خطبة عن قوله تعالى( وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ)
يونيو 18, 2017خطبة عن ( الخشية من الله بِالْغَيْبِ)
يونيو 26, 2017الخطبة الأولى ( مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) (207) البقرة
إخوة الإسلام
يقول الله تعالى في محكم آياته : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ.. لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ.وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ص: 29، فالمسلم مطالب أن يتدبر القرآن وأن يعمل به.. واليوم -إن شاء الله- موعدنا مع آية من كتاب الله ،نتدارسها ،ونتدبرها، ونعمل بما جاء فيها .فمع قوله تعالى : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ. وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) البقرة 207 ، والمعنى : ( وَمِنَ النَّاسِ ) أي : هناك صنف من الناس : (مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ). أي يبيع نفسه طلبا لمرضاة الله وطمعا في رحمته ودار كرامته. فتبين لنا الآيات أنه إذا كان المنافقون يظهرون الإيمان ويبطنون الكفر. وقد امتلأت قوبهم بغضا وحقدا على الاسلام والمسلمين. وإذا كان الكفار يجحدون نعم الله ويخالفون أمره . فإن من الناس صنفا آمن بالله ورسوله وباع نفسه لله .وتخلى عن كل ما يملك في سبيل مرضاته.ويضحى في سبيل ذلك بكل غال فيقول سبحانه(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ). قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ : (نَزَلَتْ فِي صُهيب بْنِ سنَان الرُّومِيِّ وصهيب، صحابي جليل معروف. وهو مولى من الموالي .كان يعمل في مكة هو رومي الاصل من بلاد الروم وأقام في مكة وبدأ يتاجر فيها فكثرت أمواله وأصبح غنيا. فلما دعاه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الاسلام آمن به ودخل في الإسلام وكان من السابقين في الدخول في الاسلام فلما هاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة أراد صهيب أن يهاجر بعد النبي صلى الله عليه وسلم ولكن صهيبا تاجر وعنده أموال فانتظر حتى يضع خطة يحاول فيها أن يأخذ الأموال معه ينتفع بها ولكن قريش تربصت به وحاصرته حتى أمكنه أن يهرب ولكن أدركه القناصة والرماة وحاصروه، قبل أن يخرج .فقالوا لا يمكن أبداً أن تخرج بنفسك وبمالك.يقول صهيب (لَمَّا أردتُ الْهِجْرَةَ مِنْ مَكَّةَ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ لِي قُرَيْشٌ: يَا صهيبُ، قَدمتَ إِلَيْنَا وَلَا مَالَ لك،وَتَخْرُجُ أَنْتَ وَمَالُكَ! وَاللَّهِ لَا يَكُونُ ذَلِكَ أَبَدًا. فَقُلْتُ لَهُمْ: أَرَأَيْتُمْ إِنْ دَفَعْتُ إِلَيْكُمْ مَالِي تُخَلُّون عَنِّي؟ قَالُوا: نَعَمْ. فدفعتُ إِلَيْهِمْ مَالِي، فخلَّوا عَنِّي، فَخَرَجْتُ حَتَّى قدمتُ الْمَدِينَةَ. فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: “رَبح صهيبُ، رَبِحَ صُهَيْبٌ” مَرَّتَيْنِ) فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ )
أيها الموحدون
وكما يقول العلماء: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب. فإذا كانت هذه الآية نزلت في شأن هذا الصحابي الذي تنازل عن كل ماله ابتغاء مرضاة الله. فهي في نفس الوقت تعني كل مؤمن باع نفسه لله في كل زمان ومكان.هي تشمل كل مؤمن يرضي ربه ويضحي في سبيل ذلك بكل ما يملك .وبكل ما يستطيع.. فهذا المجاهد في سبيل الله والذي باع أغلى مايملك باع روحه لله لينال الشهادة فهو : (يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ). وهذا التاجر الصدوق الذي رفض الغش والخداع ورضي بالقليل من الربح خوفا من الله فهو : (يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ) . وهذا الموظف الذي عرضت عليه رشوة كبيرة ليخون أمانته فرفضها مع حاجته إلى المال. ورضي براتبه القليل طاعة لله فهو : (يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ) ،وهذا الطبيب الذي رفض أن يخون أمانته فدفعوا له مبلغا كبيرا ليسقط الحمل.أو ليغير في التقرير الطبي فامتنع فهو : (يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ) ،وهذه الفتاة التي رفضت الزواج بمن يريدها أن تظهر للناس مفاتنها فهي ممن : (يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ)، وهذا الشاب الذي رفض الزواج بمن تريد أن تعرض زينتها على مسارح اللهو والغناء طاعة لله فهو ممن (يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ ) ، وهذا العالم الذي رفض أن يبيع دينه فأفتى بشرع الله فحلل الحلال وحرم الحرام وإن خالف هوى من استفتاه فهو ممن : (يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ )، وهذا الشاب الذي ترك العمل بالشركة أو بالمؤسسة أو بالقرية السياحية التي بها فساد ومعصية لله. طلبا لرضا الله فهو ممن (يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ )، نعم : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ. وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ)
.اقول قولي واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية قوله تعالى ( وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له.وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول سبحانه : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ. وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) ، وقوله تعالى : (وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ). فهو الذي هدى عباده لإسلام والإيمان ووفقهم للعمل الصالح واتباع سيد الأنام فهو الذي تفضل بالهداية والتوفيق ثم يدخلهم بعد ذلك الجنان. (وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) يتودد إلى خلقه. ويفرح بتوبتهم وهوغني عنهم (وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ، وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا، وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا، وَإِنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ، وَلَئِنْ اسْتَعَاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ). نعم. (وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) يعطف على عباده المذنبين، فيفتح لهم باب التوبة ما لم تغرغر النفس أو تطلع الشمس من مغربها فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَنْ تَابَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وعن أَبِي مُوسَى الأشعري، عَنْ النَّبِيِّ قَالَ: (إنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا)..(وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) يخفف عن عباده، فلا يكلفهم ما يشق عليهم أو يخرج عن وسعهم وطاقتهم..قال تعالى:(يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا ( النساء 28 )، وقال تعالى: ( لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ) (286) البقرة ، ((وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ ) : فكن أنت أيها المسلم رؤوفًا بالناس ،واملأ قلبك بالرحمة والرأفة التي تشمل عامة المسلمين وخاصتهم.. فعن عبد الله بن عمرو: أن رسول اللهِ قال (الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمُ الرَّحْمَنُ، ارْحَمُوا مَنْ فِي الأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ )
الدعاء