خطبة عن (بين الخوف والجاء)و(يَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا)
نوفمبر 6, 2016خطبة عن (من أدب العشرة، وحسن الصحبة)
نوفمبر 7, 2016الخطبة الأولى (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته وهو أصدق القائلين : (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ) (152) البقرة
وقال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا (41) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (42) هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا ) (43) الاحزاب ،وفي الصحيحين البخاري ومسلم : ( عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – قَالَ ،قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِي ، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي ، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِى ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً »
إخوة الإسلام
يا له من تفضل كبير ، و يا لها من مكافأة عظيمة ، أن الله جل جلاله وعز سلطانه ، يجعل ذكره لعباده الذين يذكرونه مكافأة لهم على ذكرهم إياه. فإنه الفضل الذي لا يفيضه إلا الله ، الذي لا حاسب لعطاياه، ولا خازن لفضله. وقيل إن موسى عليه السلام قال: (يا رب كيف أشكرك؟ قال له ربه: (تذكرني ولا تنساني فإذا ذكرتني فقد شكرتني، وإذ نسيتني فقد كفرتني) ، وقال الحسن البصري: إن اللّه يذكر من ذكره، ويزيد من شكره، ويعذب من كفره. وقال الحسن البصري أيضا في قوله: { فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ }: اذكروني فيما افترضت عليكم أذكركم فيما أوجبت لكم على نفسي.
وقال فيها ابن عباس : اذكروني بطاعتي أذكركم بمغفرتي ، وقال سعيد بن جبير (اذْكُرُونِي ) في النعمة والرخاء
(أَذْكُرْكُمْ ) في الشدة والبلاء ثم قال: بيانه قوله تعالى : ” فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143) لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ” 144 – الصافات . وفي مسند الإمام أحمد : (عَنْ أَنَسٍ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « قَالَ اللَّهُ يَا ابْنَ آدَمَ إِنْ ذَكَرْتَنِي فِي نَفْسِكَ ذَكَرْتُكَ فِي نَفْسِى وَإِنْ ذَكَرْتَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُكَ فِي مَلأٍ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ أَوْ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ وَإِنْ دَنَوْتَ مِنِّى شِبْراً دَنَوْتُ مِنْكَ ذِرَاعاً وَإِنْ دَنَوْتَ مِنِّى ذِرَاعاً دَنَوْتُ مِنْكَ بَاعاً وَإِنْ أَتَيْتَنِي تَمْشِى أَتَيْتُكَ أُهَرْوِلُ »
أيها المسلمون
إن وقت المسلم هو حياته في الحقيقة، ” والوقت سريع التقضِّي، بطيء التأئّي، أبّ الرجوع ” فما من ساعة تقتل بغير حق إلا كانت على صاحبها حسرة وندامة، قال صلى الله عليه وسلم : « مَنْ قَعَدَ مَقْعَدًا لَمْ يَذْكُرِ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةً وَمَنِ اضْطَجَعَ مَضْجَعًا لاَ يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهِ كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ اللَّهِ تِرَةً ».[رواه أبو داود]. وقال ابن القيم رحمه الله: ( أي لحظة خلا فيها العبد عن ذكر الله عز وجل كانت عليه لا له، وكان خسرانه فيها أعظم مما ربح في غفلته عن الله )، وقد رغَّب الرسول صلى الله عليه وسلم أمته في استغلال أوقات العمر في طاعة الله، واستثمارها فيما يقرب إليه. ألا وإن من أيسر الأعمال التي يستطيع المسلم أن يشغل بها وقته، ويُحيي بها قلبه، ويؤنس بها وحشته، ويرُض بها ربه، ويُتقرب بها إليه: ذكر الله تبارك وتعالى، فليس بعد القرآن الكريم عبادة تؤدى باللسان أفضل من ذكر الله،
فعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ رضى الله عنه أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ شَرَائِعَ الإِسْلاَمِ قَدْ كَثُرَتْ عَلَىَّ فَأَخْبِرْنِي بِشَيْءٍ أَتَشَبَّثُ بِهِ. قَالَ « لاَ يَزَالُ لِسَانُكَ رَطْبًا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ ». [رواه الترمذي]. نعم إن ذكر الله لا يسأمه الجليس، ولا يملّه الأنيس، قال تعالى: ( الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) [الرعد:28]. وقال جل وعلا: ( وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيماً ) [الأحزاب:35]. وعَنْ أَبِى مُوسَى – رضى الله عنه – قَالَ ،قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « مَثَلُ الَّذِى يَذْكُرُ رَبَّهُ وَالَّذِى لاَ يَذْكُرُ مَثَلُ الْحَىِّ وَالْمَيِّتِ » [رواه البخاري].
أيها المسلمون
واعلموا أن أفضل الذكر وأعظمه كلام الله، فمن أشغل وقته بالقرآن حفظاً أو تلاوةً، أو تفسيراً، كان حظه من الأجر عظيماً، ثم بعد القرآن الكريم الأذكار الشرعية، والدعوات المأثورة، والتعوذات الثابتة، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : « يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِي ، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي ، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِى ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ } [رواه البخاري]. وعَنْ أَبِى الدَّرْدَاءِ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَلاَ أُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ ». قَالَ مَكِّىٌّ « وَأَزْكَاهَا عِنْدَ مَلِيكِكُمْ وَأَرْفَعِهَا فِي دَرَجَاتِكُمْ وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ إِعْطَاءِ الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ وَخَيْرٍ لَكُمْ مِنْ أَنْ تَلْقَوْا عَدُوَّكُمْ فَتَضْرِبُوا أَعْنَاقَهُمْ وَيَضْرِبُوا أَعْنَاقَكُمْ ». قَالُوا وَذَلِكَ مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « ذِكْرُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ » [رواه أحمد والترمذي ، وفي الصحيحين : (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ كَانَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- يَذْكُرُ اللَّهَ عَلَى كُلِّ أَحْيَانِهِ) . وقال ابن القيم رحمه الله: ( كان النبي أكمل الخلق ذكراً لله عز وجل، بل كان كلامه كله في ذكر الله وما والاه، وكان أمره ونهيه وتشريعه للأمة ذكراً منه لله ). فالذكر أخي المسلم من أعظم الأعمال الصالحة، ومن أيسرها عملاً، فاحرص عليه في كل أحوالك، فإنه زادك الذي تقدمه اليوم فتجده غداً في صحائف أعمالك، نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذاكرين الله كثيراً إنه سميع مجيب.
أيها المسلمون
أما عن فضائل الذكر من التهليل والاستغفار والتسبيح والتحميد والتكبير والحوقلة ، ومنازل الذاكرين ، فقد ورد فيها أحاديث متعددة ، وأقوال مأثورة عن أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم ، وأذكر لكم منها : عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : { إن أفضل الدعاء: الحمد لله، وأفضل الذكر: لا إله إلا الله } رواه الحاكم
وقال رسول الله : { من قال: لا إله إلا الله نفعته يوماً من دهره، يصيبه قبل ذلك ما أصابه } رواه الطبراني. وفي مسند البزار (عَنْ سَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : مَنْ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أُشْهِدُكَ ، وَأُشْهِدُ مَلائِكَتَكَ وَحَمَلَةَ عَرْشِكَ ، وَأُشْهِدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ أَنَّكَ أَنْتَ اللَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ وَحْدَكَ لاَ شَرِيكَ لَكَ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ ، مَنْ قَالَهَا مَرَّةً ، أَعْتَقَ ثُلُثَهُ مِنَ النَّارِ ، وَمَنْ قَالَهَا مَرَّتَيْنِ ، أَعْتَقَ ثُلُثَاهُ مِنَ النَّارِ ، وَمَنْ قَالَهَا ثَلاثًا ، أَعْتَقَ كُلَّهُ مِنَ النَّارِ ) . وفي صحيح مسلم : (عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ « مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ،لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ عَشْرَ مِرَارٍ كَانَ كَمَنْ أَعْتَقَ أَرْبَعَةَ أَنْفُسٍ مِنْ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ » وفي البخاري :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ . فِي يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ ، كَانَتْ لَهُ عَدْلَ عَشْرِ رِقَابٍ ، وَكُتِبَتْ لَهُ مِائَةُ حَسَنَةٍ ، وَمُحِيَتْ عَنْهُ مِائَةُ سَيِّئَةٍ ، وَكَانَتْ لَهُ حِرْزًا مِنَ الشَّيْطَانِ يَوْمَهُ ذَلِكَ حَتَّى يُمْسِىَ ، وَلَمْ يَأْتِ أَحَدٌ بِأَفْضَلَ مِمَّا جَاءَ بِهِ ، إِلاَّ أَحَدٌ عَمِلَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ » ، وروى مسلم في صحيحه : ( عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ جَاءَ أَعْرَابِيٌّ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ عَلِّمْنِي كَلاَمًا أَقُولُهُ قَالَ « قُلْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ كَثِيرًا سُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ». قَالَ فَهَؤُلاَءِ لِرَبِّى فَمَا لِي قَالَ « قُلِ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي وَارْحَمْنِي وَاهْدِنِي وَارْزُقْنِي ». كما روى مسلم في صحيحه عن : (عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « مَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَىِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ ». وفي رواية له (أَنَّهُ قَالَ « أَدْخَلَهُ اللَّهُ الْجَنَّةَ عَلَى مَا كَانَ مِنْ عَمَلٍ ». وَلَمْ يَذْكُرْ « مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ ». وعن أبي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ : ( أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَنْ قَالَ رَضِيتُ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً وَجَبَتْ لَهُ الْجَنَّةُ » رواه أبو داود . وفي سنن ابن ماجة : (قَالَ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- « طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا ». وعَنْ أَبِى بُرْدَةَ عَنِ الأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ – وَكَانَتْ لَهُ صُحْبَةٌ – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي وَإِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ » رواه مسلم . وقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ :« وَاللَّهِ إِنِّي لأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ وَأَتُوبُ إِلَيْهِ فِي الْيَوْمِ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعِينَ مَرَّةً » رواه البخاري ، وفي سنن الترمذي : (عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ كَانَ يُعَدُّ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فِي الْمَجْلِسِ الْوَاحِدِ مِائَةُ مَرَّةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَقُومَ « رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَىَّ إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الْغَفُورُ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الأولى (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن فضائل الذكر ، ومنازل الذاكرين : ما رواه مسلم : (عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ حَدَّثَنِي أَبِى قَالَ كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكْسِبَ كُلَّ يَوْمٍ أَلْفَ حَسَنَةٍ ». فَسَأَلَهُ سَائِلٌ مِنْ جُلَسَائِهِ كَيْفَ يَكْسِبُ أَحَدُنَا أَلْفَ حَسَنَةٍ قَالَ«يُسَبِّحُ مِائَةَ تَسْبِيحَةٍ فَيُكْتَبُ لَهُ أَلْفُ حَسَنَةٍ أَوْ يُحَطُّ عَنْهُ أَلْفُ خَطِيئَةٍ » ،كما روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :(اللَّهُمَّ أَنْتَ الْمَلِكُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ. أَنْتَ رَبِّى وَأَنَا عَبْدُكَ ظَلَمْتُ نَفْسِى وَاعْتَرَفْتُ بِذَنْبِي فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي جَمِيعًا إِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ وَاهْدِنِي لأَحْسَنِ الأَخْلاَقِ لاَ يَهْدِى لأَحْسَنِهَا إِلاَّ أَنْتَ وَاصْرِفْ عَنِّى سَيِّئَهَا لاَ يَصْرِفُ عَنِّى سَيِّئَهَا إِلاَّ أَنْتَ ) ،وفي صحيح البخاري : (شَدَّادُ بْنُ أَوْسٍ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – « سَيِّدُ الاِسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّى ، لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَىَّ وَأَبُوءُ بِذَنْبِي ، اغْفِرْ لِي ، فَإِنَّهُ لاَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ أَنْتَ » . قَالَ « وَمَنْ قَالَهَا مِنَ النَّهَارِ مُوقِنًا بِهَا ، فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِىَ ، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَالَهَا مِنَ اللَّيْلِ وَهْوَ مُوقِنٌ بِهَا ، فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ ، فَهْوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ » . وفي الصحيحين : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ،قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ لِلَّهِ مَلاَئِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ . قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا . قَالَ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهْوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ مَا يَقُولُ عِبَادِي قَالُوا يَقُولُونَ يُسَبِّحُونَكَ ، وَيُكَبِّرُونَكَ ، وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ . قَالَ فَيَقُولُ هَلْ رَأَوْنِي قَالَ فَيَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ . قَالَ فَيَقُولُ وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً ، وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا ، وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا . قَالَ يَقُولُ فَمَا يَسْأَلُونِي قَالَ يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ . قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا . قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا ، وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا ، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً .
قَالَ فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ قَالَ يَقُولُونَ مِنَ النَّارِ . قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لاَ وَاللَّهِ مَا رَأَوْهَا . قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا ، وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً . قَالَ فَيَقُولُ فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّى قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ . قَالَ يَقُولُ مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ فِيهِمْ فُلاَنٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ . قَالَ هُمُ الْجُلَسَاءُ لاَ يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ » وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله : { خذوا جُنَّتكم من النار ؛ قولوا: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، فإنهن يؤتين يوم القيامة مُقدِّمات، ومُعقِّبات، ومُجنِّبات، وهن الباقيات الصالحات } رواه الطبراني في معجمه. وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال: إن الذين لا تزال ألسنتهم رطبة بذكر الله تبارك وتعالى يدخل أحدهم الجنة وهو يضحك.
وأخرج أحمد في الزهد عن أبي الدرداء قال: لأن أكبر مائة تكبيرة أحب إلي من أن أتصدق بمائة دينار. وأخرج عبد الله ابنه عن عبد الله بن عمرو قال: ما اجتمع ملأ يذكرون الله إلا ذكرهم الله في ملأ أعز منه وأكرم، وما تفرق قوم لم يذكروا الله في مجلسهم إلا كان حسرة عليهم يوم القيامة. وأخرج ابن أبي شيبة عن عمر قال: التكبيرة خير من الدنيا وما فيها. وأخرج ابن أبي شيبة عن معاذ بن جبل قال: لأن اذكر الله من غدوة حتى تطلع الشمس أحب إلي من أن أحمل على الجياد في سبيل الله من غدوة حتى تطلع الشمس. وأخرج ابن أبي شيبة عن عبادة بن الصامت قال:
لأن أكون في قوم يذكرون الله من حين يصلون الغداة إلى حين تطلع الشمس أحب إلي من أن أكون على متون الخيل أجاهد في سبيل الله إلى أن تطلع الشمس، ولأن أكون في قوم يذكرون من حين يصلون العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أن أكون على متون الخيل أجاهد في سبيل الله حتى تغرب الشمس. وأخرج ابن أبي شيبة عن سلمان قال: إذا كان العبد يحمد الله في السراء ويحمده في الرخاء فأصابه ضر دعا الله قالت الملائكة: صوت معروف من امرئ ضعيف فيشفعون له، فإذا كان العبد لا يذكر الله في السراء ولا يحمده في الرخاء فأصابه ضر فدعا الله قالت الملائكة: صوت منكر. وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي هريرة قال: إن أهل السماء ليرون بيوت أهل الذكر تضيء لهم كما يضيء الكوكب لأهل الأرض
الدعاء