خطبة عن الاصلاح بين المسلمين (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ، فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ)
مارس 9, 2017خطبة عن ( درجات الخشوع في الصلاة وفضائله)
مارس 10, 2017الخطبة الأولى (الخشوع في الصلاة )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2) المؤمنون ،
إخوة الإسلام
الصلاة عماد الدين ،وهي وصية رب العالمين، ففي أكثر من عشرة مواضع في القرآن الكريم يقول الله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ) البقرة 43، والصلاة هي الركن الثاني من أركان الإسلام ، ومن فضلها ومكانتها أن فرضها الله على رسوله صلى الله عليه وسلم من دون واسطة جبريل عليه السلام كسائر الفرائض ، ففي رحلة المعراج الثابتة في الكتاب والسنة ، وعندما عرج به ووصل (صلى الله عليه وسلم) مكاناً لم يصل إليه أحد من العالمين ، فُرضت الصلاة على أمته. .لتكون الصلاة معراجا يعرج بها العبد إلى ربه. ولتكون صلة بين العبد وربه. والصلاة فيها راحة للنفس وطمأنينة للقلب، ولهذا كان حبيبنا صلى الله عليه وسلم يأمر مؤذنه بلال رضي الله عنه(يَقُولُ قُمْ يَا بِلاَلُ فَأَرِحْنَا بِالصَّلاَةِ ) رواه أحمد، ويقول صلى الله عليه وسلم : (وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلاَةِ » رواه أحمد والنسائي ولأهمية الصلاة فقد كانت المحافظة على الصلاة من آخر وصايا النبي (صلى الله عليه وسلم) قبل أن يودع هذه الحياة (فعَنْ عَلِىٍّ قَالَ كَانَ آخِرُ كَلاَمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « الصَّلاَةَ الصَّلاَةَ اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم ».رواه أحمد وأبو داود والنسائي ، وليس المقصود من الصلاة أداؤها فحسب ، بل مقصود الشارع الحكيم أعم من ذلك وأشمل، ففي كلام الله عز وجل ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ ) وفي كلام الرسول صلى الله عليه وسلم ، عندما عدَّد أركان الإسلام (وإقام الصلاة) فإقامة الصلاة تشمل القيام بشروطها وأركانها وخشوعها والمحافظة على أوقاتها ومراعاة سننها وآدابها، وكلما أتقنها المسلم كانت صلاته أقرب إلى صلاة النبي صلى الله عليه وسلم القائل(وَصَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّى) رواه البخاري. ومن أركان الصلاة الخشوع ، والخشوع في الصلاة هو لب الصلاة وقلبها النابض، وبدونه، يقل أجر المصلي، ولهذا نبه النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا المضمون بقوله صلى الله عليه وسلم « إِنَّ الرَّجُلَ لَيُصَلِّى الصَّلاَةَ مَا لَهُ مِنْهَا إِلاَّ عُشْرُهَا تُسْعُهَا ثُمُنُهَا سُبُعُهَا سُدُسُهَا خُمُسُهَا رُبُعُهَا ثُلُثُهَا نِصْفُهَا » رواه البيهقي في سننه. فقال أهل العلم : والمعنى. أن الرجل قد ينصرف من صلاته ولم يكتب له إلا عشر ثوابها أو تسعها أو ثمنها، فالخشوع والخضوع في الصلاة هما أساسا القبول وبدونهما لا يستمتع الإنسان بالصلاة ولذتها ، وهما ثمرة لصلاح القلب واستقامة الجوارح ، ولا يتحقق ذلك إلا بمعرفة الله جل وعلا، ومعرفة قدرته وعظمته سبحانه وتعالى ومعرفة أوامره والعمل بها، ومعرفة نواهيه واجتنابها. ومما يدل على وجوب الخشوع في الصلاة: أن الله ينصرف عمن التفت في صلاته : (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم « لاَ يَزَالُ اللَّهُ تَعَالَى مُقْبِلاً عَلَى الْعَبْدِ مَا لَمْ يَلْتَفِتْ ، فَإِذَا صَرَفَ وَجْهَهُ انْصَرَفَ عَنْهُ » رواه أحمد والنسائي والبيهقي ..والخشوع في الصلاة صفة من صفات المؤمنين المفلحين قال تعالى : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ ) المؤمنون :2. وقوله تعالى : (وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) الانبياء: 90. والخشوع في الصلاة إنما يحصل لمن فرّغ قلبه لها ، واشتغل بها عما عداها ، وآثرها على غيرها، وحينئذ تكون راحة له وقرة عين كما قال النبي صلى الله عليه وسلم (..جعلت قرة عيني في الصلاة )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (الخشوع في الصلاة )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون.
ونستكمل الحديث عن الخشوع : فبالخشوع يتحقق للمسلم الراحة والطمأنينة والتفكر والتدبر ، فتسكن نفسه ويخشع فؤاده ويطمئن قلبه وينشرح صدره.والخشوع محله القلب وثمرته تظهر على الجوارح، وقد يسأل سائل ما هو الخشوع؟ . فأقول: الخشوع تذلّل القلوب لعلاَّم الغيوب .الخشوع لين في القلب ورقة ،الخشوع سكون القلب وخضوعه، وانكساره، وحرقته، فإذا خشع القلب تبعته جميع الجوارح ، والأعضاء؛ لأنها تابعة له فإذا خشع القلب خشع: السمع والبصر، والرأس، والوجه، وسائر الأعضاء لهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه في الصلاة: « اللَّهُمَّ لَكَ رَكَعْتُ وَبِكَ آمَنْتُ وَلَكَ أَسْلَمْتُ خَشَعَ لَكَ سَمْعِي وَبَصَرِى وَمُخِّي وَعَظْمِي وَعَصَبِي » رواه مسلم، وعَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ : أَنَّهُ رَأَى رَجُلاً يَعْبَثُ بِالْحَصَى فَقَالَ : لَوْ خَشَعَ قَلْبُ هَذَا خَشَعَتْ جَوَارِحُهُ. والخشوع في الصلاة هو حضور القلب بين يدي الله تعالى ، مستحضراً لقربه، فيسكن لذلك قلب المسلم، وتطمئن نفسه، وتسكن حركاته، ويقلُّ التفاته، متأدِّباً بين يدي ربه، مستحضراً جميع ما يقوله ويفعله في صلاته من أول صلاته إلى آخرها ، وهناك البعض يظهرون الخشوع على الجوارح وليس في قلوبهم خشوع وهو خشوع النفاق؛ ولهذا قال حذيفة رضي الله عنه : (إياكم وخشوع النفاق، فقيل له: وما خشوع النفاق؟ قال: أن ترى الجسد خاشعاً، والقلب ليس بخاشع). ورأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه رجلاً طأطأ رقبته في الصلاة فقال: (يا صاحب الرقبة، ارفع رقبتك، ليس الخشوع في الرقاب، إنما الخشوع في القلوب). والخشوع في الصلاة على ثلاث درجات: ذلك ما نستكمله في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء