خطبة عن ( أنواع النفوس ،وسبل تزكيتها)
مايو 8, 2016خطبة عن ( المرأة في الإسلام وفي غيره )
مايو 9, 2016الخطبة الأولى ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : ﴿ وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ [الشمس: 7 – 10] ،وقَالَ اللَّهُ تَعَالَى (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى (14) وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى ) ( 14) ، ( 15) الاعلى ، وروى الإمام أحمد في مسنده (قَالَ أَبُو ذَرٍّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَخْلَصَ قَلْبَهُ لِلإِيمَانِ وَجَعَلَ قَلْبَهُ سَلِيماً وَلِسَانَهُ صَادِقاً وَنَفْسَهُ مُطْمَئِنَّةً وَخَلِيقَتَهُ مُسْتَقِيمَةً وَجَعَل أُذُنَهُ مُسْتَمِعَةً وَعَيْنَهُ نَاظِرَةً فَأَمَّا الأُذُنُ فَقِمَعٌ وَالْعَيْنُ مُقِرَّةٌ بِمَا يُوعِى الْقَلْبُ وَقَدْ أَفْلَحَ مَنْ جَعَلَ قَلْبَهُ وَاعِياً ». وروى مسلم في صحيحه (عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ ».
إخوة الإسلام
لقد أفلح وفاز من زكى نفسه بطاعة الله ، وطهرها من الرذائل والأخلاق الدنيئة، وقد خاب وخسر من دساها ، فدسس نفسه ، وأخملها وأبعدها عن الهدى، حتى ركبت المعاصي وتركت طاعة الله عز وجل ، وقد أفلح من زكى الله نفسه وطهرها بالإيمان والهداية إلى العمل الصالح وحب الطاعات وترك المنكرات، وقد خاب وخسر من دسى الله نفسه بالغفلة عن ذكره ، والميل إلى الشهوات ، فتأمرهم بالمنكر وتنهاهم عن الطاعات ،فنفس الإنسان تتقلب بين الخير والشر، قال الله عز وجل: (وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا) (7)، (8) الشمس ، والنفس بطبيعتها تجنح إلى الغواية وتميل عن الهداية، قال تعالى: ( وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (53) يوسف ، لذا فالحاجة إلى تعاهد إصلاح النفس شديدة، والعناية بأمرها أكيدة، وإصلاحها يكون بالتزكية، قال سبحانه: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا ﴾ ( 9) ، ( 10) الشمس، والتزكية هي تطهير النفس عن الميل إلى ما حرم الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم والانحياز إلى ما أمر الله تعالى به ورسوله صلى الله عليه وسلم قال صلى الله عليه وسلم كما في سنن البيهقي وغيره :(أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ :« ثَلاَثٌ مَنْ فَعَلَهُنَّ فَقَدْ طَعِمَ طَعْمَ الإِيمَانِ : مَنْ عَبَدَ اللَّهَ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَأَعْطَى زَكَاةَ مَالِهِ طَيِّبَةً بِهَا نَفْسُهُ رَافِدَةً عَلَيْهِ فِى كُلِّ عَامٍ ، وَلَمْ يُعْطِ الْهَرِمَةَ وَلاَ الدَّرِنَةَ وَلاَ الشَّرَطَ اللاَّئِمَةَ وَلاَ الْمَرِيضَةَ وَلَكِنْ مِنْ أَوْسَطِ أَمْوَالِكُمْ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَسْأَلْكُمْ خَيْرَهُ وَلَمْ يَأْمُرْكُمْ بِشَرِّهِ وَزَكَّى عَبْدٌ نَفْسَهُ » فَقَالَ رَجُلٌ : مَا تَزْكِيَةُ الْمَرْءِ نَفْسَهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ :« يَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ مَعَهَ حَيْثُ مَا كَانَ ». وتزكية النفس من المقاصد التي بعث الأنبياء لتحقيقها، قال تعالى: ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ) (164)) آل عمران
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونَفسُ الإِنسَانِ الَّتي بَينَ جَنبَيهِ، عَالَمٌ مِنَ العَجَائِبِ وَالغَرَائِبِ، بَل هِيَ مُعجِزَةٌ مِن مُعجِزَاتِ الخَلقِ، لا يَعرِفُ حَقِيقَتَهَا غَيرُ خَالِقِهَا الَّذِي سَوَّاهَا، فَأَلهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقوَاهَا، وَمِن أَعجَبِ مَا في تِلكَ النَّفسِ، مَا تَنطَوِي عَلَيهِ مِن صِفَاتٍ مُتَغَايَرَةٍ، وَمَا تَحمِلُهُ مِن سِمَاتٍ مُتَضَادَّةٍ، وَمَا يَعتَرِيهَا مِن إِقبَالٍ وَإِدبَارٍ وَشِرَّةٍ وَفَترَةٍ، وَطِيبٍ وَخُبثٍ وَأَمرٍ بِالسُّوءِ وَاطمِئنَانٍ إِلى الخَيرِ،وفي مسند الإمام أحمد (قَالَ -صلى الله عليه وسلم- « فَإِنَّ لِكُلِّ عَابِدٍ شِرَةٌ وَلِكُلِّ شِرَةٍ فَتْرَةٌ فَإِمَّا إِلَى سُنَّةٍ وَإِمَّا إِلَى بِدْعَةٍ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى سُنَّةٍ فَقَدِ اهْتَدَى وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِك فَقَدْ هَلَكَ ». وَمِن ثَمَّ فَقَد تَعَامَلَ المَنهَجُ التَّربَوِيُّ الإِسلامِيُّ، مَعَ النَّفسِ بِكُلِّ هَذِهِ الاعتِبَارَاتِ، فَجَمَعَ لَهَا بَينَ التَّرغِيبِ وَالتَّرهِيبِ، وَزَاوَجَ في تَهذِيبِهَا بَينَ الرَّجَاءِ وَالخَوفِ، وَرَغَّبَهَا وَرَهَّبَهَا. وَالإِنسَانُ يُولَدُ عَلَى الفِطرَةِ، فَإِذَا قُدِّرَ لَهُ مَن يُذَكِّرُهُ بِالخَيرِ وَيَدُلُّهُ عَلَيهِ، استَقَامَت نَفسُهُ عَلَى طَرِيقِ الهُدَى وَاستَحسَنَتهُ وَأَلِفَتهُ، وَإِن لم يَجِدْ مَن يُذَكِّرُهُ أَو وَجَدَ مَن يَمِيلُ بِهِ، مَالَت نَفسُهُ إِلى طَرِيقِ الفُجُورِ وَاستَمرَأَتهُ وَرَكَنَت إِلَيهِ. وفي صحيح البخاري (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « مَا مِنْ مَوْلُودٍ إِلاَّ يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ ، كَمَا تُنْتَجُ الْبَهِيمَةُ بَهِيمَةً جَمْعَاءَ هَلْ تُحِسُّونَ فِيهَا مِنْ جَدْعَاءَ » . ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – ( فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِى فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا ) الآيَةَ ) ونواصل الحديث في الموضوع إن شاء الله
الدعاء