزَارِ ».
ومن فوائد ملازمة البيت : تعاهد الأهل والأولاد بالتربية، ومما يؤسف له أن كثيرًا من الناس يتركون أولادهم بلا تربية ولا تأديب، ومنهم من يسلم أولاده إلى الخدم ليتولوا تربيتهم، ومنهم من يسلمهم لوسائل الإعلام، يأخذون منها دينهم ويستقون منها عقيدتهم، ومنهم من يسلم أولادهم لقرنائهم يتعلمون منهم ويتخلقون بأخلاقهم، فإذا ما وجد انحرافا في سلوك أولاده، واعوجاجا في أخلاقهم، تملكه العجب، ولم يعلم أنه إنما أتي من قبيل فعله السيئ وعمله القبيح، لأنه من أحلاس المقاهي مثلا، أو لأنه لا يرى أولاده إلا نادرًا، ولا يعرف عنهم أكثر مما يعرفه الغريب، وأنا أذكر هنا نقاط تعين في تربية الأولاد هي عبارة عن منهج الإسلام في تربية الأولاد، ومع ذلك فهي لا تضمن هدايتهم وصلاحهم وإنما هدايتهم وصلاحهم من الله تعالى.
أيها المسلمون
وإذا كان لزوم البيت للرجل المسلم أمان له في عصر الفتن ، فإن لزوم البيت للمرأة المسلمة هو أمر إلهي ،فقد قال الله تعالى : (يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا (32) وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) الاحزاب (32)، (33) ،قال ابن كثير في تفسيره : أمر الله تعالى نساء النبي وغيرهن من النساء بالقرار في البيوت وعدم الخروج لغير حاجة . وقال القرطبي في تفسيره { وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} من وقر أي السكن ومن القرار ، ثم قال : معنى هذه الآية الأمر بلزوم البيت، وإن كان الخطاب لنساء النبي فقد دخل غيرهن فيه بالمعنى ، وقد قال الشيخ ابن باز رحمه الله : سمى الله مكث المرأة في بيتها قرارا، وهذا المعنى من أسمى المعاني الرفيعة، ففيه استقرار لنفسها وراحة لقلبها وانشراحا لصدرها، فخروجها عن هذا القرار يفضي إلى اضطراب نفسها وقلق قلبها وضيق صدرها وتعريضها لما لا تحمد عقباه ، ويقول سيد قطب: (الآية فيها إيماءةً لطيفةً إلى أن يكون البيتُ هو الأصل في حياتهن، وهو المقرُ، وما عداهُ استثناءً طارئاً لا يثقلنَ فيه ولا يستقررن، إنما هي الحاجة تقضى وبقدرها) ، ويقول الشيخ عبد الله آل محمود -رحمه الله-: (فهذا والله الخطاب اللطيف، والتهذيب الظريف، يأمرُ الله نساءَ نبيه، ونساء المؤمنين بالتتبع بأن يقرنَ في بيوتهن، لأنَّ أشرف حالة المرأة أن تكون قاعِدةً في قعر بيتها، مُلازمةً لمهنتها، من خياطتها، أو كتابتها وقراءتها، أو خدمة بيتها وعيالها، لا يكثر خروجها واطلاعها، لأنَّ ثقل القدمِ من المرأة في بيتها فضيلة، وكثرة الدخول والخروج رذيلة) ،
والمتدبر لآيات القرآن يجد أنَّ الله -تعالى- أضاف البيوت إلى النساء في ثلاث آياتٍ, من كتاب الله -تعالى-، مع أنَّ البيوت للأزواج أو لأوليائهن، وإنما حصلت هذه الإضافة والله أعلم – مراعاةً لاستمرارِ لزوم النساء للبيوت، فهي إضافةُ إسكانٍ, ولزومٍ, للمسكن والتصاقٍ, به، لا إضافة تمليك .قال الله -تعالى-: {وَقَرنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}[الأحزاب:33]، وقال -سبحانه-: {وَاذكُرنَ مَا يُتلَى فِي بُيُوتِكُنَّ مِن آيَاتِ اللَّهِ وَالحِكمَةِ}[الأحزاب:34]، وقال عز شأنه: {لا تُخرِجُوهُنَّ مِن بُيُوتِهِنَّ}(الطلاق:1). وبقاءَ المرأة في بيتها لم يكن في شريعةِ نبي الله محمد –صلى الله عليه وسلم- فحسب ، بل حتى في الشرائع السابقة، فكانت المرأةَ تأمرُ بالبقاء في بيتها، ودليل ذلك قوله تعالى : {وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَديَنَ وَجَدَ عَلَيهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امرَأَتَينِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطبُكُمَا قَالَتَا لا نَسقِي حَتَّى يُصدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيخٌ كَبِيرٌ}[القصص:23] فموسى-عليه السلام- استنكر وجودهما فسألهما: ما خطبكما؟ ما الذي أخرجكما؟ فبينتا السبب من خروجهما، وهي الحاجةُ في قوله -تعالى-: {وَأَبُونَا شَيخٌ كَبِيرٌ} فلم تخرج المرأتانِ من بيتهما إلاَّ من حاجة، ولمَّا خرجتا لزمتا الخلقِ والأدب، فلم تختلطا بالرجال.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وذكر أن أم المؤمنين (سودة) رضي الله عنها- قيل لها : لمَ لا تحجين ولا تعتمرين كما يفعل
أخواتك ؟ فقالت قد حججت واعتمرت ، وأمرني الله أن أقر في بيتي . قال الراوي فوالله ما خرجت من باب حجرتها حتى أخرجت جنازتها رضوان الله عليها .
وقال ابن مسعود : (ما تقربت امرأة إلى الله بأعظم من قعودها في بيتها) ، وقد ثبت في الصحيحين من حديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهْوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، »
فالأصل للمسلمة هو لزوم البيت لا الخروج، والأمر للمرأة بالقرار في البيت شاق على كل من اعتادت الخروج ولكن أيتها المسلمة اغلقي سمعك عن كلام الناس وتعليقاتهم المثبطة، ثم سيري قدما نحو تطبيق أمر الله بالقرار في البيت وجاهدي نفسك على ذلك وستجدين من الله الإعانة والتيسير ،واعلمي أن الخير كل الخير في بقاءك في بيتك وانشغالك في تأدية حق زوجك وتربية أولادك، فما ربت الخراجة الولاجة أبناءها مثلك يا من لزمت بيتك ، فالأصل رسالة البيت، وبقدر ما تبتعد المرأة عن بيتها ، بقدر ما ينتج عنه خلل في الوظيفة الأساسية للمرأة، شعرنا بذلك أم لم نشعر ،روى الإمام الترمذي في سننه 🙁عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ،مَا النَّجَاةُ؟ ،قَالَ :« أَمْسِكْ عَلَيْكَ لِسَانَكَ ،وَلْيَسَعْكَ بَيْتُكَ ،وَابْكِ عَلَى خَطِيئَتِكَ »
الدعاء