خطبة عن (من دلائل النبوة المعجزات المعنوية
مايو 1, 2016خطبة عن (من معجزات الرسول ودلائل نبوته
مايو 1, 2016الخطبة الأولى ( من دلائل النبوة المعجزات الحسية )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
قال الله تعالى : (الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ (4) بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ) (1):(5) الروم
إخوة الإسلام
في سنن الترمذي : ( عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِى قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى (الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِى أَدْنَى الأَرْضِ) قَالَ غُلِبَتْ وَغَلَبَتْ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يُحِبُّونَ أَنْ يَظْهَرَ أَهْلُ فَارِسَ عَلَى الرُّومِ لأَنَّهُمْ وَإِيَّاهُمْ أَهْلُ أَوْثَانٍ وَكَانَ الْمُسْلِمُونَ يُحِبُّونَ أَنْ يَظْهَرَ الرُّومُ عَلَى فَارِسَ لأَنَّهُمْ أَهْلُ كِتَابٍ فَذَكَرُوهُ لأَبِى بَكْرٍ فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لِرَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ « أَمَا إِنَّهُمْ سَيَغْلِبُونَ ». فَذَكَرَهُ أَبُو بَكْرٍ لَهُمْ فَقَالُوا اجْعَلْ بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ أَجَلاً فَإِنْ ظَهَرْنَا كَانَ لَنَا كَذَا وَكَذَا وَإِنْ ظَهَرْتُمْ كَانَ لَكُمْ كَذَا وَكَذَا فَجَعَلَ أَجَلَ خَمْسِ سِنِينَ فَلَمْ يَظْهَرُوا فَذَكَرُوا ذَلِكَ لِلنَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ « أَلاَ جَعَلْتَهُ إِلَى دُونِ – قَالَ أُرَاهُ الْعَشْرِ ». قَالَ سَعِيدٌ وَالْبِضْعُ مَا دُونَ الْعَشْرِ قَالَ ثُمَّ ظَهَرَتِ الرُّومُ بَعْدُ. قَالَ فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى (الم غُلِبَتِ الرُّومُ) إِلَى قَوْلِهِ (يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ) قَالَ سُفْيَانُ سَمِعْتُ أَنَّهُمْ ظَهَرُوا عَلَيْهِمْ يَوْمَ بَدْرٍ). وهذا من دلائل وعلامات نبوته صلى الله عليه وسلم ، ومن دلائل النبوة الحسية شفاء المرضى بنفْثِه وريقه صلى الله عليه وسلم ،فقد أيد الله خاتم أنبيائه وعظيم رسله محمدا صلى الله عليه وسلم بمثل هذا الدليل والبرهان ، حين شفى على يديه بعضاً من أصحابه. ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر كما في صحيح البخاري : (سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ – رضى الله عنه – أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ « لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً ، يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ » . قَالَ فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – ، كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا فَقَالَ « أَيْنَ عَلِىُّ بْنُ أَبِى طَالِبٍ » . فَقِيلَ هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِى عَيْنَيْهِ . قَالَ « فَأَرْسِلُوا إِلَيْهِ » . فَأُتِىَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ – صلى الله عليه وسلم – فِى عَيْنَيْهِ ، وَدَعَا لَهُ ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ ) ، وفي رواية لابن ماجه : ( بَعَثَ إِلَىَّ وَأَنَا أَرْمَدُ الْعَيْنِ يَوْمَ خَيْبَرَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى أَرْمَدُ الْعَيْنِ. فَتَفَلَ فِى عَيْنِى ثُمَّ قَالَ « اللَّهُمَّ أَذْهِبْ عَنْهُ الْحَرَّ وَالْبَرْدَ ». قَالَ فَمَا وَجَدْتُ حَرًّا وَلاَ بَرْدًا بَعْدَ يَوْمِئِذٍ. وَقَالَ « لأَبْعَثَنَّ رَجُلاً يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ لَيْسَ بِفَرَّارٍ ». فَتَشَوَّفَ لَهَا النَّاسُ فَبَعَثَ إِلَى عَلِىٍّ فَأَعْطَاهَا إِيَّاهُ. ) ، قال الشوكاني: “فيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم “. وقبل أن يغادر النبي صلى الله عليه وسلم أرض خيبر حقق آية أخرى تدل على نبوته ورسالته، فقد شفى الله بنفثه ساق سلمة بن الأكوع الذي أصيب في الغزوة، ففي صحيح البخاري (يَزِيدُ بْنُ أَبِى عُبَيْدٍ قَالَ رَأَيْتُ أَثَرَ ضَرْبَةٍ فِى سَاقِ سَلَمَةَ ، فَقُلْتُ يَا أَبَا مُسْلِمٍ ، مَا هَذِهِ الضَّرْبَةُ ،قَالَ هَذِهِ ضَرْبَةٌ أَصَابَتْنِى يَوْمَ خَيْبَرَ ، فَقَالَ النَّاسُ أُصِيبَ سَلَمَةُ . فَأَتَيْتُ النَّبِىَّ – صلى الله عليه وسلم – فَنَفَثَ فِيهِ ثَلاَثَ نَفَثَاتٍ ، فَمَا اشْتَكَيْتُهَا حَتَّى السَّاعَةِ )
أيها المسلمون
إن الجموع التي رأت ساق سلمة مضرجة بدمائها، ثم رأوه لا يشتكي منها ألماً ولا وجعاً ببركة ريق النبي صلى الله عليه وسلم ونفثه عليها، إن هذه الجموع لا يسعها أمام هذه المعجزة الباهرة إلا أن تشهد للنبي صلى الله عليه وسلم بالنبوة والرسالة، إذ مثل هذا لا يقدر عليه بشر، إنه دليل من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم . ويرسل النبي صلى الله عليه وسلم عبدَ الله بن عتيك ورجالاً من الأنصار لردع سلّامِ بنِ أبي الحُقَيق، وبينما هو راجع في الطريق وقع، فانكسرت ساقه، فعصبها بعمامة. ولنستمع إليه وهو يقص علينا الخبر، كما في صحيح البخاري (فَجَعَلْتُ أَفْتَحُ الأَبْوَابَ بَابًا بَابًا حَتَّى انْتَهَيْتُ إِلَى دَرَجَةٍ لَهُ ، فَوَضَعْتُ رِجْلِى وَأَنَا أُرَى أَنِّى قَدِ انْتَهَيْتُ إِلَى الأَرْضِ فَوَقَعْتُ فِى لَيْلَةٍ مُقْمِرَةٍ ، فَانْكَسَرَتْ سَاقِى ، فَعَصَبْتُهَا بِعِمَامَةٍ ، ثُمَّ انْطَلَقْتُ حَتَّى جَلَسْتُ عَلَى الْبَابِ فَقُلْتُ لاَ أَخْرُجُ اللَّيْلَةَ حَتَّى أَعْلَمَ أَقَتَلْتُهُ فَلَمَّا صَاحَ الدِّيكُ قَامَ النَّاعِى عَلَى السُّورِ فَقَالَ أَنْعَى أَبَا رَافِعٍ تَاجِرَ أَهْلِ الْحِجَازِ . فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَصْحَابِى فَقُلْتُ النَّجَاءَ ، فَقَدْ قَتَلَ اللَّهُ أَبَا رَافِعٍ . فَانْتَهَيْتُ إِلَى النَّبِىِّ – صلى الله عليه وسلم – فَحَدَّثْتُهُ فَقَالَ « ابْسُطْ رِجْلَكَ » . فَبَسَطْتُ رِجْلِى ، فَمَسَحَهَا ، فَكَأَنَّهَا لَمْ أَشْتَكِهَا قَطُّ )، ولقد تكرر ذلك منه صلى الله عليه وسلم مراراً وعلى مرأى من الصحابة الكرام، ففي صحيح ابن حبان (يقول بريدة رضي الله عنه : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تفل في رجل عمرو بن معاذ حين قُطِعت رجله فبرأ ). فهل كان هذا فناً من فنون الطب أم معجزة وبرهاناً من براهين نبوته صلى الله عليه وسلم ؟
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية ( من دلائل النبوة المعجزات الحسية )
الحمد لله رب العالمين . اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله. اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
ويروي الإمام أحمدُ عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ الأَحْوَصِ الأَزْدِىِّ قَالَ حَدَّثَتْنِى أُمِّى أَنَّهَا رَأَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَرْمِى جَمْرَةَ الْعَقَبَةِ مِنْ بَطْنِ الْوَادِى وَخَلْفَهُ إِنْسَانٌ يَسْتُرُهُ مِنَ النَّاسِ أَنْ يُصِيبُوهُ بِالْحِجَارَةِ وَهُوَ يَقُولُ « أَيُّهَا النَّاسُ لاَ يَقْتُلْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً وَإِذَا رَمَيْتُمْ فَارْمُوا بِمِثْلِ حَصَى الْخَذْفِ ». ثُمَّ أَقْبَلَ فَأَتَتْهُ امْرَأَةٌ بِابْنٍ لَهَا فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ ابْنِى هَذَا ذَاهِبُ الْعَقْلِ فَادْعُ اللَّهَ لَهُ. قَالَ لَهَا « ائْتِينِى بِمَاءٍ ». فَأَتَتْهُ بِمَاءٍ فِى تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ فَتَفَلَ فِيهِ وَغَسَلَ وَجْهَهُ ثُمَّ دَعَا فِيهِ ثُمَّ قَالَ « اذْهَبِى فَاغْسِلِيهِ بِهِ وَاسْتَشْفِى اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ ». فَقُلْتُ لَهَا هَبِى لِى مِنْهُ قَلِيلاً لاِبْنِى هَذَا. فَأَخَذْتُ مِنْهُ قَلِيلاً بِأَصَابِعِى فَمَسَحْتُ بِهَا شِقَّةَ ابْنِى فَكَانَ مِنْ أَبَرِّ النَّاسِ فَسَأَلْتُ الْمَرْأَةَ بَعْدُ مَا فَعَلَ ابْنُهَا قَالَتْ بَرِئَ ابْنُهَا أَحْسَنَ بَرْءٍ.. وفي الحديث معجزة عظيمة له صلى الله عليه وسلم ، بل معجزتان: إحداهما شفاء ابن الخثعمية ببركة مجّة النبي صلى الله عليه وسلم في الماء الذي غسلته أمه فيه، والأخرى: هداية ابن أم جندب بمسح أمه وجهَه ببعض هذا الماء. وتحدِّثُ أم جميل ابنها محمدَ بن حاطب عن خبر حدث له إبّان طفولته، كما جاء في مسند أحمد (عَنْ أُمَّهِ أُمِّ جَمِيلٍ بِنْتِ الْمُجَلِّلِ قَالَتْ أَقْبَلْتُ بِكَ مِنْ أَرْضِ الْحَبَشَةِ حَتَّى إِذَا كُنْتُ مِنَ الْمَدِينَةِ عَلَى لَيْلَةٍ أَوْ لَيْلَتَيْنِ طَبَخْتُ لَكَ طَبِيخاً فَفَنِىَ الْحَطَبُ فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ فَتَنَاوَلْتِ الْقِدْرَ فَانْكَفَأَتْ عَلَى ذِرَاعِكَ فَأَتَيْتُ بِكَ النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَقُلْتُ بِأَبِى وَأُمِّى يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا مُحَمَّدُ بْنُ حَاطِبٍ فَتَفَلَ ِى فِيكَ وَمَسَحَ عَلَى رَأْسِكَ وَدَعَا لَكَ وَجَعَلَ يَتْفُلُ عَلَى يَدَيْكَ وَيَقُولُ « أَذْهِبِ الْبَاسَ رَبَّ النَّاسِ وَاشْفِ أَنْتَ الشَّافِى لاَ شِفَاءَ إِلاَّ شِفَاؤُكَ شِفَاءً لاَ يُغَادِرُ سَقَماً ». فَقَالَتْ فَمَا قُمْتُ بِكَ مِنْ عِنْدِهِ حَتَّى بَرِأَتْ يَدُكَ. ) ، وهكذا فإن الله الشافي قدر الشفاء لكثيرين ، وجعل نفثه صلى الله عليه وسلم وريقه سبباً في ذلك ، ليكون برهاناً آخر من براهين نبوته صلى الله عليه وسلم .
الدعاء