خطبة عن ( فوائد محاسبة النفس)
يوليو 11, 2016خطبة عن ( العاقل مَنْ دان وحاسب نَفْسَهُ )
يوليو 11, 2016الخطبة الأولى ( محاسبة النفس )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول تعالى في محكم آياته : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) الحشر:18 ، وروى الترمذي في سننه (عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ عَنِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ : « الْكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ الْمَوْتِ وَالْعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ ». وقَالَ الترمذي : وَمَعْنَى قَوْلِهِ « مَنْ دَانَ نَفْسَهُ ». يَقُولُ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا قَبْلَ أَنْ يُحَاسَبَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. وَيُرْوَى عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ حَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُحَاسَبُوا وَتَزَيَّنُوا لِلْعَرْضِ الأَكْبَرِ وَإِنَّمَا يَخِفُّ الْحِسَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا )
إخوة الإسلام
إن الله سيحاسبنا على كل شيء على الصغير والكبير ،والفتيل والقطمير، قال تعالى : (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ (7) وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) (8)الزلزلة ، وأصحاب القلوب السليمة والعقول الواعية عرفوا أن الله لهم بالمرصاد ،وأنه لن ينجيهم إلا لزوم المحاسبة ،ومطالبة النفس ومحاسبتها على الأنفاس والحركات ،فعلى المؤمن الكيس الفطن العاقل أن يحاسب نفسه فالطاعة والفروض رأس المال والمعاصي هي الخسائر والنوافل هي الأرباح ، وليعلم أنّ كل نفس من أنفاس العمر جوهرة نفيسة يمكن أن يشتري بها كنز من كنوز الأخرة ، فإذا أصبح العبد وفرغ من صلاة الصبح ينبغي أن يفرغ قلبه ساعة فيقول لنفسه مالي بضاعة إلا العمر ولو توفاني الله لكنت أتمنى أن يرجعني إلى الدنيا يوماً حتى أعمل صالحاً ومن ثم ينوي فعل الخيرات ليكون من الرابحين. قال عمر الفاروق: أيها الناس حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعما لكم قبل أن توزن عليكم وتهيئوا للعرض الأكبر (( يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ )) الحاقة 18 ، وقال الفضيل بن عياض: من حاسب نفسه قبل أن يحاسب خف في القيامة حسابه ، وحضر عن السؤال جوابه ، وحسن منقلبه ومآبه ، ومن لم يحاسب نفسه دامت حسراته ، وطالت في عرصات القيامة وقفاته ، وقادته إلى الخزي والمقت سيئاته ، وأكيس الناس من دان نفسه وحاسبها وعاتبها ، وعمل لما بعد الموت واشتغل بعيوبه وإصلاحها ، فينبغي للعاقل أن يكون له في يومه ساعة يحاسب فيها نفسه كما يحاسب الشريك شريكه في شئون الدنيا فكيف لا يحاسب الأنسان نفسه في سعادة الأبد وشقاوة الابد نسأل الله أن يجعلنا من الأبرار والسعداء ، قال ميمون بن مهران: لا يكون العبد من المتقين حتى يحاسب نفسه أشد من محاسبة شريكه
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( محاسبة النفس )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان. ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام.. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومن فوائد محاسبة النفس إنها تعرِّف الإنسان بنعمة الله عليه فيشكرها، ويستخدمها في طاعة الله ، ويحذر من التعرض لأسباب زوالها ، قال تعالى : (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ)) [إبراهيم:7]. فبداية المحاسبة أن يقيس العبد ويوازن بين نعم الله عليه ، من عافية وأمن وستر وغنى ، وبين ذنوبه فحينئذٍ يظهر التفاوت ، فيعلم العبد أن ليس له إلا عفو الله ورحمته ، أو الهلاك ، يقول القائل:
حاسبت نفسي لم أجد لي *** صالحاً إلا رجاءي رحمة الرحمن
ووزنت أعمالي فلم أجد *** في الأمر إلا خفة الميزان
وبهذه المقايسة والمحاسبة، يعلم العبد أن الرب رب بكرمه وعفوه وجبروته وعظمته ،وأن العبد عبد بذله وضعفه وفقره وعجزه ، وأن كل نعمة من الله فضل وكل نقمة منه عدل . وبهذه المحاسبة يسيء العبد الظن بنفسه ، لأن حسن الظن بالنفس يمنع من كمال الصلاح والتقوى فيرى المساوئ محاسن ، والعيوب كمالاً ، فعين الرضى عن كل عيب كليلة *** ولكن عين السخط تبدي المساويا ، ولا يسيء الظن بنفسه إلا من عرفها. وقال تعالى : ((فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَه وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَه)) الزلزلة:7، 8، وقال تعالى: ((يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُّحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِن سُوء تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدَا بَعِيدًا وَيُحَذّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءوفُ بِالْعِبَادِ)) آل عمران:30، وقال جل وعلا: ((وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا)) الإسراء:13، 14، وقال تعالى: ((وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا)) الكهف:49 ، وقال تعالى: ((وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَابًا)) النبأ:29. ونواصل الحديث عن محاسبة النفس في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء