خطبة عن (كيف نتخلص من مكائد الشيطان؟)
فبراير 8, 2016خطبة عن ( مكائد الشيطان)
فبراير 8, 2016الخطبة الأولى ( أحوال الناس أمام مكائد الشيطان )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : ( قَالَ فَبِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (16) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ (17) قَالَ اخْرُجْ مِنْهَا مَذْءُومًا مَدْحُورًا لَمَنْ تَبِعَكَ مِنْهُمْ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنْكُمْ أَجْمَعِينَ ) (16) :(18) الاعراف ، ونواصل الحديث حول مكائد الشيطان وعداوته للإنسان : فاعلموا أن كيد الشيطان ضعيفٌ أمام كل من التجأ بالله وبذكر الله، وبالجلساء الطيبين، والأخيار الصالحين، فإن كيد الشيطان مهما برق ومهما تنوع أسلوبه وتباينت وسائله، فإنه كيدٌ ضعيفٌ أمام ذلك، والله جل وعلا لم يتركنا سدىً، بل بين لنا أساليب كثيرة نتقي بها كيد الشيطان، يقول الله جل وعلا:( وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ * إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوْا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُمْ مُبْصِرُونَ ) [الأعراف:200-201]، فإن ذكر الله جل وعلا، وإن الاستعاذة بالله جل وعلا في كل حالٍ لهو كفيلٌ بأن يطرد كيد الشيطان، وأن يصد عداوته عن هذا الإنسان. وقد أخبر الله تعالى عن إبليس أنه ليس له سلطان على الذين ءامنوا ، فقال تعالى : ” إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ” النحل 99 ، فنفى الله سبحانه وتعالى سلطان الشيطان عمن اتصف بصفتين : – الإيمان . ( آمَنُوا ) – والعمل . ( وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ ) . وابليس ليس له حجة ولا برهان على مكائده ووسوسته إنما سلطانه بالإغواء والوسوسة .هذا هو سلطانه كما فسره حبر الأمة وترجمان القرآن ابن عباس رضي الله عنهما . وإنما سلطان إبليس على الذين يتولونه ، قال تعالى : ” إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ ” ، فبيّنت هذه الآية أصناف من يتسلّط عليهم ابليس : – الذين يتولّونه : باتباع الهوى والاستجابة لداعيه والغفلة عن ذكر الله . – الذين هم به مشركون : وهم طائفة أشد ضلالا ممن قبلهم . والمقصود أن حقيقة سلطان إبليس إنما هي سلطة إغواء ونزغ ، لا سلطة حجة وبرهان . وهذه السلطة سلطة ضعيفة في حقيقتها ، كما أخبر الله تعالى بقوله : ” إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ” النساء 76
إخوة الإسلام
إن البشرية اليوم أمام الشيطان على أصنافٍ عدة: صنفٌ منهم: كالكرة بأيدي الصبيان، كما ذكر أو روي في بعض الآثار: أن نبياً من الأنبياء تمثل له الشيطان، فقال له: كيف الناس معك؟ ، قال: هم ثلاثة أصناف: صنف كالكرة بأيدي الصبيان؛ أينما أردنا أن نرمي بهم رمينا بهم، فلا يلتفتون ولا يتغيرون عما أردناه بهم. وصنفٌ لنا مرة ولهم مرة؛ ونجهد أنفسنا كثيراً معهم، ثم يزول كل ما عملناه، قال: من أولئك الصنف؟ قال: أولئك الذين لا نزال معهم حتى إذا قربناهم شيئاً فشيئاً استغفروا الله، فعاد كل ما فعلناه هباءً منثوراً. ففي مسند أحمد (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : « إِنَّ الشَّيْطَانَ قَالَ وَعِزَّتِكَ يَا رَبِّ لاَ أَبْرَحُ أُغْوِى عِبَادَكَ مَا دَامَتْ أَرْوَاحُهُمْ فِي أَجْسَادِهِمْ. قَالَ الرَّبُّ وَعِزَّتِي وَجَلاَلِي لاَ أَزَالُ أَغْفِرُ لَهُمْ مَا اسْتَغْفَرُونِي » ، وصنف لا نستطيع لهم ولا نقدر عليهم؛ أولئك الأنبياء. قال تعالى : (قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي لَأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (39) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) الحجر 39 ، 40 ، وفي قوله تعالى : (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (82) إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ ) ص 82 ، 83 ، وفي البخاري (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ – رضى الله عنه – عَنِ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – أَنَّهُ صَلَّى صَلاَةً قَالَ :« إِنَّ الشَّيْطَانَ عَرَضَ لِي ، فَشَدَّ عَلَىَّ لِيَقْطَعَ الصَّلاَةَ عَلَىَّ ، فَأَمْكَنَنِي اللَّهُ مِنْهُ ، فَذَعَتُّهُ ، وَلَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أُوثِقَهُ إِلَى سَارِيَةٍ حَتَّى تُصْبِحُوا فَتَنْظُرُوا إِلَيْهِ فَذَكَرْتُ قَوْلَ سُلَيْمَانَ – عَلَيْهِ السَّلاَمُ – رَبِّ هَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَحَدٍ مِنْ بَعْدِى . فَرَدَّهُ اللَّهُ خَاسِيًا »
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( مكائد الشيطان ) 2
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
فإن الشيطان أحرص ما يكون على الإنسان عندما يهمّ بالخير أو يدخل فيه فهو يشتد عليه حينئذ حتى يقطعه ، وقد وروى النسائي في سننه (عَنْ سَبْرَةَ بْنِ أَبِى فَاكِهٍ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ : « إِنَّ الشَّيْطَانَ قَعَدَ لاِبْنِ آدَمَ بِأَطْرُقِهِ فَقَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الإِسْلاَمِ فَقَالَ تُسْلِمُ وَتَذَرُ دِينَكَ وَدِينَ آبَائِكَ وَآبَاءِ أَبِيكَ فَعَصَاهُ فَأَسْلَمَ ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْهِجْرَةِ فَقَالَ تُهَاجِرُ وَتَدَعُ أَرْضَكَ وَسَمَاءَكَ وَإِنَّمَا مَثَلُ الْمُهَاجِرِ كَمَثَلِ الْفَرَسِ فِى الطِّوَلِ فَعَصَاهُ فَهَاجَرَ ثُمَّ قَعَدَ لَهُ بِطَرِيقِ الْجِهَادِ فَقَالَ تُجَاهِدُ فَهُوَ جَهْدُ النَّفْسِ وَالْمَالِ فَتُقَاتِلُ فَتُقْتَلُ فَتُنْكَحُ الْمَرْأَةُ وَيُقْسَمُ الْمَالُ فَعَصَاهُ فَجَاهَدَ ». فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَمَنْ قُتِلَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ وَإِنْ غَرِقَ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ وَقَصَتْهُ دَابَّتُهُ كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ ». وفي البخاري (فَقَالَ النَّبِيُّ – صلى الله عليه وسلم – : « إِنَّ الشَّيْطَانَ يَبْلُغُ مِنَ الإِنْسَانِ مَبْلَغَ الدَّمِ ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا شَيْئًا » ، وفي المستدرك (عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال : قلت : يا رسول الله إن الشيطان قد حال بيني و بين صلاتي و قراءتي فقال : إن ذلك شيطان يقال له خنزب فإذا أحسسته فتعوذ بالله منه و اتفل عن يسارك ) قال : ففعلت فأذهب الله عني ) ، وفي صحيح مسلم (عَنْ جَابِرٍ قَالَ سَمِعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ :« إِنَّ الشَّيْطَانَ يَحْضُرُ أَحَدَكُمْ عِنْدَ كُلِّ شَيْءٍ مِنْ شَأْنِهِ حَتَّى يَحْضُرَهُ عِنْدَ طَعَامِهِ فَإِذَا سَقَطَتْ مِنْ أَحَدِكُمُ اللُّقْمَةُ فَلْيُمِطْ مَا كَانَ بِهَا مِنْ أَذًى ثُمَّ لْيَأْكُلْهَا وَلاَ يَدَعْهَا لِلشَّيْطَانِ فَإِذَا فَرَغَ فَلْيَلْعَقْ أَصَابِعَهُ فَإِنَّهُ لاَ يَدْرِى فِي أَيِّ طَعَامِهِ تَكُونُ الْبَرَكَةُ ». فكلما كان العمل أنفع للعبد وأحب إلى الله كان اعتراض الشيطان له أكثر فالشيطان للعبد المؤمن بالرصد والمرصاد مصداق قول الله تعالى فيه : ” ثُمَّ لآتِيَنَّهُم مِّن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَن شَمَآئِلِهِمْ وَلاَ تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ ” الأعراف 17 ، وأما في الآخرة فإنه إذا دخل أهل النار مع الشيطان خطبهم الشيطان خطبة تزيدهم ندماً وشقوة وحشرة وألماً كما قال تعالى : ﴿ وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ ﴾ ابراهيم 22.
ونواصل الحديث في لقاء قادم إن شاء الله
الدعاء