خطبة عن ( من عرف الله أحبه، فكيف نحبه)
نوفمبر 12, 2016خطبة عن ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ)
نوفمبر 13, 2016الخطبة الأولى ( لو عرفت الله لأحببته )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ ) البقرة 165 ،وروى البخاري في صحيحه :« ثَلاَثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلاَوَةَ الإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا ، وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لاَ يُحِبُّهُ إِلاَّ لِلَّهِ ، وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِى الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ » ،وروى مسلم في صحيحه : (عَنِ الْعَبَّاسِ بْنِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « ذَاقَ طَعْمَ الإِيمَانِ مَنْ رَضِىَ بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالإِسْلاَمِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ رَسُولاً ».
إخوة الإسلام
هل تريد – حقًا – أن تحب الله ، وأن يحبك الله؟ ،وهل أنت متشوق لأن يسكن قلبك هذا الحب الأسمى فلا تظمأ بعده أبدًا؟ ،وهل أنت على استعداد لبذل كل ما تستطيع لتنال هذا الشرف العظيم؟ ،وهل تعاني من شرور الدنيا وتأمل في أن يحفظك الله ويرعاك منها؟ ،وهل تحب أن تدخل الجنة في الدنيا فتذوق طعم السعادة الحقيقية حين تجد حلاوة الإيمان في قلبك؟ ،إذا كان هذا حالك فتعال بنا إلى هذه الرحلة الإيمانية في رحاب “لو عرفت الله لأحببته ” لعلنا نستطيع أن نغرس هذا المعنى الجليل في القلوب. وبداية إذا رأيت نفسك مقبلة على المعاصي ولا تألف الطاعة، وتحب طريق الغواية وتأبى طريق الهدى والرشاد، و تهوى ما تعلم أنَّه يغضب الله، وتتكاسل وربَّما تكره ما يُحب الله، فاعلم أنَّ هذه البلية سببها الأساسي: الجهل بالله. فإنك لو عرفت الله حق المعرفة لأحببته من كل قلبك، واتقيته حق تقاته، فلو عرف العبد ربه بصفاته العلا وأسمائه الحسنى لخضع لعظمته ؛ فإنَّه شديد العقاب، ولرجي العبد رحمته فإنه البر الرحيم، ولا استقام حال قلبه بذكره، ولكننا لم نعظم ربنا كما يليق بجلاله، قال تعالى: {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحـج :74 ] ،فالجهل بالله وراء كل معصية، فإنَّ كل من عصى الله فهو جاهل، وكل من أطاعه فهو عالم، فإنَّ من كان عالما بالله تعالى و عظمته ، وكبريائه وجلاله، فإنه يهابه و يخشاه، فلا يعصاه. وقد قيل: “لو تفكر الناس في عظمة الله تعالى ما عصوه، فكفى بخشية الله علما، وكفى بالاغترار بالله جهلا”. فأي لذة في معصية تورث أعظم الخسران والحرمان، فمن لك -أيها المسكين- إذا خسرت ربك؟ ومن لك إذا حُرمت عطاء من وسعت رحمته كل شيء؟ ،ويا من عرفت طريق الله ثمَّ أعرضت عنه، أي بلاء أعظم من بلائك؟ ،قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ مَن يَرْتَدَّ مِنكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54]. قال أبو الأشهب السائح: “بينا أنا في الطواف إذا بجويرية قد تعلقت بأستار الكعبة وهي تقول: يا وحشتي بعد الأنس، ويا ذلي بعد العز، ويا فقري بعد الغنى. فقلت لها: مالك؟ أذهب لك مال أو أصبت بمصيبة. قالت: لا، ولكن كان لي قلب ففقدته. قلت: هذه مصيبتك!! قالت: وأي مصيبة أعظم من فقد القلوب وانقطاعها عن المحبوب. فقلت لها: إن حسن صوتك قد عطل على من سمع الكلام الطواف.
فقالت: يا شيخ البيت بيتك أم بيته؟ قلت: بل بيته. قالت: فالحرم حرمك أم حرمه؟ فقلت: بل حرمه. قالت: فدعنا نتدلل عليه على قدر ما استزارنا إليه. ثم قالت: بحبك لي إلا رددت على قلبي. قال: فقلت: من أين تعلمين أنه يحبك؟ فقالت: جيش من أجلي الجيوش، وأنفق الأموال وأخرجني من دار الشرك، وأدخلني في التوحيد، وعرفني نفسه بعد جهلي إياه، فهل هذا إلا لعناية؟ ” (صفة الصفوة ))
حبيبي في الله.. تفكر.. لا تغفل.. لا تركن إلى لذة عاجلة ودنيا فانية ونعيم منغص مشوب بالهموم والأحزان، فهل من المعقول إن كنت جائعًا أن تتناول طعاما مسموما، ثمَّ ترجو أن تتخلص من ضرره بشرب الدواء بعده؟ لا ريب أنها مخاطرة غير محسوبة العواقب، فقد يأتي الموت فجأة فمن الذي أعطاك صكوك الأمان بأن هذا لن يحدث، لماذا لا يحدث؟ سل رجال المرور عن حوادث السيارات، سل الأطباء والمشيعين للجنائز عن أعمار الموتى اليوم، شباب في سن الزهور، يتخطفهم الموت كل يوم، فلماذا لا يكون هذا مصيري أو مصيرك القريب؟ لا سيما وأنت مدرك أنك في عكس الاتجاه، وتعرف جيدًا أنَّك بعيد عن الله. حبيبي في الله.. دعني أحدثك عن ربي وربك قليلاً، عسى أن تصل هذه الكلمات إلى قلبك، فتحبه حبًا حقيقيًا، تعالوا نتعرف إلى الله ولكن بلغة تختلف عن جميع اللغات … إنها لغة الحب.
فمن العجب العجاب: كيف لا يمتلئ القلب بمحبة الله سبحانه وهذا إبداعه المذهل في كل مكان؟ وهذا إحسانه العظيم مع كل نَفَس نتنفسه؟ وهذا حلمه العجيب علينا وهو يرانا على ما يسخطه ثم هو لا يعاقب؟ وهذا كرمه الهائل الذي يدير الرأس، ونحن نقبل عليه متلطخين بالذنوب فلا يتردد في قبولنا بل هو يفرح بعودتنا إليه ويبدل سيئات من عصاه حسنات إذا تاب إليه وأناب. بالله عليك تصور هذه الصورة – ولله المثل الأعلى- فلو أنَّ إنسانًا مدَّ إليك يده ليساعدك أو يصافحك، فإذا أنت معرضٌ عنه، ملتفت في الاتجاه الآخر، وهو رغم هذه الإساءة الظاهرة ما زال مادًا يديه تجاهك،
بالله لو رأيت هذا يحدث مع شخص ما، أما تزجر هذا المُعرِض؟، أما تنهاه عن قبح فعله؟ ، فماذا أنت صانع إذا علمت أنَّ الله جل في علاه: « إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا ». [رواه مسلم]. واستحضر معي صورة أخرى لرجل محسن عنده أحد العاملين الفقراء، فالرجل لإحسانه لا يتركه دون أن يعطيه نفقته من طعام وشراب، ويسد عنه احتياجاته، وفي المقابل يطالبه ببعض الأعمال اليسيرة، فإذا بهذا العامل الفقير يتطاول على سيده ويخالف أوامره ويتكاسل عن أداء الأعمال التي كلفه بها، وإذا أدى هذه الأعمال فإنَّما يؤديها وفق هواه ومزاجه الشخصي، بالله أما يحق لهذا السيد أن يطرده، فإذا بك تراه لا يعاجله بالعقوبة بل يتركه ويعتذر له، فأي إحسان أعظم من هذا، ألا يكون هذا الرجل المحسن محل احترامك وثنائك، أظنك فهمت المعنى، ولله المثل الأعلى. فانظر إلى رب “ودود” يتودد إلى عباده الصالحين… نعم يتودد، وتسبق محبته لهم محبته له، {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] وقد سبق نعيمه شكرهم، وهو من هو في الجلال والعظمة، فتصور أنَّ ملكًا عظيمًا له سلطانه وهيبته، ينزل إلى رعيته، فيتودد إليهم، ولا حاجة له منهم، يسألهم: هل من حاجة؟ هل تريد أي شيء؟ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا مَضَى شَطْرُ اللَّيْلِ أَوْ ثُلُثَاهُ يَنْزِلُ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى هَلْ مِنْ دَاعٍ يُسْتَجَابُ لَهُ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ حَتَّى يَنْفَجِرَ الصُّبْحُ ». [رواه مسلم]. فالله يحبك وأنت لا تبادله حبًا بحب كما يليق به سبحانه ،نعم ،أحبك حين اصطفاك بالإسلام، فماذا صنعت لشكر هذه النعمة العظيمة. عن عبيد الله بن الحسن قاضي البصرة قال: “كانت عندي جارية أعجمية وضيئة، فكنت بها معجبا، فكانت ذات ليلة نائمة إلى جنبي، فانتبهت فلم أجدها فلمستها، فلم أجدها، فبحثت عنها فوجدتها لله ساجدة وهي تقول: بحبك لي اغفر لي. قال: قلت لها: لا تقولي هكذا قولي بحبي لك. فقالت: يا بطال حبه لي أخرجني من الشرك إلى الإسلام، وحبه لي أيقظ عيني وأنام عينك. قال: قلت: فاذهبي فأنت حرة لوجه الله، قالت: يا مولاي أسأت إليَّ كان لي أجران، وصار لي أجر واحد”. وهي تقصد بذلك قوله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيحين : (وَأَيُّمَا عَبْدٍ أَدَّى حَقَّ اللَّهِ وَحَقَّ مَوَالِيهِ ، فَلَهُ أَجْرَانِ » ،وكانت امرأة من العابدات تقول: بحبك لي إلا غفرت لي. فقيل: أما يكفيك أن تقولي بحبي لك؟ ،قالت : أما سمعت قوله {يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ} [المائدة: 54] فقدم محبته على محبتهم له. (فيض القدير ) ، فيا لرحمة الله ، كم يحتقر الإنسان نفسه كلما تخيل هذا العطاء الرباني، ويرى ما هو فيه من عصيان وتنكر للجميل، غفرانك ربنا غفرانك.
حبيبي في الله .. ما بالك تبتعد عنه وهو منك قريب، قال تعالى: {وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ} [ق: 16] ، وانظر إلى عظيم إحسانه، فمن تقرب إليه خطوة تقرب إليه ضعفها، ففي الصحيحين (قَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – « يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِى بِي ، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي ، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِى ، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلأٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلأٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَىَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا ، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِى أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً » ،أليس هذا عجيبًا لو أنَّ الأمر يُحسب بمعايير أهل الأرض؟؟، فلماذا يقبل السيد هكذا على عبد أعرض عنه وأخطأ في حقه، فإنَّ عليه أن يسعى لتصحيح أخطائه، ويذهب إلى سيده ويقطع المسافات التي ابتعد بها عنه، دون أن يتحرك له سيده، حتى يتعلم الدرس جيدًا،
لكن ترى السيد أول ما رأى عبده يتحرك له بادره فسعى تجاهه أكثر، أما يستحي هذا العبد بعد كل هذا؟
حبيبي في الله.. انظر لعظيم صفة ربك، هل تعرف أنَّ ربك “حيي ” تدرى من أي شيء؟ إنَّه يستحي أن يرد يد الطالبين من فضله صفرًا، وقد يكون منهم مذنب ومقصر، ففي سنن الترمذي وغيره (عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِنَّ اللَّهَ حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحِى إِذَا رَفَعَ الرَّجُلُ إِلَيْهِ يَدَيْهِ أَنْ يَرُدَّهُمَا صِفْرًا خَائِبَتَيْنِ ». فمن ذا الذي ذل له فما عرف العز؟ ومن الذي لجأ إليه فما أعانه ؟، يا هذا إن لم يحدث لك هذا فاتهم نفسك لا تتهمه، فهو أهل الجود والفضل والإنعام والإكرام. انظر إليه وهو يراك تعصاه وتفعل المنكرات، فيسترك ولا يفضحك، في سنن ابي داود ” إِنَّ اللَّهَ سِتِّيرٌ يُحِبُّ السَّتْرَ “، تخيل لو أنَّ والدًا محسنًا على ولده، يعطيه من كل ما يريد، فإذا بالولد يسرق أباه سرًا، وإذا به يُفاجأ بوالده أمامه يراه وهو يأخذ المال من خزانته، لا شك سترتعد فرائصه، وربَّما يظن أنها القيامة من هول الصدمة، فما كان في حسبانه أبدًا أن يكون والده أمامه في هذا الموقف، فإذا به يتلعثم أمامه، وتتخبط قدماه انتظارًا لرد فعله، فإذا به لم يزجره ولم يعنف عليه، بل رأيته لا يشعره بأنَّه رآه، ولسان حاله يقول: “أرجو أن لا تعود إلى مثل هذا”… فلو أنَّ لهذا الولد شعورًا وإحساسًا ماذا تُراه يفعل؟
حبيبي في الله.. وما بالك برب “شكور” من أطاعه شكره على طاعته له، الله جل وعلا ملك الملوك يشكرك أنت على طاعتك له، هو سبحانه الذي وفق للطاعة ، وهو يشكر عليها ؟ هل تتصور هذا المعنى ؟ بل يضاعف الجزاء وإن قلَّ العمل، ويعطي على الحسنة عشر أمثالها وربَّما بلا حد، ويأخذ منك اللقمة أو التمرة فيجعلها كالجبل، وينقذك من النَّار بشق تمرة، والأعظم من ذلك ( أن يبدل السيئات حسنات ) فأي رب عظيم مثل ربنا؟ أما تحرك قلبك له، أما دمعت عيناك وأنت تقرأ جميل صفاته، وتعاين بديع صنعه، وأنت تقابل الإحسان بالإساءة، وإقباله عليك بالإعراض عنه،
ماذا صنع لك من شر حتى لا تحبه؟ إنَّ كل خير أنت فيه فمنه، فهو الذي أرسله إليك: صحتك، مالك، عملك، زوجتك، أولادك، كل هذا فضله عليك، وقد اختصك منه بما يصلحك، وادخر لك عنده يوم القيامة -إن أطعته- ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا يخطر على قلوب البشر. فقل لي: كيف بعد هذا تعصاه وتزعم حبه؟
تعصي الله وأنت تظهر حبه*** هذا لعمري في القياس شنيع
لو كان حبك صادقا لأطعته***إنَّ المحب لمن يحب مطيع
في كل يوم يبتديك بنعمة***منه وأنت لشكر ذاك مضيع
حبيبي في الله.. واعلم أنَّ الله يحبك ، فإن أعطاك الله المشقّات والمصاعب والمشاكل فاعلم أنَّ الله يحبك ويريد سماع صوتك في الدعاء ،وإن أعطاك الله القليل فاعلم أنَّ الله يحبك وأنه سيعطيك الأكثر في الآخرة. ،وإن أعطاك الله الرضا فاعلم أن الله يحبك وأنه أعطاك أجمل نعمة. وإن أعطاك الله الصبر فاعلم أن الله يحبك وأنك من الفائزين. وإن أعطاك الله الإخلاص فاعلم أنَّ الله يحبك فكن مخلصاً له. وإن أعطاك الله الهمّ فاعلم أنَّ الله يحبك وينتظر منك الحمد والشكر.
وإن أعطاك الله الحزن فاعلم أنَّ الله يحبك وأنه يخـتبر إيمانك. وإن أعطاك الله المال فاعلم أنَّ الله يحبك فلا تبخل على الفقير. وإن أعطاك الله الفقر فاعلم أن الله يحبك وأعطاك ما هو أغلى من المال. وإن أعطاك الله لسان وقلب فاعلم أن الله يحبك فاستخدمهم في الخير والإخلاص. وإن أعطاك الله الصلاة والصوم والقرآن والقيام فاعلم أن الله يحبك فكن له شاكرًا. قد أعطاك الله الإسلام فاعلم أن الله يحبك. إنَّ الله يحبك, فكيف لا تحبه؟؟؟ إن الله أعطاك الكثير… فكيف لا تعطيه حبك؟ حبيبي في الله.. ماذا لو أحبك الله؟ تدري ماذا سيكون حالك لو أحبك الله؟! آهٍ… لو عرفت، والله الذي لا إله غيره لو كنت صادقًا، لو كنت عاقلاً لما طاب لك عيش حتى تصل إلى هذه المرتبة العظمى التي لا يلقاها إلا ذو حظ عظيم، ولا فاز بها إلا المصطفون الأخيار، الذين صدقوا الله فصدقهم، وأخلصوا له دينهم فشكر لهم فأعطاهم أعظم المنح، فرزقهم حبه. يقول ابن القيم: “وإذا أحب الله عبدا انشأ في قلبه محبته”. (مدارج السالكين ) ، فإذا أحبهم جعلهم من خاصته، فدفع عنهم كل شر، وأحاطهم برحماته، وأسدى لهم الخيرات، وشرح قلوبهم، وسلَّم لهم قلوبهم، واطمأنت نفوسهم. آهٍ… لو ندرك تلك المراتب!! ماذا تريد بعدها؟ إنَّها درجة الولاية، فو الله لا نريد بعدها حياة، قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ هَادُوا إِن زَعَمْتُمْ أَنَّكُمْ أَوْلِيَاء لِلَّهِ مِن دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ} [الجمعة: 6].
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( لو عرفت الله لأحببته )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ماذا لو أحبك الله ؟؟؟ … إذا أحبك الله : (1) وهبك الإيمان ، فأعلى درجتك عنده. عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: “إن الله يؤتي المال من يحبُّ ومن لا يحب، ولا يؤتى الإيمان إلا من أحب، فإذا أحب الله عبدا أعطاه الإيمان، فمنْ ضنَّ بالمال أن ينفقه، وهاب العدو أن يجاهده، والليل أن يكابده، فليكثر من قول: لا إله إلا الله، والله أكبر، والحمد لله، وسبحان الله” (رواه الطبراني وصححه) ، ولو رزقت الإيمان لم تقع في الشبهات والشكوك والريب، وأنت في أمس الحاجة لهذا في هذا الزمان الذي تموج فيه الفتن كموج البحر، وتختلط فيه الأوراق، ولا يهتدي فيه إلى السبيل إلا من رحم الله. ولو صار اسمك عند الله “مؤمنًا” فأبشر بكل نعيم، فالله معهم يختصهم بفضل منه ورضوان، وينجيهم من المحن، بل أوجب الله على نفسه نصرتهم {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ بِأَنَّ لَهُم مِّنَ اللَّهِ فَضْلًا كَبِيرًا} [ الأحزاب: 47].
(2) لو أحبك الله… حفظك وشملك برحمته وردَّ عنك أذى أعدائك فلا يصلون إليك: عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – « إِنَّ اللَّهَ قَالَ مَنْ عَادَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ ، وَمَا تَقَرَّبَ إِلَىَّ عَبْدِى بِشَيْءٍ أَحَبَّ إِلَىَّ مِمَّا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ ، وَمَا يَزَالُ عَبْدِى يَتَقَرَّبُ إِلَىَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ ، فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِى يَسْمَعُ بِهِ ، وَبَصَرَهُ الَّذِى يُبْصِرُ بِهِ ، وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطُشُ بِهَا وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِى بِهَا ، وَإِنْ سَأَلَنِي لأُعْطِيَنَّهُ ، وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لأُعِيذَنَّهُ ، وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ » [رواه البخاري]. وقال الحارث المحاسبي: “إنَّ علامة محبة الله للعبد أنْ يتولى الله سياسة همومه فيكون في جميع أموره هو المختار لها.” (الحلية )
فيدبر لك أمرك، فلا تمر بك مشكلة إلا بعث لك حلها، يحفظ سمعك فلا تسمع إلا ما يرضيه، يحفظ بصرك فلا ترى إلا ما يحب، يحفظ عليك جوارحك فلا تصرفها إلا في طاعته، يا له من فضلٍ أن تعيش محفوفًا بحفظ الله تعالى، اللهم دبر لنا فإنَّا لا نحسن التدبير، وخذ بأيدينا ونواصينا إليك أخذ الكرام عليك. (3) لو أحبك الله … أعتق رقبتك من النَّار فلا تدخلها. عن أنس رضي الله عنه قال: «مرَّ النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من أصحابه وصبي بين ظهراني الطريق فلما رأت أمه الدواب خشيت على ابنها أن يوطأ فسعت والهة فقالت: ابني! ابني! فاحتملت ابنها فقال القوم: يا نبي الله! ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا والله، لا يلقي الله حبيبه في النار» [رواه الحاكم في المستدرك وصححه الألباني في صحيح الجامع]. وإلي هذا المعنى الإشارة في قول الله تعالى: {قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُم بِذُنُوبِكُم} [المائدة : 18] فإنَّ الحبيب لا يعذب حبيبه. (4) لو أحبك الله … أحبك أهل السماء وكتب لك القبول في الأرض: ففي الصحيحين عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحْبِبْهُ . فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ ، فَيُنَادِى جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلاَنًا فَأَحِبُّوهُ . فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الأَرْضِ » ،وفي سنن الترمذي :(عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنِّي قَدْ أَحْبَبْتُ فُلاَنًا فَأَحِبَّهُ قَالَ فَيُنَادِى فِي السَّمَاءِ ثُمَّ تَنْزِلُ لَهُ الْمَحَبَّةُ فِي أَهْلِ الأَرْضِ فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّهِ (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا) وَإِذَا أَبْغَضَ اللَّهُ عَبْدًا نَادَى جِبْرِيلَ إِنِّي قَدْ أَبْغَضْتُ فُلاَنًا فَيُنَادِى فِي السَّمَاءِ ثُمَّ تَنْزِلُ لَهُ الْبَغْضَاءُ فِي الأَرْضِ » ،وقال الفضيل: “عاملوا الله عز وجل بالصدق في السر، فإنَّ الرفيع من رفعه الله ، وإذا أحب الله عبدا أسكن محبته في قلوب العباد”. (الحلية ) ، نعم ،إذا أحبك الله، أحبك أهل السماء، فيشفعون لك، ويدعون لك، وينصرونك، وإذا متَّ احتفوا بك، وبشروك برضوان الله قال تعالى {وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} [الأنبياء: 103]، وقال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ} [فصلت: 30-31]. (5) لو أحبك الله … حفظك من شرور الدنيا. فعَنْ قَتَادَةَ بْنِ النُّعْمَانِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا حَمَاهُ الدُّنْيَا كَمَا يَظَلُّ أَحَدُكُمْ يَحْمِى سَقِيمَهُ الْمَاءَ » [رواه الترمذي والحاكم والبيهقي وصححه الألباني ،قال ابن مسعود: “إذا أحب الله عبدا اقتناه لنفسه ولم يشغله بزوجة ولا ولد”. (الحلية ). قال الفضيل بن عياض: “إذا أحب الله عبدا أكثر غمه، وإذا أبغض الله عبدا أوسع عليه دنياه”. (الحلية ) ، نعم ، يجعله بالدنيا مغمومًا، فينصرف بقلبه عنها، فلا يكون في قلبه تعلق بحطام الدنيا الفاني، ليس مشغولاً بولد ولا زوجة، ولا مال ولا تجارة، بل هو مشغول بالله تعالى، هو أنيسه، هو حبيبه، هو قرة عينه، اللهم لا إله غيرك ولا رب سواك. (6) لو أحبك الله … وفقك للعمل الصالح والتوبة بعد الذنوب. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِذَا أَرَادَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِعَبْدٍ خَيْراً عَسَلَهُ ». قِيلَ وَمَا عَسَلُهُ قَالَ « يَفْتَحُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ عَمَلاً صَالِحاً قَبْلَ مَوْتِهِ ثُمَّ يَقْبِضُهُ عَلَيْهِ » رواه أحمد وصححه الألباني ،وقال الفضيل: “وإذا أحب الله عبدًا وفقه لعمل صالح، فتقربوا إلى الله بحب المساكين” (اعتقاد أهل السنة ). وقال الشعبي: “كان يقال التائب من الذنب كمن لا ذنب له، إنَّ الله يحب التوابين، ويحب المتطهرين، فإذا أحب الله عبدا لم يضره ذنب، وذنب لا يضر كذنب لم يعمل”. (الحلية ) ،فهذه من دلائل القبول عند الله، أنَّ العبد يكون موفقًا لفعل الطاعات، بعيدًا عن الوقوع في المحظورات والمنكرات، فالله إذا أحب عبدًا فتح له من العمل الصالح ما يقربه إليه، ودفع عنه كل شر وسوء. قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ} [الحـج: 38]. (7) لو أحبك الله … يستعملك فيجعلك من خدامه. قال الغزالي: “وإذا أحب الله عبدًا أكثر حوائج الخلق إليه” (المقصد الأسنى )). قال ابن القيم: “إذا أحب الله عبدًا اصطنعه لنفسه، واجتباه لمحبته، واستخلصه لعبادته، فشغل همه به، ولسانه بذكره، وجوارحه بخدمته” (الفوائد ). فما أعظمها من منزلة، أن تكون خادمًا عند الله تعالى، يستعملك في إيصال الخير إلى النَّاس، فيثقل ميزانك بأعظم أعمال البر، فيجعل النَّاس لك في حاجة، ويكفيك حاجتك، فيقضيها عنك، فمن استعمله الله واستخدمه، جعل النَّاس له خدمًا، واصطفاه لنفسه، نسأل الله أن نكون منهم. (8) لو أحبك الله … حسَّن أخلاقك ووهبك الرفق. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وإذا أحب الله عبدا أعطاه الرفق ما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا حرموا» [رواه الطبراني وحسنه الألباني ،وفي بعض الآثار: إنَّ محاسن الأخلاق مخزونة عند الله فإذا أحب الله عبدا منحه خلقا حسنا. فإنَّ الله إذا أحب عبدًا جعل في قلبه الرأفة والشفقة لسائر المخلوقات، وعود كفه السخاء، وقلبه الرأفة، ونفسه السماحة، وبصَّره بعيوب نفسه حتى يستصغرها، ولا يراها شيئا. وهذا مشاهد في واقع النَّاس، أنَّ كثيرًا ممن كانوا معروفين بسوء الأخلاق قبل الالتزام بشريعة الرحمن قد تغيرت طباعهم، فهدأت نفوسهم، وحسنت أخلاقهم، حتى عادوا وكأنهم ولدوا ولادة جديدة، وذلك فضل الله يؤتيه من يصطفيه ويحبه. (9) لو أحبك الله.. رزقك رزقًا حلالاً. قال الفضيل: “وإذا أحب الله عبدا طيب له مطعمه” (اعتقاد أهل السنة ). وهذه الآن صارت نعمة عظيمة، فقلَّ من يتحري الحلال، كما في صحيح البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ « لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يُبَالِى الْمَرْءُ بِمَا أَخَذَ الْمَالَ ، أَمِنْ حَلاَلٍ أَمْ مِنْ حَرَامٍ »
والبلية أنَّ النبي أخبرنا « إِنَّهُ لاَ يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلاَّ كَانَتِ النَّارُ أَوْلَى بِهِ » » [رواه الترمذي وصححه الشيخ الألباني ،وأكل الحلال يورث البصيرة والفراسة وصلاح القلوب، فطيَّب الله قلبه، وكان على مظنة القبول، فإنَّ الله طيب لا يقبل إلا طيبًا. (10) لو أحبك الله.. ابتلاك ليهذبك وامتحنك ليصطفيك. (عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ قَوْماً ابْتَلاَهُمْ فَمَنَ صَبَرَ فَلَهُ الصَّبْرُ وَمَنْ جَزَعَ فَلَهُ الْجَزَعُ ». [رواه الإمام أحمد ،وهذا من عظيم رحمة الله بعبده، فإنَّ في ذلك تمحيصًا لهم من الذنوب، وتفريغًا لقلوبهم من الشغل بالدنيا، غيرة منه عليهم أن يقعوا فيما يضرهم في الآخرة، وجميع ما يبتليهم به من ضنك المعيشة، وكدر الدنيا وتسليط أهلها؛ ليشهد صدقهم معه وصبرهم في المجاهدة. قال تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31]. ونستكمل الحديث عن هذا الموضوع في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء