خطبة عن ( إخبار الرسول ببعض الغيوب)
مايو 1, 2016خطبة عن (جزاء المتخلفين عن الجهاد في سبيل والفارين منه)
مايو 2, 2016الخطبة الأولى (إخبار النبي ببعض الغيوب من دلائل النبوة)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم آياته : (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا ) ( الأعراف 158 ) ، وقال سبحانه وتعالى : (مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا ) (40) ) الاحزاب ،وروى مسلم في صحيحه أنه صلى الله عليه وسلم قال : « أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنِّى رَسُولُ اللَّهِ لاَ يَلْقَى اللَّهَ بِهِمَا عَبْدٌ غَيْرَ شَاكٍّ فِيهِمَا إِلاَّ دَخَلَ الْجَنَّةَ ». وروى البخاري في صحيحه (أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ أَنَّ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – وَمُعَاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ قَالَ « يَا مُعَاذُ بْنَ جَبَلٍ » . قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ . قَالَ « يَا مُعَاذُ » . قَالَ لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ . ثَلاَثًا . قَالَ « مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ صِدْقًا مِنْ قَلْبِهِ إِلاَّ حَرَّمَهُ اللَّهُ عَلَى النَّارِ » . قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَفَلاَ أُخْبِرُ بِهِ النَّاسَ فَيَسْتَبْشِرُوا قَالَ « إِذًا يَتَّكِلُوا » . وَأَخْبَرَ بِهَا مُعَاذٌ عِنْدَ مَوْتِهِ تَأَثُّمًا) ، وروى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أَنَّهُ قَالَ « وَالَّذِى نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لاَ يَسْمَعُ بِى أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ يَهُودِىٌّ وَلاَ نَصْرَانِىٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِى أُرْسِلْتُ بِهِ إِلاَّ كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ ». وروى أحمد في مسنده وغيره قوله صلى الله عليه وسلم (وَلاَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ مَنْ لاَ يُؤْمِنُ بِى )
إخوة الإسلام
إن المسلم حين يؤمن بنبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم إنما يؤمن بعقيدة راسخة رسوخَ الجبال الرواسي، ورسوخها مصدره أنها عقيدة قامت على العلم والدليل والبرهان ، وما أحوجنا في زمن كثرت فيه الشبه ، وزاعت فيه الأباطيل ، وراح المنافقون والأعداء من الكفار ينفثون سمومهم في حقيقة الرسول والرسالة ، ويشككون في النبوة والمعجزات ، أن نتذاكر وندحض هذه الأكاذيب والافتراءات ، ونبين دلائل النبوة ، وصدق الرسالة، وسوف أعرض عليكم ، وأتناول معكم ، بعض الأدلة التي تشهد بنبوة النبي محمد صلى الله عليه وسلم ، وذلك تثبيتاً لإيمان المؤمنين، وخروجاً به من التقليد الأعمى إلى البرهان والدليل، وأيضا دعوة للبشرية التائهة عن معرفة نبينا صلى الله عليه وسلم وجوانب العظمة في حياته ودعوته، ودعوة للتعرف على هذا النبي الكريم، والإيمان به نبياً ورسولاً
إخوة الإسلام
ودلائل النبوة الشاهدةُ بنبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم متنوعةٌ وكثيرة، ويجمعها أقسام ستة : الأول: الغيوب التي أخبر عنها النبي صلى الله عليه وسلم وتحققتْ حال حياته أو بعد وفاته ، الثاني: المعجزات الحسية التي وهبها الله النبي صلى الله عليه وسلم كتكثير الطعام وشفاءِ المرضى وانشقاقِ القمر. الثالث: الدلائل المعنوية، كاستجابة الله دعاءه، وعصمتِه له من القتل، وانتشارِ رسالته عليه الصلاة والسلام ، الرابع : من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم فهو أعظمُها وأدومُها، إنه القرآن الكريم معجزة الله التي لا تبليها السُنونُ ولا القرون، هذا الكتاب معجزة خالدة ودليل باهر بما أودعه الله من أنواع الإعجاز العلمي والتشريعي والبياني، وغيرِها من وجوه الإعجاز، فقد روى مسلم في صحيحه (عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « مَا مِنَ الأَنْبِيَاءِ مِنْ نَبِىٍّ إِلاَّ قَدْ أُعْطِىَ مِنَ الآيَاتِ مَا مِثْلُهُ آمَنَ عَلَيْهِ الْبَشَرُ وَإِنَّمَا كَانَ الَّذِى أُوتِيتُ وَحْيًا أَوْحَى اللَّهُ إِلَىَّ فَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَكْثَرَهُمْ تَابِعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ». والخامس من دلائل النبوة إخبار النبوات السابقة وتبشيرها بمقدمه صلى الله عليه وسلم ، فهو النبي الذي أخذ الله الميثاق على الأنبياء أن يؤمنوا به وينصروه حال بعثته صلى الله عليه وسلم ، قال تعالى (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (81) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ (82)) (آل عمران 81 : 82). وأما السادس : من دلائل النبوة فأخلاق النبي صلى الله عليه وسلم وأحواله الشخصية الدالة على كماله ونبوته،
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية (إخبار النبي ببعض الغيوب من دلائل النبوة)
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ونبدأ في تفصيل ما أوجزت ، وتوضيح ما قدمت : أما عن الدليل الأول من دلائل النبوة فهو : إخباره صلى الله عليه وسلم بغيوب تحققت في حياته ، أو بعد مماته: فمن المعلوم أن الغيب سر الله ، فهو وحده تبارك وتعالى الذي يعلم السر وأخفى ، قال تعالى في محكم آياته : (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) (الأنعام: 59) ،والنبي صلى الله عليه وسلم كسائر البشر لا يعلم الغيب ، قال تعالى مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم: ( قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ ) (الأنعام: 50)، وينفي الحق تبارك وتعالى نفيا قاطعا أن يعلم الغيب أحد إلا الله ، ولو كان هذا الأحد رسولا ، إلا أن يطلعه الله على ما يشاء ، فقال تعالى : ( قُلْ لَا أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلَا ضَرًّا إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ وَلَوْ كُنْتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (الأعراف: 188). فإذا ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء من الغيوب؛ فإنما يخبر بشيء من علم الله الذي خصه الله به وأطلعه عليه، ليكون ذلك برهان نبوته ،ودليل رسالته. وصدق ما بلغ به عن ربه ،ومن الغيوب التي تنبأ بها النبي صلى الله عليه وسلم ، وأخبره الله بها ، ووقعت حال حياته : خبر الريح التي تنبأ صلى الله عليه وسلم بهبوبها وهو منطلق وأصحابُه إلى تبوك فقال كما في صحيح مسلم (قَدِمْنَا تَبُوكَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « سَتَهُبُّ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَةَ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَلاَ يَقُمْ فِيهَا أَحَدٌ مِنْكُمْ فَمَنْ كَانَ لَهُ بَعِيرٌ فَلْيَشُدَّ عِقَالَهُ ». فَهَبَّتْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ فَقَامَ رَجُلٌ فَحَمَلَتْهُ الرِّيحُ حَتَّى أَلْقَتْهُ بِجَبَلَىْ طَيِّئٍ ) . ونستكمل الحديث دلائل النبوة إن شاء الله
الدعاء