خطبة عن ( مجالات الأعمال الصالحة وفوائد التسابق إليها)
فبراير 19, 2016خطبة عن (فوائد وثمار قيام الليل وفضائله)
فبراير 21, 2016الخطبة الأولى (أحوال السلف الصالح في قيام الليل)
الحمد لله رب العالمين …اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام … وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له…. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. هو صفوة الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للعالمين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى : ( يَاأَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ (1) قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا (2) نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا (3) أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلًا ) (1): (4) المزمل
إخوة الإسلام
من أحوال السلف الصالح مع قيام الليل : قال ابن المنكدر: ما بقي من لذات الدنيا إلاّ ثلاث: قيام الليل، ولقاء الإخوان، والصلاة في جماعة. وقال معمر: صلى إلى جنبي سليمان التميمي -رحمه الله- بعد العشاء الآخرة، فسمعته يقرأ في صلاته (تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ)، حتى أتى على هذه الآية {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الملك: 27]، فجعل يردّدها حتى خفّ أهل المسجد وانصرفوا، ثم خرجت إلى بيتي، فما رجعت إلى المسجد لأؤذن الفجر، فإذا سليمان التميمي في مكانه كما تركته البارحة، وهو واقف يردد هذه الآية لم يجاوزها {فَلَمَّا رَأَوْهُ زُلْفَةً سِيئَتْ وُجُوهُ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الملك: 27]. وكان عمرو بن دينار قد جزأ الليل ثلاثة أجزاء: ثلثٌ ينام، وثلثٌ يدرس، وثلثٌ يصلِّي. وقال أبو سليمان الداراني : والله لولا قيام الليل ما أحببتُ الدنيا. وقال ثابت: كابدت قيام الليل عشرين سنة، وتنعمت به عشرين سنة. وقال الأوزاعي: من أطال قيام الليل، هوَّن الله عليه وقوف يوم القيامة.
إخوة الاسلام
وإن للطاعات لذة لا يدركها كل الطائعين، ولا يصل إليها كل السائرين، فهي لا تنال إلا بالإخلاص والمجاهدة، ولا يبلغها إلا أصحاب المقامات العالية. فأولئك قوم وجدوا لذة المناجاة، وعرفوا قيمة الخلوة بالله تعالى في جوف الليل.. أحسوا بنعيم لم يحس به غيرهم، فتجافت جنوبهم عن مضاجعهم، وفارق النوم أعينهم، واكتفوا بالخلوة بربهم سبحانه عن غشيان مجالس السمر واللهو والغفلة، فما يجدونه من لذة بمناجاة ربهم سبحانه أعظم مما يجده أهل السمر في سمرهم ، قال الله تعالى : ﴿ تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ * فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [السجدة: 16- 17]. ومن دلائل لذة قيام الليل: ترديد آية حتى يصبح، فإما أن تكون آية وعيد فيذكر نفسه بها، وإما أن تكون آية وعد فيشرئب لها، وإما أن تكون موطن عبرة فيعتبر بها، وإما أن تكون دعوة فيدعو بها، لا يقدر على مجاوزتها، فيمضي الليل وهو لا يشعر. فعَنْ أَبِي ذَرٍّ رضي الله عنه، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” قَرَأَ هَذِهِ الْآيَةَ فَرَدَّدَهَا حَتَّى أَصْبَحَ ﴿ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴾ [المائدة: 118] ” رواه أحمد.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (أحوال السلف الصالح في قيام الليل)
الحمد لله رب العالمين …اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام … وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له…. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. هو صفوة الخلق وحبيب الحق ورحمة الله للعالمين اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
وعَنْ مَسْرُوقٍ، أَنَّ تَمِيمًا الدَّارِيَّ رضي الله عنه رَدَّدَ هَذِهِ الْآيَةَ حَتَّى أَصْبَحَ ﴿ أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَوَاءً مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ ﴾ [الجاثية: 21]. وعن زائدة بن قدامة قال:” صليت مَعَ أَبِي حنيفة في مسجده عشاء الآخرة، وخرج النَّاس ولم يعلم أني في المسجد، وأردت أن أسأله عن مسألة، من حيث لا يراني أحد، قَالَ: فقام فقرأ، وقد افتتح الصَّلاة، حَتَّى بلغ إلى هذه الآية: ﴿ فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ ﴾ الطور 27، فأقمت في المسجد أنتظر فراغه، فلم يزل يرددها حَتَّى أذن المُؤَذِّن لصلاة الفجر”. ومن دلائل لذة قيام الليل: نسيان كل لذائذ الدنيا مقابل لذة مناجاة رب العالمين في جوف الليل، قال أبو الدرداء رضي الله عنه: ” لولا ثلاث ما أحببت العيش يوما واحدا: الظمأ لله بالهواجر، والسجود لله في جوف الليل، ومجالسة أقوام ينتقون أطايب الكلام كما ينتقى أطايب الثمر”. وَقال أَبُو سُلَيْمَانَ الداراني رحمه الله تعالى:” أَهْلُ اللَّيْلِ فِي لَيْلِهِمْ أَلَذُّ مِنْ أَهْلِ اللَّهْوِ فِي لَهْوِهِمْ، وَلَوْلَا اللَّيْلُ مَا أَحْبَبْت الْبَقَاءَ فِي الدُّنْيَا”. وأعجب من ذلك تمني بعضهم أن لو كان يستطيع الصلاة في القبر، قال ثَابِتٌ الْبُنَانِيُّ لِحُمَيْدٍ الطَّوِيلِ: “هَلْ بَلَغَكَ يَا أَبَا عُبَيْدٍ أَنَّ أَحَدًا يُصَلِّي فِي قَبْرِهِ إِلَّا الْأَنْبِيَاءَ؟” قَالَ: لَا، قَالَ ثَابِتٌ: “اللهُمَّ إِنْ أَذِنْتَ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ فِي قَبْرِهِ فَأْذَنْ لِثَابِتٍ أَنْ يُصَلِّيَ فِي قَبْرِهِ” ، وَكَانَ ثَابِتٌ يُصَلِّي قَائِمًا حَتَّى يَعْيَا، فَإِذَا أَعْيَا جَلَسَ فَيُصَلِّي وَهُوَ جَالِسٌ…
الدعاء