خطبة عن ( من أخلاق الرسول: الرحمة)
ديسمبر 6, 2016خطبة عن ( من أخلاق الرسول: الزهد )
ديسمبر 6, 2016الخطبة الأولى ( الزهد من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في صحيح البخاري : (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ – صلى الله عليه وسلم – مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ الْبُرِّ ثَلاَثَ لَيَالٍ تِبَاعًا ، حَتَّى قُبِضَ) ، (وقَالَتْ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ – صلى الله عليه وسلم – مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ )، وعند مسلم : (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : إِنْ كُنَّا آلَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- لَنَمْكُثُ شَهْرًا مَا نَسْتَوْقِدُ بِنَارٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ التَّمْرُ وَالْمَاءُ. )
إخوة الإسلام
ونواصل حديثنا عن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن زهده في الدنيا ومتاعها ، فقد كان من أخلاقه – صلى الله عليه وسلم – الزهدُ في الدنيا، والاكتفاء منها بما يُقيم الأَوَدَ، والصبرُ على شظف العيش، والقناعة بما يصل إليه. ومن الأحاديث التي تدل على شدة زهده – صلى الله عليه وسلم – وقناعته: ففي البخاري (عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – قَالَتْ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ – صلى الله عليه وسلم – مُنْذُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ مِنْ طَعَامِ الْبُرِّ ثَلاَثَ لَيَالٍ تِبَاعًا ، حَتَّى قُبِضَ) ،
(وقَالَتْ مَا شَبِعَ آلُ مُحَمَّدٍ – صلى الله عليه وسلم – مِنْ خُبْزِ بُرٍّ مَأْدُومٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ حَتَّى لَحِقَ بِاللَّهِ ) وعند مسلم (عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ إِنْ كُنَّا آلَ مُحَمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم- لَنَمْكُثُ شَهْرًا مَا نَسْتَوْقِدُ بِنَارٍ إِنْ هُوَ إِلاَّ التَّمْرُ وَالْمَاءُ. ) .. (وعَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ – رضى الله عنها – أَنَّهَا قَالَتْ لِعُرْوَةَ ابْنَ أُخْتِي ، إِنْ كُنَّا لَنَنْظُرُ إِلَى الْهِلاَلِ ثُمَّ الْهِلاَلِ ، ثَلاَثَةَ أَهِلَّةٍ فِي شَهْرَيْنِ ، وَمَا أُوقِدَتْ فِي أَبْيَاتِ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – نَارٌ . فَقُلْتُ يَا خَالَةُ مَا كَانَ يُعِيشُكُمْ قَالَتِ الأَسْوَدَانِ التَّمْرُ وَالْمَاءُ ، إِلاَّ أَنَّهُ قَدْ كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – جِيرَانٌ مِنَ الأَنْصَارِ كَانَتْ لَهُمْ مَنَائِحُ ، وَكَانُوا يَمْنَحُونَ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – مِنْ أَلْبَانِهِمْ ، فَيَسْقِينَا .) رواه البخاري ،وعن النُّعمان بن بشير – رضي الله عنه – (ذَكَرَ عُمَرُ مَا أَصَابَ النَّاسُ مِنَ الدُّنْيَا فَقَالَ لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوِى مَا يَجِدُ دَقَلاً يَمْلأُ بِهِ بَطْنَهُ.) رواه مسلم . وفيه (عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَتْ لَقَدْ مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَمَا شَبِعَ مِنْ خُبْزٍ وَزَيْتٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ مَرَّتَيْنِ)
إخوة الاسلام
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحث أصحابه وأمته على الزهد في الدنيا وعدم التنافس فيها ، والرضا والقناعة بما قل منها ، فالدنيا عمرها قصير ، ونعيمها حقير ، وقد روى البخاري في صحيحه (عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ مَخْرَمَةَ أَنَّهُ أَخْبَرَهُ أَنَّ عَمْرَو بْنَ عَوْفٍ الأَنْصَارِيَّ وَهْوَ حَلِيفٌ لِبَنِى عَامِرِ بْنِ لُؤَيٍّ وَكَانَ شَهِدَ بَدْرًا أَخْبَرَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – بَعَثَ أَبَا عُبَيْدَةَ بْنَ الْجَرَّاحِ إِلَى الْبَحْرَيْنِ يَأْتِي بِجِزْيَتِهَا ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – هُوَ صَالَحَ أَهْلَ الْبَحْرَيْنِ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمُ الْعَلاَءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ ، فَقَدِمَ أَبُو عُبَيْدَةَ بِمَالٍ مِنَ الْبَحْرَيْنِ ، فَسَمِعَتِ الأَنْصَارُ بِقُدُومِ أَبِى عُبَيْدَةَ فَوَافَتْ صَلاَةَ الصُّبْحِ مَعَ النَّبِيِّ – صلى الله عليه وسلم – ، فَلَمَّا صَلَّى بِهِمِ الْفَجْرَ انْصَرَفَ ، فَتَعَرَّضُوا لَهُ فَتَبَسَّمَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم حِينَ رَآهُمْ وَقَالَ « أَظُنُّكُمْ قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّ أَبَا عُبَيْدَةَ قَدْ جَاءَ بِشَيْءٍ » قَالُوا أَجَلْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « فَأَبْشِرُوا وَأَمِّلُوا مَا يَسُرُّكُمْ ، فَوَ اللَّهِ لاَ الْفَقْرَ أَخْشَى عَلَيْكُمْ ، وَلَكِنْ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُبْسَطَ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا كَمَا بُسِطَتْ عَلَى مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ ، فَتَنَافَسُوهَا كَمَا تَنَافَسُوهَا وَتُهْلِكَكُمْ كَمَا أَهْلَكَتْهُمْ » ، كما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه وأمته أنهم سوف يسألون عن نعيم الدنيا يوم القيامة ،ففي صحيح مسلم : (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ذَاتَ يَوْمٍ أَوْ لَيْلَةٍ فَإِذَا هُوَ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ فَقَالَ « مَا أَخْرَجَكُمَا مِنْ بُيُوتِكُمَا هَذِهِ السَّاعَةَ ». قَالاَ الْجُوعُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. قَالَ « وَأَنَا وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لأَخْرَجَنِي الَّذِى أَخْرَجَكُمَا قُومُوا ». فَقَامُوا مَعَهُ فَأَتَى رَجُلاً مِنَ الأَنْصَارِ فَإِذَا هُوَ لَيْسَ فِي بَيْتِهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ الْمَرْأَةُ قَالَتْ مَرْحَبًا وَأَهْلاً. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « أَيْنَ فُلاَنٌ ». قَالَتْ ذَهَبَ يَسْتَعْذِبُ لَنَا مِنَ الْمَاءِ. إِذْ جَاءَ الأَنْصَارِيُّ فَنَظَرَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَصَاحِبَيْهِ ثُمَّ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ مَا أَحَدٌ الْيَوْمَ أَكْرَمَ أَضْيَافًا مِنِّى – قَالَ – فَانْطَلَقَ فَجَاءَهُمْ بِعِذْقٍ فِيهِ بُسْرٌ وَتَمْرٌ وَرُطَبٌ فَقَالَ كُلُوا مِنْ هَذِهِ. وَأَخَذَ الْمُدْيَةَ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « إِيَّاكَ وَالْحَلُوبَ ». فَذَبَحَ لَهُمْ فَأَكَلُوا مِنَ الشَّاةِ وَمِنْ ذَلِكَ الْعِذْقِ وَشَرِبُوا فَلَمَّا أَنْ شَبِعُوا وَرَوُوا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لأَبِى بَكْرٍ وَعُمَرَ « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ لَتُسْأَلُنَّ عَنْ هَذَا النَّعِيمِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُيُوتِكُمُ الْجُوعُ ثُمَّ لَمْ تَرْجِعُوا حَتَّى أَصَابَكُمْ هَذَا النَّعِيمُ ».
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( الزهد من أخلاق الرسول صلى الله عليه وسلم )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
إن ما ذكرناه في هذه العجالة هو شيء يسير من أخبار إمام الزاهدين وسيد العابدين صلى الله عليه وسلم ، وغيرها كثير لم يذكر ، وستظل هذه الأخبار شواهد صدق على نبوته وزهده وإيثاره ما عند الله عز وجل ، وإن فيها دعوة للأمة وللأجيال المؤمنة للزهد في الدنيا والحذر من فتنتها ، فلو كانت الدنيا دليل محبة الله لصاحبها ، لفاز بها خير الخلق وأكرمهم على الله . فلننظرْ ولْنتأمل في هذا الغيض من الفيض العظيم من خُلق النبي – صلى الله عليه وسلم – وصفاته؛ لنعلمَ أن ذلك مظهرٌ من مظاهر التكريم الذي اختصَّه به ربُّ العالمين؛ إذ هداه إلى أحسن الأخلاق وأتمِّها وأعلاها. وماذا نقول عمن أثنى عليه ربُّه، وشهد له أنه على خُلق عظيم، وعمن “كان خلقه القرآن”؛ رواه أحمد
وإذا كان اللهُ أرسله ليُعلي الأخلاق إلى أسماها، والفضائل إلى منتهاها، فلا بد أن تكون أخلاقه – صلى الله عليه وسلم – في الذروة، وقد كان. وقد شهد له ربُّه فقال: ﴿ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ ﴾ [القلم: 4]. إننا نعلم علم اليقين أن ليس في مقدورنا أن نوفي الحديثَ عن أخلاق الرسول – صلى الله عليه وسلم – حقَّه مهما اجتهدنا؛ وإنما نشير إلى عظمته – صلى الله عليه وسلم – ببيانٍ قاصر عاجز، ولا نزعم أنَّا نستطيع الإحاطة أو الاستقصاء؛ إلا أننا نشعر أن الأمة والعالم كله اليوم بحاجة إلى أن يبرُزَ أمامه هذا النموذجُ الفريد؛ ليكون قدوة في عالم الناس، ولِمَ لا وقد قال الله – تعالى -:
﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 21]؟
الدعاء