خطبة عن (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ)
أكتوبر 15, 2016خطبة عن ( اسم الله: ( القريب )
أكتوبر 15, 2016الخطبة الأولى ( ما الدليل على أن الإسلام هو الدين الحق ؟ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَهُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (7) يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ) (9) الصف
إخوة الإسلام
سؤال أتوجه به إلى كل من يبحث عن الحقيقة ، سؤال أتوجه به إلى كل حيران على ظهر الأرض ، سؤال أتوجه به إلى كل عاقل مفكر منصف وعادل ، يبتغي السعادة وحسن المآب ما الدليل على أن الإسلام هو الدين الحق ؟؟ بالدليل العقلي، قبل الدليل النقلي ؟ فهذا هو موضوع لقائنا اليوم إن شاء الله : وإليك الدليل الأول : فالمسلمون يعبدون الخالق وليس المخلوق ، والآن ليس هناك أي دين على سطح الأرض، سوى الإسلام ، يدعو أتباعه إلى عبادة الله وحده ، دون شريك ، وإلى الإيمان بكمال الله المطلق. فالمسلمون يؤمنون بأن الله هو الرب الواحد للكون وجميع ما فيه، وأنه خالق الكون، وهو المدبر الرازق وانه ليس له شريك في ذلك. ولكن ، هل هذا يكفي؟ ، الاجابة : لا ! لأنه حتى أولئك الذين يعبدون الأوثان (في زمن الرسول محمد صلى الله عليه وسلم وغيرهم كثير من المعاصرين ) يعتقدون أن الله هو الخالق الواحد ، والمدبر ، والرزاق , ولم يكن هذا كافيا لجعلهم مسلمين. فإن الاعتقاد بوحدانية الله يتطلب الاعتقاد بأنه لا معبود بحق إلا الله. فكل العبادات ينبغي أن تصرف لله ، كالصلاة والدعاء، وذبح الأضاحي والتوبة وسائر العبادات.
ونظرا لاستحالة قدرة البشر على معرفة الطريق الصحيح في العقيدة والعبادة، اعتمادا على أنفسهم ، فقد أرسل الله رسله ليبلغوا الناس رسالته، ويرشدوهم إلى الطريق الصحيح. والمسلم يؤمن بجميع الأنبياء ولا يفرق بين أحد منهم لأن الإسلام علمنا أن نؤمن بالأنبياء جميعاً لأنهم كلهم بعثوا وأرسلوا للناس لتبليغ رسالة واحدة ألا وهي عبادة الله وحده لا شريك له . ولكن في جميع الأديان عدا الإسلام قد تخلى الناس عن تعاليم الانبياء واعتمدوا على أنفسهم في معرفة الحقيقة ، فابتعدوا عن طريق الحق وغرقوا في الوثنية وعبادة الأصنام والطواغيت. ولذا اعتقد هؤلاء الوثنيون ظهور آلهتهم المزعومة وحلولها في البشر والحيوانات بل حتى النباتات. وهذا هو سبب عبادتهم للبشر والحيوانات والثعابين والجرذان ، الخ. وفي الإسلام لا يوجد شيء نصف إله ونصف بشر. وليس هناك وسيط بين المخلوقين وخالقهم. فالمسلمون في صلاتهم وعبادتهم ودعائهم إنما يتوجهون لله وحده ويلجئون إليه مباشرة بلا وسيط ولا شفيع يحول بين رب العالمين وعباده. أما الدليل الثاني فهو: عدم استطاعة البشر بأن يأتوا بمثل القرآن : فلقد تحدى الله البشر قرناً بعد قرن أن يأتوا بمثل هذا القرآن إن كانوا صادقين, فلم يستطيعوا أن يأتوا بمثله بل لم يستطيعوا أن يأتوا بسورة من مثله . قال تعالى : ( وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُواْ شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ. فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ وَلَن تَفْعَلُواْ فَاتَّقُواْ النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ) (البقرة: 23-24) ، أما الدليل الثالث فهو: القرآن لا يحتوي على تناقضات واختلافات. فإنه ومع تقدم معرفة وفهم البشر ، فإنها لا تزال ترتكب الأخطاء ، ويغفل عن أشياء ويوجد القصور هنا أو هناك. ولو كان القرآن الكريم ليس من عند الله ، فستكون هناك حتما اختلافات وتناقضات وأوجه قصور فيه ، كما يقول الله تعالى : ( أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُواْ فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًاً ) (النساء : 82) ،فالقرآن الكريم خال من أي قصور أو خطأ أو تناقض ، بل جميع ما فيه هو الحكمة والإعجاز التشريعي والخير والعدالة. وعلى خلاف ذلك كتب الأديان الأخرى فالكتاب المقدس مثلا يحوي مئات الأخطاء والتناقضات وذلك باعتراف أتباعه. وحتى الدساتير والتشريعات والأنظمة التي وضعها البشر في جميع العصور تجدهم دائماً يضطرون وبشكل مستمر إلى تصحيحها وتغييرها كلما ظهرت لهم عيوبها وأخطاؤها وتبعاتها السلبية. أما الدليل الرابع فهو: إعجاز القرآن العلمي : فالقرآن يحوي حقائق علمية، سبقت اكتشاف البشر لها بقرون عديدة. كثير من هذه الحقائق العلمية لم تكتشف إلا في العصر الحديث. وهذا الإعجاز العلمي في القرآن الكريم قد اعترف به كثير من علماء الغرب النصارى ( وليسوا مسلمين !) وسنرى بعض ما قاله وأكده العلماء الغربيون المختصون عن هذا الإعجاز العلمي في القرآن وهذا ما يصدقه قول الله تعالى : ( سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ) (فصلت: 53) ،يقول العالم كيث مور :”وقد اتضح لي أن هذه القضايا يجب أن تكون جاءت إلى محمد من عند الله، لأنه تقريبا كل هذه المعلومات لم يتم اكتشافها إلا بعد عدة قرون من زمنه وهذا يثبت أن محمدا كان رسولا من الله” وحين سئل : هل هذا يعني ان القرآن هو كلام الله ؟ أجاب البرفسور كيث مور : “أنا لا أجد صعوبة في قبول ذلك” ،ويقول الدكتور كوزاي: إنني مندهش جدا أن أجد حقائق فلكية صحيحة في القرآن ومن جانبنا فنحن الفلكيون المعاصرون قمنا بدراسة قطع صغيرة جدا من الكون ولقد ذكرنا جهودنا لكي نفهم جزءا صغيرا جدا لأنه باستخدام التلسكوبات لا نستطيع أن نرى سوى أجزاء صغيرة جدا من السماء دون أن نفكر في رؤية الكون كله. ولهذا بعد قراءة القرآن والإجابة على الأسئلة أظن أنني أستطيع أن أجد طريقي المستقبلي لاستكشاف الكون ،أما الدليل الخامس: فالإسلام هو أسرع الأديان انتشاراً في العالم
فالأمة الإسلامية كانت أقوى وأكثر الأمم تقدما وحضارة على وجه الأرض لقرون عديدة، وذلك حين كان المسلمون متمسكين بدينهم. بيد أن المسلمين قد تدهوروا بعد أن ابتعدوا عن دينهم. والآن معظم الدول الإسلامية من بين أفقر البلدان في العالم. ومعظم المسلمين لا يملكون المال أو أي وسيلة لنشر دينهم. وعلاوة على ذلك ، فهناك الكثير من الحرب والدعاية المعادية للإسلام وحملات منظمة هائلة تستهدف غسل أدمغة الشعوب وإيهامهم أن الإسلام يدعو إلى العنف والإرهاب والاضطهاد، لإبعادهم عن حقيقة الإسلام. فشبكات النت والتواصل والتلفزيونات والقنوات الفضائية، والمدارس، والكتب والصحف والمجلات والأفلام، كلها تستخدم بكثافة لتشويه الإسلام والافتراء عليه. جميع وسائل الإعلام الممكنة تستخدم لتشويه حقيقة الإسلام، وتسميم عقول الناس حتى لا يتأثروا برسالة الإسلام عندما يسمعونها !
ورغم كل هذا والإسلام هو أسرع الأديان انتشاراً في العالم ،فكيف يمكن لدين الفقراء الضعفاء أن ينتشر أسرع من انتشار دين الأغنياء الأقوياء، ما لم يكن هو الدين الحق ،كيف يمكن لهذا الدين الذي اجتمع العالم على حربه وتشويهه أن يكون أسرع انتشارا من سائر الأديان المدعومة بالأموال الطائلة ووسائل الإعلام الجبارة؟ ، فهذه ليست ظاهرة جديدة! حينما غزا المغول المسلمين واحتلوا أجزاء كبيرة من البلاد الإسلامية، بدلا من القضاء على الإسلام، اعتنقوه! الغزاة المنتصرون يعتنقون دين من غزوهم ، أما الدليل السادس: الإسلام يقدم الحلول لمشاكل العالم : فإن العالم اليوم يواجه العديد من المشاكل الخطيرة المهلكة ، ومنها : – العنصرية – إدمان الكحول – الاغتصاب – التحرش الجنسي – الفواحش- الإيدز وغيره من الأمراض الجنسية – الأطفال غير الشرعيين الإجهاض فإن انتشار هذه المشاكل في جميع البلدان غير الإسلامية تثبت عجز أنظمتها وأديانها في السيطرة على هذه المشاكل المقلقة . بل الحقيقة أن هذه الأنظمة هي التي تسبب أو تحث بشكل مباشر أو غير مباشر على هذه المشاكل. والدين الحقيقي الذي هو من عند الخالق العليم لابد أن يكون قادرا على حل هذه المشاكل. وسوف نرى كيف أن الإسلام بأعجوبة استطاع تقديم الحلول لهذه المشاكل الخطيرة .. أولا: مشكلة: العنصرية : فكل أمة على مر التاريخ قد ادعت نوعا من التفوق ، على أساس معايير زائفة ، مثل العرق أو اللون أو اللغة. فما هو الحل الإسلامي ؟ ،الإسلام يضع المعيار الحقيقي الذي يفرق به بين الناس وهو التقوى. فإن تفوق شخص على آخر يعتمد على الاستقامة وحسن السلوك ، وليس على الدم ، أو الثروة ، أو الجنسية ، لأن جميع البشر هم أبناء آدم. قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) (الحجرات : 13) ، وأكد القرآن أنّ اللهِ خَلقَ البشر أجناسَا مختلفةَ لكي يتعارف الناس على بعضهم البعض و ليس لإعْطاء الأفضلية لجنس على جنس آخر، بل إن ذلك الاختلاف في أشكالِ وألوانِ الناسِ لهو إحدى معجزاتِ اللهِ العظيمة، فبالرغم من أن الله خَلقَنا مِنْ ذكرِ واحد (آدم) وأنثى واحدة (حواء)، فإن كُلّ شخص يختلف عن غيره، وكُلّ إنسان له شخصية فريدةُ. لذا فإن هذا الاختلاف معجزة عظيمة مِن اللهِ ولَيسَ مبررا للتمييز العنصري. وقالَ رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم : ” ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَلا إِنَّ رَبَّكُمْ وَاحِدٌ وَإِنَّ أَبَاكُمْ وَاحِدٌ أَلا لا فَضْلَ لِعَرَبِيٍّ عَلَى أَعْجَمِيٍّ وَلا لِعَجَمِيٍّ عَلَى عَرَبِيٍّ وَلا لأَحْمَرَ عَلَى أَسْوَدَ وَلا أَسْوَدَ عَلَى أَحْمَرَ إِلا بِالتَّقْوَى … ) رواه الإمام أحمد وهو في السلسلة الصحيحة ،ولقد كَان رسول محمد صلى الله عليه وسلم أولَ من طبق هذا، فقد كان عليه السلام يعامل أصحابه سواءً بسواء، الأغنياء منهم والفقراء، العرب والعجم. فبلال الحبشي، وصهيب الرومي وسلمان الفارسي كَانوا من صحابته المقربين . ثانيا : مشكلة المسكرات : فالكحول هو الخطوةُ الأولى لاقتراف أكثر الجرائمِ والذنوبِ، وهو سم بطئُ يُسبّب أمراضَا قاتلة، كما أنه يذهب بقدرة المرء على ضبط النفس ويعطل القدرات الذهنية التي تميّز البشرَ عن الحيواناتِ. وقد أدرك البشر أنّ المشروباتِ الكحوليةِ تَرْفعُ معدلات الأمراضِ و الفقر والجريمة،
لذلك، حاولتْ الكثير من الدول الغربية في بِداية القرنِ العشرينِ مُحَاكاة الشريعة الإسلاميِة في منع الخمور لحماية مجتمعاتِهم من هذا الشر العظيم، وظنوا بأن الأمر لا يعدو مسألة سن قوانينِ تحقق تلك الغاية، و من ثم، فقد سنوا قوانينَ المنع وحاولوا فَرْضها عن طريق القيام بعملياتِ بحث صارمةِ وتوقيفاتِ وغراماتِ وسجنِ وأحكامِ إعدام بالإضافة إلى استعمال كُلّ الوسائل الممكنة في أجهزةِ الإعلام لتحذير الناس من الخمور وعواقبها الخطرةِ.
و لكن كُلّ جُهودهم ضاعت سدى، حيث زادَ المنعُ حبَّ الناس لمعاقرة الخمر وتسبب في حالة من الغضبِ العام، و جنى المخالفون أموالاً طائلة نتيجة صناعة و تهريب و بيع الخمور الممنوعة، و في النهاية ألغت هذه الدول العمل بقوانين حظر الخمور. فما هو الحل الإسلامي إذن ؟ فأقول : إن خلق مجتمع خالٍ من الخمور وسائر المسكراتِ لهو إحدى معجزاتِ الإسلامِ، حيث حرم الإسلام تعاطى أيّ كمية الكحولِ مهما كانت صغيرة ، لأن الكميات الصغيرةَ ستؤدي إلى تعاطي الكمياتِ الكبيرةِ. بينما عجزت جميع الشرائع غير الإسلامية في منع الخمور حالما أنزلت آيتان من القرآنِ الكريم تحرمان شرب الخمر، هتف المسلمون: “انتهينا ! انتهينا ! “، ثم أراقوا كُلَّ الخمور في شوارعِ المدينة.
لم يفعل المسلمون ذلك بسبب خوفهم من القانونِ، بل طاعة وتسليماً لخالقهم جل وعلا ،ثالثا : مشكلة الاغتصاب والزنا والتحرش الجنسي والأمراض الجنسية ،فالاغتصاب والزنا والتحرش الجنسي جرائم لا يمكن منعها بسهولة. ولكن التعاليم الإسلامية ليست كغيرها مجرد نظريات ونصائح تتطاير في الهواء، بل أتت كي تكون واقعاً عمليا.
فالإسلام هو عبارة عن شبكة كاملة من التعاليم والإجراءات. الإسلام سيطر و قلل من هذه الجرائم والمشاكل عن طريق منع أسبابها الجذرية واتخاذ تدابير وقائية. دعونا الآن نناقش بعض الأسباب الجذرية للاغتصاب والزنا والتحرش الجنسي والأمراض الجنسية ، ونرى إعجاز الشريعة الإسلامية في ايجاد الحلول لها . فالسبب الأول والأهم : هو الاختلاط المحرم ، فحيثما يكون هناك اختلاط بين الرجال والنساء ، فسيزيد ذلك من الاغتصاب والتحرش الجنسي والزنا. والإسلام يحرم الاختلاط بين الجنسين. وسيدرك العالم في نهاية المطاف حكمة الشريعة الإسلامية في تحريم الاختلاط.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( ما الدليل على أن الإسلام هو الدين الحق ؟ )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
أما الدليل السابع : فهو البشارات بمحمد صلى الله عليه وسلم في الكتب السابقة : فهناك العديد من البشارات الواضحة في الكتب السماوية السابقة عن مجيء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنتطرق إلى احداها، وأقوى وأوضح بشارة بمحمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب المقدس ،فهناك كثير من البشارات حول مجيء نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم في الكتاب المقدس وقد أثنى القرآن الكريم على أولئك الذين يصدقون تلك البشارات ويتبعون نبي الله محمد صلى الله عليه و سلم ، قال تعالى : ” الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُواْ بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُواْ النُّورَ الَّذِيَ أُنزِلَ مَعَهُ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ “. (الأعراف :157) ،وتوجد العديد من البشارات عن نبي الله محمد صلى الله عليه و سلم في العهد القديمِ والعهد الجديد. وللإيجاز، سنناقش إحداها: تقول البشارة: ( ها عبدي الذي أُسانِدُهُ، والذي اَختَرتُهُ ورَضيتُ بهِ! جعَلْتُ روحي علَيهِ، فيأتي للأُمَمِ بالعَدلِ. لا يَصيحُ ولا يَرفَعُ صوتَهُ، ولا يُسمَعُ في الشَّارِعِ صُراخُهُ. قصَبةً مَرضوضَةً لا يكسِر ُوشُعلَةً خامِدةً لا يُطفئْ. بأمانةٍ يَقضي بالعَدلِ. لا يَلوي ولا ينكسِرُ حتى يُقيمَ العَدلَ في الأرضِ، فشَريعتُهُ رجاءُ الشُّعوبِ….
أنشِدوا للرّبِّ نشيدًا جديدًا، تسبيحةً مِنْ أقاصي الأرضِ. ليَضُج البحرُ وما فيهِ والجزُرُ وكُلُّ سُكَّانِها. لتَرفَعِ القِفارُ والمُدنُ صوتَها والدِّيارُ التي يَسكُنُها بَنو قيدارَ. ليُرَنِّمْ سُكَّانُ مدينةِ سالِعَ، وليَهتِفوا مِنْ رُؤُوسِ الجبالِ… الرّبُّ يبرُزُ للقِتالِ وكمُحارِبٍ جبَّارٍ يثورُ. يهتِفُ ويصرُخُ عاليًا. ويُظهِرُ جبَروتَهُ على أعدائِهِ… أمَّا المُتَّكلونَ على تَماثيلِهِم، القائلونَ للأصنامِ أنتِ آلِهتُنا، فإلى الوراءِ يَرتَدُّونَ ويَخزَونَ. (إشعيا 42: 1-17 ) ،فهذه البشارة واضحة جداً، فهي لا تنطبق على أحدٍ سوى رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم. وهي ليست في الحقيقة سوى و صف لرسول الله محمد صلى الله عليه وسلم وشريعته ودعوته وأتباعه و أعدائه. ويزعم النصارى أنها عن رسول الله عيسى عليه السلام ،وسننظر نحن وإياكم ما إذا كانت عن محمد أم عن عيسى عليهما السلام: فالبشارة تقول : ( عبدي الذي أُسانِدُهُ ) ، فالنبي محمد عليه السلام وكُلّ الأنبياء الآخرين عليهم السلام عباد اللهِ ليسوا آلهة وليسوا أبناء لله. فلم يكن لديهم أيّ قدرات إلهية، لأنهم كَانوا بشراً خَلقهَم الله مثل بقيّة البشر. فإذا كانت البشارة عن عيسى عليه السلام فهل يغير النصارى معتقداتهم ويؤمنون بان عيسى عليه السلام عبد لله وليس ربا ؟ والبشارة تقول : ( فيأتي للأُمَمِ بالعَدلِ ) فقد أُرسِلَ نبي الله ورسوله محمد صلى الله عليه و سلم رحمة وهداية لكُلِّ البشر. ولقد أُرسِلَ محمد صلى الله عليه و سلم بدينِ الإسلامِ الذي جعل من جميع شعوب الأرض إخوة لهم نفس الحقوق بدون أيّ تفرقة أو تمييز عنصري، كما أَسّسَ مجتمعا تَسُودُ فيه العدالة. فالمسلمون وغير المسلمين يُعاملون سواء بسواء، وعلاوة على ذلك، فقد أظهر الإسلامَ أسمى درجات القبول و التعايش مع الأديانِ الأخرى، وهو أمر يُقِرٌ به حتى أعداؤه. والبشارة تقول : ( لا يَلوي ولا ينكسِرُ حتى يُقيمَ العَدلَ في الأرضِ ) ،فعلى الرغم من العداء الشديد من قبلِ أعدائه، لم يضعف نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم و لم تثبطَ عزيمته حتى تَغلّبَ على أعدائه ونشر الإسلام وأَسّسَ دعائم العدل. وهذا لا ينطبق على عيسى عليه السلام فقد رفعه الله قبل أن يقيم العدل في الأرض، بل كان واتباعه القليلون مستضعفين حين رفعه الله. والبشارة تقول : ( فشَريعتُهُ رجاءُ الشُّعوبِ ) ،فقد أُرسِلَ نبي الله و رسوله محمد صلى الله عليه بشريعة جديدة وهي الشريعة الإسلامية، على حين لم يُرسَل أي من أنبياء بني إسرائيل (وحتى نبي الله عيسى عليه السلام) بأي شريعة جديدة
حيث استمروا في العمل بالشريعة التي أرسل بها نبي الله موسى عليه السلام. والبشارة تقول:(الرّبُّ يبرُزُ للقِتالِ وكمُحارِبٍ جبَّارٍ يثورُ. يهتِفُ ويصرُخُ عاليًا. ويُظهِرُ جبَروتَهُ على أعدائِهِ)… وتحقق ذلك إذ أمر الرب رسوله بالقتال فقاتل وهتف عاليا كمحارب وانتصر على أعدائه عباد الأصنام. ولا ينطبق هذا على عيسى عليه السلام. والبشارة تقول: ( أمَّا المُتَّكلونَ على تَماثيلِهِم ،القائلونَ للأصنامِ أنتِ آلِهتُنا، فإلى الوراءِ يَرتَدُّونَ ويَخزَونَ ) فقد هَزمَ رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم وأتباعَه عُبَّاد الأصنام في بلاد العرب ، الذين كانوا يقولون للأصنام : “أنت آلهتَنا.”
ولقد حطّمَ أصنامَهم وجعل الدين خالصاً لله. ولا ينطبق هذا على عيسى عليه السلام ،والبشارة تقول: ( لتَرفَعِ القِفارُ والمُدنُ صوتَها والدِّيارُ التي يَسكُنُها بَنو قيدارَ. ليُرَنِّمْ سُكَّانُ مدينةِ سالِعَ، وليَهتِفوا مِنْ رُؤُوسِ الجبالِ ) فتؤكد كلمة: ‘ بَنو قيدارَ بِأَنَّ هذا العبد هو النبي محمد صلى الله عليه وسلم، لأنه النبي الوحيدُ الذي انحدر مِنْ قيدار، ابن إسماعيل، ابن إبراهيم عليهما السلام. حيث يقول الكتاب المقدس: ” وَهَذِهِ أَسْمَاءُ بَنِي إِسْمَاعِيلَ بِأَسْمَائِهِمْ حَسَبَ مَوَالِيدِهِمْ: نَبَايُوتُ بِكْرُ إِسْمَاعِيلَ وَقِيدَارُ وَأَدَبْئِيلُ وَمِبْسَامُ. “(التكوين 13:25) ،وبالإضافة إلى ذلك، لم يتبع بنو” قيدار” بعد هذه البشارة أيّ نبي آخر حتى مجيء محمد صلى الله عليه و سلم. و بَعْدَ أَنْ تبعوا رسول الله محمد صلى الله عليه و سلم واعتنقوا الإسلام، بدئوا برَفْع أصواتِهم (كما بالبشارة) مِنْ مآذنِ المساجدِ خمس مرات كل يوم تمجيدا لله وشْهُادة بأنه ليس هناك إله إلا هو. كما بدئوا بالهتاف مِنْ رُؤُوسِ الجبالِ (تماما كما في البشارة) ثناءً على الله وشُكْراً له أثناء أدائهم لشعائر الحج كل عام.
الدعاء