خطبة عن ( غزوة بني قريظة)
يوليو 19, 2016خطبة عن ( غزوة تبوك أو العسرة وموقف المنافقين)
يوليو 19, 2016الخطبة الأولى (غزوة تبوك أو العسرة الأسباب والنتائج والمواقف)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ (117) وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا حَتَّى إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنْفُسُهُمْ وَظَنُّوا أَنْ لَا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (118) التوبة .
إخوة الإسلام
نستكمل الحديث عن أحداث غزوة تبوك : فقد اجتمع مع النبي – صلى الله عليه وسلم – ثلاثون ألف مقاتل من المهاجرين والأنصار وغيرهم من أبناء القبائل العربيّة ، ودفع باللواء إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه ، وقام بتقسيم الجيش إلى عددٍ من الألوية ، وعيّن على كلٍ منها قائداً ، ثم استخلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه ليقوم برعاية أهله , فشقّ عليه أن تفوته هذه الغزوة ، ففي صحيح البخاري : (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – خَرَجَ إِلَى تَبُوكَ ، وَاسْتَخْلَفَ عَلِيًّا فَقَالَ أَتُخَلِّفُنِي فِي الصِّبْيَانِ وَالنِّسَاءِ قَالَ « أَلاَ تَرْضَى أَنْ تَكُونَ مِنِّى بِمَنْزِلَةِ هَارُونَ مِنْ مُوسَى إِلاَّ أَنَّهُ لَيْسَ نَبِيٌّ بَعْدِى » . وخرج الجيش بالفعل إلى تبوك في رجب سنة 9 من الهجرة، وترك رسول الله على إمارة المدينة محمد بن مسلمة ، وقطع الجيش المناضل المسافة البعيدة في صبر جميل، لقد كانوا يقسمون الثمرة الواحدة بين الرجلين لقلة الزاد، وكان يتعاقب الرجلان والثلاثة على البعير الواحد، وكانوا يدخرون الماء لندرته، حتى كانوا ينحرون الإبل ليشربوا الماء الذي تدخره في باطنها! إنه ابتلاء كبير، ويُبتلى به المرء على قدر دينه. وانطلق الجيش بقيادة النبي – صلى الله عليه وسلم – نحو الشمال ، وفي الطريق مرّوا على ديار ثمود ، فسارع بعض المسلمين ليروا مساكنهم ، ويقفوا على آثارهم ، وفي صحيحين عن :(سَالِم بْن عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَبِيهِ – رضى الله عنهم أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – لَمَّا مَرَّ بِالْحِجْرِ قَالَ :« لاَ تَدْخُلُوا مَسَاكِنَ الَّذِينَ ظَلَمُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونُوا بَاكِينَ ، أَنْ يُصِيبَكُمْ مَا أَصَابَهُمْ » . ثُمَّ تَقَنَّعَ بِرِدَائِهِ ، وَهْوَ عَلَى الرَّحْلِ » ، ثم أمرهم بالإسراع في الخروج ، فأخبره الصحابة أن بعضهم قد تزوّدوا بالماء للشرب وصنع العجين ، فأمرهم بإراقة ذلك الماء ، وإطعام العجين للدواب ، إلا أنه استثنى ما أخذوه من بئر ناقة صالح عليه السلام ، وبدأت المعاناة بسبب نقص المياه ، وشدّة الحرارة ، وقلّة الرواحل ، واضطرّ بعضهم إلى أكل أوراق الشجر ونحر الإبل ليشربوا ما في بطونها ، وبعد أن بلغ بهم الجهد مبلغاً عظيماً شكوا ذلك لرسول الله – صلى الله عليه وسلم – ، فدعا ربّه بنزول المطر ، ففي سنن البيهقي وغيره (قَالَ عُمَرُ : خَرَجْنَا إِلَى تَبُوكَ فِى قَيْظٍ شَدِيدٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلاً أَصَابَنَا فِيهِ عَطَشٌ حَتَّى ظَنَنَا أَنَّ رِقَابَنَا سَتَنْقَطِعُ حَتَّى إِنْ كَانَ الرَّجُلُ لَيَذْهَبُ يَلْتَمِسُ الْمَاءَ فَلاَ يَرْجِعُ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّ رَقَبَتَهُ سَتَنْقَطِعُ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْصُرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبُهُ فَيَجْعَلُ مَا بَقِىَ عَلَى كَبِدِهِ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَوَّدَكَ فِى الدُّعَاءِ خَيْرًا فَادْعُ لَنَا فَقَالَ : « أَتُحِبُّ ذَلِكَ ». قَالَ : نَعَمْ فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَلَمْ يَرْجِعْهُمَا حَتَّى قَالَتِ السَّمَاءُ فَأَظَلَّتْ ثُمَّ سَكَبَتْ فَمَلَئُوا مَا مَعَهُمْ ثُمَّ ذَهَبْنَا نَنْظُرُ فَلَمْ نَجِدْهَا جَازَتِ الْعَسْكَرَ.) ، وقبل الوصول إلى تبوك أخبرهم الرسول بأنهم يأتون تبوك من يوم غد وأمرهم أن من سبق إليها لا يمس من بئر تبوك شيئًا ففي صحيح مسلم : « إِنَّكُمْ سَتَأْتُونَ غَدًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ عَيْنَ تَبُوكَ وَإِنَّكُمْ لَنْ تَأْتُوهَا حَتَّى يُضْحِىَ النَّهَارُ فَمَنْ جَاءَهَا مِنْكُمْ فَلاَ يَمَسَّ مِنْ مَائِهَا شَيْئًا حَتَّى آتِىَ ». فَجِئْنَاهَا وَقَدْ سَبَقَنَا إِلَيْهَا رَجُلاَنِ وَالْعَيْنُ مِثْلُ الشِّرَاكِ تَبِضُّ بِشَىْءٍ مِنْ مَاءٍ – قَالَ – فَسَأَلَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « هَلْ مَسَسْتُمَا مِنْ مَائِهَا شَيْئًا ». قَالاَ نَعَمْ. فَسَبَّهُمَا النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ لَهُمَا مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَقُولَ – قَالَ – ثُمَّ غَرَفُوا بِأَيْدِيهِمْ مِنَ الْعَيْنِ قَلِيلاً قَلِيلاً حَتَّى اجْتَمَعَ فِى شَىْءٍ – قَالَ – وَغَسَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيهِ يَدَيْهِ وَوَجْهَهُ ثُمَّ أَعَادَهُ فِيهَا فَجَرَتِ الْعَيْنُ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ أَوْ قَالَ غَزِيرٍ – شَكَّ أَبُو عَلِىٍّ أَيُّهُمَا قَالَ – حَتَّى اسْتَقَى النَّاسُ ثُمَّ قَالَ « يُوشِكُ يَا مُعَاذُ إِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ أَنْ تَرَى مَا هَا هُنَا قَدْ مُلِئَ جِنَانًا ».
أيها المسلمون
نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون تبوك فمكثوا فيها عشرين ليلة تقريبًا لم يأتهم فيها أحد من الروم الذين ألقى الله في قلوبهم الرعب الشديد فلم يجرؤ أحد منهم على الالتقاء مع المسلمين وتفرقت جيوشهم داخل بلادهم، وعندها أدرك المتحالفون مع الروم أن أسيادهم القدامى قد ولت أيامهم فأقبلوا على مصالحة المسلمين, ودفع الجزية، وكانت الفترة التي قضاها المسلمون في تبوك لتثبيت أقدامهم في المنطقة وإرساء السمعة العالمية التي اكتسبها المسلمون بإفزاع الروم أقوى جيوش الأرض وقتها وبعدها قرر الرسول الرجوع.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (غزوة تبوك أو العسرة الأسباب والنتائج والمواقف)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
رجع الجيش الإسلامي إلى المدينة معززاً منصوراً لم ينل كيداً ولم يحدث بينهم وبين عدوهم قتالاً ،وفي أثناء الرجوع وقعت جريمة عظيمة وخطة خطيرة دبرها المنافقون لاغتيال النبي صلى الله عليه وسلم والفتك به حيث كانوا يتربصون به ويتحينون الفرصة ويترقبون اللحظات التي يكون فيها النبي صلى الله عليه وسلم لوحده ليس عنده أحد. فبينما كان النبي صلى الله عليه وسلم على العقبة وليس معه غير عمار بن ياسر يقود بزمام ناقته وحذيفة بن اليمان يسوقها ،انتهز المنافقون الفرصة وجاءوا وهم متلثمون يريدون اغتيال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرعبهم الله وكشف خطتهم وعرفهم الرسول صلى الله عليه وسلم ،وسمى لحذيفة أسماءهم وأنزل الله فيهم : ﴿ يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَالُوا وَلَقَدْ قَالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ وَهَمُّوا بِمَا لَمْ يَنَالُوا وَمَا نَقَمُوا إِلَّا أَنْ أَغْنَاهُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ مِنْ فَضْلِهِ فَإِنْ يَتُوبُوا يَكُ خَيْرًا لَهُمْ وَإِنْ يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ عَذَابًا أَلِيمًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي الْأَرْضِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ ﴾ التوبة 74. وفي البخاري ومسلم : (عَنْ أَبِى حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ قَالَ غَزَوْنَا مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – غَزْوَةَ تَبُوكَ فَلَمَّا جَاءَ وَادِىَ الْقُرَى إِذَا امْرَأَةٌ فِي حَدِيقَةٍ لَهَا ، فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – لأَصْحَابِهِ « اخْرُصُوا » . وَخَرَصَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَشَرَةَ أَوْسُقٍ فَقَالَ لَهَا « أَحْصِى مَا يَخْرُجُ مِنْهَا » . فَلَمَّا أَتَيْنَا تَبُوكَ قَالَ « أَمَا إِنَّهَا سَتَهُبُّ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلاَ يَقُومَنَّ أَحَدٌ ، وَمَنْ كَانَ مَعَهُ بَعِيرٌ فَلْيَعْقِلْهُ » .فَعَقَلْنَاهَا وَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَأَلْقَتْهُ بِجَبَلِ طَيِّئٍ – وَأَهْدَى مَلِكُ أَيْلَةَ لِلنَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – بَغْلَةً بَيْضَاءَ ، وَكَسَاهُ بُرْدًا وَكَتَبَ لَهُ بِبَحْرِهِمْ – فَلَمَّا أَتَى وَادِىَ الْقُرَى قَالَ لِلْمَرْأَةِ « كَمْ جَاءَ حَدِيقَتُكِ » . قَالَتْ عَشَرَةَ أَوْسُقٍ خَرْصَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « إِنِّي مُتَعَجِّلٌ إِلَى الْمَدِينَةِ ، فَمَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَعَجَّلَ مَعِي فَلْيَتَعَجَّلْ » . فَلَمَّا – قَالَ ابْنُ بَكَّارٍ كَلِمَةً مَعْنَاهَا – أَشْرَفَ عَلَى الْمَدِينَةِ قَالَ « هَذِهِ طَابَةُ » . فَلَمَّا رَأَى أُحُدًا قَالَ « هَذَا جُبَيْلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ ، أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ دُورِ الأَنْصَارِ » . قَالُوا بَلَى . قَالَ « دُورُ بَنِى النَّجَّارِ ، ثُمَّ دُورُ بَنِى عَبْدِ الأَشْهَلِ ، ثُمَّ دُورُ بَنِى سَاعِدَةَ ، أَوْ دُورُ بَنِى الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ ، وَفِى كُلِّ دُورِ الأَنْصَارِ – يَعْنِى – خَيْرًا » ، ورجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد أن غاب عنها خمسين يوماً منها عشرون يوماً قضاها في تبوك نفسها فلما وصلوا استقبلهم المسلمون في المدينة استقبالاً حافلاً وفرحوا بقدومهم ورجوعهم ،وخرج الأطفال والنساء يرحبون بهم بحفاوة بالغة
أيها المسلمون
وهكذا كانت غزوة تبوك لم يحدث فيها حرب ولا قتال وإنما كانت حرباً نفسية كشفت المنافقين وأظهرت زيفهم ونفاقهم وظهرت بلبلتهم وانكشف إرجافهم وخبثهم وعلم المسلمون خورهم وجبنهم ، وأنهم يعملون فقط لهدم الدين ومحاربة المؤمنين وشق عصى المسلمين حتى أنهم استغلوا فرصة غياب النبي صلى الله عليه وسلم عن المدينة فبنوا لهم مسجداً داخل المدينة متعللين أنهم بنوه لتسهيل الصلاة على ضعفاء المسلمين وتقريب المسافة لهم ،وفي الحقيقة كانوا يريدون شق الصف وجعله وكراً ومقراً للدسائس والمؤامرات .فلما جاء الرسول صلى الله عليه وسلم من الغزوة طلبوا منه الصلاة فيه فأنزل الله ﴿ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِدًا ضِرَارًا وَكُفْرًا وَتَفْرِيقًا بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادًا لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلَّا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ، فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ ﴾ ﴿ لَا يَزَالُ بُنْيَانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ التوبة 107 : 110، ثم أرسل اثنين من الصحابة وهما مالك بن الدخشم ومعن بن عدي ليحرقا المسجد الذي بناه المنافقون ليكون وكرًا للتآمر والكيد بالإسلام والمسلمين, ثم توجّه النبي – صلى الله عليه وسلم – إلى مسجده وصلّى فيه ركعتين ، ثم جلس مع الناس ، وجاءه المنافقون يعتذرون إليه ، فقبل أعذارهم وأوكل سرائرهم إلى الله ،وحضر إليه الثلاثة الذين خُلّفوا عن المعركة فلم يقبل أعذارهم ، ونهى الناس عن مخالطتهم والكلام معهم ، حتى أنزل الله توبتهم .وأنزل الله في هذه الغزوة كلها سورة كاملة في القرآن هي سورة التوبة أو الفاضحة للمنافقين تقص علينا نفسية المنافقين وكيفية التعامل معهم وتفضح أساليبهم وكيدهم وأهدافهم الدنيئة, وكانت هذه الغزوة بحق خاتمة الغزوات النبوية. هذه هي أحداث آخر غزوة للنبي – صلى الله عليه وسلم – ، استطاع من خلالها إسقاط هيبة الروم ، وتوطيد سلطان الإسلام في الجزيرة ، وإيصال رسالة إلى قبائل العرب بمقدار القوّة التي بلغها المسلمون ،الأمر الذي كان له أعظم الأثر في استجابتهم لدعوة الحق وقبولهم للإسلام بعد ذلك .
الدعاء