خطبة عن خصال الخير وحديث :(مَا اجْتَمَعْنَ فِي امْرِئٍ إِلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ)
يوليو 29, 2017خطبة عن قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا)
أغسطس 5, 2017الخطبة الأولى (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ.. وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : ( لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاء يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) الشورى:49- 50
إخوة الإسلام
إن حِكمةُ الله سبحانه وتعالى صفةٌ تدور على كل الصّفات ,فهو المُعزّ لحِكمَة ،وهو المُذلُّ لِحِكمَة , وهو المُحيي لحكمة ،وهو المُميت لحكمة , وهو المُعطي لحكمة ،وهو المانعُ لِحِكمَة , وكلُّ شيءٍ أرادهُ الله لحكمة لا نعلمها ، لكنّها في صالح العبد دوماً . وفي الآيات السابقة توكيدٌ وتأكيدٌ على أن الله سبحانه وتعالى وحده الخالق والمعطي للذكور والإناث , فيخلق إناثاً هِبَةً منهُ لفلان من الناس ، ولا يهبُ معها الذّكور ،وأيضا يهبُ لهذا الشخص ذكوراً ولا يهب معها الإناث , وذاك يعطيه الذكور والإناث ، ويجعل من البشر من لا ينجب. (وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا ) فهو سبحانه الرزّاق ، والأبناء رزق كالمال تماماً ،فالله يعطي ويمنع لحكمة يعلمها الله جلّ جلاله ، ولبين للخلق طلاقة قدرته ، وبديع خلقه ، ويقول الإمامُ ابن كثير – رحمه الله تعالى -: “يُخبِر الله تعالى أنَّه تعالى خالِقُ السماوات والأرض، والمتصرِّفُ فيهما، وأَنَّه ما شاء كان، وما لم يشأْ لم يكن، وأنَّه يُعطي مَن يشاء، ويَمنع من يشاء، ولا مانعَ لِمَا أعْطَى، ولا مُعطيَ لما منع”. وأنَّه يَخلُق ما يشاء؛ يَهَبُ لمن يشاء إناثًا؛ أي: يرزقه البنات فقط، قال البغويُّ: ومنهم لوط – على نبيِّنا وعليه الصلاة والسلام – ويَهَب لِمَن يشاء الذكور؛ أي: يرزقه البنين فقط، قال البغوي: كإبراهيم الخليل – على نبيِّنا وعليه الصلاة والسلام – لم يُولدْ له أُنْثَى. أو يُزوِّجهم ذُكرانًا وإناثًا؛ أي: ويُعطي لمن يشاء مِن الناس الزوجين الذَّكر والأنثى؛ أي: مِن هذا وهذا، قال البغوي كمُحمَّد – صلَّى الله عليه وسلَّم – ويَجْعل مَن يشاء عقيمًا؛ أي: لا يُولد له، قال البغوي: كيحيَى وعيسى – على نبيِّنا وعليهما الصلاة والسلام. فجَعَل الناسَ أربعةَ أقسام: منهم مَن يُعطيه البناتِ، ومنهم مَن يُعطيه البنين، ومِنهم مَن يُعطيه من النوعين – ذُكورًا وإناثًا – ومنهم مَن يمنعه هذا وهذا، فيجعله عقيمًا لا نَسْلَ له، ولا ولد له، إنَّه عليم؛ أي: بمن يستحقُّ كلَّ قسم مِن هذه الأقسام، قدير؛ أي: على مَن يشاء مِن تفاوت الناس في ذلك. فالله سبحانه بحِكمته وعَدْله يَمْنَح ويمنع، فللعقيمِ عَزاءٌ في حال بعضِ الأنبياء – عليهم السلام – المذكورين آنفًا، وعسى الله أن يُعوِّضهم خيرًا، ويجعلهم مِنَ الصابرين والمحتسبين. فالله سبحانه وتعالى هو المعطي لهذا الرّزق المعروف بالذُّرّية والأبناء , فمن أُعطيَ رضي وشكر الله , ومن مُنِعَ شكر وصبر لأن الله أراد ذلك , ولنتذكر أن النبي محمداً صلى الله عليه وسلم لم ينعم بالأولاد الذكور فكلُّهم ماتوا بعد أن وُلِدوا (لحكمة ) أرادها الله , فالإنسان المحروم من الأولاد لا يجزع ولا يعتبر أن عدم وجود الأولاد له عقاب من الله ، فها هو حبيبُهُ وصفيُّهُ لم يتنعَّم بالأولاد الذّكور , أيُعقل أن الله كان يعاقب محمداً ؟!. وانظروا كيف يتصرَّفُ البعضُ حيال ما يحصل معه من حالات العقم أو إنجاب الإناث فقط فبعضهم يطلّق زوجته أو يتزوج من أخرى (من باب العقوبة) ـ لأنها لا تُنجب إلا البنات، ظانَّاً أنها المسؤولة عن ذلك , وبعض النساء تترك زوجها لأنّه لا ينجب قبل أن يستنفذا كلّ مراحل العلاج الثابتة في الحقائق العلمية ، ومن المعلوم أن سعي العقيم في تحصيل الولد وبذل الأسباب لا ينافي التوكل على الله ولا ينقص الإيمان , والإنسان مفطور على حب الولد , ويشترط في ذلك أن تكون الأسباب نافعة سواء كانت أسباب عادية مباحة مجرب نفعها كالتداوي بالعقاقير الطبية , أو أسباب شرعية دل الشرع عليها كالرقية ونحوها ، ولا يجوز بحال تعاطي الأسباب المحرمة من السحر والدجل والأوهام وغير ذلك مما تذهب دين العبد وتفسد عقله وتضيع ماله . والواجب على العقيم أن يربط قلبه بالله ويتعلق به ويكل الأمر إليه ويوقن أن النفع والضر بيده وأن الكون تحت يده يتصرف به كيف شاء , وان جميع هذه الأسباب مهما كانت لا تؤثر بنفسها بل يصرفها الله فان شاء أنفذها وان شاء امسكها , فلا يتعلق بالمخلوق ولا يلتفت قلبه إلى شيء من الأسباب. والدعاء من أعظم الأسباب في حصول الولد , فليكثر العقيم منه ولا بأس بطلب الدعاء من الرجل والصالح ، وان يحسن الظن بربه ويوقن بالإجابة قال تعالى : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ) البقرة (186) ، وفي سنن الترمذي : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « ادْعُوا اللَّهَ وَأَنْتُمْ مُوقِنُونَ بِالإِجَابَةِ ) ، وليعظم الرجاء بربه وينصرف إليه بكلية قلبه ويدعو دعاء المضطرين قال تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) النمل 62، وليعلم أن الفرج قريب وان الله قادر على كل شيء ، وهو خالق الأسباب والمسببات ، فقد خلق عيسى بلا أب ، ورزق مريم بلا سبب ، وأعطى زكريا الولد وزوجه عقيم وقد بلغ من الكبر عتيا , وأطفأ نار إبراهيم ذات اللهب , فيالله العجب ما أعظم عطاياه وأجزل نعمه وألطفه بعباده.. وإذا كان سبب العقم ناتجاً عن الزوجة فالمشروع للزوج الإحسان إليها وإكرامها وعدم تعييرها بذلك والصبر على إمساكها ودوام عشرتها ، وإن رأى طلب الولد بالزواج بأخرى فحسن فقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال صلى الله عليه وسلم « تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمُ الأُمَمَ » ،وذلك مع الإحسان إلى الزوجة الأولى وعد م تسريحها وهذا من المعروف الذي أوصى الله به. والمرأة التي تبقى تحت زوج عقيم وهى خالية من العقم لها أجر عظيم وثواب جزيل على صبرها عن طلب الولد, لاسيما إذا صلحت نيتها وكانت راغبة في صلاح الزوج وحسن خلقه وكمال عقله , ويجوز لها طلب الطلاق وفسخ العقد لذلك كما قضى بذلك عمر رضي الله عنه. ونقول أيضا لمن لم يُرزق بأطفال تذكر ما جاء في سنن الترمذي : (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ عِظَمَ الْجَزَاءِ مَعَ عِظَمِ الْبَلاَءِ وَإِنَّ اللَّهَ إِذَا أَحَبَّ قَوْمًا ابْتَلاَهُمْ فَمَنْ رَضِىَ فَلَهُ الرِّضَا وَمَنْ سَخِطَ فَلَهُ السَّخَطُ » ، وفيه أيضا : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَا يَزَالُ الْبَلاَءُ بِالْمُؤْمِنِ وَالْمُؤْمِنَةِ فِي نَفْسِهِ وَوَلَدِهِ وَمَالِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ ». فلنقف عند هذه النُّصوص الشَّريفة وِقفة تأمُّلٍ ولْنتذكر أن المؤمن من يصبر على السّرّاء والضّرّاء ويشكر عليها , وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن , فلتكن مؤمناً مُسَلٍّماً أمرَكَ لله , ولا تدري لعلّ الخير بل من المؤكد أن الخير دوماً في ما حصل , فكم من مُتَمَنٍّ لأمرٍ وكان هلاكُهُ بما تمنّى ! وكم من مُتَمَنٍّ للذُّرّيّة كانت ذرِّيتُهُ مُهلِكَتَهُ, فها هم آباءٌ لِأبناءٍ منحرفين ، وقد أَهلكَهُم أبناؤهُم الذين لم يكونوا قُرَّة عين لآبائهم بل المعذِّبين لهم , وكم من أبٍ تمنّى لو أنّه لم يُنجب بسبب ابن عاقّ ،فكان عليه الابن وباءاً ووبالاً . فلنتذكر ..أن الخير فيما اختاره الله لك ، ولو اطّلعت على الغيب لاخترت واقعك
أيها المسلمون
وفي قوله تعالى : (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ ) الشورى:49- 50 ، نلاحظ تقديم الإناث على الذكور، فقال تعالى : ( يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ) قال العلماء: وفي ذلك حثاً على الإحسان إليهن، وجبراً لهن لاستثقال الأبوين لمكانهن، وقدمه بعكس ما كانت تفعل الجاهلية من كراهية البنات حين كانوا يئدوهن، فكأنه قال لهم: إن هذا النوع المحتقر عندكم مقدم عندي في الذكر، وقدمهن لضعفهن، وعند العجز والضعف ينبغي أن تكون العناية أبلغ. وقدم الله تعالى ذكر الإناث على الذكور لأن الجاهليين كانوا يحتقرون المرأة ويهينونها، ، ويعتبرونها من سقط المتاع، وكانت الأنثى إذا بُشِّر بها أبوها، يقع عليه الخبر كالصاعقة، قال تعالى 🙁 وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ ) النحل:58-59.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ.. وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن الناس في هذا الزمان من هم على مذهب أهل الجاهلية الأولى في كراهية البنات، فإذا جاءته البنت تلو البنت ، تبرم وتضجر، وتشاءم وحزن، ولقد جاءت النصوص في البنات، ولم يرد مثلها في البنين، ففي صحيح مسلم (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَا جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَا وَهُوَ ». وَضَمَّ أَصَابِعَهُ. وفي الصحيحين : ( عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ دَخَلَتِ امْرَأَةٌ مَعَهَا ابْنَتَانِ لَهَا تَسْأَلُ ، فَلَمْ تَجِدْ عِنْدِي شَيْئًا غَيْرَ تَمْرَةٍ فَأَعْطَيْتُهَا إِيَّاهَا ، فَقَسَمَتْهَا بَيْنَ ابْنَتَيْهَا وَلَمْ تَأْكُلْ مِنْهَا ، ثُمَّ قَامَتْ فَخَرَجَتْ ، فَدَخَلَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – عَلَيْنَا ، فَأَخْبَرْتُهُ فَقَالَ « مَنِ ابْتُلِىَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ بِشَيْءٍ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنَ النَّارِ » وفي رواية لمسلم: عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ جَاءَتْنِي مِسْكِينَةٌ تَحْمِلُ ابْنَتَيْنِ لَهَا فَأَطْعَمْتُهَا ثَلاَثَ تَمَرَاتٍ فَأَعْطَتْ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا تَمْرَةً وَرَفَعَتْ إِلَى فِيهَا تَمْرَةً لِتَأْكُلَهَا فَاسْتَطْعَمَتْهَا ابْنَتَاهَا فَشَقَّتِ التَّمْرَةَ الَّتِي كَانَتْ تُرِيدُ أَنْ تَأْكُلَهَا بَيْنَهُمَا فَأَعْجَبَنِي شَأْنُهَا فَذَكَرْتُ الَّذِى صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَوْجَبَ لَهَا بِهَا الْجَنَّةَ أَوْ أَعْتَقَهَا بِهَا مِنَ النَّارِ » . ولاحظ أيها المسلم قوله صلى الله عليه وسلم (مَنِ ابْتُلِىَ مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ )، فهو اختبار وامتحان من الله لينظر كيف يعمل العبد، إذن فالبنت شرف ومنحة عزيزة، قال الحسن رحمه الله: البنات حسنات والبنون نعم، والحسنات مجزي عليها، والنعم محاسب عليها. وكتب بعضهم إلى صديق يهنئه بالبنت يقول: أهلاً وسهلاً بعقيلة النساء، وأم الأبناء، وجالبة الأصهار، والأولاد الأطهار، والمبشرة بإخوة يتناسقون، ونجباء يتلاحقون.
فلو كان النساء كمن ذكرنا *** لفضلت النساء على الرجال
وما التأنيث لاسم الشمس عيب *** ولا التذكير فخر للهلال
إذن فمن الخطأ أن يظن بعض الناس أن إعطاءه البنات إهانة، بل إن في ذلك منقبة ومكرمة، وفتح الله له باباً إلى الجنة بهؤلاء البنات، إنهن نعمة، وإنهن في التربية والهمِّ شيء ثقيل نعم، وحتى النفقة، ولذلك صار الأجر في تربيتهن والإنفاق عليهن كبير. وكان رجل عند أحد الخلفاء، فدخلت عليه ابنته الصغيرة، فقبلها، فقال له أحد الأعراب: دعهن عنك يا أمير المؤمنين؛ فإنهن يقربن البعداء، ،يلدن الأعداء، فقال له آخر: يا ويحك، لا تسمع له يا أمير المؤمنين، فوالله ما قام بحق مريض، ولا رحم كبيراً، ولا أعان على نوائب الدهر إلا هن. وكان لرجل زوجة رزقه الله منها بنات، فغضب واعتزلها، فمر بها بعد شهور وهي تُرقص ابنتها، فسمعها تقول:
مال أبي حمزة لا يأتينا *** ينام في البيت الذي يلينا
غضبان أن لا نلد البنين *** تالله ما ذاك في أيدينا
نحن كالأرض لزارعينا *** ننبت ما قد زرعوه فينا
وقال تعالى : (وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ) سورة البقرة:216، وكم من فتاة كانت أبر لأبويها، وأنفع من عدد من الذكور، وكم من ابن كان شقاءً على أبويه، وتمنيا أنهما لم يأتيا به، ولا رأياه، فها هي الجوهرة المصونة، والدرة المكنونة، ينبغي أن تتلقى الحب والرعاية.
الدعاء