خطبة عن (عرفة يوم المغفرة)
يونيو 1, 2024خطبة عن (عيد الأضحى) (الطاعة والاستسلام)
يونيو 8, 2024الخطبة الأولى (يوم عرفة يوم المغفرة) مختصرة
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
روى ابن ماجه في سننه: (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- دَعَا لأُمَّتِهِ عَشِيَّةَ عَرَفَةَ بِالْمَغْفِرَةِ، فَأُجِيبَ إِنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ، مَا خَلاَ الظَّالِمَ، فَإِنِّي آخُذُ لِلْمَظْلُومِ مِنْهُ. قَالَ «أَيْ رَبِّ، إِنْ شِئْتَ أَعْطَيْتَ الْمَظْلُومَ مِنَ الْجَنَّةِ وَغَفَرْتَ لِلظَّالِمِ». فَلَمْ يُجَبْ عَشِيَّتَهُ، فَلَمَّا أَصْبَحَ بِالْمُزْدَلِفَةِ، أَعَادَ الدُّعَاءَ فَأُجِيبَ إِلَى مَا سَأَلَ. قَالَ فَضَحِكَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-. أَوْ قَالَ تَبَسَّمَ. فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي إِنَّ هَذِهِ لَسَاعَةٌ مَا كُنْتَ تَضْحَكُ فِيهَا، فَمَا الَّذِى أَضْحَكَكَ أَضْحَكَ اللَّهُ سِنَّكَ، قَالَ «إِنَّ عَدُوَّ اللَّهِ إِبْلِيسَ لَمَّا عَلِمَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدِ اسْتَجَابَ دُعَائِي وَغَفَرَ لأُمَّتِي أَخَذَ التُّرَابَ فَجَعَلَ يَحْثُوهُ عَلَى رَأْسِهِ وَيَدْعُو بِالْوَيْلِ وَالثُّبُورِ فَأَضْحَكَنِي مَا رَأَيْتُ مِنْ جَزَعِهِ».
إخوة الإسلام:
يوم عرفة هو يوم المغفرة، وهو من أفضل الأيام عند الله تعالى، فهو ذروة موسم الخيرات، وأغلى أوقات الطاعات، تزداد فيه الحسنات، وتكفر فيه الذنوب والمعاصي والسيئات، فإذا ذُكر يومُ عرفة، فقد ذُكر أفضلُ الأيام وأبركُها، فهو خير يوم طلعت فيه الشمس، وأنبّه المسلمين في هذا اليوم على أمرين: الأول: الدعاء عشية عرفة، من بعد العصر إلى غروب الشمس، لأن يوم عرفة يوم يُرجى فيه إجابة الدعاء، وهذا ما أخبرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم، ففي سنن الترمذي: (أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ». فيوم عرفة يوم الدعاء المستجاب، وكان الصالحون يدّخرون دعواتهم وحاجاتهم لدعاء يوم عرفة؛ فكم من الحاجات والأمنيات والدعوات استجيبت عشية عرفة، فجهزوا أمنياتكم ودعواتكم، واستعدوا ليوم عظيم، فكل من لديه حاجة يريد من الله أن يقضيها له، فليدع بها عشية عرفة، فإنه وقت استجابة الدعاء، وهذا للحاج ولغير الحاج. الأمر الثاني الذي أنبه إليه هو: صيام يوم عرفة: فصيام هذا اليوم فيه الأجر العظيم، والثواب الكبير، وخاصة لغير الحجاج، ففي صحيح مسلم: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ أَحْتَسِبُ عَلَى اللَّهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِي بَعْدَهُ». ففيه مغفرة ذنوب سنتين كاملتين، فأين من يتعرضون لنفحات الله تبارك وتعالى؟، فهذا يوم عرفة، يوم المغفرة، فإذا كان الحجيج واقفين في عرفات، ينعمون برحمات الله تعالى وغفرانه ورضوانه.. فإن أبواب الرحمة والمغفرة والرضوان مفتوحة أمامنا، ونحن في بيوتنا، باستغلالنا لهذا اليوم، بطاعة الله تعالى، والصيام له. وكان سلفنا الصالح يشجعون خدمهم على صيام يوم عرفة، ويوقظونهم للسحور، وأكثروا في هذا اليوم من الصلاة والذكر وتلاوة القرآن والصلاة والسلام على رسول الله، مع نقاء القلب، وحسن السريرة، فلنجعله يوما للعفو والغفران.أيها المسلمون
أما عن فضائل هذا اليوم: فقد روى الإمام مسلم في “صحيحه”: (إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللَّهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ وَإِنَّهُ لَيَدْنُو ثُمَّ يُبَاهِى بِهِمُ الْمَلاَئِكَةَ فَيَقُولُ مَا أَرَادَ هَؤُلاَءِ»، وفي مسند أحمد: (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يُبَاهِى الْمَلاَئِكَةَ بِأَهْلِ عَرَفَاتٍ يَقُولُ انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثاً غُبْراً» ، وفي صحيح ابن حبان: (وما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله إلى السماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فيقول أنظروا إلى عبادي شعثا غبرا ضاحين جاؤوا من كل فج عميق يرجون رحمتي ولم يروا عذابي فلم ير يوم أكثر عتقا من النار من يوم عرفة)،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (يوم عرفة يوم المغفرة)
الحمد لله رب العالمين. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد أيها المسلمون
فيوم عرفة يوم خير الله الجزيل، والأجر العظيم: فقد روى ابن عبد البر، عن أنس بن مالك رضي الله عنه، قال: (وقف النبي ﷺ بعرفات وكادت الشمس أن تئوب، فقال: «يا بلال أنصت لي الناس»، فقام بلال، فقال: أنصتوا لرسول الله ﷺ، فنصت الناس، فقال:« معاشر الناس، أتاني جبريل آنفا فأقرأني من ربي السلام، وقال: إن الله غفر لأهل عرفات وأهل المشعر، وضمن عنهم التبعات», فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فقال: يا رسول الله، هذا لنا خاص؟ فقال: «هذا لكم ولمن أتى بعدكم إلى يوم القيامة», فقال عمر رضي الله عنه: كثر خير الله وطاب). فالعاجز من حُرم خير الله في يوم عرفة؛ وقد روي عن سالم بن عبد الله بن عمر أنه رأى سائلا يسأل يوم عرفة، فقال: «يا عاجز! في هذا اليوم تسأل غير الله؟!»،
فاجعل هذا اليوم كله لله, ولا تنشغل بغير الله, فالواجب علينا أن نتحين الفرص، ونغتنم الأوقات، لنقطف من زهور الطاعات والعبادات، ونستنشق من عبير الصوم والصلاة والذكر والدعاء وقراءة القرآن والصلاة والسلام على رسول الله عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام. فالمحروم في هذا اليوم من حرم الثواب.
الدعاء