خطبة عن (الأمور التي تزيل قسوة القلب)
فبراير 6, 2016خطبة عن (قسوة القلب : صورها وأسبابها وعلاجها )
فبراير 6, 2016الخطبة الأولى ( أعراض قسوة القلب وأسبابها )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (74) البقرة ،
إخوة الإسلام
ونواصل الحديث عن قسوة القلب وأعراضها : فمن أعراض قسوة القلب : رابعا : إيثار الدنيا على الآخرة: فتصبح الدنيا همه وشغله الشاغل، وتكون مصالحه الدنيوية ميزاناً في حبه وبغضه وعلاقاته مع الناس. خامسا : ومن أعراض قسوة القلب ـأن يضعف فيه تعظيم الله جل جلاله : وتنطفئ الغيرة في قلبه، وتقل جذوة الإيمان ، ولا يغضب إذا انتهكت محارم الله ، فيرى المنكرات ولا يحرك ساكناً ، ويسمع الموبقات وكأن شيئاً لم يحدث ، لا يعرف معروفاً ، ولا ينكر منكراً ، ولا يبالي بالمعاصي والذنوب ، سادسا : ومن أعراض قسوة القلب : الوحشة التي يجدها صاحب القلب القاسي : وضيق الصدر والشعور بالقلق والضيق بالناس ، ولا يكاد يهنأ بعيش أو يطمئن، فيظل قلقاً متوتراً من كل شيء، يغضب لأتفه الأسباب أو بلا سبب. أن القلب القاسي يمنع من أن تجد الرحمة إليه سبيلا، فلا يرحم فقيرا ، ولا يعبأ لحال يتيم أو ذي مقربة ، أو مسكين ذي متربة.
إخوة الإسلام
تلك أعراض القلب القاسية أما أسبابها فكثيرة أيضا ومتعددة وبعضها أكثر خطورة من الآخر، وتزداد القسوة كلما تعددت الأسباب، ولعل أهم هذه الأسباب ما هي: أولها – حب الدنيا والركون إليها ونسيان الآخرة: وهذا من أعظم الأسباب التي تقسي القلوب ، فإن حب الدنيا إذا طغى على القلب ضعف إيمانه شيئاً فشيئاً حتى تصبح العبادة ثقيلة مملة ، ويجد لذته وسلواه في الدنيا وحطامها حتى ينسى الآخرة أو يكاد ، ويغفل عن هادم اللذات ، ويبدأ عنده طول الأمل ، وما اجتمعت هذه البلايا في شخص إلا أهلكته . وللدنيا شُعب ، وما مال القلب إلى واحدة منها إلا استهوته لما بعدها، ثم إلى ما بعدها حتى يبتعد عن الله عز وجل، وعندها تسقط مكانته عند الله، ولا يبالي الله في أي وادي من أودية الدنيا هلك والعياذ بالله. إن هذا العبد نسي ربه وأقبل على الدنيا، فعظم ما لا يستحق التعظيم، واستهان بما يستحق الإجلال والتكريم، فلذلك كانت عاقبته من أسوأ العواقب. وثاني الأسباب لقسوة القلب – الغفلة : وهي داءٌ وبيل ، ومرض خطير إذا استحوذ على القلوب ، وتمكن من النفوس ، واستأثر على الجوارح والأبدان ، مما أدى إلى إنغلاق كل أبواب الهداية ، وحصول الطبع والختم على القلوب ، قال تعالى : ﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَسَمْعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ﴾ النحل 108 ، يقول ابن القيم –رحمه الله- واصفاً حال أكثر الخلق : (( ومن تأمل حال هذا الخلق وجدهم كلهم إلا قليل ممن غفلت قلوبهم عن ذكر الله تعالى ، واتبعوا أهواءهم ، وصارت أمورهم ومصالحهم فرطاً ، أي فرطوا فيما ينفعهم ويعود بصالحهم ، واشتغلوا بما لا ينفعهم بل يعود بضررهم عاجلاً و آجلاً )) ، وأخبر الله تعالى عن أصحاب الغفلة أنهم أصحاب قلوب قاسية لا ترق ولا تلين ، ولا تنتفع بشيء من الموعظة ، فهي كالحجارة أو أشد قسوة ، ولهم أعين يشاهدون بها ظواهر الأشياء ، ولكنهم لا يبصرون بها حقائق الأمور ، ولا يميزون بها بين المنافع والمضار ، ولهم آذان يسمعون بها الباطل كالكذب والغناء والفحش والغيبة والنميمة، ولا ينتفعون بها في سماع الحق من كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وآله وسلم فأنى لهؤلاء الفوز والنجاة وتلك حالهم ، وأنى لهم الهدى والاستقامة وتلك طريقتهم يقول سبحانه : ﴿وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ ﴾ الاعراف 179، وثالث الأسباب لقسوة القلب – مصاحبة أصدقاء السوء ، والجلوس في الأجواء الفاسدة : وهذا السبب من أكثر الأسباب تأثيراً ، وذلك لأن الإنسان سريع التأثر بمن حوله ، فالشخص الذي يعيش في وسط يعجُ بالمعاصي والمنكرات ، ويجالس أناساً أكثر حديثهم عن المحرمات ، ويكثرون المزاح والضحك والنكات وسماع الغناء ورؤية المسلسلات الماجنة ، هذا الشخص لا بد أن يتأثر بهؤلاء الجلساء وطبعه يسرق من طبعهم ، فيقسو قلبه ، ويعتاد على هذه المنكرات عن المرء لا تسأل وسل عن قرينه فكل قرين بالمقارن يقتدي.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( قسوة القلب :صورها وأسبابها وعلاجها ) 2
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن أسباب قسوة القلوب : – كثرة الوقوع في المعاصي والمنكرات ،بحيث تصبح شيئاً مألوفاً : فإن المعصية ولو كانت صغيرة تمهد الطريق لأختها حتى تتابع المعاصي ويهون أمرها ، ولا يدرك صاحبها خطرها ، وتتسرب واحدة وراء الأخرى إلى قلبه ، حتى لا يبالي بها ، ولا يقدر على مفارقتها ويطلب ما هو أكثر منها ، فيضعف في قلبه تعظيم الله وتعظيم حرماته ، ولهذا يقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، كما في سنن الترمذي (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« إِنَّ الْعَبْدَ إِذَا أَخْطَأَ خَطِيئَةً نُكِتَتْ فِي قَلْبِهِ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فَإِذَا هُوَ نَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ وَتَابَ سُقِلَ قَلْبُهُ وَإِنْ عَادَ زِيدَ فِيهَا حَتَّى تَعْلُوَ قَلْبَهُ وَهُوَ الرَّانُ الَّذِى ذَكَرَ اللَّهُ ( كَلاَّ بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) ». قَالَ هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ. ومن أسباب قسوة القلوب : – نسيان الموت وسكراته ، والقبر وأهواله : وعذابه ونعيمه ، ووضع الموازين ، ونشر الدواوين ، والمرور على الصراط ، ونسيان النار وما أعد الله فيها لأصحاب القلوب القاسية ، ومن أسباب قسوة القلوب : أكل الحرام.: ففي صحيح مسلم :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لاَ يَقْبَلُ إِلاَّ طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ ( يَا أَيُّهَا الرُّسُلُ كُلُوا مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَاعْمَلُوا صَالِحًا إِنِّي بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ) وَقَالَ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) ». ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أَشْعَثَ أَغْبَرَ يَمُدُّ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِىَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ». ومن أسباب قسوة القلوب : المجاهرة بالمعاصي : ففي صحيح البخاري : أن (أَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ : « كُلُّ أُمَّتِى مُعَافًى إِلاَّ الْمُجَاهِرِينَ ، وَإِنَّ مِنَ الْمَجَانَةِ أَنْ يَعْمَلَ الرَّجُلُ بِاللَّيْلِ عَمَلاً ، ثُمَّ يُصْبِحَ وَقَدْ سَتَرَهُ اللَّهُ ، فَيَقُولَ يَا فُلاَنُ عَمِلْتُ الْبَارِحَةَ كَذَا وَكَذَا ، وَقَدْ بَاتَ يَسْتُرُهُ رَبُّهُ وَيُصْبِحُ يَكْشِفُ سِتْرَ اللَّهِ عَنْهُ » .، فالعبد اذا جاهر بالمعصية بارز الله واستخف بعقوبته فعاقبه الله بفساد قلبه وموته ,أما المستخفي الخائف من الله فهو قريب الى الله. ونستكمل الحديث عن قسوة القلب في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء