خطبة عن( فَلَا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَادًا وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ)
يوليو 8, 2016خطبة عن ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ )
يوليو 8, 2016الخطبة الأولى (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ: النطق باللسان واليقين في القلب، والعمل بالجوارح)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام….. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اما بعد ايها المسلمون
قال الله تعالى : ( فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ) (19) محمد، وفي صحيح البخاري : ( عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ »
إخوة الإسلام
تحدثت معكم في اللقاء السابق عن معني لا اله الا الله.. وأركانها.. وشروطها… وتوقفت معكم عند هذا السؤال .هل يكفي مجرد النطق بلا إله إلا الله ؟. فاقول.. إن مجرد النطق بها من غير عمل بمدلولها ومقتضاها لا يفيد الإنسان شيئًا…فإن المنافقين كانوا يقولونها بألسنتهم ولا يعتقدونها بقلوبهم، فلم ينجهم هذا القول من عذاب النار ،فلابد من النطق بها باللسان.. واليقين بها في القلب ..والعمل بمقتضاها بالجوارح فمن يعتقد في الموتى.. أو يطوف بالأضرحة تقربًا إلى الأموات..اويطلب المدد من الأولياء والصالحين ،او ينذر لقبورهم ويذبح لها، فهذا لا تنفعه لا إله إلا الله؛ لأنه لم يعمل بمقتضاها.. فلابد من البراءة من الشرك والمشركين وإخلاص العبادة لله رب العالمين؛.. ولهذا قال النبي لكفار قريش، قولوا: لا إله إلا الله.قالوا:( أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ) ص 5 ، فالمشركون فهموا أن معنى لا إله إلا الله، ترك الشرك في العبادة لله وحده..والا فالمشركون كانوا مقرين بأن الله هو الخالق الرازق، كما قال الله عنهم: ( وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ مَّنْ خَلَقَ السَّمَاواتِ وَالأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ ) الزخرف 9، وقال سبحانه: (قُلْ مَن يَرْزُقُكُم مّنَ السَّمَاء وَالأرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والاْبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَىَّ مِنَ الْمَيّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيّتَ مِنَ الْحَىّ وَمَن يُدَبّرُ الاْمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ ) يونس 31 ،فاختلاف المشركين مع الرسول ليس في وجود الله..لكنهم يريدون ان يشركوا ويعبدوا مع الله غيره من الاله الاخري ..وهؤلاء القبوريون اليوم لا يفهمون هذا ..فترى الواحد منهم يشهد أن لا إله إلا الله. ولا مانع بعد ذلك عندهم أن يذبح للأموات ويتقرب إليهم بأنواع العبادات .
اخوة الاسلام
ونأتي إلى فضائل ( لا إله إلا الله ) وهي كثيرة وسوف اختار لكم بعضا منها .فمن فضائلها… أنها أعظم نعمة أنعم الله بها على عباده؛ حيث هداهم إليها.. وهي مفتاح الجنة وبطاقة النجاة من النار[فَمَنْ زُحْزِحَ عَنْ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ ) آل عمران 185. وكما في الحديث المتفق عليه (مَنْ قَالَ أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ وَأَنَّ عِيسَى عَبْدُ اللَّهِ وَابْنُ أَمَتِهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ وَأَنَّ الْجَنَّةَ حَقٌّ وَأَنَّ النَّارَ حَقٌّ أَدْخَلَهُ اللَّهُ مِنْ أَىِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةِ شَاءَ) . وأنها سبب مانع للخلود في النار لمن استحق دخولها؛ كما في حديث الشفاعة (يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ ذَرَّةً أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ شَعِيرَةً أَخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَمَنْ كَانَ فِى قَلْبِهِ مِنَ الْخَيْرِ مَا يَزِنُ بُرَّةً » ،وهي افضل كلمة نطق بها اللسان وأفضل ما ذكر الله به عز وجل :كما قال النبي صلى الله عليه وسلم “وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِى لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ » رواه الترمذي ، وهي أثقل شيء في الميزان كما في المسند عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم “أن نوحاً عليه السلام قال لابنه عند موته:( آمُرُكَ بِلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فَإِنَّ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ وَالأَرْضِينَ السَّبْعَ لَوْ وُضِعَتْ فِى كَفَّةٍ وَوُضِعَتْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ فِى كَفَّةٍ رَجَحَتْ بِهِنَّ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ) ،وهي أعلى شعب الإيمان:وذلك لما ورد في الصحيحين عن أبي هريرة÷قال: قال رسول الله : ( الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنَ الإِيمَانِ )
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ: النطق باللسان واليقين في القلب، والعمل بالجوارح)
الحمد لله رب العالمين اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك…وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونواصل حديثنا عن فضائل ( لا اله الا الله ) ..فهي التي لأجلها أرسلت الرسل، وأنزلت الكتب [وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنَا فَاعْبُدُونِ] الانبياء 25… ومن فضائلها أنها السبب الأعظم لتفريج كربات الدنيا والآخرة… ولذا لما كان يونس عليه السلام في بطن الحوت، [فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنْ الظَّالِمِينَ ) الانبياء 87… وقائلها أسعد الناس بشفاعةالنبي محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة فعن عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَنْ أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « لَقَدْ ظَنَنْتُ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ أَنْ لاَ يَسْأَلَنِى عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ أَحَدٌ أَوَّلُ مِنْكَ ، لِمَا رَأَيْتُ مِنْ حِرْصِكَ عَلَى الْحَدِيثِ ، أَسْعَدُ النَّاسِ بِشَفَاعَتِى يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، خَالِصًا مِنْ قَلْبِهِ أَوْ نَفْسِهِ » )) [البخاري]. وهي شعار المؤمنين الموحدين :فهم أهل لا إله إلا الله.)… وهي القول الثابت، قال_تعالى_:[يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ] ابراهيم 27، وهي آخر ما ينطق به العبد المؤمن في حياته وقبل موته لقوله صلى الله عليه وسلم( مَنْ كَانَ آخِرُ كَلامِهِ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ” رواه أبو داود.. وهي الأمان من وحشة القبور، وهول المحشر. في صحيح البخاري : ( عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « يَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ شَعِيرَةٍ مِنْ خَيْرٍ ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ بُرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ ، وَيَخْرُجُ مِنَ النَّارِ مَنْ قَالَ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَفِى قَلْبِهِ وَزْنُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ )
اخوة الايمان
ليس التوحيد مجرد كلام يُقال أو أفكار تعتنق فحسب بل الإيمان علم وعمل , وعقيدة وشريعة , هو طاعة لله وإخلاص واتباع لرسول وانقياد ..هو حب لله وشوق وخوف منه ورجاء , هو دعاء لله وتضرع وخضوع واستسلام ، هو شكر في النعماء وصبر على البلاء وبُعد عن الشهوات …وهو صلاة وصوم وزكاة وحج وجهاد , وهو ذبح ونذر وحلف بالله وحده لا شريك له ،وهو أكل الحلال وترك للحرام في المأكل والمشرب والملبس والمكسب , وهو بر الوالدين وصلة أرحام وإحسان إلى الجيران وحسن الخلق مع كل الناس هو وفاء بالعهد وأداء للأمانة وترك الغش ،وهو تحاكم إلى شرع الله والتزام به والرضا بحكمه , وهو غض للبصر وحفظ للفرج وحجاب وستر للعورة , وهو دعوة إلى الله ونصرة للدين وأمر بالمعروف ونهي عن المنكر وإقامة الشرع في الأرض كلها وهو انتماء إلى حزب المؤمنين , حزب الله سبحانه وتعالى وترك أحزاب الضلال أتبْاع الشيطان .
.الدعاء