خطبة عن (الإخبار ببعض الغيوب المستقبلية من شواهد النبوة)
مايو 1, 2016خطبة عن ( إخبار الرسول ببعض الغيوب)
مايو 1, 2016الخطبة الأولى ( من أخبر الرسول ببعض الغيوب؟)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
في صحيح البخاري (عَنْ حُذَيْفَةَ – رضي الله عنه – قَالَ لَقَدْ خَطَبَنَا النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – خُطْبَةً ، مَا تَرَكَ فِيهَا شَيْئًا إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلاَّ ذَكَرَهُ ، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ ، إِنْ كُنْتُ لأَرَى الشَّىْءَ قَدْ نَسِيتُ ، فَأَعْرِفُ مَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ إِذَا غَابَ عَنْهُ فَرَآهُ فَعَرَفَهُ )
إخوة الإسلام
إخبار النبي محمد صلى الله عليه وسلم بالغيوب المستقبلة التي تحققت في حياته ، وبعد وفاته كثيرة ومتعددة ، وهي من أوضح الدلائل على نبوته ، وصدق رسالته ،ولئن دلت الغيوب التي ذكرناها من قبل على نبوة النبي صلى الله عليه وسلم فإننا سنتناول ما أخبر به صلى الله عليه وسلم من أمور غيبية وتحققت بعد موته صلى الله عليه وسلم ، فكانت أيضاً برهاناً صادقاً على نبوته صلى الله عليه وسلم .وقف النبي صلى الله عليه وسلم يوماً خطيباً بين أصحابه، وأخرهم ببعض الأمور التي سوف تحدث، ولنسمع إلى حذيفة وهو يقص علينا الخبر. ففي صحيح البخاري (عَنْ حُذَيْفَةَ – رضى الله عنه – قَالَ لَقَدْ خَطَبَنَا النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – خُطْبَةً ، مَا تَرَكَ فِيهَا شَيْئًا إِلَى قِيَامِ السَّاعَةِ إِلاَّ ذَكَرَهُ ، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ ، وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ ، إِنْ كُنْتُ لأَرَى الشَّىْءَ قَدْ نَسِيتُ ، فَأَعْرِفُ مَا يَعْرِفُ الرَّجُلُ إِذَا غَابَ عَنْهُ فَرَآهُ فَعَرَفَهُ ) ، وهذا الذي رواه حذيفة مجملاً؛ فصّله عمرو بن أخطب الأنصاري رضي الله عنه ، فقد روى مسلم في صحيحه (عَمْرَو بْنَ أَخْطَبَ – قَالَ صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- الْفَجْرَ وَصَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الظُّهْرُ فَنَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى حَضَرَتِ الْعَصْرُ ثُمَّ نَزَلَ فَصَلَّى ثُمَّ صَعِدَ الْمِنْبَرَ فَخَطَبَنَا حَتَّى غَرَبَتِ الشَّمْسُ فَأَخْبَرَنَا بِمَا كَانَ وَبِمَا هُوَ كَائِنٌ فَأَعْلَمُنَا أَحْفَظُنَا. ) ، ومن الغيوب الباهرة التي كشفت لنبينا صلى الله عليه وسلم خبر أم حرام بنت ملحان ، ففي صحيح البخاري (قَالَ عُمَيْرٌ فَحَدَّثَتْنَا أُمُّ حَرَامٍ أَنَّهَا سَمِعَتِ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – يَقُولُ « أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِى يَغْزُونَ الْبَحْرَ قَدْ أَوْجَبُوا » . قَالَتْ أُمُّ حَرَامٍ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَا فِيهِمْ . قَالَ « أَنْتِ فِيهِمْ » . ثُمَّ قَالَ النَّبِىُّ – صلى الله عليه وسلم – « أَوَّلُ جَيْشٍ مِنْ أُمَّتِى يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَرَ مَغْفُورٌ لَهُمْ » . فَقُلْتُ أَنَا فِيهِمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « لاَ » ،وفي حديث يرويه الشيخان ، واللفظ للبخاري (عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ – رضى الله عنه – أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – إِذَا ذَهَبَ إِلَى قُبَاءٍ يَدْخُلُ عَلَى أُمِّ حَرَامٍ بِنْتِ مِلْحَانَ فَتُطْعِمُهُ ، وَكَانَتْ تَحْتَ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، فَدَخَلَ يَوْمًا فَأَطْعَمَتْهُ ، فَنَامَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ .قَالَتْ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَقَالَ « نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ غُزَاةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ » . – أَوْ قَالَ « مِثْلُ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ » . شَكَّ إِسْحَاقُ – قُلْتُ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ . فَدَعَا ثُمَّ وَضَعَ رَأْسَهُ فَنَامَ ، ثُمَّ اسْتَيْقَظَ يَضْحَكُ فَقُلْتُ مَا يُضْحِكُكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ « نَاسٌ مِنْ أُمَّتِى عُرِضُوا عَلَىَّ ، غُزَاةً فِى سَبِيلِ اللَّهِ ، يَرْكَبُونَ ثَبَجَ هَذَا الْبَحْرِ ، مُلُوكًا عَلَى الأَسِرَّةِ » . أَوْ « مِثْلَ الْمُلُوكِ عَلَى الأَسِرَّةِ » . فَقُلْتُ ادْعُ اللَّهَ أَنْ يَجْعَلَنِى مِنْهُمْ . قَالَ « أَنْتِ مِنَ الأَوَّلِينَ » . فَرَكِبَتِ الْبَحْرَ زَمَانَ مُعَاوِيَةَ ، فَصُرِعَتْ عَنْ دَابَّتِهَا حِينَ خَرَجَتْ مِنَ الْبَحْرِ ، فَهَلَكَتْ )، وقد نقل الطبراني وغيره أن قبرها معروف في جزيرة قبرص. فمن الذي أعلم النبي صلى الله عليه وسلم بما يكون بعده؟ ومن الذي أعلمه بأن أمته سوف تغزو البحر من بعده؟، وأن أم حرام بنت ملحان ستعيش حتى تدرك هذا الغزو، فتشارك فيه؟ ، ومن إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب التي تحققت بعد موته صلى الله عليه وسلم ما رواه البخاري في صحيحه (أَبَا إِدْرِيسَ قَالَ سَمِعْتُ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ أَتَيْتُ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – فِى غَزْوَةِ تَبُوكَ ، وَهْوَ فِى قُبَّةٍ مِنْ أَدَمٍ فَقَالَ « اعْدُدْ سِتًّا بَيْنَ يَدَىِ السَّاعَةِ ، مَوْتِى ، ثُمَّ فَتْحُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ ، ثُمَّ مُوتَانٌ يَأْخُذُ فِيكُمْ كَقُعَاصِ الْغَنَمِ ، ثُمَّ اسْتِفَاضَةُ الْمَالِ حَتَّى يُعْطَى الرَّجُلُ مِائَةَ دِينَارٍ فَيَظَلُّ سَاخِطًا ، ثُمَّ فِتْنَةٌ لاَ يَبْقَى بَيْتٌ مِنَ الْعَرَبِ إِلاَّ دَخَلَتْهُ ، ثُمَّ هُدْنَةٌ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِى الأَصْفَرِ فَيَغْدِرُونَ ، فَيَأْتُونَكُمْ تَحْتَ ثَمَانِينَ غَايَةً ، تَحْتَ كُلِّ غَايَةٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفًا » . ففي هذا الحديث يذكر النبي صلى الله عليه وسلم أحداثاً ستة يرتبها ، أولها : موتُه صلى الله عليه وسلم ، ثم فتحُ بيت المقدس، وقد كان ذلك في العام الخامس عشرَ من الهجرة، ثم موت عظيم يصيب الصحابة، وتحقق ذلك في طاعون عِمواس في السنة الثامنةِ عشرة للهجرة،ثم استفاضةُ المال حين كثرت الأموال زمن الفتوح في عهد عثمان، ثم الفتنةُ التي تصيب العرب، وقد وقعت زمن فتنة قتل عثمان رضي الله عنه التي كانت بوابة للفتن التي ما تركت بيتاً إلا ودخلته. وأما العلامة الأخيرة، وهي الهدنة ثم الحرب مع بني الأصفر- وهم الروم – فقد اتفق العلماء على أنها لم تقع، وأن ذلك يكون في فتن وملاحم آخر الزمان.
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من دلائل النبوة إخباره ببعض الغيوب )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ومما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم من المغيبات – التي أطلعه الله عليها لتكون برهان نبوته – قدومُ أُويس القَرَني من اليمن، وقد ذكر صلى الله عليه وسلم لأصحابه بعضَ صفته وأحواله ، فقد روى مسلم في صحيحه (عَنْ أُسَيْرِ بْنِ جَابِرٍ أَنَّ أَهْلَ الْكُوفَةِ وَفَدُوا إِلَى عُمَرَ وَفِيهِمْ رَجُلٌ مِمَّنْ كَانَ يَسْخَرُ بِأُوَيْسٍ فَقَالَ عُمَرُ هَلْ هَا هُنَا أَحَدٌ مِنَ الْقَرَنِيِّينَ فَجَاءَ ذَلِكَ الرَّجُلُ فَقَالَ عُمَرُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدْ قَالَ « إِنَّ رَجُلاً يَأْتِيكُمْ مِنَ الْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ لاَ يَدَعُ بِالْيَمَنِ غَيْرَ أُمٍّ لَهُ قَدْ كَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَدَعَا اللَّهَ فَأَذْهَبَهُ عَنْهُ إِلاَّ مَوْضِعَ الدِّينَارِ أَوِ الدِّرْهَمِ فَمَنْ لَقِيَهُ مِنْكُمْ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ ». وقد كان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، فقد أقبل أهل اليمن زمن عمر؛ فجعل يستقري الرفاق، فيقول: هل فيكم أحد من قَرَن؟ حتى أتى على قرن، فقال: من أنتم؟ قالوا: قَرَن. قال: فوقع زِمامُ عمر رضي الله عنه، أو زِمام أويس، فناوله أحدهما الآخر، فعرفه. فقال عمر: ما اسمك؟ قال: أنا أويس. فقال: هل لك والدة؟ قال: نعم. قال: فهل كان بك من البياض شيء؟ قال: نعم، فدعوتُ اللهَ عز وجل فأذهبَه عني إلا موضعَ الدِرهم من سُرَّتي لأذكر به ربي. فقال له عمر رضي الله عنه : استغفر لي. قال: أنتَ أحقُّ أن تستغفر لي، أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال عُمَر بْن الْخَطَّابِ ( إِنِّى سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « إِنَّ خَيْرَ التَّابِعِينَ رَجُلٌ يُقَالُ لَهُ أُوَيْسٌ وَلَهُ وَالِدَةٌ وَكَانَ بِهِ بَيَاضٌ فَمُرُوهُ فَلْيَسْتَغْفِرْ لَكُمْ » رواه مسلم. فاستغفَر له أويس، ثم دخل في غِمار الناس، فلم يُدر أين وقع [أي أين ذهب]. قال النووي: “وفي قصة أويس هذه معجزات ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم “. ونستكمل الحديث إن شاء الله
الدعاء