خطبة عن (أخلاقه صلى الله عليه وسلم وشمائله دالة على نبوته)
مايو 1, 2016خطبة عن ( من دلائل النبوة أخلاق الرسول)
مايو 1, 2016الخطبة الأولى ( من دلائل النبوة أخلاقه صلى الله عليه وسلم وشمائله الدالة على نبوته )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ (1) مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ (2) وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ (3) وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ) (4) القلم
إخوة الإسلام
حديثنا عن دلائل نبوة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم ، وما جاء ذكره عن أخلاقه وشمائله التي تدلل على نبوته ، فهذه الأخلاق لا تكون إلا في نبي ،ومن الأخلاق التي عرف بها صلى الله عليه وسلم : كرمُه الفياض، وجُوده السيّال، فكرمُه صلى الله عليه وسلم كرمُ رجل عافت نفسه الدنيا، حتى ما عاد يفرح بإقبالها، ولا يغتم ولا يهتم بإدبارها، فهو أكرمُ الناس وأجودُهم، وصفه ابنُ عمهِ ابنُ عباس رضي الله عنه كما في صحيح البخاري (عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَجْوَدَ النَّاسِ ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِى رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِى كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ ) ، وعاشره أنس بن مالك عشرَ سنين، ثم وصفه مكا في صحيح البخاري : (عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قَالَ كَانَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – أَحْسَنَ النَّاسِ وَأَشْجَعَ النَّاسِ وَأَجْوَدَ النَّاسِ ) ، ومن رام إثبات ذلك فليصخ السمع وهو شهيد: فقد روى البخاري : (جُبَيْرُ بْنُ مُطْعِمٍ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – وَمَعَهُ النَّاسُ ، مَقْفَلَهُ مِنْ حُنَيْنٍ ، فَعَلِقَهُ النَّاسُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ ، فَوَقَفَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – فَقَالَ : « أَعْطُونِى رِدَائِى ، لَوْ كَانَ لِى عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ ، ثُمَّ لاَ تَجِدُونِى بَخِيلاً وَلاَ كَذُوبًا وَلاَ جَبَانًا » ، وفي مسند البزار : (عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَسَأَلَهُ ، فَقَالَ : مَا عِنْدِي شَيْءٌ أُعْطِيكَ ، وَلَكِنِ اسْتَقْرِضْ حَتَّى يَأْتِينَا شَيْءٌ فَنُعْطِيَكَ فَقَالَ عُمَرُ : مَا كَلَّفَكَ اللَّهُ هَذَا ، أَعْطَيْتَ مَا عِنْدَكَ ، فَإِذَا لَمْ يَكُنْ عِنْدَكَ فَلا تُكَلَّفْ ،قَالَ : فَكَرِهَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَوْلَ عُمَرَ حَتَّى عُرِفَ فِي وَجْهِهِ ، فَقَالَ الرَّجُلُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، بِأَبِي وَأُمِّي أَنْتَ ، فَأَعْطِ وَلاَ تَخْشَ مِنْ ذِي الْعَرْشِ إِقْلالا ، قَالَ : فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَقَالَ : بِهَذَا أُمِرْتُ.) ، فعطاؤه صلى الله عليه وسلم كان مع العوز وقلة ذات اليد، وهذا غاية الجود، ومن علامات جوده و دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري في صحيحه : (عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ – رضى الله عنه – أَنَّ نَاسًا مِنَ الأَنْصَارِ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فَأَعْطَاهُمْ ، ثُمَّ سَأَلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ ، حَتَّى نَفِدَ مَا عِنْدَهُ ،فَقَالَ « مَا يَكُونُ عِنْدِى مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ أَدَّخِرَهُ عَنْكُمْ ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ ، وَمَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ ، وَمَنْ يَتَصَبَّرْ يُصَبِّرْهُ اللَّهُ ، وَمَا أُعْطِىَ أَحَدٌ عَطَاءً خَيْرًا وَأَوْسَعَ مِنَ الصَّبْرِ » ،وقد روى البخاري في صحيحه (سَهْلَ بْنَ سَعْدٍ – رضى الله عنه – قَالَ جَاءَتِ امْرَأَةٌ بِبُرْدَةٍ – قَالَ أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ فَقِيلَ لَهُ نَعَمْ ، هِىَ الشَّمْلَةُ ، مَنْسُوجٌ فِى حَاشِيَتِهَا – قَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّى نَسَجْتُ هَذِهِ بِيَدِى أَكْسُوكَهَا . فَأَخَذَهَا النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – مُحْتَاجًا إِلَيْهَا . فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ . فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اكْسُنِيهَا ، فَقَالَ « نَعَمْ » . فَجَلَسَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – فِى الْمَجْلِسِ ، ثُمَّ رَجَعَ فَطَوَاهَا ، ثُمَّ أَرْسَلَ بِهَا إِلَيْهِ . فَقَالَ لَهُ الْقَوْمُ مَا أَحْسَنْتَ ، سَأَلْتَهَا إِيَّاهُ ، لَقَدْ عَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ سَائِلاً . فَقَالَ الرَّجُلُ وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ إِلاَّ لِتَكُونَ كَفَنِى يَوْمَ أَمُوتُ . قَالَ سَهْلٌ فَكَانَتْ كَفَنَهُ ) ، نعم، إنه صلى الله عليه وسلم لا يرد سائلاً، ويجود حتى بما هو أحوج الناس إليه.
هو البحر من أيِ النواحي أتيتَه فلُجتُه المعروف والبحرُ ساحله
تراه إذا مـا جئته مـتهللاً كأنك تعطيه الذي أنت سائله
ولو لم يكن في كفه غيرُ روحه لـجاد بها فليـتق الله سائلُه
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من دلائل النبوة أخلاقه صلى الله عليه وسلم وشمائله الدالة على نبوته )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ولفرط كرمه صلى الله عليه وسلم ، يقول جابر: (ما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قط ؟
فقال: لا). وفي يوم حنين جاءه رجلٌ فسأله غنماً بين جبلين، فأعطاه إياه، فأتى قومه، فقال: أيْ قومِ أسلموا، فو الله إن محمداً ليعطي عطاء من لا يخاف الفقر! فقال أنس: إن كان الرجل ليُسلِم، ما يريدُ إلا الدنيا، فما يسلمْ حتى يكونَ الإسلام أحبَ إليه من الدنيا وما عليها. ويذكر ابن عساكر أن صفوان بن أمية سار يوم حنين بين الغنائم ، فجعل ينظر إلى شِعبٍ مُلأ نعماً وشاء ورعاء، فأدام النظر إليه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يرمُقه فقال النبي: ((أبا وهب، يعجبُك هذا الشِعب؟)) قال: نعم. فقال صلى الله عليه وسلم : ((هو لك وما فيه)). فقال صفوان: ما طابت نفس أحد بمثل هذا إلا نفسُ نبي، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله. فأسلم صفوان سيد قريش وأحد عقلائها لما رآه من جود النبي صلى الله عليه وسلم ، فرأى في كرم كفه وفيضِ عطائه وطيبةِ نفسه بهذا العطاء؛ ما يدل على نبوته ورسالته صلى الله عليه وسلم .وعطاؤه صلى الله عليه وسلم ليس مرتبطاً بمصلحة شخصية، ولا يطرد بزيادة العلاقة مع المُعطى أو نقصاِنها، يقول عليه الصلاة والسلام: (إني لأعطي الرجل، وغيرُه أحبُ إليّ منه، خشيةَ أن يكبه الله في النار). ومن صور كرمه صلى الله عليه وسلم ما كان مع جابر بن عبد الله، ففي سنن ابن ماجة (عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ كُنْتُ مَعَ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فِى غَزْوَةٍ فَقَالَ لِى « أَتَبِيعُ نَاضِحَكَ هَذَا بِدِينَارٍ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَكَ ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هُوَ نَاضِحُكُمْ إِذَا أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ. قَالَ « فَتَبِيعُهُ بِدِينَارَيْنِ وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَكَ ». قَالَ فَمَا زَالَ يَزِيدُنِى دِينَارًا دِينَارًا وَيَقُولُ مَكَانَ كُلِّ دِينَارٍ « وَاللَّهُ يَغْفِرُ لَكَ ». حَتَّى بَلَغَ عِشْرِينَ دِينَارًا ، فَلَمَّا أَتَيْتُ الْمَدِينَةَ أَخَذْتُ بِرَأْسِ النَّاضِحِ فَأَتَيْتُ بِهِ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « يَا بِلاَلُ أَعْطِهِ مِنَ الْعَيْبَةِ عِشْرِينَ دِينَارًا ». وَقَالَ « انْطَلِقْ بِنَاضِحِكَ وَاذْهَبْ بِهِ إِلَى أَهْلِكَ ». وفي رواية في مسند أحمد قال جابر: (فَمَرَرْتُ بِرَجُلٍ مِنَ الْيَهُودِ فَأَخْبَرْتُهُ. قَالَ فَجَعَلَ يَعْجَبُ. قَالَ فَقَالَ اشْتَرَى مِنْكَ الْبَعِيرَ وَدَفَعَ إِلَيْكَ الثَّمَنَ وَوَهَبَهُ لَكَ قَالَ قُلْتُ َنعَمْ ) وحُق له أن يعجب، رجل يشتري جملاً من آخر ، ويزيده في السعر، ثُم يعطيه ثمن البعير والبعير، فما هذا بمعهود بين الناس ولا مألوف، إنه جود نبي أدبه ربه فأحسن تأديبه. ونستكمل إن شاء الله
الدعاء