خطبة عن (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا )
يوليو 10, 2016خطبة عن (المؤمنون : لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ)
يوليو 10, 2016الخطبة الأولى ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ )
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ (50) وَلَا تَجْعَلُوا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ) ( 50)، (51) الذاريات
إخوة الإسلام
يقول الله تعالى : (كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ.. لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ.. وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ) ص 29 ،وقال الله تعالى : (أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ.. أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا ) محمد 24.. فالمسلم مطالب أن يتدبر القرآن وأن يعمل بالقرآن ليسير على خطا سيد الأنام ..فقد كان خلقه القرآن .. واليوم إن شاء الله موعدنا مع قوله تعالى 🙁 فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ .. إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ) الذاريات 50 . فالإنسان خلق ضعيفا .يحتاج إلى من يقويه ويشد أزره .. والانسان تحيط به الهموم والكروب والشدائد والمحن فهو يحتاج الى من يفرج همه ويكشف غمه .. فإلى من يلجأ ، وإلى من يلوز.. وبمن يحتمي . فكانت الإجابة من عند الله خالقه ومدبر أمره ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ ) والمعنى.. فروا إلى توحيد اللَّه من الشرك به. فلا تفروا إلى الأوثان، ولا تفروا إلى السحرة والكهان ..ولا تفروا الى أصحاب السلطان .. ولا تفروا إلى الأنداد أو أصحاب القبور، وغيرها وغيرها، مما يعبد من دون الله.. ولكن ( فِرُّوا إِلَى اللَّهِ) فهذه دعوة من الله للفرار إليه والرجوع والإنابة إلى رحابه.. والناس في فرارهم أنواع وأصناف، فمنهم من يفر إلى الناس، ومنهم من يفر إلى نفسه، ومنهم من يفر إلى الشيطان وإلى الذنوب والمعاصي والمسكرات .. ظاناً منه أنها تخلصه مما يعاني من الضيق المادي أو المعنوي..وهؤلاء جميعا فروا الى التعاسة والشقاء ..فروا الى الخسران المبين..أما السعيد والموفق… فهو من يفر إلى الله.. يفر إلى الله إذا خاف من أي شيء.. لأنه القادر على كل شيء،لانه القاهر لكل شيء، لانه المتعالي فوق كل شيء، سبحانه.. فلا شيء يخيفك ولا أمر يقلقك ..إلا والله سبحانه وتعالى أقوى منه. لهذا كان من دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عند نومه (اللَّهُمَّ أَسْلَمْتُ وَجْهِى إِلَيْكَ ، وَفَوَّضْتُ أَمْرِى إِلَيْكَ ، وَأَلْجَأْتُ ظَهْرِى إِلَيْكَ ، رَغْبَةً وَرَهْبَةً إِلَيْكَ ، لاَ مَلْجَأَ وَلاَ مَنْجَا مِنْكَ إِلاَّ إِلَيْكَ ، اللَّهُمَّ آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِى أَنْزَلْتَ ، وَبِنَبِيِّكَ الَّذِى أَرْسَلْتَ) رواه البخاري ..( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ.. إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ ) ..نعم فروا إلى الله ..فروا من معاصيه الى طاعته ..فروا.. من الضلال إلى الهدى ..فروا من الكفر إلى الإيمان.. فروا من الشقاء الى السعادة ..فروا من النار إلى الجنة . فروا من الجهل إلى العلم. فروا إلى ما دعاكم اللَّه تعالى إليه عما نهاكم عنه؛ . فروا من طاعة الشيطان إلى طاعة الرحمن. فروا إلي الله في جميع حوائجكم،.. فإذا اشتدّ المرض بالمريض. وعز الطبيب وحار المداوي فمن المؤمل غير الله ؟! .نعم.( وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ ) ففروا اليه قائلين (اشفِ أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك)…واعتمدوا عليه في قضاء حاجاتكم ، وهذا هو رسولنا يقول في دعائه كما في صحيح مسلم « اللَّهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لاَ أُحْصِى ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ». وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر، فزع إلى الصلاة، ففي مسند أحمد (قَالَ حُذَيْفَةُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ صَلَّى) وهذا فرار إلى الله. ..
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ)
الحمد لله رب العالمين ..اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله هو خير الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للخلق أجمعين .. اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
هكذا كان رسول الله يعيش مع الله وبالله.. وينقاد إلى الله.. ويستسلم لله.. ويفر إلى الله،وهكذا كان الأنبياء من قبله عليهم السلام يلتجئون إلى الله سبحانه طالبين العون والمدد والحماية منه..يقول القرآن الكريم على لسان إبراهيم عليه السلام:( إِنّى ذَاهِبٌ إِلَى رَبّى سَيَهْدِينِ ) الصافات 99. فهو سبحانه.. (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82) ) الشعراء .. ففروا إليه، ووحدوه ولا تشركوا به شيئاً
أيها المسلمون
وحين يتكالب الأعداء علي الاسلام والمسلمين وتقوى شوكتهم ويشتد أمرهم، وحين توجه الضربات تلو الضربات للإسلام وأهله، والمسلمون في حالة من الخذلان والضعف، فإنه لا ملجأ من الله إلا إليه، فهو يجير ولا يجار عليه. انظروا ..لما كان يوم الأحزاب واشتد الأمر وذَهلت الألباب وزاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر، وابتلي المؤمنون وزلزلوا زلزالاً شديدًا، لم يكن للرسول وأصحابه إلا الالتجاء إلى الله والاعتصام به.. وفي مسند أحمد (رُبَيْحُ بْنُ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ قُلْنَا يَوْمَ الْخَنْدَقِ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَلْ مِنْ شَىْءٍ نَقُولُهُ فَقَدْ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الحَنَاجِرَ قَالَ « نَعَمْ اللَّهُمَّ اسْتُرْ عَوْرَاتِنَا وَآمِنْ رَوْعَاتِنَا ». قَالَ فَضَرَبَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وُجُوهَ أَعْدَائِهِ بِالرِّيحِ فَهَزَمَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِالرِّيحِ. ) ، وفي الصحيحين دعا رسول الله على الأحزاب فعن ابْنَ أَبِى أَوْفَى – رضى الله عنهما – قَالَ دَعَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – عَلَى الأَحْزَابِ فَقَالَ « اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ ، سَرِيعَ الْحِسَابِ ، اهْزِمِ الأَحْزَابَ ، اهْزِمْهُمْ وَزَلْزِلْهُمْ » . فأجاب الله عبده ونصر جنده وهزم الأحزاب وحده. وأرسل الله على الأحزاب ريحًا كفأت قدورهم، واقتلعت خيامهم، نعم، ( فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ .. إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ )
الدعاء