خطبة عن ( من مقاصد الصيام وحكمته )
مايو 29, 2016خطبة عن ( ماذا بعد فتح مكة؟ )
مايو 29, 2016الخطبة الأولى ( فتح مكة وما تبعه من أحداث )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
روى البخاري في صحيحه : ( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ – رضى الله عنهما – قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَوْمَ فَتْحِ مَكَّةَ « إِنَّ هَذَا الْبَلَدَ حَرَّمَهُ اللَّهُ ، لاَ يُعْضَدُ شَوْكُهُ ، وَلاَ يُنَفَّرُ صَيْدُهُ ، وَلاَ يَلْتَقِطُ لُقَطَتَهُ إِلاَّ مَنْ عَرَّفَهَا »
إخوة الإسلام
حديثنا اليوم إن شاء الله تعالى عن: فتح مكة وما تبعه من أحداث ، كان من أمر “هند بن عتبة بن ربيعة، زوجة أبي سفيان بن حرب” أنها اختفت أيام الفتح الأولى، ثم جاءت إلى النبي – صلى الله عليه وسلم – وأعلنت إسلامها، فعفا الرسول – صلى الله عليه وسلم – عنها. فقالت: والله يا رسول الله، ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب إلي أن يذلوا من أهل خبائك، ثم أصبح اليوم ما أهل أحب إلي أن يعزُّوا من أهل خبائك. – ولما رأى أهل مكة ما كان من عفو الرَّسول – صلى الله عليه وسلم – عنهم، وإكرامه لهم، دخلوا في دين الله أفواجًا، رجالا، ونساء، أحرارًا وعبيدًا، وتتابع الناس بعدهم يدخلون في دين الله أفواجًا، فكان فتح مكة فتحًا للإسلام عظيمًا. – وجلس رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على الصفا ليبايع الناس، فتوافد الناس عليه يبايعونه رجالا ونساءً، كبارًا وصغارًا، أحرارًا وعبيدًا، وبدأ بِمُبايعة الرجال: فبايعهم على الإسلام والسمع والطاعة لله ورسوله، فيما استطاعوا. ولما فرغ من مبايعة الرجال بايع النساء دون أن يصافح أيًّا منهنَّ: فبايعهن على أن لا يشركن بالله شيئا، ولا يسرقن، ولا يزنين، ولا يقتلن أولادهن، ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن، ولا يعصين في معروف. وكان بين المبايعات “هند بنت عتبة” وكانت مُنْتَقِبة متخفية فلما قال النبي: ((ولا يسرقن)) قالت “هند”: يا رسول الله، إنَّ أبا سفيان رجُلٌ شحيح، لا يعطيني ما يكفيني ويكفي بني، فهل عليَّ من حرج إذا أخذتُ من ماله بغيره علمه؟ فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – لها: ((خذي من ماله ما يكفيك وبنيك بالمعروف)). ولما قال الرسول – صلى الله عليه وسلم – في مبايعته النساء: ((ولا يزنين)) قالت هند: وهل تزني الحرة؟ وعرفها الرسول – صلى الله عليه وسلم – من صوتِها فقال لها: ((وإنَّك لهند بنت عتبة؟)). قالت: نعم، فاعفُ عمَّا سلف عفا الله عنك. – وروى البيهقي عن ابن مسعود أنَّ رجلاً كلَّم رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يوم الفتح، فأخذته الرعدة، فقال له صلى الله عليه وسلم: ((هوِّنْ عليْكَ، فإنَّما أنا ابن امرأة من قريش تأكل القديد)). والقديد: هو اللحم المجفف بالشمس مع الملح. – وروى ابن سعد أنَّ رسول الله – صلى الله عليه وسلم – خرج من الكعبة وأبو سفيان بن حرب جالس في المسجد، فقال أبو سفيان في نفسِه: ما أدري بم يغلبنا محمد؟ فأتاه النبي – صلى الله عليه وسلم – فضرب صدْرَه وقال له: ((بالله نغلبك)). فقال أبو سفيان: أشهد أنك رسول الله. – وروى الحاكم والبيهقي عن ابن عباس، وروى ابن سعد عن أبي إسحاق السبيعي: قالوا: رأى أبو سفيان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يمشي، والناس يطئون على عقبه، فقال: لو عاودت هذا الرجل القتال، وجمعت له جمعًا. فجاء رسول الله – صلى الله عليه وسلم – حتى ضرب في صدره فقال: ((إذا يخزيك الله)). فقال أبو سفيان: أتوبُ إلى الله، وأستَغْفِرُه، ما أيقنت أنَّك نبيٌّ إلا الساعة، إني كنت لأحدث نفسي بذلك. – جاء في مرسل يحيى بن سعيد أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لما فتح الله له مكة فتحا مبينا، وهي بلده، وموطنه، ومولده، وأحب بلاد الله إليه، وتم له الأمر، رآه الأنصار ذات يوم قد علا من الصفا حتى يرى الكعبة، فرفع يديه، وجعل يحمد الله ويذكره، ويدعو بما شاء الله له أن يدعو في تضرع وخشوع، وكانوا مجتمعين تحته في سفح الصفا، فقال بعضهم لبعض: أترون رسول الله – صلى الله عليه وسلم – إذ فتح الله عليه أرضه وبلده أن يقيم بها، أم يرجع إلينا؟! فلمَّا فرغ من دعائه أخبره الوحي بما قالوا: فتوجه الرسول – صلى الله عليه وسلم – لهم وقال: ((ماذا قلتم؟)). قالوا: لا شيء يا رسول الله. فلم يزل يتلطَّف بِهم حتى أخبروه بما قالوا. فقال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: ((معاذ الله، المَحْيا مَحْياكم، والممات مَمَاتُكم)). وروى الإمام مسلم والإمام أحمد وغيرهما عن أبي هريرة – رضي الله عنه -، أن النبي – صلى الله عليه وسلم – لمَّا فرغ من طوافه أتى الصفا، فعلا منه حتى يرى البيت، فرفع يديه وجعل يحمد الله تعالى ويذكره، ويدعو بما شاء الله أن يدعو، والأنصار تحته، وكما في صحيح مسلم: (فَقَالَتِ الأَنْصَارُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِى قَرْيَتِهِ وَرَأْفَةٌ بِعَشِيرَتِهِ. قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ وَجَاءَ الْوَحْىُ وَكَانَ إِذَا جَاءَ الْوَحْىُ لاَ يَخْفَى عَلَيْنَا فَإِذَا جَاءَ فَلَيْسَ أَحَدٌ يَرْفَعُ طَرْفَهُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى يَنْقَضِىَ الْوَحْىُ فَلَمَّا انْقَضَى الْوَحْىُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « يَا مَعْشَرَ الأَنْصَارِ ». قَالُوا لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « قُلْتُمْ أَمَّا الرَّجُلُ فَأَدْرَكَتْهُ رَغْبَةٌ فِى قَرْيَتِهِ ». قَالُوا قَدْ كَانَ ذَاكَ. قَالَ « كَلاَّ إِنِّى عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ هَاجَرْتُ إِلَى اللَّهِ وَإِلَيْكُمْ وَالْمَحْيَا مَحْيَاكُمْ وَالْمَمَاتُ مَمَاتُكُمْ ». فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَبْكُونَ وَيَقُولُونَ وَاللَّهِ مَا قُلْنَا الَّذِى قُلْنَا إِلاَّ الضِّنَّ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُصَدِّقَانِكُمْ وَيَعْذِرَانِكُمْ ». قَالَ فَأَقْبَلَ النَّاسُ إِلَى دَارِ أَبِى سُفْيَانَ وَأَغْلَقَ النَّاسُ أَبْوَابَهُمْ – قَالَ – وَأَقْبَلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى أَقْبَلَ إِلَى الْحَجَرِ فَاسْتَلَمَهُ ثُمَّ طَافَ بِالْبَيْتِ – قَالَ – فَأَتَى عَلَى صَنَمٍ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ – قَالَ – وَفِى يَدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ فَلَمَّا أَتَى عَلَى الصَّنَمِ جَعَلَ يَطْعُنُهُ فِي عَيْنِهِ وَيَقُولُ « جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ». فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ طَوَافِهِ أَتَى الصَّفَا فَعَلاَ عَلَيْهِ حَتَّى نَظَرَ إِلَى الْبَيْتِ وَرَفَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَحْمَدُ اللَّهَ وَيَدْعُو بِمَا شَاءَ أَنْ يَدْعُوَ. )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( فتح مكة وما تبعه من أحداث )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وأقام الرسول بمكة بضعة عشرة يوما ينظم شئونها ويفقه أهلها فى الدين وفى هذه الأثناء بعث السرايا للدعوة على الإسلام لا للقتال ولتحطيم الأصنام من غير سفك الدماء فوجه خالد بن الوليد لهدم صنم “العزى” أكبر أصنام قريش وأرسل عمرو بن العاص لهدم”سواع” وهو أكبر أصنام هذيل ،وبعث سعد بن زيد الاشهلي لهدم “مناة” وقد عادت كل هذه السرايا مكللة بالنجاح وذهبت هيبة الأوثان من النفوس وزال سلطانها , ونادى المنادي بمكة: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدع في بيته صنمًا إلا كسره. وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة خطيبا كما سنن الترمذي : قال صلى الله عليه وسلم « إِنَّ مَكَّةَ حَرَّمَهَا اللَّهُ وَلَمْ يُحَرِّمْهَا النَّاسُ وَلاَ يَحِلُّ لاِمْرِئٍ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ أَنْ يَسْفِكَ فِيهَا دَمًا أَوْ يَعْضِدَ بِهَا شَجَرَةً فَإِنْ أَحَدٌ تَرَخَّصَ بِقِتَالِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِيهَا فَقُولُوا لَهُ إِنَّ اللَّهَ أَذِنَ لِرَسُولِهِ -صلى الله عليه وسلم- وَلَمْ يَأْذَنْ لَكَ وَإِنَّمَا أَذِنَ لِي فِيهِ سَاعَةً مِنَ النَّهَارِ وَقَدْ عَادَتْ حُرْمَتُهَا الْيَوْمَ كَحُرْمَتِهَا بِالأَمْسِ وَلْيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ ». وكان لفتح مكة أثر عميق في نفوس العرب فشرح الله صدر كثير منهم للإسلام ، وأقبلوا على الإسلام إقبالا لم يعرف قبل ذلك وصاروا يدخلون في دين الله أفواجا
الدعاء