خطبة عن حديث ( أَوْثَقَ عُرَى الْإِيمَانِ)
يوليو 1, 2017خطبة عن (اسم الله (الظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ)
يوليو 8, 2017الخطبة الأولى ( يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : ( يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ (30) أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لَا يَرْجِعُونَ (31) وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ)30 : 32 يس
إخوة الإسلام
جاء عَنْ اِبْن عَبَّاس فِي قَوْله تَعَالَى : ” يَا حَسْرَة عَلَى الْعِبَاد ” أَيْ يَا وَيْل الْعِبَاد ،وَقَالَ قَتَادَة ” يَا حَسْرَة عَلَى الْعِبَاد ” أَيْ يَا حَسْرَة الْعِبَاد عَلَى أَنْفُسهمْ عَلَى مَا ضَيَّعَتْ مِنْ أَمْر اللَّه وَفَرَّطَتْ فِي جَنْب اللَّه ،وقال صاحب الكشاف ” يَا حَسْرَة عَلَى الْعِبَاد ” نداء للحسرة عليهم ،كأنما قيل لها : تعالى يا حسرة فهذا أوانك ، وهذه من أحوالك التي حقك أن تحضري فيها ، وقال تعالى : (وَإِنَّهُ لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ (48) وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ (49) وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ) (48):(50) الحاقة ،فيَا حَسْرَتهمْ وَنَدَامَتهمْ يَوْم الْقِيَامَة إِذَا عَايَنُوا الْعَذَاب، كَيْفَ كَذَّبُوا رُسُل اللَّه ،وَخَالَفُوا أَمْر اللَّه ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا فِي الدَّار الدُّنْيَا هم الْمُكَذِّبُونَ ، قال تعالى : ” مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُول إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ” أَيْ يُكَذِّبُونَهُ وَيَسْتَهْزِئُونَ بِهِ وَيَجْحَدُونَ مَا أُرْسِلَ بِهِ مِنْ الْحَقّ .(يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ ) : والحسرة هي الندامة والغم والحزن على ما فات ،والندم عليه ندما لا نفع من ورائه ، فياحسرتاه على العباد الذين باعوا الجنة بثمن بخس دراهم معدودة, واشتروا الدنيا, دار الأمراض ، ودار الموت, ودار العجز ودار الشقاء, فواعجبا لمن يشتري العذاب بيديه، فالأموال زائلة, والأحساب والأنساب فانية ,والجمال والشباب يتغير ويضعف ويزول, لكن( الإيمان والدين )لا يفنى بل هو سبيل البقاء والخلود, نعم ، ، يا حسرةً على العِبادِ إذا وقفوا بين يديِ اللهِ تعالى لِلحسابِ، فكثير من الناسِ ضَيَّعوا التَّكاليفَ, ومن ضيَّعَها فسوفَ يَتَحَسَّرُ إذا ما وَقَفَ بينَ يَدَيِ اللهِ تعالى لِلعرضِ والحسابِ يومَ القيامةِ, فيا من زَهِدَ في الإسلامِ وأعرضَ عنه, أنتَ راجعٌ إلى ربِّكَ رغمَ أنفكَ, سواءٌ أكنتَ حاكماً أو محكوماً, قويَّاً أو ضعيفاً, غنيَّاً أو فقيراً, أنت راجعٌ إلى ربِّكَ وواقِفٌ بين يديهِ يومَ القيامةِ., أتدرونَ ما هوَ يومُ القِيامَةِ؟، فَفِي يومِ القيامةِ : أولاً : المُلكُ فيه لله تعالى الواحدِ القهَّارِ: فالملكُ للهِ تعالى في الحياةِ الدنيا والآخرة, ولكن شاءَ ربُّنا عزَّ وجل أن يعطيَ بعضَ خلقِهِ المُلكَ في الحياةِ الدنيا, قال تعالى: { تُؤْتِي المُلْكَ مَن تَشَاء} آل عمران 26. فظنَّ هذا المَلِكُ أنَّه مستَقِلٌّ, وأنَّهُ ـ والعياذُ باللهِ تعالى ـ نِدٌّ للهِ تعالى, هذا العَبدُ الظانُّ هذا الظنَّ غبيٌّ, وما عِندَهُ ذرَّةُ عقلٍ عندما يُفكِّرُ هذا التَّفكيرَ, ما آتاهُ اللهُ المُلكَ إلا اختباراً وابتلاءً, هل يطغى بِمُلكِهِ أم يَقِفُ عندَ حدودِ اللهِ عزَّ وجلَّ؟ ، فَفِي يومِ القيامَةِ تَتَجلَّى حَقيقةُ المُلكِ بِأنَّهُ للهِ تعالى. يقول الله تعالى: { يَوْمَ هُم بَارِزُونَ لا يَخْفَى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِّمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ للهِ الوَاحِدِ القَهَّار * اليَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لا ظُلْمَ اليَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الحِسَاب} غافر 16 ،17،. أجيبوا يا حُكَّامَ العالم, ويا حُكَّامَ الدُّنيا ، لمنِ المُلكُ اليومَ؟، جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم : (عن عَبْد اللهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: (يَطْوِي اللهُ عَزَّ وَجَلَّ السَّمَاوَاتِ يَوْمَ القِيَامَةِ, ثُمَّ يَأْخُذُهُنَّ بِيَدِهِ اليُمْنَى, ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ, أَيْنَ الجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ المُتَكَبِّرُونَ؟ ثُمَّ يَطْوِي الأَرَضِينَ بِشِمَالِهِ, ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا المَلِكُ, أَيْنَ الجَبَّارُونَ؟ أَيْنَ المُتَكَبِّرُونَ؟). فالمَلِكُ والمالِكُ هوَ اللهُ تعالى, والجبَّارُ هوَ اللهُ تعالى, والمتَكَبِّرُ هوَ اللهُ تعالى, والناسُ همُ الفقراءُ إلى اللهِ تعالى, حُكَّاماً ومَحكُومين, يَقِفُونَ بينَ يَدَيِ اللهِ تعالى لا تَخفَى منهم خافيةٌ, وهناكَ تَنكَشِفُ الحقائقُ, وتُبلى السَّرائرُ, ويَشيبُ الوِلدانُ, وتَذهلُ المرضعةُ عمَّا أرضعت, كما قالَ تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيم * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُم بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللهِ شَدِيد} الحج 1، 2. ثانياً: ويومِ القيامةِ لا ينفعُ فيه النَّسبُ : فالناسُ في هذهِ الحياةِ الدُّنيا يفتَخِرونَ بِأنسابِهِم المادِّيةِ, ولا يفتَخِرونَ بِنَسَبِ التَّقوى ـ إلا من رحِمَ اللهُ تعالى ـ يقول الله تعالى: { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ} الحجرات 13. فَفِي يومِ القيامةِ لا يَنفَعُ نَسَبٌ, قال تعالى: { فَإِذَا نُفِخَ فِي الصُّورِ فَلَا أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلَا يَتَسَاءَلُونَ } المؤمنون (101). فكلُّ نَسَبٍ موضوعٌ إلا نَسَبَ التَّقوى, أخرج الطبراني في الكبير عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: (إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيَامَةِ, أَمَرَ اللهُ مُنَادِياً يُنَادِي: أَلا إِنِّي جَعَلْتُ نَسَباً، وَجَعَلْتُمْ نَسَباً، فَجَعَلْتُ أَكْرَمَكُمْ أَتْقَاكُمْ, فَأَبَيْتُمْ إِلا أَنْ تَقُولُوا: فُلانُ بنُ فُلانٍ خَيْرٌ مِنْ فُلانِ بنِ فُلانٍ، فَأَنَا اليَوْمَ أَرْفَعُ نَسَبِي، وَأَضَعُ نَسَبَكُمْ, أَيْنَ المُتَّقُونَ؟). اللهمَّ اجعلنا منَ المُتَّقينَ. فالنَّسبُ هوَ نَسَبُ التَّقوى والاتِّباعِ والاقتِداءِ, وهذا ما أكَّدَهُ سيِّدُنا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بقوله: (يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ ـ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا ـ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ, لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً, يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ, لا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً, يَا عَبَّاسُ بْنَ عَبْدِ المُطَّلِبِ, لا أُغْنِي عَنْكَ مِنَ اللهِ شَيْئاً, وَيَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللهِ, لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئاً, وَيَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّدٍ, سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي, لا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا) متَّفقٌ عليه عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وأخرج الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: (مَنْ بَطَّأَ بِهِ عَمَلُهُ لَمْ يُسْرِعْ بِهِ نَسَبُهُ). ثالثاً : ويومِ القيامةِ تنطِقُ فيه الجوارِحُ: فإنَّ شُهودَ الدُّنيا في قَضِيَّةٍ (ما) قد يَكذِبونَ وقد يَكونونَ شُهودَ زُورٍ, وقد يُبالغونَ في الحقيقةِ, وقد يَمتنِعونَ عن الإدلاءِ بِالشَّهادةِ خوفاً من مُهدِّدٍ, أو طَمَعاً في مُرَغِّبٍ, وقد تَكونُ شَهادَتُهُم غَامِضَةً، ولكنَّ شُهودَ يومِ القيامةِ صِنفٌ آخرُ من المخلوقاتِ, يَختلِفونَ تماماً عن شُهودِ الدُّنيا, لا يَعرِفونَ الكذِبَ, ولا يَقبَلونَ الرِّشوةَ, ولا يَزيدونَ ولا يُنقِصونَ, شَهَادَتُهُم واضِحَةٌ, عِبَارتُهُم مَفهومَةٌ, قال تعالى: { حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (20) وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (21) وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ (22) وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ (23) فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ } فصلت (20) :(24). ففي يومِ القيامَةِ يَشهَدُ السَّمعُ والبَصَرُ والجِلدُ والرِجْلُ واليَدُ وجَمِيعُ الجَوارِحِ, فَيَا قاتِلَ الأبرياءِ, ويا سافِكَ الدِّماءِ, ويا مُرَوِّعَ النَّاسِ, ويا مُيَتِّمَ الأطفالِ, ويا مُرَمِّلَ النِّساءِ, ويا هاتِكَ الأعراضِ, إذا اختفيتَ بعدَ ارتكابِ الجريمةِ ولم تُعرَف في الدنيا, فاعلم بأنَّك ستُعرَفُ في أرضِ المَحشر عندما تأتي جهنَّمَ وبِئسَ المَصِيرُ, ولا تَخفى مِنكَ خافيةٌ, وتَشهدُ عليكَ جوارِحُكَ.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ويا حسرةً على العِبادِ إذا وَقَفُوا بينَ يَدَيِ اللهِ تعالى يومَ القيامةِ حُفاةً عُراةً غُرلاً, كما جاء في الحديث الشريف الذي رواه الإمام البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا, عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلاً) ثُمَّ قَرَأَ: { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْداً عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ} الأنبياء 104. ويا حسرةً على العِبادِ إذا وَقَفُوا بينَ يَدَيِ اللهِ تعالى لا يَتَكَلَّمونَ, كما قال تعالى: {لا يَتَكَلَّمُونَ إِلا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَاباً} النبأ 38. ويا حسرةً على العِبادِ إذا وَقَفُوا بينَ يَدَيِ اللهِ تعالى, وسَمِعوا قولَ اللهِ تعالى: { وَامْتَازُوا الْيَوْمَ أَيُّهَا الْمُجْرِمُونَ (59) أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (60) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ} يس (59) :(61). فَيَا مَن عَبَدَ الشَّيطانَ ـ يعني أَطَاعَهُ وامتَثَلَ أمرَهُ ـ سواءٌ كان شَيطاناً جِنِّيَّاً أم إنسِيَّاً, ما أنت قائلٌ لِربِّكَ, وأنت المجرمُ القاتِلُ لِلأبرياءِ, وأنت المجرمُ المرَوِّعُ لِلناسِ, وأنت المجرمُ الهاتِكُ لِلأعراضِ, وأنت المجرمُ المُيَتِّمُ لِلأطفالِ والمُرَمِّلُ لِلنِّساءِ؟ ما أنت قائلٌ لِربِّكَ عندما تسمعُ قولَهُ: {لِّمَنِ المُلْكُ اليَوْمَ للهِ الوَاحِدِ القَهَّار}؟ غافر 16. ما أنت قائلٌ لِربِّكَ عندما تسمعُ قولَهُ في الحديث القدسي: (أَيْنَ المُتَّقُونَ؟). فهل تقولُ ها أنا؟ ما أنت قائلٌ لِربِّكَ عندما يَشهَدُ عليكَ سَمْعُكَ وبَصَرُكَ وكلُّ جوارِحِكَ؟ هيِّئِ الجوابَ لمولانا عزَّ وجلَّ. واسمع هذا الحديث الشريفَ ، قال صلى الله عليه وسلم: (عِشْ مَا شِئتَ فَإِنَّكَ مَيِّتٌ, وَأَحبِبْ مَن شِئتَ فَإِنَّكَ مُفَارِقُه, واعمَل مَا شِئتَ فَإِنَّكَ مُجْزَيٌّ بِهِ) رواه الحاكم عن سهل بن سعدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.
الدعاء