خطبة عن (نبي الله إبراهيم عليه السلام )
أبريل 7, 2016خطبة عن ( نهاية قارون، وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ)
أبريل 9, 2016الخطبة الأولى (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اما بعد ايها المسلمون
قال تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) الذاريات (56) ..وقال سبحانه. { وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ } الانبياء (25)
اخوة الاسلام
الآيات السابقة تبين لنا الحكمة من خلق الانسان .. ألا وهي عبادة الله تبارك وتعالى . والسؤال الذي قد يخطر على البال .. هل يحتاج الله تعالى عبادتنا والاجابة لا فإن الله تعالى غني عن العالمين فالعبادة لا تزيده ولا تنقصه مثقال ذرة لأنه سبحانه غني بذاته غنى مطلقا فلا يحتاج إلى شيء مما في الوجود بل كل ما في الوجود محتاج إليه قال الله تعالى : { يَاأَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ } فاطر (15) ،فثمرة العبادة إنما ترجع إلى الشخص العابد نفسه إذ هو المحتاج إلى الله تعالى والمفتقر إليه استعانة وتوكلا كما قال تعالى : { مَنِ اهْتَدَى فَإِنَّمَا يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَإِنَّمَا يَضِلُّ عَلَيْهَا } الاسراء (15) . والعبد المؤمن يعبد ربه لانه يحبه ..فكيف لا يحب العبد ربه ولا يتعبده وهو القائم سبحانه على شؤون خلقه، المسلم منهم والكافر بالرزق والحفظ والحياة ، أمر آخر نوضحه ..اذا كان الله قد خلقنا لعبادته .. فما هي العبادة ؟ ، هل العبادة مقصورة على الصلاة والصوم والحج والزكاة؟ … فأقول هذا فهم قاصرة للعبادة ..فالعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأعمال الباطنة والظاهرة. فالصلاة والزكاة والصيام والحج، عبادة وصدق الحديث وأداء الأمانة وبر الوالدين، وصلة الأرحام، والوفاء بالعهود عبادة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وجهاد الكفار والمنافقين عبادة والإحسان للجار واليتيم والمسكين وابن السبيل عبادة، والدعاء والذكر وتلاوة القرآن عبادة، و حب الله ورسوله والإنابةُ إليه عبادة، والصبر على بلائه والشكر لنعمائه والرضا بقضائه والرجاء لرحمته والخوف من عذابه كل ذلك عبادة ..بل ورحمة الحيوان عبادة .
ايها الموحدون
وقد صنف بعض العلماء العبادة الى صنفين … شعائرية ..وتعاملية.. الشعائرية هي التي تحتوي على الشعائر التي يؤديها العبد المؤمن من( صلاة و صوم وحج )، اما العبادة التعاملية فهي تشمل تعاملك مع الآخرين من ( معاملة مع الوالدين والزوجة أو الزوج والاولاد وتعاملك مع الصديق والجار والزميل في العمل .. وتعاملك في البيع والشراء ..وفي الزراعة والصناعة والتجارة..وفي تعاملك مع الناس في الطريق ووسائل المواصلات .. وتعاملك مع الحيوانات ..كل ذلك عبادات تعاملية .. ومن الملاحظ أن الكثير من الناس مهتمون بالعبادات الشعائرية ، فيؤدون الصلاة ويصومون رمضان ويحجون ويعتمرون..وهذا امر جميل ومطلوب ..ولكنهم مفرطون ومتساهلون ومتهاونون في العبادات التعاملية ظنا منهم ان العبادات التعاملية ليست ذات قيمة او انها لا تؤثر في مصيره ونهايته.. لذا.. تجد البعض منا لا يحسن معاملة الآخرين وهو داخل المسجد وهو في طوافه في الحرم وهو صائم.. تجد بعض المسلمين مصلياً صائماَ قارئاً للقرآن ثم لا يتورع أن يغش أو أو يظلم, وتجد المرأة المصلية الصائمة ثم لا تتورع أن تخالف الشرع بسفورها أو اختلاط أو زينة محرمة.. واخر تراه مصلياً صائماَ قارئاً للقرآن ولكنه عاق لوالديه قاطع لرحمه ..آكلا لحقوق ورثته ..يؤذي جاره ويغتاب الآخرين . تراه مصلياً صائماَ..حاجا ومعتمرا ومتصدقا .. ولكنه يتعامل بالربا ..رغم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت اول كلماته في الدعوة الى الله حسن التعامل بين الناس فيقول ابو سفيان حينما سئل عن رسول الله ( وَيَأْمُرُنَا بِالصَّلاَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعَفَافِ وَالْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ وَأَدَاءِ الأَمَانَةِ ) ولهذا فأقولها وبكل صراحة .. نحن ..المسلمين ..اذا كنا قد نجحنا في أداء العبادات الشعائرية ..فقد فشلنا فشلا زريعا في العبادات التعاملية .. واخشى على نفسي وعليكم من عاقبة ذلك ..فالتهاون في العبادات التعاملية قد يكون سببا في ضياع أجر الصلاة والصوم والصدقة والحج والعمرة ..وتكون النهاية الى الافلاس ثم الى النار اعازنا الله منها ..وخير شاهد على قولى هذا هو حديث المفلس فقد روى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَتَدْرُونَ مَا الْمُفْلِسُ ». قَالُوا الْمُفْلِسُ فِينَا مَنْ لاَ دِرْهَمَ لَهُ وَلاَ مَتَاعَ. فَقَالَ « إِنَّ الْمُفْلِسَ مِنْ أُمَّتِى يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِصَلاَةٍ وَصِيَامٍ وَزَكَاةٍ وَيَأْتِي قَدْ شَتَمَ هَذَا وَقَذَفَ هَذَا وَأَكَلَ مَالَ هَذَا وَسَفَكَ دَمَ هَذَا وَضَرَبَ هَذَا فَيُعْطَى هَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ وَهَذَا مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ فَنِيَتْ حَسَنَاتُهُ قَبْلَ أَنْ يُقْضَى مَا عَلَيْهِ أُخِذَ مِنْ خَطَايَاهُمْ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ثُمَّ طُرِحَ فِي النَّارِ »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اما بعد ايها المسلمون
إن الامر جلل.. والخطب جليل .. واخشى عليكم وعلى نفسي ان نأتي يوم القيامة ونجد الاحوال على غير ما توقعنا ،وتتحقق فينا هذه الآية يوم القيامة (وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ) الزمر (47) ،وقوله تعالى (قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا (103) الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ) الكهف 103 .. وأسوق اليكم بعض الشواهد والأدلة التي يتبين لنا من خلالها خطورة التهاون والتفريط والتساهل في العبادات التعاملية .. ففي صحيح ابن حبان عن الحسن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ثلاث من كن فيه فهو منافق ، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم : من إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا ائتمن خان » .. ويظهر الامر جليا في حديث هذه المرأة التي لم تحسن معاملة هرة ففي صحيح البخاري عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ – رضى الله عنهما – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « عُذِّبَتِ امْرَأَةٌ فِى هِرَّةٍ سَجَنَتْهَا حَتَّى مَاتَتْ ، فَدَخَلَتْ فِيهَا النَّارَ ، لاَ هِيَ أَطْعَمَتْهَا وَلاَ سَقَتْهَا إِذْ حَبَسَتْهَا ، وَلاَ هِىَ تَرَكَتْهَا تَأْكُلُ مِنْ خَشَاشِ الأَرْضِ » ..وإذا انتقلت بكم إلى سوء معاملة الجيران وكيف يعاقب فاعله ..ففي هذا الحديث الذي يرويه لنا الامام أحمد في مسنده ما يكفي لمن كان متعظا فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ فُلاَنَةَ تَذْكُرُ مِنْ كَثْرَةِ صَلاَتِهَا وَصِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا غَيْرَ أَنَّهَا تُؤْذِى جِيرَانَهاَ بِلِسَانِهَا قَالَ « هِيَ فِي النَّارِ ». قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَإِنَّ فُلاَنَةَ تَذْكُرُ مِنْ قِلَّةِ صِيَامِهَا وَصَدَقَتِهَا وَصَلاَتِهَا وَأَنَّهَا تَصَدَّقُ باِلأَثْوَارِ مِنَ الأَقِطِ وَلاَ تُؤْذِى جِيرَانَهَا بِلِسَانِهَا قَالَ « هِىَ فِى الْجَنَّةِ ».. اما سوء العلاقة مع الارحام فحدث عنها ولا حرج .. واسمع الى هذا الحديث الذي يرويه لنا مسلم في صحيحه (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « لاَ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ قَاطِعُ رَحِمٍ ». اما عن سوء التعامل في البيع والشراء فهنك الكثير والكثير ممن يتوعد فاعله ومنها ما رواه احمد في مسنده عَنِ ابْنِ عُمَرَ عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- « مَنِ احْتَكَرَ طَعَاماً أَرْبَعِينَ لَيْلَةً فَقَدْ بَرِئَ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى وَبَرِئَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْهُ وَأَيُّمَا أَهْلُ عَرْصَةٍ أَصْبَحَ فِيهِمُ امْرُؤٌ جَائِعٌ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُمْ ذِمَّةُ اللَّهِ تَعَالَى ) ، اما عن الامانة بين الناس في تعاملهم فيقول صلى الله عليه وسلم في حديث له : (فَيُصْبِحُ النَّاسُ يَتَبَايَعُونَ لاَ يَكَادُ أَحَدٌ يُؤَدِّى الأَمَانَةَ حَتَّى يُقَالَ إِنَّ فِى بَنِى فُلاَنٍ رَجُلاً أَمِينًا. حَتَّى يُقَالَ لِلرَّجُلِ مَا أَجْلَدَهُ مَا أَظْرَفَهُ مَا أَعْقَلَهُ وَمَا فِى قَلْبِهِ مِثْقَالُ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ مِنْ إِيمَانٍ » رواه البخاري ومسلم
اخوة الاسلام
واذا كان سوء المعاملة مع الناس يدخل العبد النار فان حسن المعاملة مع الناس يدخل العبد الجنة مع قليل العمل ففي سنن النسائي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ رَجُلاً لَمْ يَعْمَلْ خَيْرًا قَطُّ وَكَانَ يُدَايِنُ النَّاسَ فَيَقُولُ لِرَسُولِهِ خُذْ مَا تَيَسَّرَ وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ وَتَجَاوَزْ لَعَلَّ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَتَجَاوَزَ عَنَّا فَلَمَّا هَلَكَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ هَلْ عَمِلْتَ خَيْرًا قَطُّ قَالَ لاَ إِلاَّ أَنَّهُ كَانَ لِى غُلاَمٌ وَكُنْتُ أُدَايِنُ النَّاسَ فَإِذَا بَعَثْتُهُ لِيَتَقَاضَى قُلْتُ لَهُ خُذْ مَا تَيَسَّرَ وَاتْرُكْ مَا عَسُرَ وَتَجَاوَزْ لَعَلَّ اللَّهَ يَتَجَاوَزُ عَنَّا. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى قَدْ تَجَاوَزْتُ عَنْكَ ». فاذا كان الله سبحانه وتعالى قد وفقكم الى أداء العبادات الشعائرية من صلاة وصوم وحج فلا تغفلوا او تتهاونوا في العبدادات التعاملية فكلاهما امر به الدين وحث عليه الشرع فكما قال صلى الله عليه وسلم («خَيْرُكُمْ إِسْلاَماً أَحَاسِنُكُمْ أَخْلاَقاً ) رواه احمد ، ويقول (خَيْرُكُمْ مَنْ يُرْجَى خَيْرُهُ وَيُؤْمَنُ شَرُّهُ وَشَرُّكُمْ مَنْ لاَ يُرْجَى خَيْرُهُ وَلاَ يُؤْمَنُ شَرُّهُ » رواه الترمذي ، ويقول : « خيركم ألينكم مناكب في الصلاة » صحيح ابن حبان ، ويقول « خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلِى » رواه الترمذي ، ويقول 🙁 فَإِنَّ خَيْرَكُمْ أَحْسَنُكُمْ قَضَاءً ) رواه البخاري
الدعاء