خطبة عن ( مشكلة العنوسة والمضار المترتبة عليها)
مارس 6, 2016خطبة عن (مشكلة العنوسة: الأسباب والنتائج والعلاج)
مارس 6, 2016الخطبة الأولى (الأسباب التي تؤدي إلى ظهور مشكلة العنوسة)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك .. واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له .. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله .. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وكشف الله به الغمة .. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد … أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (32) وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ نِكَاحًا حَتَّى يُغْنِيَهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) (32) ،(33) النور
إخوة الإسلام
إن مشكلة تأخر زواج البنات والشباب وهي ما تعرف( بالعنوسة ) لها أسباب عدة وكان منها : (عدم تزويج البنت الصغرى إلا بعد أن تتزوج البنت الكبرى.. ومنع الزواج المبكر.. والمغالاة في المهور وارتفاع نفقات الزواج.. :و تأخير بعض الشباب للزواج بدعوى عدم وقوع الحب في قلبه ولم يعشق فتاة عمره.. وعدم قبول المجتمع لتعدد الزوجات )، ومن الأسباب التي تؤدي إلى ظهور مشكلة العنوسة : عدم أخذ رأي البنت عند الزواج أحيانا : إما لأن الوالد مستبد ظالم، وإما لأنه قد أُغْرِيَ بمبلغ كثير من المال قد يجعله يزوج ابنته رغماً عنها، بغرض حصوله على هذا المال. وتكون النتيجة أن هذا الزواج يكون فاشلا وبعد الطلاق تدخل الفتاة إلى قائمة العوانس ،وهذا الأمر بالطبع مخالف لأوامر الشرع ، وأن الرسول قال كما في البخاري : ((عَنْ أَبِى سَلَمَةَ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ حَدَّثَهُمْ أَنَّ النَّبِيَّ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ : « لاَ تُنْكَحُ الأَيِّمُ حَتَّى تُسْتَأْمَرَ وَلاَ تُنْكَحُ الْبِكْرُ حَتَّى تُسْتَأْذَنَ » . قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ إِذْنُهَا قَالَ « أَنْ تَسْكُتَ » … وعن خنساء بنت خذام: أنّ أباها زوَّجها بدون إذنها – وهي ثيب – فأتت رسول الله فرد نكاحها. [أخرجه الجماعة]. وفي مسند الإمام احمد (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ جَاءَتْ فَتَاةٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ أَبِى زَوَّجَنِى ابْنَ أَخِيهِ يَرْفَعُ بِى خَسِيسَتَهُ. فَجَعَلَ الأَمْرَ إِلَيْهَا قَالَتْ فَإِنِّى قَدْ أَجَزْتُ مَا صَنَعَ أَبِى وَلَكِنْ أَرَدْتُ أَنْ تَعْلَمَ النِّسَاءُ أَنْ لَيْسَ لِلآبَاءِ مِنَ الأَمْرِ شَىْءٌ.)، فليس من حق الأب أو الولي أن يزوج ابنته إلا برضاها، والشرع معها في ذلك. ومن أسباب هذه المشكلة أيضا: الامتناع عن الزواج بالأرامل والمطلقات: وهذا شيء جدير بالاهتمام. فهناك من المسلمات ومنهن شابات. بعضهن توفي أزواجهن، وبعضهن انفصلن عن أزواجهن لأسباب مختلفة فإذا حدث لهن ذلك. هل يكتب عليهن أن يجلسن في بيوتهن حتى الموت؟ مع أنهن لديهن الاستعداد للزواج وبأقل تكاليف ممكنة ؟ . فلماذا لا يفكر الشباب بالزواج من أمثال هؤلاء البنات تنفيذاً لأمر الله – سبحانه وتعالى- القائل: ( وَأَنْكِحُواْ الايَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمائِكُمْ ) [النور:32]. والمرأة الأيم هي التي سبق لها الزواج ،ويكفي أن نعلم أن سيد الخلق نبينا محمداً قد تزوج وهو في عنفوان شبابه، وفي سن الخامسة والعشرين قد تزوج بأم المؤمنين خديجة رضي الله عنها وهي أرملة، بل وهي تكبره بعشر سنوات على الأقل؟ وقد كان زواجاً ناجحاً بكل المقاييس كما يعلم الجميع…لهذا فما الذي يمنع الشباب من إتباع هذا المنهج العظيم. ومن الأسباب: ترك الرجال المجال للنساء في التصرف بأمور الخطبة والزواج. ولا شك أن المرأة بما جبلت عليه من عاطفة، وبما تحبه من المظاهر والمفاخرة والرياء وحب الظهور أمام الناس، لا يمكن أن يتحقق على يديها خطبة أو زواج إلا إذا كانت رشيدة عاقلة مؤمنة تزن الأمور بميزان الشرع والدين. لهذا كم سمعنا عن أمهات يؤخرن زواج أبنائهن سنوات طويلة بدعوى عدم وجود الفتاة المناسبة حتى الآن، وبعضهن قد يفسدن زواج بناتهن لأن الواحدة منهن تدعي أن ابنتها ليست أقل من بنت فلان أو أن حفل زواج ابنتها يجب أن يكون أفضل حفل زواج في البلد، مما سبب إفساد الكثير من حالات الزواج…لهذا على الرجل إذا رأى مثل هذا الانحراف عليه أن يتدخل ويحسم الأمور، لأن الله أعطاه حق القوامة كما قال: (الرّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوالِهِمْ) النساء 34، ومن الاسباب : عضل الأولياء (وعضل الولي للمرأة منعها من الزواج ظلما). قال تعالى: ( فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ . ويقول: وَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُواْ بِبَعْضِ مَا ءاتَيْتُمُوهُنَّ) البقرة 232، ومن الإعضال أن يمنع الولي ابنته المطلقة طلاقاً رجعياً من الرجوع إلى زوجها بحجة جرح الكرامة أو الإهانة، وقد حدث على عهد الرسول كما في صحيح البخاري : ((عَنِ الْحَسَنِ ( فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ ) قَالَ حَدَّثَنِى مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ أَنَّهَا نَزَلَتْ فِيهِ قَالَ زَوَّجْتُ أُخْتًا لِى مِنْ رَجُلٍ فَطَلَّقَهَا ، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ يَخْطُبُهَا ، فَقُلْتُ لَهُ زَوَّجْتُكَ وَفَرَشْتُكَ وَأَكْرَمْتُكَ ، فَطَلَّقْتَهَا ، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا ، لاَ وَاللَّهِ لاَ تَعُودُ إِلَيْكَ أَبَدًا ، وَكَانَ رَجُلاً لاَ بَأْسَ بِهِ وَكَانَتِ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ أَنَّ تَرْجِعَ إِلَيْهِ فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الآيَةَ ( فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ ) فَقُلْتُ الآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ )) فنزل قول الله تعالى: وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَن يَنكِحْنَ أَزْواجَهُنَّ إِذَا تَراضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:232]. فقلت: الآن أفعل يا رسول الله: قال فزوجها إياه.)
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (( مشكلة العنوسة: الأسباب والحلول )
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه . واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له .واشهد ان محمدا عبده ورسوله اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونواصل حديثنا عن اسباب مشكلة العنوسة .. ومن الإعضال : الحجر على البنت بدعوى حجزها لابن العم أو الخال، بحجة أنه أولى بها من الغريب، حتى لو لم يكن كفؤاً لها. وهذا ظلم عظيم للمرأة ، وقد وقع بسببه فتن كثيرة وشرور عظيمة من شحناء وقطيعة رحم
أيها المسلمون
ارجعوا إلى الدين الحق والإسلام الصحيح. وانبذوا هذه العادات والتقاليد وإن كنتم تعبدون الله فطبقوا أوامر الله وأوامر رسوله . وإن كنتم تعبدون العادات والتقاليد فليس هناك إلا الدمار في الدنيا والآخرة. وإذا أردتم لبناتكم السعادة. ، فيسروا أمور الزواج. بل وابحثوا عن الخاطب المسلم والزوج الصالح. وهذا ليس عيباً أبداً. فهذا العمل هو سنة عمرية بدأها أمير المؤمنين عمر بن الخطاب ،ففي صحيح البخاري (عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ – رضى الله عنهما – يُحَدِّثُ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ حِينَ تَأَيَّمَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عُمَرَ مِنْ خُنَيْسِ بْنِ حُذَافَةَ السَّهْمِيِّ وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَدْ شَهِدَ بَدْرًا تُوُفِّىَ بِالْمَدِينَةِ، قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فَعَرَضْتُ عَلَيْهِ حَفْصَةَ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ . قَالَ سَأَنْظُرُ فِي أَمْرِى . فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ، فَقَالَ قَدْ بَدَا لِي أَنْ لاَ أَتَزَوَّجَ يَوْمِي هَذَا .قَالَ عُمَرُ فَلَقِيتُ أَبَا بَكْرٍ فَقُلْتُ إِنْ شِئْتَ أَنْكَحْتُكَ حَفْصَةَ بِنْتَ عُمَرَ . فَصَمَتَ أَبُو بَكْرٍ ، فَلَمْ يَرْجِعْ إِلَىَّ شَيْئًا ، فَكُنْتُ عَلَيْهِ أَوْجَدَ مِنِّى عَلَى عُثْمَانَ ، فَلَبِثْتُ لَيَالِيَ ، ثُمَّ خَطَبَهَا رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَأَنْكَحْتُهَا إِيَّاهُ ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ لَعَلَّكَ وَجَدْتَ عَلَىَّ حِينَ عَرَضْتَ عَلَىَّ حَفْصَةَ فَلَمْ أَرْجِعْ إِلَيْكَ قُلْتُ نَعَمْ . قَالَ فَإِنَّهُ لَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَرْجِعَ إِلَيْكَ فِيمَا عَرَضْتَ إِلاَّ أَنِّى قَدْ عَلِمْتُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَدْ ذَكَرَهَا ، فَلَمْ أَكُنْ لأُفْشِىَ سِرَّ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ، وَلَوْ تَرَكَهَا لَقَبِلْتُهَا ) ونستكمل الموضوع في لقاء قادم ان شاء الله الدعاء